Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قمح أقل وكلفة أكبر... ماذا يعني لرغيف العيش في مصر؟

الجفاف وارتفاع أسعار المحصول عالمياً يلاحقان البلد الأكثر استهلاكاً

أمام الكلفة العالية اضطرت القاهرة في يونيو 2024 إلى رفع سعر  الخبز المدعم للمرة الأولى منذ 30 عاماً.(رويترز)

ملخص

تعريفة الكهرباء والوقود والخامات تضغط على الإنتاج وشعبة المخابز تطالب بإعادة التسعير.

مع توريد مصر، 4 ملايين طن فقط من القمح هذا الموسم، ستكابد القاهرة أعباء توريد ملايين الأطنان الإضافية عبر الاستيراد لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، مما يثير تساؤلات عدة حول مصير رغيف العيش في البلاد.

كشف رئيس قطاع الخدمات بوزارة الزراعة المصرية، أحمد عضام لوكالة "رويترز" عن أن البلاد تمكنت من توريد ما يقارب 4 ملايين طن قمح محلي خلال موسم الحصاد المحلي الذي انتهى الآن. وذكر عضام أن مشتريات الحكومة من محصول 2025 ارتفعت بأكثر من نصف مليون طن عن العام الماضي عندما اشترت 3.43 مليون طن.

استهداف أكبر من التوريد المحلي

كانت الحكومة المصرية تستهدف شراء ما بين 4 و5 ملايين طن من القمح من المحصول المحلي الذي خلصت تقديراتها إلى أنه يبلغ نحو 10 ملايين طن إجمالاً.

وعلى رغم تراجع سعر صرف الدولار في الآونة الأخيرة إلى مستوى 48.25 جنيه بفعل تحسن إيرادات البلاد من النقد الأجنبي، فإن الجفاف الذي أصاب المحصول عالمياً وشح المعروض من القمح دفعا سعره صعوداً، مما يعني أعباءً إضافية على خزانة البلد الأكثر استهلاكاً في العالم من المحصول الإستراتيجي.

سبق لوزارة التموين المصرية، إعلانها في بداية هذا الموسم، استهداف جمع ما بين 5 و6 ملايين طن من القمح الذي يستخدم على نحو واسع في إنتاج الخبر المدعم لـ70 مليون مصري تقريباً.

كلفة مليارية لإنتاج رغيف العيش

ووفق بيانات صادرة عن وزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية، قدر إجمال دعم الخبز في البلاد عام 2024 بنحو 98 مليار جنيه (2.03 مليار دولار)، بسعر ثابت 20 قرشاً للرغيف الواحد بإجمال سنوي 94.9 مليار رغيف.

وأشار وزير التموين والتجارة الداخلية المصري شريف فاروق، في بداية موسم توريد القمح المحلي رسمياً في أبريل (نيسان) الماضي، إلى أن الحكومة زادت من سعر توريد القمح في هذا الموسم من ‏‏المزارعين ليصبح 2200 جنيه (45.50 دولار)، بما يفوق سعر القمح المستورد، تشجيعاً للمزارعين على زيادة معدلات التوريد للدولة لتأمين حاجات ‏‏المواطنين من الخبز المدعم‎، وبما يسهم في خفض فاتورة الاستيراد ‏‏وسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.

زرعت مصر، هذا الموسم 3.140 مليون فدان بالقمح، بحسب تصريحات لوزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري، علاء فاروق، مشيراً إلى أن الحكومة تخطط لرفع نسبة الاكتفاء الذاتي من المحصول إلى 60 في المئة، من دون الإخلال بتوازن زراعة المحاصيل الإستراتيجية الأخرى.

فاتورة استيراد مرهقة كل عام

وتستورد البلاد سنوياً 18 مليون طن من القمح لتلبية الحاجات، بما يشمل مستخلصات الدقيق، وسط تقديرات لوزير الزراعة المصري ببلوغ الإنتاج المحلي 10 ملايين طن خلال الأعوام المقبلة.

اشتعلت أسعار القمح عالمياً في أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا، وتحديداً في النصف الثاني من عام 2022 عندما اقترب سعر الطن من 500 دولار للطن، قبل أن تتراجع تدريجاً إلى النصف حالياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي مصر، يقدر إجمال الاستهلاك المتوقع من القمح خلال العام المالي المقبل بنحو 20.5 مليون طن بزيادة تقترب من 350 ألف طن مقارنة بالاستهلاك المتوقع بنهاية العام المالي الحالي.

أعلى مستوى منذ 10 أعوام

وفي العام الماضي، قفزت واردات القاهرة من القمح إلى أعلى مستوى منذ 10 أعوام، لتصل إلى حدود 14.2 مليون طن مقابل 10.8 مليون طن في 2023، بزيادة بلغت 31 في المئة، إذ لم تشهد البلاد استيراد مثل هذه الكميات الكبيرة من القمح منذ 10 أعوام، إذ كانت أكبر كمية استوردتها مصر في 2014 حين اشترت نحو 14.9 مليون طن.

ما زالت البلاد هي الأكبر عالمياً في استيراد القمح باستحواذها على 2.6 في المئة من الاستهلاك العالمي، وهو ما يجعل من مشترياتها محل متابعة من كثب كمؤشر عالمي، وجاءت البلاد في قائمة أكثر الدول استهلاكاً للقمح في موسم 2023-2024 بما يزيد على 20 مليون طن، بحسب تقرير أكتوبر (تشرين الأول) 2024 الصادر عن وزارة الزراعة الأميركية.

في العام الماضي، اشترت القاهرة بما قيمته 8.56 مليار دولار حبوباً (القمح والذرة وفول الصويا)، مقابل نحو 7.99 مليار دولار عام 2023، بنمو بلغ 7.1 في المئة، بحسب بيانات الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات المصرية.

رفع سعر رغيف الخبز البلدي المدعم

وأمام الكلفة العالية، اضطرت القاهرة، في يونيو (حزيران) 2024، رفع سعر رغيف الخبز البلدي المدعم للمرة الأولى منذ 30 عاماً، بنسبة ارتفاع بلغت 300 في المئة، ليصل سعر الرغيف 20 قرشاً، من خمسة قروش.

وطالبت شعبة المخابز بالغرف التجارية، قبل أسابيع، الحكومة بإعادة حساب كلفة إنتاج الخبز من الجوال زنة 100 كيلوغرام من الدقيق، بزيادة 30 في المئة، نتيجة لارتفاع أسعار الوقود في أبريل الماضي.

وتحدث مسؤولون حكوميون، عن احتمالات تحريك الحكومة المصرية سعر رغيف الخبز المدعم خلال النصف الثاني من العام الحالي، وسط ارتفاع الكلفة الإنتاجية بفعل زيادات أخرى مرتقبة تشمل أسعار الكهرباء والمحروقات، مما ينذر بصعود كلفة إنتاج رغيف العيش إلى مستويات جنيهين (0.041 دولار) على أقل تقدير.

على الأرجح، ستظل ضغوط الإنتاج في مصر رهينة كثير من العوامل ليس أولها سعر الصرف ولا آخرها فاتورة الاستيراد، فأفواه 107 ملايين مصري تضع البلد الأكبر استهلاكاً في العالم في مرمى التقلب، مع عدم كفاية الإنتاج المحلي من المحصول.

اقرأ المزيد