Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العقوبات الأميركية ضد تركيا مؤلمة وتستهدف أردوغان

الكونغرس يطلب تقريرا عن ثروته ويحظر سفره إلى واشنطن

على الرغم من تحذيرات وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) من عواقب الهجوم التركي على شمال سوريا، إلا أن تركيا بدت عازمة على استكمال الهجوم وتحييد القوات الكردية التي تعتبرها عدوة لها، ما جعل الولايات المتحدة التي سحبت قواتها من نقطتين حدوديتين وامتنعت عن الدفاع عن حلفائها الأكراد تبدو عاجزة إلا من سلاح واحد هو سلاح العقوبات، لكن جديدها هذه المرة أنها تستهدف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي شملته العقوبات في ثلاثة بنود من إجمالي ثمانية.

وفيما يعكف الجمهوريون والديمقراطيون في الكونغرس على مشروع قانون يغلظ من العقوبات ضد أحد حلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تثور أسئلة عدة حول طبيعة هذه العقوبات ومدى قدرتها على ردع أردوغان، وموقف الرئيس ترمب منها بعد أن وافق على عدم مقاومة القوات الأميركية للهجوم التركي في شمال سوريا.

توافق جمهوري ديمقراطي

وسط فورة الغضب التي انتابت أعضاء الكونغرس الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء جراء الهجمات التركية وسقوط قتلى وجرحى في صفوف الأكراد والمدنيين، عمل السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام والديمقراطي كريس هولن على مشروع قانون يهدف إلى إجبار تركيا على وقف ضرباتها الجوية وزحفها الأرضي في ظل توافق بين الحزبين على دعم القانون وتمريره بحلول الأسبوع المقبل، بحسب قول كيفن بيشوب المتحدث باسم السيناتور غراهام، على أمل أن يردع الرئيس أردوغان ويوقف هجومه.

 تأييد ترمب للعقوبات

وعلى الرغم من عدم التنسيق والتشاور مع البيت الأبيض حول بنود وفقرات مشروع القانون، إلا أنه من المرجح أن يحظى بموافقة ترمب الذي صرح للصحافيين بأنه يدعم العقوبات بل يفكر في إجراءات أقسى، إذا تجاوزت تركيا الحدود، كما غرد على تويتر بأنه إذا لم يلتزم الأتراك بالقواعد، فستتضرر تركيا بشدة جراء العقوبات.

وحتى في حال اعتراض الرئيس الأميركي على بنود العقوبات وهو أمر مستبعد حتى لا يثير غضب الجمهوريين، فإن الكونغرس يمكنه إبطال الفيتو الرئاسي بجمع ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ للتصويت لصالح مشروع القانون.

العقوبات الأقسى

يستهدف مشروع قانون العقوبات ملاحقة أردوغان وعدد من كبار وزرائه، كما يفرض عقوبات على تسليح الجيش التركي الحليف لواشنطن في حلف الأطلسي، فضلاً عن استهداف قطاع الطاقة التركي الذي يغذي الآلة العسكرية التركية بالوقود اللازم لاستمرار المعركة في شمال سوريا.

ولن تُرفَع العقوبات الأميركية عن تركيا إلا عندما تؤكد الحكومة الأميركية أن أنقرة انسحبت من المناطق التي سيطرت عليها، أو أنها تعمل جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة، وتوقفت عن العمل والتصرف بمفردها كما تفعل حالياً.

وفي حين يطالب عدد من أعضاء الكونغرس بأن يتضمن مشروع القانون توبيخاً قوياً لتركيا، إلا أنه من المفهوم أن هذا الإجراء سيضر بالعلاقات الأميركية - التركية ويهوي بها إلى مستويات أقل من أي وقت مضى.

تفاصيل قائمة العقوبات

يشمل مشروع القانون المكون من صفحتين، ثمانية أقسام مختلفة للعقوبات التي وصفت بأنها الأقسى ضد أحد حلفاء أميركا، وهي كالتالي:

القسم الأول:

تجميد الأصول والممتلكات والحسابات الموجودة في الولايات المتحدة والتي تخص الرئيس أردوغان ونائبه ووزراء الدفاع والخارجية والخزانة والتجارة والطاقة والموارد الطبيعية.

القسم الثاني:

فرض عقوبات على الأشخاص الأجانب الذين يبيعون أسلحة أو يوفرون دعماً مالياً أو مادياً أو تكنولوجيا إلى الجيش التركي، بما في ذلك الطائرات وقطع الغيار والمعدات التي تستخدمها القوات الجوية التركية، معدات السيارات والعربات والخدمات التي تستخدمها القوات البرية والبحرية التركية، والأسلحة والمواد الدفاعية التي يستخدمها الجيش التركي.

القسم الثالث:

فرض عقوبات على الهيئات والأشخاص الذين يوفرون خدمات أو مواد أو معلومات أو تكنولوجيا من شأنها دعم أو الحفاظ على إنتاج النفط والغاز الطبيعي المحلي في تركيا من أجل استخدامه من قِبَل القوات المسلحة التركية.

القسم الرابع:

حظر بيع المعدات العسكرية الدفاعية الأميركية والخدمات والتكنولوجيا المرتبطة بها إلى القوات المسلحة التركية، وكذلك حظر بيع الذخائر أو تحويلها إلى القوات المسلحة التركية.

القسم الخامس:

يحدد القانون أن شراء تركيا منظومة صواريخ أس 400 من روسيا على أنه شراء أسلحة تقع تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في الفقرة 231 من قانون مواجهة خصوم أميركا، كما يلغي الفقرات الخاصة بالإعفاء حولها.

القسم السادس:

يعفي القانون المساعدات الإنسانية والطبية والمساعدات المتعلقة بدعم الديمقراطية والانتخابات، كما يعفي أيضاً تبادل المعلومات الاستخباراتية بين البلدين.

القسم السابع:

يطلب القانون من الإدارة الأميركية تقديم تقرير إلى الكونغرس حول صافي ثروة وأصول وممتلكات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

القسم الثامن:

يفرض القانون قيوداً على منح تأشيرات الدخول بهدف السفر إلى الولايات المتحدة للقيادة التركية.

تأثير العقوبات

على الرغم من أن الاقتصاد التركي الذي يبلغ 766 مليار دولار، يعد أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط ويتباهى به الرئيس أردوغان، إلا أنه عانى كثيراً خلال العامين الماضيين لأسباب عدة كان من بينها تنفيذ عقوبات أميركية سابقة خلال أزمة القس الأميركي أندرو برانسون، الذي اعتقلته تركيا بتهم تتعلق بالإرهاب قبل أن تذعن للضغوط وتطلق سراحه.

ومع بدء الهجمات التركية، تهاوت الليرة مجدداً على وقع مخاوف المستثمرين من مخاطر زيادة العجز في الميزانية وزيادة الاقتراض وتباطؤ السياحة، لكن الخطر الأكبر تمَثل في التهديد الأميركي بفرض عقوبات مؤلمة على الاقتصاد التركي، ستدفعه حتماً إلى الدخول في ركود قد يطول مع استمرار العمليات التركية في شمال سوريا.

ويحذر خبراء اقتصاديون من أن تجاوز سعر الدولار حاجز 6 ليرات تركية، سيعطي مؤشراً سلبياً على أن الاقتصاد التركي يتأثر بقوة، بخاصة بعدما فقدت الليرة 30 في المئة من قيمتها العام الماضي.

أهمية العقوبات

برامج العقوبات الأميركية المفروضة على 31 دولة وجماعات سياسية أو عسكرية، أصبحت أهم أدوات الإدارة الأميركية بخاصة منذ بدء القرن الحادي والعشرين، وزاد استخدامها مع وصول الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض، فهو يرى العقوبات أفضل من المفاوضات، وأقل حدة من العمل العسكري، خصوصاً أن الولايات المتحدة اكتسبت مهارة كبيرة في استخدام سلاح العقوبات الاقتصادية التي ترتكز على احتياطيات عالمية مسيطرة، حيث أن الدولار يشكل أكثر من 60 في المئة من احتياطيات النقد الأجنبي في العالم وهو الأساس في تجارة النفط والغاز وقطاع واسع من التجارة العالمية.

وإذا ظنت شركة أو مؤسسة مالية ما حول العالم أنها بعيدة عن الضرر الذي يمكن أن يلحق بها نتيجة فرض عقوبات أميركية على طرف آخر بسبب عدم وجود تعاملات لها داخل الولايات المتحدة ، فإنها غالباً ما تكون مخطئة، لأن البنوك التي تتعامل معها هذه الشركة، مضطرة للتعامل مع الولايات المتحدة، ومن ثم تفقد هذه الشركة الدعم المالي وقدرتها على التعامل مالياً عبر البنوك إذا كانت تجارتها ترتبط بطرف وقعت عليه الولايات المتحدة عقوبات.

ونتيجة لمركزية النظام المالي الأميركي، فإن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، يختص بمتابعة أية تعاملات دولارية حول العالم والتي تمر بالضرورة عبر النظام المالي الأميركي، ولهذا تتمكن الحكومة الأميركية من تعقب الحسابات البنكية الأجنبية وحسابات الأشخاص في حال التعامل بالدولار الأميركي.

هل يرضخ أردوغان؟

يتفق كثير من خبراء الاقتصاد على أن العقوبات الأميركية مؤثرة بدرجة كبيرة في الاقتصاد التركي وفي الرئيس أردوغان على وجه الخصوص، مما سيعوق ويشل الاقتصاد التركي ويؤثر في قدرات الجيش التركي على المدى البعيد.

ويشير مراقبون إلى أن أردوغان لم يتحمل الصمود طويلاً في وجه العقوبات الأميركية السابقة التي أعقبت اعتقال القس الأميركي على الرغم من المراوغة التي اتبعها الرئيس التركي لعدة أسابيع، ولهذا من المتوقع أن يعيد أردوغان استخدام الأسلوب نفسه، وربما يساعده في ذلك استفادته من الارتفاع المتوقع في وتيرة الحس الوطني داخل تركيا المدفوعة بحماية المصلحة الوطنية التركية والتي يعمل أردوغان دائماً على تغذيتها، وقد يستغل أردوغان العقوبات الأميركية في تعزيز فكرة أن شراء الصواريخ الروسية كان قراراً صحيحاً، لأن المؤسسة السياسية الأميركية في واشنطن عدائية وترتبط بمصالح وعلاقات مع أكراد سوريا.

لكن في النهاية، فإن سرعة تنفيذ العمليات العسكرية التركية داخل سوريا، وادعاء تحقيق الأهداف المرجوة على الأقل بعمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية على شريط الحدود مع تركيا، سوف يسمح له بالانسحاب والعودة بالقوات إلى تركيا والعمل من جديد مع الحليف الأميركي بما يسمح له برفع العقوبات الأميركية.

غير أن الوضع في الأراضي السورية ما زال رخواً وتتداخل فيه أطراف عدة بما لا يمكن التنبؤ معه بما تحمله الأيام المقبلة.

المزيد من دوليات