ملخص
أول لاعب سعودي وعربي يتصدر التصنيف العالمي في لعبة الـE-football، يروي في ظهوره الإعلامي الأول قصته من الهواية إلى قيادة منتخب بلاده وتحقيق ألقاب إقليمية.
لم يدر الصبي الذي جلس عام 1996 أمام شاشة متواضعة ممسكاً بذراع تحكم للعبة "البلايستيشن" أن ما يفعله حينها سيغدو اليوم شغفاً، يلازمه لثلاثة عقود كلاعب ومدرب يمثل منتخب بلاده، ويتوج بألقاب إقليمية رسمية، وذلك عبر ما يعرف بـ"كرة القدم الرقمية" أو لعبة "E-Football".
وهو أحمد العمري، الذي يعمل اليوم معلم رياضيات في العاصمة الرياض، لا ينظر إليه اليوم في المجتمع الرقمي كمجرد لاعب، بل كواحد من المؤسسين الروحيين لجيل سعودي من محترفي الألعاب الإلكترونية، بلغة بات يتحدثها الجيل الجديد ويسطر بواسطتها المستحيل على الشاشات.
ولد العمري شغوفاً بكرة القدم الحقيقية، لكنه وجد سحرها الحقيقي داخل صندوق الألعاب الرمادي، يقول "مع كل إصدار جديد من اللعبة ثمة نافذة جديدة تفتح على عالم آخر، عالم لا حدود فيه للعب".
ولمدة 15 عاماً، ظل يمارس اللعبة في بيئة ضيقة، ضمن حدود العائلة والأصدقاء، ولم يكن هناك أكثر من حلم بسيط، وهو كما يقول "أن ألعب مع شخص آخر خارج مدينتي".
أرقام عالمية نشطة
وفيما شهدت اللعبة نمواً لافتاً خلال العام الحالي بنسبة 27.5 في المئة خلال شهر واحد، يقدر عدد لاعبي "E-Football" النشطين بنحو 9.2 مليون، وانضم نحو 1.99 مليون لاعب جديد في يوليو 2025 فقط، وفقاً لمنصة active player.
وتشير الإحصاءات الرسمية من منصة Konami اليابانية إلى أن عدد التنزيلات التراكمية للموبايل وغيرها وصلت إلى أكثر من 700 مليون تنزيل حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، ثم ارتفعت إلى 850 مليون تنزيل تقريباً بحلول أبريل (نيسان) 2025.
نقطة التحول
يصف العمري لحظة دخوله العالم الافتراضي بـ"نقطة التحول"، إذ أصبح بوسعه أن يواجه محترفين من ألمانيا واليابان والبرازيل، جميعهم في متناول زر واحد، ويقول "اللعبة تحولت من ترفيه إلى تصنيف، ومن متعة إلى معركة".
لكن التحول المهني الحقيقي لم يبدأ إلا في عام 2022، حين بدأ الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية في بناء منظومة محترفة، من بطولات ومعسكرات وتشكيل منتخبات، ومنذاك بدأت تشرق الأحلام وتتحقق، إذ وجد أحمد نفسه على بعد خطوة من الحلم حين جرى استدعاؤه للمشاركة في مباراة ودية ضد المنتخب الياباني.
وهذا الاختيار أوقع هاوي الأمس محترف اليوم في تحد جديد، وهو يقول "حينها شعرت أن اللعبة لم تعد لي وحدي، فأنا أصبحت أمثل وطن".
ذهب غرب آسيا 2024
وفي عام 2023، شارك في بطولة كأس آسيا في قطر، وحقق مع زملائه المركز الثالث. وبعد ذلك بعام، قاد المنتخب السعودي كلاعب ومدرب للفوز التاريخي بلقب بطولة غرب آسيا في الأردن، وهي أول بطولة قارية في لعبة E-Football تضاف إلى سجل المنتخب السعودي.
يذكر أن منصب "المدرب" لم يكن طموحاً وحسب، بل جاء تكليفاً مفاجئاً من الاتحاد السعودي، وخلال أسبوعين فقط دخل العمري معسكراً تدريبياً أعد خلاله اللاعبين نفسياً وتكتيكياً، وفق قوله. وتحول مشوار اللاعب الذي هوى اللعبة واحترفها في بداياته إلى الجدية والإحساس بالمسؤولية، بعد أن باتت أمامه استحقاقات رسمية عدة لمنتخب بلاده.
بطولة ديسمبر 2025
وعلى رغم أن لعبته المفضلة لم تدرج ضمن قائمة ألعاب النسخة الحالية من كأس العالم للرياضات الإلكترونية التي تقام في العاصمة الرياض، إلا أنه يستعد لبطولة FIFAe التي تقام في ديسمبر (كانون الأول) المقبل تحت رعاية الاتحاد الدولي لكرة القدم الإلكترونية، طامحاً أن يكون أحد الثلاثة الذين سيمثلون المملكة.
على هامش كأس العالم للرياضات الإلكترونية
في حديثه عن الفارق بين كونه لاعباً ومدرباً، يقول إن "المعرفة الحقيقية لا تأتي من الكتب أو المذكرات بل من اللحظات التي يخفق فيها قلب اللاعب قبل ضربة جزاء رقمية حاسمة، وهذا الشعور الذي يجب أن يتلبسك قبل أن تكون مدرباً".
والموهبة كما يراها هي البداية، لكنها لا تعني شيئاً من دون تدريب واحتكاك وتواضع معرفي، ويقول "كل خصم جديد درس جديد، وكل خسارة هي تجربة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم هذه النجاحات لا يزال العمري متمسكاً بوظيفته الصباحية كمعلم للرياضيات في مدرسة ابتدائية، ويرى وفق قوله "في التعليم اتزاناً ذهنياً، وصفاء يساعده في رؤية الأمور بوضوح حين تتعقد تكتيكات اللعب".
وربما أن أكثر ما يدهش في قصته، هو "إحساسه بأن كل ما حدث لم يكن مجرد حظ، بل نتيجة طبيعية لعلاقة إنسان بلعبته"، علاقة بدأت بصمت واستمرت بعزيمة، وتحولت إلى تجربة سعودية ملهمة في واحدة من أسرع الرياضات نمواً في العالم.
ولمن يتساءل كيف يصنع بطل من بيئة منزلية بسيطة، يكفي أن يعرف أن العمري لم يبدأ من ناد أو معسكر، بل من جهاز "بلايستيشن" في غرفة عادية بإرادة استثنائية صنعت منه بطلاً من خلال لعبته التي أحبها طفلاً.