Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تجبر إسرائيل سكان غزة على النزوح؟

كثف الجيش القصف الجوي والبري والبحري ورفع من وتيرة تدمير الأبنية والأبراج السكنية واتبع سياسة الأرض المحروقة

غادر 10 في المئة من سكان مدينة غزة التي يعيش فيها 1.1 مليون نسمة (اندبندنت عربية)

ملخص

يرفض سكان مدينة غزة النزوح، ولكن القوة النارية المفرطة التي تستخدمها إسرائيل تجبرهم على الفرار… هذه أساليب الترهيب التي اتبعها الجيش لإخلاء غزة

في إطار تصعيد إسرائيل هجومها المميت على أكبر مجمع حضري في قطاع غزة، كثف جيشها قصف الأبراج السكنية التي تؤوي آلاف العائلات. وشنت الطائرات الحربية سلسلة غارات متزامنة على مناطق غرب مدينة غزة حيث يتجمع النازحون، بينما اعتمدت القوات البرية المتوغلة سياسة الأرض المحروقة. كل تلك الأساليب هدفها إجبار 1.1 مليون نسمة على الإخلاء بالقوة والترهيب.

عملية احتلال مدينة غزة

في الثامن من أغسطس (آب) الماضي، أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة طرحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاحتلال مدينة غزة، وتنفيذ الخطة يبدأ بتهجير سكان تلك المدينة التي تضم أكبر مجمع حضري في القطاع نحو "منطقة المواصي الإنسانية" جنوباً، ثم فرض حصار محكم على مسرح العمليات العسكرية وبعد ذلك شن الهجوم الكبير.

وبدأت إسرائيل أخيراً بتوزيع أوامر إخلاء شاملة لجميع سكان مدينة غزة المركزية التي يسكنها 1.1 مليون نسمة، وأمرتهم بالتوجه جنوباً، لكن لم تنجح تلك التعليمات العسكرية في إجبار المدنيين على ترك منازلهم، مما دفع تل أبيب إلى استخدام القوة النارية المفرطة لإجبار الغزيين على الإخلاء والنزوح جنوباً.
وعندما بدأت إسرائيل عمليتها العسكرية وافتتحتها بالمرحلة التمهيدية التي تركزت على المناطق الشرقية لغزة، فر سكان تلك الأحياء نحو غرب المدينة، وحين وجد الجيش معضلة في طريقة تهجير الغزيين نحو الجنوب، لجأ إلى اتباع أسلوب الترهيب والترغيب.


ترغيب قليل وترهيب مكثف

وروجت إسرائيل أن المنطقة الإنسانية ستشهد توسيعاً للعمليات الإنسانية وخلالها سيوزع الدواء والماء والغذاء على النازحين، كما رغبت السكان بالنزوح عن طريق توسيع مساحة المنطقة الإنسانية، ولكن المدنيين العاجزين عن الفرار لم يغادروا مدينة غزة.
ولجأ الجيش الإسرائيلي إلى استخدام القوة النارية لإجبارهم على النزوح وصعّد عمليات القصف. وفي الخامس من سبتمبر (أيلول) الجاري بدأ حملة لتدمير الأبراج والعمارات السكنية ذات الطبقات المتعددة لإرغام الغزيين على الإخلاء.


تدمير مبانٍ

وكثف الجيش الإسرائيلي خلال الساعات الأخيرة عمليات القصف للعمارات السكنية، واعتمد أسلوب تدمير المربعات السكنية، وركز الغارات على المناطق الغربية للمدينة حيث يقيم النازحون. وزاد الجيش إنذاراته للعمارات السكنية التي تؤوي مئات الغزيين وطلب منهم الإخلاء تمهيداً لقصفها.

وتترافق عمليات تدمير البنايات السكنية مع الإنذارات والتهديدات التي يوزعها الجيش الإسرائيلي على سكان مدينة غزة ويطالبهم بإخلائها. ويقول يزن (مواطن غزي) إن "الانفجارات ونسف المنازل والمربعات السكنية لم تتوقف منذ أمس"، مضيفاً أن "القصف يجبر العائلات على النزوح، والانفجارات معناها النزوح أو الموت، الوضع يزداد خطورة يوماً بعد يوم، صوت القصف يقترب، وعدد النازحين يتضاعف، خيمتي منصوبة في أرض وسط عدد من الأبراج".

أما المواطن عزيز، فإنه يوضح أنه عاش رعباً كبيراً، "نعيش القلق بصورة دائمة، لا أرى أن النزوح حل لأنني لا أملك المال لشراء خيمة واستئجار قطعة أرض ولدفع كلف النقل". ويقول إن "هذه الاستهدافات شردت مئات الأسر، وقصف البرج دمر خيمتي لا أعلم أين أذهب أو ماذا أفعل".

قصف ليلي وتدمير مرافق صحية

وتدمير الأبراج ليس أسلوب الترهيب الوحيد الذي تتبعه إسرائيل لإجبار الغزيين على النزوح جنوباً، وإنما اتبع الجيش طريقة القصف الليلي، فخلال ساعات المساء يطلق الجنود قنابل حرارية في أجواء سماء مدينة غزة، فتتحول الأجواء إلى ما يشبه كتلة لهب ونار.

وتحدث هذه القنابل حالاً من الخوف والقلق في صفوف السكان مع تصاعد الحديث عن إمكان دخول القوات البرية إلى المدينة. كما لجأ الجيش إلى تفجير الروبوتات المفخخة في محيط المباني السكنية، مما أثار رعباً فهرب السكان من بيوتهم من دون أية مقومات.

واتسعت وتيرة القصف الإسرائيلي لمدينة غزة براً وبحراً وجواً وشملت المناطق الغربية حيث يتكدس النازحون. ولإجبار الغزيين على النزوح استهدف الجيش سبعة مقار تابعة لهيئات صحية وإغاثية دولية ومحلية في مدينة غزة، من بينها مركز الرمال الصحي والمكتب الرئيس لمديرية صحة غزة، وبرنامج الأغذية العالمي ومركز توزيع الشيخ رضوان التابع له، إضافة إلى مجموعة مخابز في مخيم الشاطئ، خلال يوم شهد تصعيداً واسعاً.


أرض محروقة

وبحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن الجيش الإسرائيلي يعتمد سياسة الأرض المحروقة لإجبار مئات آلاف السكان والنازحين في مدينة غزة على إخلائها بالقوة والترهيب، ويقول مديره رامي عبده إن "تل أبيب ترتكب مجازر القتل الجماعي للمدنيين، والتوسع في تدمير ما بقي من مبانٍ وتعطيل جهود الاستجابة الإنسانية بصورة كاملة"، مضيفاً أن "هذا التصعيد التدميري يأتي في إطار تهجير السكان قسراً، بما يشكل صورة صارخة من صور الاقتلاع القسري".

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية "كان"، بناء على تقديرات الجيش الإسرائيلي، أن نحو ربع مليون شخص نزحوا من مدينة غزة باتجاه الجنوب، لكن شبكة المنظمات الأهلية تقول إن 10 في المئة من السكان غادروا المنطقة، بينما يؤكد المكتب الإعلامي الحكومي أن مليون فرد يرفضون النزوح.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نزوح بلا عودة

ويقول المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني محمود بصل "تستخدم إسرائيل القوة المفرطة لدفع السكان إلى النزوح، الغارات تحدث زعزعة داخل الأحياء السكنية المزدحمة، وهذا السلوك يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، يجب وقف المخطط التهجيري". ويضيف أن "إسرائيل تستهدف الضغط على الحاضنة الاجتماعية من أجل ترك تأثير نفسي كبير في الغزيين، والغاية الإسرائيلية هي دفع سكان مدينة غزة إلى النزوح جنوباً"، مبيناً أن "آلاف الأسر باتت بلا مأوى ولكن لا تفكر في النزوح".

من جانبه يقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة إن "النزوح هذه المرة سيكون بلا عودة لمدينة غزة بصورة نهائية، لذلك عاد بعض النازحين عكسياً للمدينة، إذ إن المنطقة التي خصصها الجيش الإسرائيلي لإيواء 2.3 مليون نسمة مساحتها أقل من 12 في المئة من مساحة القطاع".


إسرائيل تواصل عمليتها

كذلك رفضت "منظمة العفو الدولية" أمر التهجير القسري الجماعي لسكان مدينة غزة ووصفته بأنه "وحشي غير مشروع وغير إنساني"، وتقول مديرة المكتب الإقليمي للمنظمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هبة مرايف إن "دفع الغزيين إلى النزوح قسراً داخل قطاع غزة، يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فبعض الغزيين لم يتمكنوا من النزوح بسبب عجزهم عن دفع كلف النقل، أو لأن المساحة الضيقة التي خصصتها إسرائيل للإخلاء غير صالحة للسكن".

ومن الجانب الإسرائيلي يقول المتحدث العسكري أفيخاي أدرعي، "أكملنا خمس موجات من الغارات على مدينة غزة، استهدفنا خلالها أكثر من 500 هدف. نواصل شن هجوم واسع على بنى تحتية وأبراج في منطقة مدينة غزة، سنواصل تكثيف وتيرة الغارات بصورة مركزة". ويضيف "قمنا بتوسيع المنطقة الإنسانية. وفي إطار خطة دفع سكان مدينة غزة جنوباً نباشر العمل على فتح معبر جديد في جنوب القطاع لزيادة كمية المساعدات الإنسانية المخصصة للمنطقة الإنسانية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات