ملخص
منذ الأسبوع الماضي، يخوض الجيش والقوات المساندة له، معارك ضارية ضد "الدعم السريع" في سهول وبوادي شمال كردفان وسط حركة نزوح مستمرة لسكان قرى وأرياف مدينة الأبيض، ودارت مواجهات عنيفة في منطقتي أم سيالة وأم صميمة انتهت بسيطرة الأخيرة على منطقة أم صميمة (50 كيلومتراً غرب العاصمة الولائية).
عزز الجيش السوداني وحلفاؤه قواته، وكثف عملياته العسكرية قرب مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان، تحسباً لأي هجوم وشيك عليها، عقب تزايد وتيرة تحركات حشود من قوات "الدعم السريع" على بعد 50 كيلومتراً جنوب المدينة تأهباً لمهاجمتها والسيطرة عليها بهدف قطع الطريق أمام توغل الجيش في إقليمي كردفان ودارفور.
هجمات مباغتة
وكشفت مصادر ميدانية عن أن مدفعية الجيش قصفت مواقع "الدعم السريع" في قرية أبو قعود، جنوب شرقي الأبيض، مما أدى إلى إصابة خمسة مواطنين بجروح بحسب "شبكة أطباء السودان".
وأشارت مصادر إلى أن مفارز من قوات الفرقة الخامسة "الهجانة"، ومتحرك "الصياد"، شنت هجمات مباغتة على "الدعم السريع" في منطقة جبل الهشاب في محيط المدينة. وواصلت مقاتلات الجيش الحربية غاراتها العنيفة على مواقع "الدعم السريع" بمنطقة أم صميمة الغربية، واستهدفت أيضاً مجموعات متحركة غرب مدينة الأبيض.
معارك ضارية
منذ الأسبوع الماضي، يخوض الجيش والقوات المساندة له، معارك ضارية ضد "الدعم السريع" في سهول وبوادي شمال كردفان وسط حركة نزوح مستمرة لسكان قرى وأرياف مدينة الأبيض، ودارت مواجهات عنيفة في منطقتي أم سيالة وأم صميمة انتهت بسيطرة الأخيرة على منطقة أم صميمة (50 كيلومتراً غرب العاصمة الولائية). وتعد مدينة الأبيض الشهيرة بـ"عروس الرمال" إحدى المدن السودانية الرئيسة بموقعها الاستراتيجي الذي يتوسط أقاليم السودان غربه وشرقه وجنوبه، كما تضم أكبر أسواق المحاصيل النقدية في السودان، وأكبر بورصة للصمغ العربي في العالم.
قلق ومخاوف
وأثار تدهور الوضع الأمني في محيط مدينة الأبيض، عقب خسارة الجيش مناطق كازقيل وأم صميمة في شمال كردفان خلال الفترة الماضية، وإعلان "الدعم السريع" وصول قواتها إلى مشارف الأبيض، قلقاً ومخاوف واسعة وسط السكان من مغبة امتداد العمليات العسكرية إلى داخل المدينة. وطالب بيان "شبكة أطباء السودان" الطرفين المتقاتلين باحترام قواعد الحرب وعدم تعريض المدنيين للخطر في معاركهما المتواصلة بالمنطقة منذ الخميس الماضي.
وأوضحت مصادر محلية أن "الدعم السريع" شنت هجمات جديدة استهدفت عدداً من قرى شرق مدينة بارا، وقامت بعمليات ترويع ونهب وسلب واسعة لممتلكات المواطنين مع اعتداءات جسدية فظيعة أسفرت عن سقوط قتيل وعدد كبير من الجرحى. وأفاد شهود بأن مشاهد النهب والاعتداءات على قرى وأرياف مدينة بارا باتت تتكرر، بصورة يومية، مخلفة واقعاً مأسوياً ومعاناة متواصلة في القرى بتلك المناطق.
مجزرة قرني
في شمال دارفور حيث لا يزال الصراع العسكري محتدماً للسيطرة على عاصمة الولاية الفاشر، شهدت قرية قرني شمال غربي المدينة، مجزرة راح ضحيتها ما لا يقل عن 14 مدنياً وأصيب عشرات آخرون، واقتيد عدد غير محدد من الأشخاص إلى جهات مجهولة أثناء محاولتهم الفرار من المدينة. وقالت مصادر ولائية إن مسيرة استراتيجية تابعة لـ"الدعم السريع" استهدفت سوق مدينة كتم، وأدت إلى إصابة عدد من المدنيين. وأكد بيان لمجموعة "محامو الطوارئ" أن المجزرة وقعت في أعقاب محاولة الضحايا الفرار من الفاشر، التي تعاني حصاراً خانقاً ومعارك متصاعدة منذ أكثر من عام. وتقع القرية المنكوبة على الطريق الرابط بين الريف الشمالي والفاشر، الذي يمثل نقطة تموين رئيسة تفرض عليها "الدعم السريع" قيوداً مشددة منذ مايو (أيار) الماضي، مما جعلها من أخطر طرق العبور للنازحين الفارين من المدينة.
أهداف عسكرية
واعتبرت المجموعة أن المجزرة تأتي في إطار سلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المدنيون في شمال دارفور، في ظل حملة ممنهجة لشيطنة سكان الفاشر وتصنيفهم كحاضنة للمقاتلين لتبرير اعتبارهم كأهداف عسكرية. وطالبت المجموعة بمحاسبة المسؤولين عن الحصار على الفاشر، واعتباره جريمة تجويع متعمدة، كما طالبت بتدخل دولي لفتح ممرات آمنة للمدنيين وتسهيل إيصال المساعدات.
المزيد من الكوليرا
وتخضع مدينة الفاشر لحصار مشدد من قبل "الدعم السريع" منذ أكثر من عام، في ظل أوضاع إنسانية كارثية ومحاولات نزوح محفوفة بخطر الموت جوعاً وعطشاً أو بالتعرض للقتل المباشر. وأطلقت غرفة الطوارئ - محلية عسلاية بشمال دارفور، نداء عاجلاً إلى وزارة الصحة والمنظمات الإنسانية والدولية، جراء التفشي المفاجئ لوباء الكوليرا بالمنطقة خلال الأيام الثلاثة الماضية، بتسجيل أكثر من 17 إصابة وثلاث وفيات، في ظل نقص حاد في المحاليل الوريدية والأدوية الأساسية بالمحلية.
وكشف تحديث للمنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور، عن تواصل التفشي المتسارع لوباء الكوليرا في الإقليم بصورة مخيفة، بتجاوز الإصابات اليومية التراكمية عدد 4113 حالة، و197 حالة وفاة، تتركز بصورة خاصة في معسكرات طويلة وجبل مرة ونيالا، إذ وصل عدد الإصابات فيها إلى 3150 حالة، منها 65 وفاة، بينما سجلت أمس الإثنين 143 إصابة. وأوضح بيان للمتحدث الرسمي للمنسقية آدم رجال أن الوباء يواصل تمدده في مناطق جديدة، بشمال دارفور مسفراً عن عشرات الوفيات.
إسقاط مساعدات
ولمجابهة التدهور الإنساني في جنوب كردفان تسعى الحكومة المركزية إلى تنفيذ عمليات إسقاط جوي لمساعدات غذائية ودوائية بمدينتي الدلنج وكادوقلي، واستعد وزير المالية جبريل إبراهيم، بالتنسيق مع جهات الاختصاص الحكومية ومنظمات الأمم المتحدة، لتنفيذ عمليات إسعافية عاجلة لإسقاط الأدوية والغذاء، لمعالجة تدهور الأوضاع الإنسانية والصحية، وشح السيولة بمدينتي كادوقلي والدلنج نتيجة الحصار المفروض عليهما من الحركة الشعبية - جناح الحلو و"الدعم السريع".
أوضاع متردية
وأكد إبراهيم، لدى لقائه نائب والي جنوب كردفان عبدالرحمن دلدوم، العمل للاستفادة من فرص المنظمات في الدعم النقدي للمواطنين هناك إلى حين إيجاد معالجات جذرية برفع الحصار وفتح مسارات العون الإنساني بالولاية. واستعرض دلدوم تردي الأوضاع الإنسانية وانعدام الخدمات الصحية والمياه والكهرباء والاتصالات مما فاقم معاناة المواطنين المحاصرين بالمدينتين طوال عامين.
في العاصمة الخرطوم أعلن والي الولاية المكلف أحمد عثمان حمزة خلو الولاية بالكامل من أي وجود عسكري داخل الأحياء السكنية والمرافق العامة، تنفيذاً لتوجيهات اللجنة الأمنية العليا ضمن خطة تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار المدني. وأكد بيان للوالي إخلاء المواقع التي كانت تشهد وجوداً عسكرياً خلال الفترة الماضية، لضمان عودة الحياة المدنية بصورة طبيعية وتسهيل حركة المواطنين، في إطار جهود إعادة ترتيب المشهد الأمني داخل العاصمة، بما يتماشى مع القوانين المنظمة وحقوق السكان في التنقل والعيش بأمان، من دون تأثير للمظاهر العسكرية غير الضرورية داخل المناطق السكنية. وأكدت اللجنة الأمنية أن التنسيق جار لمواصلة تأمين المرافق الحيوية والطرق الرئيسة عبر قوات نظامية متخصصة، مع التركيز على الدور الشرطي والأمني بما يعيد الطمأنينة إلى السكان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تهديد المرتزقة
إلى ذلك حذرت الحكومة السودانية من أن مشاركة المرتزقة من دول الجوار ودول خارج القارة الأفريقية في العدوان على السودان ظاهرة تهدد السلم والأمن في الإقليم وكل القارة الأفريقية، وتفرض واقعاً جديداً يهدد سيادة الدول وينتهك حرماتها، ومن شأنه أن يغير من مسار الحرب لكي تصبح حرباً إرهابية عابرة للحدود تدار بالوكالة، بما يشكل تهديداً للأمن والسلم الإقليميين والدوليين. ونوه بيان للناطق الرسمي باسم الخارجية السودانية "بأن الحرب في السودان تأخذ منحى بغاية الخطورة بمشاركة مئات آلاف من المرتزقة الكولومبيين ومن بعض دول الجوار وبرعاية وتمويل من دولة الإمارات"، مؤكدة أنها تمتلك الوثائق والمستندات كافة التي تثبت ذلك. ولفت البيان المجتمع الدولي والإقليمي إلى حجم التآمر الذي تتعرض له الدولة السودانية عبر الاستهداف الذي تواجهه من قبل "الدعم السريع" وقوات المرتزقة التي تقاتل في صفوفها منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل (نيسان) 2023.
ترحيب أفريقي
إقليمياً دعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي إلى وقف فوري للأعمال العدائية وابتدار عملية سياسية شاملة بقيادة سودانية لإنهاء الأزمة واستعادة النظام الدستوري في البلاد، ورحب، في الوقت ذاته، بتعيين كامل إدريس رئيساً للوزراء. وشدد المجلس، خلال اجتماعه الطارئ في شأن الأزمة السودانية بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، على أن المدنيين السودانيين هم الضحايا الرئيسون الذين يدفعون ثمن غياب العملية السياسية الشاملة، مؤكداً أهمية عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم، وحماية المدنيين من الانتهاكات الجسيمة التي تشهدها بعض المناطق.
ورحب البيان الختامي للاجتماع بتعيين كامل إدريس رئيساً للوزراء، مؤكداً التزام الاتحاد الأفريقي سيادة السودان وسلامة أراضيه ووحدته واستقراره، وأيضاً دعم القارة مؤسسات الدولة السودانية الشرعية، ورفض ما تسمى "الحكومة الموازية" التي تقودها قوى تحالف "تأسيس" التابع لـ"الدعم السريع". ودعا المجلس الأطراف الإقليمية والدولية إلى تعزيز التعاون مع الخرطوم، وعدم تقديم غطاء سياسي أو لوجيستي لأي كيان خارج إطار الدولة الرسمية، واعتبار الحكومة الحالية نقطة ارتكاز أساسية في جهود استعادة الاستقرار والسلام.
رفض "تأسيس"
في المقابل اعترضت حكومة "تأسيس"، على وصف بيان الاتحاد الأفريقي لها بالحكومة الموازية التابعة لـ"الدعم السريع"، مؤكدة أنها تمثل ائتلافاً مدنياً عريضاً يضم قوى سياسية وتكنوقراطاً ومنظمات مجتمع مدني، نشأ رداً على فشل النظام العسكري المتحكم، وقالت، في بيان، إنها تعتبر نفسها ممثلة لإرادة السودانيين المحرومين والمهمشين، محملة الاتحاد الأفريقي مسؤولية الاعتراف بنظام عسكري مستبد تمادى في القمع وعرقلة السلام، وطالب البيان بدعم إعادة بناء السودان على أسس المواطنة والديمقراطية الحقيقية بدل إضفاء شرعية على الطغيان الحالي.
اتهام حميدتي
في الأثناء وجهت محكمة مكافحة الإرهاب والجرائم الموجهة ضد الدولة، التي انعقدت في بورتسودان للنظر في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس أبكر، اتهامات رسمية لقائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وشقيقيه عبدالرحيم والقوني دقلو، و13 آخرين، بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب ونهب.
وتمت تصفية خميس، والتمثيل بجثته في يونيو (حزيران) 2023، بمدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور.
وقالت المحكمة إن التهم استندت إلى بينات قوية، وشهادات، وأقوال شهود، في ظل غياب المتهمين وهيئات دفاعهم، مشيرة إلى أن ملف القضية سيتم حجزه للحكم بعد الاستماع إلى الشهادة الأخيرة.