Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كم يبقى المغنيسيوم في أجسامنا؟

تصفه الدراسات بأنه أحد مفاتيح الحياة البيوكيماوية، إذ يدخل في أكثر من 300 تفاعل إنزيمي ينظم مسار التفاعلات الحيوية

العمر والجنس ونمط الحياة كلها عوامل تحدد قدرة الجسم على الاستفادة من المغنيسيوم (غيتي)

ملخص

الغذاء هو الأساس، حفنة من اللوز أو الجوز، بذور اليقطين، طبق من السبانخ أو السلق، حبوب كاملة مثل الشوفان والقمح الكامل، وأسماك دهنية مثل السلمون والماكريل، كلها تزود الجسم بما يحتاج إليه. حتى الشوكولاتة الداكنة، إن اعتدل في تناولها، يمكن أن تكون مصدراً جيداً.

لا يكاد يخلو أي تفصيل حيوي في جسم الإنسان من أثر للمغنيسيوم، هذا المعدن الذي يشارك في إنتاج الطاقة، وينظم مستويات السكر في الدم، ويساعد العظام والعضلات في البقاء قوية، يظل لاعباً صامتاً لا يلتفت إليه كثيرون إلا عند غيابه. فمن دون وجوده لا يستطيع الجسم الاستفادة الكاملة من الكالسيوم أو فيتامين "د"، ولا يعمل الجهاز المناعي بكفاءة في مواجهة العدوى.

تصفه الدراسات بأنه أحد مفاتيح الحياة البيوكيماوية، إذ يدخل في أكثر من 300 تفاعل إنزيمي ينظم مسار التفاعلات الحيوية، من بناء البروتينات إلى نقل الإشارات العصبية. نقصه لا يظهر فقط في صورة تعب وإرهاق، بل قد يقود إلى اضطراب ضربات القلب أو هشاشة العظام أو حتى صعوبات في النوم.

كم يبقى المغنيسيوم في أجسامنا؟

يمتلك البالغ نحو 25 غراماً من المغنيسيوم، نصفها تقريباً في العظام، بينما تتوزع النسبة الباقية في العضلات والأنسجة الرخوة. أما الدم، فحصته ضئيلة للغاية لا تتعدى واحداً في المئة، ولهذا فإن فحوص الدم لا تعكس دائماً النقص الفعلي.

وتشير بيانات "مايو كلينك" إلى أن نصف عمر المغنيسيوم في الدم قصير نسبياً، لا يتجاوز 20 إلى 30 ساعة، قبل أن يعاد توزيعه أو يطرح عبر الكلى. هذه الأخيرة هي الحارس الأول، فهي تفرز الفائض مع البول وتحتفظ بما يكفي للحفاظ على التوازن. مجلة "أكسفورد أورغنز" ذهبت أبعد من ذلك، إذ أوضحت أن المغنيسيوم معدن ديناميكي، يستهلك باستمرار في الخلايا والأنسجة ولا يخزن في صورة ثابتة، مما يجعل توازن مستوياته عملية معقدة وحساسة.

عوامل مؤثرة في الامتصاص والاحتفاظ

العمر والجنس ونمط الحياة كلها عوامل تحدد قدرة الجسم على الاستفادة من المغنيسيوم، النساء مثلاً يحتجن إلى كميات متفاوتة خلال مراحل حياتهن، خصوصاً أثناء الحمل والرضاعة، إذ يسهم المغنيسيوم في نمو الجنين وصحة الأم. كبار السن على الضفة الأخرى يواجهون تحدياً مضاعفاً: ضعف الامتصاص في الأمعاء، وزيادة الفقدان عبر البول.

وقد بينت دراسة في "المجلة الأميركية للتغذية السريرية" أن احتياجاتهم اليومية تفوق أحياناً ضعف ما يحتاج إليه الشباب.

الأدوية تضيف بدورها عبئاً جديداً، فمدرات البول وبعض المضادات الحيوية وأدوية السرطان تسرع خسارة المغنيسيوم، وتجعل المريض عرضة لنقص صامت قد لا يظهر إلا بأعراض متأخرة مثل الإرهاق المزمن أو تشنج العضلات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المغنيسيوم والنوم

واحدة من أكثر الزوايا إثارة في بحوث المغنيسيوم هي علاقته بالنوم، دراسة نشرتها "مجلة أبحاث النوم" أظهرت أن كبار السن الذين تناولوا مكملات المغنيسيوم تحسنت لديهم نوعية النوم بصورة ملاحظة. السبب أن المغنيسيوم يعزز إفراز "الميلاتونين"، الهرمون الذي ينظم إيقاع الساعة البيولوجية. ليس هذا فقط، بل إنه يساعد في تهدئة الجهاز العصبي، مما يقلل من التوتر والقلق، وهما من أبرز معوقات النوم العميق.

ولهذا السبب يرى بعض الأطباء أن نقص المغنيسيوم قد يكون واحداً من "الأسباب المخفية" وراء اضطرابات النوم المزمنة، وأن مكملاته قد تشكل حلاً بسيطاً، لكنه فعال في بعض الحالات.

كيف نحافظ على التوازن؟

الغذاء هو الأساس، حفنة من اللوز أو الجوز، بذور اليقطين، طبق من السبانخ أو السلق، حبوب كاملة مثل الشوفان والقمح الكامل، وأسماك دهنية مثل السلمون والماكريل، كلها تزود الجسم بما يحتاج إليه. حتى الشوكولاتة الداكنة، إن اعتدل في تناولها، يمكن أن تكون مصدراً جيداً.

لكن النظام الغذائي العصري، المليء بالوجبات السريعة والأطعمة المكررة، جعل كثيرين عاجزين عن الوصول إلى المستويات المطلوبة.

هنا تظهر المكملات كخيار مطروح، بأشكال مختلفة: سترات المغنيسيوم سهلة الامتصاص، جليسينات المغنيسيوم ذات التأثير المهدئ، كلوريد المغنيسيوم الذي يستخدم أحياناً موضعياً، ولاكتات المغنيسيوم المناسب لمن لديهم مشكلات هضمية. أما أكسيد المغنيسيوم فيستخدم عادة للتخفيف من عسر الهضم وحرقة المعدة، وإن كان امتصاصه أقل من غيره.

اختيار النوع والجرعة يظل قراراً طبياً شخصياً، إذ يعتمد على احتياجات الفرد وحالته الصحية.

المغنيسيوم معدن لا يخزن في الجسم لسنوات، بل هو أشبه بموازنة يومية يعاد ضبطها باستمرار. نصف عمره في الدم قصير، لكن أثره في الصحة طويل المدى، يمس الطاقة والمناعة والعظام، وحتى النوم. هو المعدن الذي يظل حاضراً في تفاصيل الحياة كلها، لا نلحظ وجوده إلا حين يغيب، وعندها ندرك أن هذا "المجهول" الصغير كان حارس توازننا الدائم.

اقرأ المزيد

المزيد من صحة