ملخص
أفادت مواقع فرنسية متخصصة في شؤون وأخبار الصفقات العسكرية بأن المغرب يقترب من إبرام صفقة شراء طائرات "رافال أف 4"، حيث ينتظر التوقيع في النصف الأول من العام المقبل، وأيضاً تسليم الدفعة الأولى من هذه الطائرات بين عامي 2030 و2031.
تتجه القوات المسلحة المغربية إلى إبرام صفقة اقتناء الطائرات المقاتلة الفرنسية الشهيرة "رافال أف 4" (Dassault Aviation Rafale F4)، بعد مرور زهاء 18 عاماً على فشل أول طلب لعقد هذه الصفقة عام 2017.
ويبدو أن التقارب السياسي "غير المسبوق" بين الرباط وباريس في سياق علاقات ثنائية تشهد أزهى فتراتها، سبب رئيس في التوجه نحو إنهاء ترتيبات صفقة شراء الجيش المغربي لمقاتلة "رافال" من توقيعات وتسلم للطائرات.
ويرى مراقبون مهتمون بالشأن العسكري والاستراتيجي، أن الجيش المغربي يحتاج إلى طائرات "رافال أف 4" في التعبئة العسكرية وتعزيز أدوات الردع للمملكة لمواجهة كل الأخطار المحتملة في سياق إقليمي متوتر، فضلاً عن كونها توفر أنظمة حرب إلكترونية متطورة، كما تتوافق مع مفهوم الحرب الشبكية الحديثة.
اهتمام مغربي حثيث
أفادت مواقع فرنسية متخصصة في شؤون وأخبار الصفقات العسكرية بأن المغرب يقترب من إبرام صفقة شراء طائرات "رافال أف 4"، حيث ينتظر التوقيع في النصف الأول من العام المقبل، وأيضاً تسليم الدفعة الأولى من هذه الطائرات بين عامي 2030 و2031.
ووفق المصادر الفرنسية العليمة ذاتها في ما يخص السوق المحتملة لشركة "داسو للطيران" في المغرب، تقدر الحاجة ما بين 20 و30 طائرة من طراز "رافال"، مع احتمال توقيع عقد مصاحب أو لاحق خلال الأعوام المقبلة لشراء من اثنين إلى أربع طائرات تزويد بالوقود جواً من نوع "Airbus Defence A330 MRTT".
ويمتلك المغرب حالياً ضمن ترسانته العسكرية طائرتين فقط للتزود بالوقود من طراز " Lockheed KC-130H Hercules" تعودان إلى السبعينيات من القرن الماضي، وهي طائرة نقل تكتيكي متعددة المهام أنتجت في الولايات المتحدة من صناعة شركة "لوكهيد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأسهمت الانتعاشة القوية في العلاقات المغربية - الفرنسية، بعد فتور دام طويلاً، في التوجه نحو صفقة "رافال أف 4" التي بات المغرب يراها الخليفة الطبيعي لطائرات "ميراج" "Mirage F1CH/EH" التي جرى تحديثها قبل نحو 20 عاماً، الشيء الذي قد يثير امتعاض الولايات المتحدة وشركة "لوكهيد مارتن"، تبعاً لتحليلات عسكرية فرنسية.
ووفق المصادر نفسها، بذل العملاق الأميركي "لوكهيد مارتن" خلال الأعوام الأخيرة جهوداً حثيثة من أجل إقناع القوات الجوية المغربية بأن " F-16V Viper " هي المقاتلة الأنسب لحاجات ترسانتها العسكرية، إذ كان يفترض أن ينجح في تحقيق هذا المسعى، لولا الدبلوماسية الفرنسية وسلاح الجو الفرنسي اللذان تحولا إلى أفضل مروجي "رافال".
هذا الترويج الفرنسي برز خصوصاً في الشهر الماضي عند إجراء التدريبات العسكرية "ماراثون 25" (Marathon 25)، عندما اطلع طيارون ومسؤولون عسكريون مغاربة من كثب على الميزات التكنولوجية لمقاتلات "رافال" التي طالما شكلت هدفاً يرنو له سلاح الجو المغربي.
ميزات تكنولوجية وحربية
في هذا السياق، يقول المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية ورئيس المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية محمد الطيار، إن اهتمام القوات المسلحة الملكية المغربية بمقاتلة "رافال" يعزى إلى كونها توفر مزايا متعددة الأبعاد، تشمل قوة نيران كبيرة، ومدى عملياتياً طويلاً، وأنظمة حرب إلكترونية متطورة، إضافة إلى توافقها مع مفهوم الحرب الشبكية الحديثة.
ويواصل الطيار شرحه التقني قائلاً، "تتميز هذه المقاتلة بسجل عملي ناجح في مسارح عمليات متنوعة، إذ أثبتت فاعليتها في بيئات قتالية معقدة، برية وبحرية وجوية، مما يعزز من موثوقيتها كمكون أساس في أية قوة جوية متقدمة".
واستطرد المحلل نفسه بأن "رافال" تمثل بالنسبة إلى المغرب إضافة نوعية إلى الترسانة العسكرية الجوية، ونقلة نحو جيل أكثر تقدماً من القدرات القتالية، بما يرفع من قدرة القوات المسلحة على مواجهة أي تهديد إقليمي أو استراتيجي في الأعوام المقبلة".
ويتوقع الطيار أن يمكن إدماج مقاتلات "رافال" الفرنسية في الأسطول الجوي المغربي من تحقيق تكامل استراتيجي مع المقاتلات الحديثة الأخرى، وعلى رأسها " F-16V " الأميركية المطورة، التي تعد أحدث نسخة من طائرة "F-16" وتلقب بـ"الصقر المقاتل"، وهي طائرة صغيرة الحجم من صنع شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية.
وأكمل الطيار أنه "بينما توفر الـ"F-16V" قدرات عالية في المناورة والهجوم الدقيق بكلفة تشغيل أقل، تضيف "رافال" بعداً جديداً من حيث المدى، وحرب الإلكترونيات، والتسليح بعيد المدى، مما يخلق منظومة جوية مزدوجة التفوق قادرة على تغطية مختلف أنماط العمليات، من الدفاع الجوي إلى الضربات الاستراتيجية العميقة".
تعزيز أدوات الردع
من جهته أفاد المتخصص في الشأن الاستراتيجي والأمني محمد عصام لعروسي، بأن المغرب حاول أكثر من مرة التعاقد على اقتناء الطائرة المقاتلة "رافال أف 4" بالنظر إلى ميزات عديدة يحتاج إليها المغرب في التعبئة العسكرية، وتعزيز أدوات الردع، خصوصاً لمواجهة كل الأخطار المحتملة في سياق إقليمي متوتر مع الجزائر بسبب ملف الصحراء الذي يمر بمرحلة حساسة، لا سيما أن جبهة البوليساريو تقوم ببعض الحملات العسكرية التي يسميها البعض "رقصة الديك المذبوح".
وشدد لعروسي على أن الجيش المغربي يهتم بهذا الطراز من المقاتلات لأنها ذات مرونة كبيرة، وتدخل في إطار الحرب الإلكترونية، كما تتميز بقدرتها على التخفي من الرادارات، على رغم أنها ليست "طائرة شبحاً" بالمعنى التقليدي، لكنها تستطيع أن تفلت من مراقبة أجهزة الرادارات، علاوة على حمولتها الكبيرة باستيعاب تسعة أطنان من الذخائر والصواريخ والمتفجرات".
وتابع، أن هذه الطائرات ستعزز الترسانة العسكرية المغربية، لأنها تقوم بمهام وأدوار متعددة وليس دوراً واحداً فحسب، فهي تتقن تنفيذ مهام بحرية وجوية وبرية، ومن ثم فإن ضم هذه الطائرة الفرنسية إلى الترسانة العسكرية المغربية يعد مكسباً مهماً للجيش المغربي.
وتراقب طائرات "رافال أف 4"، يردف لعروسي، الحدود والمناطق التي قد تستهدفها جبهة البوليساريو المطالبة بانفصال الصحراء عن سيادة المملكة، كما أنها مفيدة في مواجهة التهديدات الأمنية التي قد تأتي من منطقة الساحل، حيث تشكل الطائرة أداة تحصين للحدود المغربية.
كذلك على مستوى قوى الردع العسكري، يكمل المتحدث نفسه أن مقاتلات "رافال أف 4" يمكن أن تواجه الطائرات المسيرة وتلحق بها ضرراً بالغاً، بصرف النظر عن مرونة وخفة هذه الطائرات أو كونها تفلت من رقابة الرادارات.
ولم يفت لعروسي الإشارة إلى السياق السياسي والجيوسياسي لصفقة اقتناء "رافال"، إذ إن "مرور العلاقات المغربية - الفرنسية بمرحلة إيجابية بلغت مستوى عالياً من الشراكة العسكرية الوازنة، دفع إلى التقاء مصالح الرباط وباريس"، مردفاً أن "بيع فرنسا طائرات (رافال) للمغرب يعني أن فرنسا بعد تحفظ شديد بصدد قبول دعم جيش المملكة بهذه الطائرات".