Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حزب الله" لن يسلم سلاحه للدولة اللبنانية وكل الاحتمالات واردة

مصادر "اندبندنت عربية": الحكومة لن تعود للوراء واتخذت قرارها في انتظار أن يضع الجيش خطة التنفيذ

مناصرو "حزب الله" يقطعون الطرق في الضاحية الجنوبية لبيروت، ليل 8 أغسطس الحالي، احتجاجاً على قرار الحكومة حصر السلاح بيد الدولة (أ ف ب)

ملخص

بعد إقرار الحكومة اللبنانية مبدأ حصر السلاح بيد الدولة رجح مقربون من "حزب الله" أن المشهد قد يتجه إلى مزيد من السوداوية إذا لم يكن هناك من عقل وفكر يمكن أن يحكم طبيعة المرحلة القادمة، بينما اعتبر النائب عن حزب "القوات اللبنانية" غسان حاصباني أن سيناريو التصعيد من قبل الحزب سيقوده إلى مزيد من العزلة، وربما إلى مواجهة لا يريدها ولا يملك مقومات الانتصار فيها.

دخل لبنان بعد جلسة الخامس من أغسطس (آب) الجاري مرحلة جديدة على كل المستويات بعد قرار مجلس الوزراء حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية بدءاً من سبتمبر (أيلول) المقبل بعد إقرار خطة الجيش التنفيذية، على أن تنجز مهمة إنهاء الوجود المسلح على كامل الأراضي اللبنانية، بما فيه سلاح "حزب الله"، في مهلة أقصاها نهاية العام الحالي.

في المقابل أصدر "حزب الله" بياناً أكد فيه أنه سيتعاطى مع قرار مجلس الوزراء وكأنه غير موجود، وانسحب وزراؤه من الجلسة مع زملائهم من حركة "أمل" اعتراضاً. وفي الشارع تجول ليلاً في مناطق بيروت والجنوب والبقاع مجموعات كبيرة من الدراجات النارية مطلقة شعارات تطالب بإسقاط الحكومة ورئيسها وحاول قطع طريق المطار، إلا أن الجيش تدخل لفتحها.

كل ذلك ترافق مع تساؤلات جدية عن السيناريوهات المحتملة في اليوم التالي على قرار الحكومة، وسط تخوف من أن يصل اهتزاز الاستقرار السياسي الذي شهده لبنان إلى فقدان التوازن الأمني.

مصادر حكومية أكدت لـ"اندبندنت عربية" أن الحكومة اللبنانية لن تعود للوراء وأنها اتخذت قرارها بانتظار أن يضع الجيش خطة التنفيذ لإقرارها. ويعد قرار الحكومة وفق المصادر، اجتيازاً لنصف الطريق، أما النصف الثاني فمرتبط بخطة الجيش وكيفية العمل على وضع الآلية وتطبيقها. وتتجنب المصادر الحكومية الرد على السيناريوهات المحتملة إذا بقي الحزب على موقفه الرافض لتسليم سلاحه، وتردنا إلى الجيش وخطته.


الحوار أم المواجهة؟

لعل العلامة الفارقة المواكبة لجلستي الحكومة في الخامس والثامن من أغسطس كانت في تصرف الثنائي الشيعي بالتعبير عن اعتراضه. فعلى رغم المناخ الساخن والمتوتر الذي طبع موقفه من قرار حصرية السلاح، ومن ثم ورقة توم براك، فإنه لم يعتمد تجربة خروجه واستقالة وزرائه من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2006، بل اكتفى بالاعتراض والانسحاب حصراً من الجلستين من دون التسبب بأزمة حكومية. حتى الاحتجاجات في الشارع بقيت، على رغم كلام رئيس كتلة "حزب الله" في البرلمان محمد رعد المناهض لقرار الحكومة (الموت ولا تسليم السلاح... روحوا بلطوا البحر)، ضمن أطرها الجغرافية وسط انتشار مكثف للجيش اللبناني. وسارع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عدم تغطيتها ودعا من يشارك في أي خلل أمني إلى تحمل مسؤوليته. وعلى رغم ذلك بقي سيناريو المواجهة والتوتر الأمني متقدماً، وهو ما عززه كلام نائب رئيس المجلس السياسي لـ"حزب الله" محمد قماطي الذي قال في حديث إعلامي" نحن جاهزون، وقد لبسنا الأكفان"، فيما كان وزراء "الثنائي الشيعي" يطالبون بعرض ملف السلاح على طاولة حوار، وهذا ما أكده أيضاً نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب في بيان، دعا فيه رئيس الجمهورية الذي هو "الحكم والمسؤول الأول إلى الدعوة إلى جلسة حوار وطني للتوافق على حل يخرج البلاد من هذه الأزمة".

الاكتفاء بالوعيد والتظاهرات

يصف عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب غسان حاصباني قرار الحكومة بأنه "أول خطوة عملية في بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بعد 13064 يوماً على توقيع وثيقة الوفاق الوطني". واعتبر حاصباني أن "اعتراض 'حزب الله' على قرار حصر السلاح، وهو الذي سبق ووافق من خلال رئيس مجلس النواب نبيه بري على ورقة المبعوث الأميركي توم براك بعد إدخال ملاحظاته عليها، ما هو إلا تأكيد على أنه لا نية جدية لديه بتسليم سلاحه، وبأنه كان يناور ويراهن على فشل المساعي وفشل الحكومة في اتخاذ القرار". ورأى حاصباني أن "سيناريو التصعيد من قبل الحزب أو أي تحرك ميداني من قبله يتخطى التصريحات والتظاهرات، سيقوده إلى مزيد من العزلة، وربما إلى مواجهة لا يريدها ولا يملك لها مقومات الانتصار، لا على مستوى التأييد الشعبي، ولا على مستوى الجهوزية الاقتصادية". ويرى النائب المنتمي إلى حزب "القوات اللبنانية" أنه "إذا صعد الحزب وواجه الجيش، فهو يعلم أنه لن يجد شعباً متفرجاً، ولا مجتمعاً دولياً صامتاً". ويعتبر أنه "لا قدرة لدى الحزب على تحريك جمهوره كما في السابق، خصوصاً في ظل الوضع الاقتصادي الذي يعيشه الناس، وفي غياب أي أمل بإمكان مساعدتهم وحده على إعادة اعمار منازلهم".
يثق حاصباني بأن "زمن التهديد ولى وجاء وقت المحاسبة... والحزب الذي خرج ضعيفاً من حربه على إسرائيل لن يستطيع التعويض عن خسارته في الداخل".   

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ما الاحتمالات؟

يرى باحثون أن الخطوات الممكنة للمواجهة قد تتضمن لجوء "حزب الله" غير القادر على إسقاط الحكومة إلى تأزيم الوضع السياسي حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة، مستخدماً ورقة "الميثاقية" في التعطيل السياسي. ولا يسقط الباحثون خيار المواجهة في الشارع بتظاهرات عملاق، مشابهة لتظاهرة الثامن من مارس (آذار) 2005 (التي شكر فيها 'حزب الله' النظام السوري على دوره في لبنان بعد انسحاب قواته بضغط دولي)، أو الذهاب إلى مواجهة عسكرية مع إسرائيل، للضغط على الحكومة وعلى المجتمع الدولي. ويمكن لـ "حزب الله" أن يستخدم أيضاً ورقة الأحداث الأمنية الداخلية في أشكالها كافة، ومن بينها احتمال المواجهة مع الجيش وإن كان خياراً مكلفاً له.
في المقابل يعتبر الكاتب السياسي نبيل بو منصف أن "السيناريوهات لما بعد قراري مجلس الوزراء لا تزال غامضة وأنه لا يمكن الجزم بما سيحصل عند بدء الأطر التنفيذية للقرارين". ويرى بو منصف أن "تنفيذ قرار بسط السيادة بالكامل ليس مزحة، وهو أشد تعقيداً مما كان عليه في بداية عصر اتفاق الطائف"، معللاً السبب بأن "القوى التي كانت وافقت على الاتفاق آنذاك أبدت جميعها الاستعداد على الانتظام الكامل بالميثاق الجديد وبنهاية الحرب"، أما الآن، يضيف بو منصف، "فهناك طرف واحد هو 'حزب الله' أوصلنا إلى اتخاذ مثل هذه القرارات وأجبر الحكومة على حسم الأمر، بعدما سيطر لعقود ثلاثة على البلد، ويكاد يكون السلاح مسألة هوية وجودية بالكامل بالنسبة إليه، لأنه قام أساساً على مبدأ المقاومة المسلحة لإسرائيل وتوسع الأمر ليصبح ذا ارتباط إقليمي واسع وانتظم حتى بالحرب الأهلية في السابع من مايو (أيار) 2008".
ونظراً إلى كل ذلك يستبعد بو منصف أن يتخلى "حزب الله" بسهولة عن سلاحه وأن يتجاوب مع أي خطة تنفيذية يضعها الجيش، مستبعداً في الوقت نفسه حصول صدام بين الحزب والجيش لأن حسابات الحزب أو حسابات إيران الذي يرتبط بها الحزب عضوياً وجوهرياً، لن ترقى إلى مستوى الدخول في مشكلة مع الجيش الذي بحسب بو منصف، "لن يضع أيضاً خطة لا يُلاحظ فيها تجنب المواجهة مع 'حزب الله'". ولكن هذا لا يعني أن يلجأ الحزب إلى احتمالات سلبية أخرى كتحركات كبيرة في الشارع أو استحداث أزمات سياسية داخل الحكومة، لن تبلغ حد نزع ورقة الشرعية عنهم.


المشهد قد يشتد سواداً إذا غاب العقل

في مقلب "حزب الله" يعتبر المقربون منه أن ما حصل كان انقلاباً على ما تم الاتفاق عليه مع الحزب من قبل رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، كل على طريقته. ويرى الكاتب السياسي فيصل عبدالساتر أن "البلاد ستذهب إلى مزيد من التعقيد وأن 'حزب الله' اتخذ موقفاً واضحاً بأنه لا تسليم للسلاح ولا صدام ولا استقالة من الحكومة ولن يسمح لمن يريد للبنان أن يقع في الخلافات الداخلية والمشكلات بتحويل المشكلة الأساسية من الصراع مع العدو إلى مشكلة لبنانية – لبنانية، وإن كانت بعض الأطراف اللبنانية طلقت الشرف والأخلاق إلى غير رجعة"، على حد تعبيره.
وأكد عبدالساتر أن "المشهد في لبنان ليس أسودَ"، لكنه بحسب رأيه "قد يتجه إلى مزيد من السوداوية إذا لم يكن هناك من عقل وفكر يمكن أن يحكم طبيعة المرحلة القادمة، بخاصة في ظل مزيد من الضغوط التي قد تمارس على لبنان والمطالبة على المستوى الرسمي من بعض الدول وخاصة أصحاب الوصاية الذين وضعوا يدهم على القرار اللبناني، بمزيد من التنازلات من السلطة اللبنانية"، معتبراً أنها "المرة الأولى التي تتآمر فيها السلطة والدولة والحكومة في آنٍ معاً على شعبهم ويكشفونهم أمام عدو خارجي ليُشرعنوا قتلهم بصورة أو بأخرى".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات