Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف سيشكل الحزن موسم ليفربول بعد وفاة ديوغو جوتا؟

سوف يقدم الدوري الإنجليزي الممتاز تحية لذكرى جوتا هذا الأسبوع بعد وفاته المأسوية لكن الحداد سيتخذ صوراً مختلفة من زملائه في "الريدز"

جماهير نادي ليفربول الإنلجيزي تحيي ذكرى اللاعب الراحل ديوغو جوتا (أ ف ب)

ملخص

في قلب موسم مليء بالطموحات، يخوض ليفربول رحلة حداد مؤثرة بعد رحيل ديوغو جوتا، إذ يختلط الألم بالأمل وسط تساؤلات عن تأثير الفاجعة على الأداء، في ناد كثيراً ما شكلت العاطفة جوهر هويته وتاريخه.

على مدار الشهر الأخير الذي بدا مستحيلاً، أظهر لاعبو ليفربول قوة يحتذى بها في سعيهم المستمر لمجرد الاستمرار، ونصح بعضهم بأن وقع الصدمة سيأتيهم حين لا يتوقعون ذلك.

قد يكون في المقعد الفارغ خلال التدريبات، أو في لقطة بارزة على شاشة التلفزيون، أو في إحدى اللحظات الكثيرة التي يردد فيها مشجعو الفريق أغنيته، على لحن "باد مون رايزينغ".

التكريم وسط الملاعب وحداد لا يعرف توقيتاً

وقد يكون هذا الوقع أشد ما يكون خلال هذا الأسبوع، حين تقام فعاليات إحياء ذكرى ديوغو جوتا وشقيقه أندريه سيلفا في جميع أنحاء الدوري الإنجليزي الممتاز، ولا سيما في "أنفيلد" اليوم الجمعة.

لا أحد يعرف متى بالضبط. ولا كيف.

كل ما يمكن للاعبي ليفربول فعله هو محاولة تجاوز ذلك، موجة الحزن المفاجئة التي يثيرها فقدان صديق مبهج، كان أكثر بكثير من مجرد زميل في الفريق.

والفارق الكبير من منظور رياضي أن ذلك قد يحدث أمام آلاف الجماهير، وعلى مرأى ملايين المشاهدين، وسط توقعات بالأداء كأبطال.

وهنا يكمن التنافر المؤلم في الحديث عن مأساة حقيقية، يمر فيها الناس بحال حداد، ضمن سياق تافه نسبياً هو عالم الرياضة.

كرة القدم لا تتوقف

ومع ذلك، لا بد أن تُلعب المباريات. فجدول كرة القدم مستمر من دون توقف، كما أن الرياضة هي السبب الذي جعل ملايين الأشخاص يشعرون بفقدان جوتا، وليس فقط أولئك الأقرب إليه مثل عائلته الصغيرة وأصدقائه.

لذا، وعلى رغم الحديث عن تأثير هذه الفاجعة على مجرد لعبة كرة قدم يبدو في غير محله تقريباً، فإن الواقع في هذا السياق هو أن اللاعبين يعيشون حال حزن حقيقية، ولا أحد يعلم كيف ستتجلى هذه المشاعر.

هذا يولد ميلاً طبيعياً ومفهوماً إلى تجنب الحديث عن وفاة جوتا خارج إطار التكريم الرسمي، والاكتفاء بالحديث عن كرة القدم فحسب. ويمكن رؤية ذلك بوضوح في الطريقة التي باتت فيها دورة الأخبار تهيمن عليها تحركات ليفربول النشطة في سوق الانتقالات، وبخاصة ملحمة ألكسندر إيساك. هناك لحظات لا يبدو فيها هذا الصيف كما اعتدناه.

لكن جوتا حاضر في قلب كل ذلك، بالمعنى الحرفي، مع اللاعبين الذين سيرتدون عبارة "إلى الأبد 20" على صدور قمصانهم.

هذا الشعار يرمز إلى كيف سيطبع هذا الحدث كامل الموسم، وسيزداد هذا الشعور حدة لعدم وجود مثال مماثل له في تاريخ الكرة الإنجليزية الحديثة، فلا توجد حادثة مماثلة يمكن الرجوع إليها.

شهدت كرة القدم حالات وفاة للاعبين في ذروة عطائهم، وبعضهم من أبرز الأسماء التي تستحق الذكر الآن مثل جيمي ديفيس ومارك فيفيان فويه وأنطونيو بويرتا وداني خاركي وبيسيان إدريزاج وديفيدي أستوري وجورج بالدوك.

كل حزن نقي بطبيعته، لكن هناك بعداً إضافياً في سياق كرة القدم عندما يتعلق الأمر بأبطال حاليين، خصوصاً بعد كل المشاعر التي رافقت انتظار ليفربول الطويل للقب.

التوازن بين الأداء والحداد خلال موسم استثنائي

من الطبيعي أن يتجه الضوء نحوهم أكثر، بحكم مكانة النادي والإطار الواضح للدفاع عن اللقب. وهكذا، يجد ليفربول نفسه في وضع متناقض، إذ يواجه فرصة تاريخية لبناء مجد جديد، وخلال الوقت ذاته يحاول تجاوز واقع مؤلم لا يمكن لكثر حتى تخيله.

وهذا في ناد يعرف بهويته العاطفية العميقة، التي تشكلت بفعل مآسٍ سابقة.

يقول الطبيب النفسي في مركز "هارلي ثيرابي" ستيفان والترز "يعرف ليفربول بأنه ناد مر بفترات من الحزن العام. ونأمل في أن يكون ذلك مفيداً للاعبين، بأن يشعروا بأنهم جزء من مؤسسة تفهمهم وتدعمهم".

وهذا يسلط الضوء على أن أحد الأمثلة القليلة القريبة من هذه التجربة هو الأثر العاطفي لكارثة "هيلزبره"، أو ربما حتى مأساة من حجم مختلف تماماً، مثل كارثة ميونيخ الجوية التي أودت بحياة عدد من لاعبي "أطفال باسبي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مثل هذه اللحظات تذكرنا بأن كرة القدم تملك قدرة فريدة على التعامل الفوري مع الحزن.

ويقول الطبيب النفسي نادي برينتفورد مايكل كولفيلد "إذا نظرت إلى كرة القدم على مر الأعوام، فستجد أنها بارعة جداً تحت وطأة الحزن الشديد والضغط، في أن تتصرف بصورة طبيعية وصحيحة. لقد كنت في شركات ومؤسسات حيث تسود الرسمية والجمود، أما كرة القدم فليست كذلك".

القيم الاجتماعية والمجتمعية التي تقوم عليها كرة القدم تجعل من تعبيرها العاطفي أمراً طبيعياً في مثل هذه اللحظات.

ومع ذلك، هناك فارق بين التعامل الفوري مع مأساة، وبين إدراك آثارها العميقة على المدى الطويل.

ماذا سيقال إذا مر ليفربول بفترة سيئة خلال وقت لاحق من الموسم؟ ماذا لو بدأوا الموسم بداية ضعيفة؟ هل سيتناول الحديث الفريق كأبطال متعثرين عاجزين عن الدفاع عن لقبهم بمعايير رياضية بحتة؟ أم سينظر إلى ذلك كأثر طبيعي لمرحلة حداد لا تزال قائمة؟

ليست هذه أسئلة تطرح بدافع الاتهام أو النقد، فحتى هذه الصفحات ذاتها ستضطر لتقديم تقييمات حول أمر لا يمكننا أن نعرفه حقاً بصورة كاملة.

روتين كرة القدم كعلاج للاضطراب النفسي

ويقول كولفيلد "كرة القدم تلعب باللاوعي، لذا أي شيء يدور في ذهن اللاعب ينعكس على أرض الملعب في نهاية المطاف".

ويتفق والترز، إذ أردف "الجميع سيحزن بطريقته الخاصة، وفي وتيرته الخاصة. لا توجد طريقة صحيحة، وسيستغرق الأمر وقتاً. بعض الناس يجدون في الأمر دافعاً كبيراً، وآخرون قد يجدونه مصدر تشتيت".

واستناداً إلى توجيهات المتخصصين النفسيين، يفضل في ليفربول ألا يُضغط على اللاعبين للحديث عن الأمر، بل يترك لهم المجال للتحدث عندما يشعرون بأن الوقت مناسب.

ويضيف والترز "من المهم أن نسمح لهم بمعالجة حزنهم بطريقتهم الخاصة".

جوزيه مورينيو، الذي عبر بصورة مؤثرة عن مشاعر الحزن بعد وفاة جوتا، لديه تجربة مباشرة في هذا السياق، إذ كان مع بورتو البرتغالي حين توفي روي فيليبي خلال أغسطس (آب) 1994. وقال مورينيو حينها "بدلاً من أن يعاني اللاعبون كل بمفرده، بدا وكأن المجموعة كلها كانت تعاني معاً، وتحاول القتال من أجل ذكراه. أعتقد أننا أصبحنا أبطالاً من أجله".

وبالطبع، ليس المقصود هنا أن يتوقع من ليفربول أن يستغل ذكرى جوتا في أدائه، لكن كولفيلد يرى أن "نادي كرة القدم قد يكون المكان الأكثر أماناً" لمثل هذه المشاعر.

بل إن جدول المباريات ذاته قد يكون له أثر علاجي عضوي. فإذا كان التعامل مع الحزن يقوم على التقدم خطوة بخطوة، فإن جدول المباريات يرغمك على خوض المباراة الأولى، ثم التالية، ثم التي تليها.

ويقول والترز "أعتقد أن ذلك يساعد كثيراً، لأنه يشبه العلاج بالتعرض المباشر. أفضل ما يمكن فعله هو العودة إلى الحياة الطبيعية بأسرع وقت ممكن. فكلما تهربت منها، زادت وطأتها. من الأفضل أن تكون وسط المألوف".

وهذا ما شعر به لاعبو ليفربول حين عادوا إلى التدريبات، ثم خاضوا تلك المباراة الودية الأولى المهمة ضد بريستون نورث إند.

ويضيف كولفيلد "تخرج إلى الملعب وتلعب من جديد. معظمهم ما زالوا صغاراً ولا يستطيعون استيعاب ما حدث بصورة كاملة، لكنني أؤكد لك أنهم سيتجادلون مع الحكم في المباريات، وهذا هو الأمر الاستثنائي، لأن ذلك يعيد الإحساس بالحياة الطبيعية والروتين إلى حياتهم".

وعبر جوتا نفسه عن هذا الشعور، بطريقة مؤثرة. فخلال أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أنتج ليفربول فيلماً مدته 25 دقيقة بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، وتطوع جوتا للحديث فيه عن أهمية التعبير عن المشاعر.

وقال حينها "ما زلت أشعر أنه عندما أدخل أرض الملعب، كل شيء يتلاشى".

تلك كانت تجربته الشخصية، لكنها لا تنطبق على الجميع. جزء من الحزن يتمثل في أنه لن يكون هناك أحد مثل جوتا. وكل ما يستطيع زملاؤه فعله هو أن يمروا بهذه المرحلة بطريقتهم الخاصة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من رياضة