ملخص
بث أفراد من "الدعم السريع" مقاطع فيديو للمعارك العسكرية التي دارت في أم صميمة وأم سيالة، التي تبين سيطرتهم على البلدتين.
أعلنت قوات "الدعم السريع" أمس الأربعاء سيطرتها على بلدتي أم صميمة وأم سيالة بولاية شمال كردفان، بعد معارك عنيفة مع الجيش السوداني استمرت لساعات، بينما أشارت تقارير إلى تقدم الجيش وإحكامه السيطرة على بلدات محاذية لطريق الصادرات البري الرابط بين أم درمان وولاية شمال كردفان، واقترابه من السيطرة على مدينة بارا الواقعة في تلك الولاية.
وبث أفراد من "الدعم السريع" مقاطع فيديو للمعارك العسكرية التي دارت في أم صميمة وأم سيالة، التي تبين سيطرتهم على البلدتين.
وذكرت "الدعم السريع" في بيان أن "السيطرة على أمصميمة وأم سيالة تأتي كأولى بشريات تشكيل الحكومة الجديدة لتحالف ’تأسيس‘، وفي إطار الخطط العسكرية المحكمة التي تنفذها القوات الهادفة إلى توسيع نطاق الانفتاح العملياتي والتقدم نحو معاقل الجيش ومراكزه".
وتابع البيان "دخلت قوات الدعم السريع مرحلة متقدمة وحاسمة في معركتها ضد الجيش السوداني، والعمل على تأسيس وبناء السودان على أسس جديدة عادلة"، مشيراً إلى أنهم كبدوا الجيش خسائر فادحة في الأرواح، فضلاً عن الاستيلاء على مركبات قتالية مجهزة بكامل عتادها، وأسلحة وذخائر.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن "قوات الدعم السريع" شنت هجومها على بلدتي أم صميمة وأم سيالة عبر ثلاثة محاور، إضافة إلى استخدامها الطائرات المسيرة بأنواعها المختلفة، بما في ذلك المسيرات الانتحارية والمسيرات ذات المهمات الاستراتيجية. وأفادت المصادر نفسها بأن "الدعم السريع" حاولت عرقلة تقدم الجيش نحو بارا وجبرة الشيخ بولاية شمال كردفان باستهداف مواقع متقدمة ومرابض الإسناد بالمسيرات، في محاولة لزعزعة الخطوط الأمامية وإرباك متحركات الجيش.
وكان الجيش سيطر على منطقة أم صميمة في الـ13 من يوليو (تموز) الجاري، عقب معارك عنيفة أجبرت قوات "الدعم السريع" على التراجع إلى منطقة الخوي بولاية غرب كردفان.
شلل ونزوح
في الأثناء أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن المعارك الدائرة في إقليم كردفان أدت إلى سقوط مئات المدنيين ونزوح جماعي وتدمير الأسواق والمستشفيات، ولفتت اللجنة في بيان إلى أن الهجمات على المرافق الطبية أدت إلى تفاقم حالة الشلل التي يعانيها النظام الصحي الهش أصلاً، إذ اضطرت الكوادر إلى الفرار، فيما تضررت المرافق أو دمرت بالكامل، مشددة على أن هذا الوضع أدى إلى عزل بعض المناطق وحرمانها من الوصول إلى الخدمات الأساسية لأشهر عدة.
وأشار البيان إلى تصاعد حركة النزوح في ولايات شمال كردفان وجنوبها وغربها، إذ اضطر عدد من الأسر إلى الفرار المتكرر بسبب تغير خطوط المواجهة، كما تضررت طرق الإمداد.
وطالب البيان أطراف النزاع بضرورة الامتثال للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر الهجمات على المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والأسواق.
وشنت قوات "الدعم السريع" هجمات مروعة على قرى شمال كردفان وغربها، صاحبها ارتكاب انتهاكات جسيمة تشمل القتل الجماعي والنهب والإذلال، في محاولة لتهجير السكان قسراً من ديارهم لعرقلة تقدم الجيش.
وتركز النزاع في غرب كردفان وشمالها، بعد استعادة ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار بواسطة الجيش الذي يحاول الوصول إلى إقليم دارفور الذي تخضع معظم مناطقه الحضرية، باستثناء الفاشر، إلى سيطرة "الدعم السريع".
موت سريري
أما في محور دارفور، فتواصلت أمس الأربعاء المواجهات بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في محاور عدة داخل مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
ووفقاً لشهود، فإن انفجارات قوية سمعت في أنحاء مختلفة من المدينة، خصوصاً المحور الجنوبي الغربي، مع أصوات أسلحة ثقيلة ومتوسطة إثر الاشتباكات الضارية بين القوتين.
وبين الشهود أن "الدعم السريع" استهدفت بمدفعيتها الثقيلة سوق المواشي الرئيس بالمدينة، والأحياء السكنية الواقعة في الجهة الجنوبية الغربية في محاولة للتوغل داخل عمق المدينة.
ووصف مواطنون الأوضاع في المدينة بأنها حرجة للغاية، بل بلغت درجة الانهيار الكامل في كل نواحي الحياة بسبب الحصار المفروض عليها من "الدعم السريع" لأكثر من عام، مما أدى إلى موت كثيرين سريرياً نظراً إلى تفشي الأوبئة خصوصاً سوء التغذية.
وأشار المواطنون إلى أن محصولي الذرة الرفيعة والدخن، الغذاء الرئيس لسكان مدينة الفاشر، اختفيا نهائياً، إذ يباع سعر شوال الدخن بـ6 ملايين جنيه سوداني (ما يعادل 2500 دولار).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
دعوة إلى الخروج من الفاشر
من جهته، دعا حاكم إقليم دارفور في حكومة تحالف "تأسيس" الهادي إدريس سكان الفاشر إلى الخروج منها، لكونها أصبحت منطقة عمليات عسكرية نشطة، لافتاً إلى أنه من الصعب إيصال المساعدات الإنسانية أو دخول المنظمات إليها، وهو ما يجعلهم يكررون مناشدتهم بضرورة مغادرة المواطنين نحو المناطق الآمنة.
وبين أنه يمكن خروج السكان عبر الجزء الغربي من المدينة وصولاً إلى منطقة قرني التي توجد بها قوات "تحالف تأسيس"، إذ تعمل على تأمين طريق النازحين إلى الوجهة التي يريدون.
وتنشر "الدعم السريع" مئات المقاتلين في الطرق المؤدية إلى عاصمة شمال دارفور، لمنع وصول السلع والإغاثة والأدوية إلى المدينة التي شيدت حولها خنادق عميقة لتشديد الحصار الذي تفرضه منذ أبريل (نيسان) 2024.
وكان تقييم نشرته الأمم المتحدة في الثامن من يوليو (تموز) الجاري أظهر أن 38 في المئة من الأطفال دون سن الخامسة في مواقع النزوح بالفاشر يعانون سوء التغذية الحاد، بينهم 11 في المئة يعانون سوء التغذية الحاد الوخيم.
تفشي الكوليرا
إلى ذلك طالب رئيس "حركة تحرير السودان" عبدالواحد محمد نور الأمم المتحدة بالاستجابة لإعلان المناطق التي تسيطر عليها حركته كمناطق كوارث إنسانية، بسبب تفشي وباء الكوليرا.
وحث محمد نور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى التدخل فوراً لمكافحة تفشي الكوليرا بصورة عاجلة، في ظل غياب كامل لمرافق الرعاية الصحية في تلك المناطق، مطالباً في نداء إنساني بضرورة "فتح ممرات إنسانية لضمان إيصال المساعدات من دون عوائق إلى الأطفال الذين يعانون سوء التغذية، وإلى المرضى، وجميع المحتاجين بشدة".
وأشار إلى أهمية الضغط على جميع أطراف النزاع للموافقة على وقف النار في البلاد، والانخراط في عملية تفاوض غير مشروطة وهادفة، داعياً إلى حوار سوداني – سوداني، وعملية سلام شاملة تعالج الأسباب الجذرية للصراع التاريخي الطويل في السودان. وحض رئيس حركة تحرير السودان المجتمع الدولي وجميع شعوب العالم إلى اتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ ملايين الأرواح المهددة بالموت، وبذل كل ما يلزم لاستعادة سيادة القانون والسلام والاستقرار في السودان.
وبلغت حالات الإصابة بالكوليرا في مناطق سيطرة الحركة حتى أمس نحو 2200 حالة، إضافة إلى نحو 50 وفاة في طويلة وقولو بجبل مرة.
انزلاق وجودي
من جهته، حذر تحالف القوى المدنية الديمقراطية (صمود) بقيادة رئيس وزراء السودان السابق عبدالله حمدوك من خطورة استمرار الحرب في السودان، تفادياً لدخول البلاد في منزلق وجودي سيكون الأخطر في تاريخها في ظل وجود سلطتين متنازعتين تقتسمان أرض السودان.
وتمسك التحالف في بيان بموقفه الرافض للحرب كونها ستمزق البلاد وتهدد الأمن والاستقرار المحلي والإقليمي والدولي، مشيراً إلى عدم اعترافه بأية سلطة قائمة في السودان منذ انقلاب الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وأكد أن "لا شرعية لأية سلطة حالياً في البلاد"، وأن "الأولوية الآن لوقف الحرب ومعالجة الأزمة الإنسانية، وليس تشكيل حكومات تزيد من تعقيد الأزمة في السودان".
واتهم التحالف "نظام الحركة الإسلامية" بالمسؤولية عن تفاقم الأوضاع في البلاد، "لانكاره التعدد والتنوع في السودان، وقيامه بتقسيم البلاد، وارتكاب إبادة جماعية في دارفور، وزرع بذور تفتيت تمظهرت في الحرب الجارية الآن".
ودعا تحالف "صمود" إلى وقف فوري لإطلاق النار، وفتح مسارات توصيل المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، على أن تترافق الجهود والمساعي الدولية والإقليمية مع عملية سياسية شاملة تخاطب جذور الأزمة. وحث البيان القوى المدنية الديمقراطية المناهضة للحرب إلى مضاعفة جهودها وتنظيم أوسع جبهة وطنية من أجل السلام والوحدة والديمقراطية، فضلاً عن دعوته الشعب السوداني إلى الضغط على أطراف الحرب لوقفها، بالتزامن مع تشجيع موقف إقليمي ودولي داعم لاستقرار البلاد.
وكان ائتلاف لتنظيمات عسكرية وسياسية أعلن تشكيل حكومة في مناطق سيطرة قوات "الدعم السريع"، مقرها مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، مما أثار ردود فعل رافضة ومحذرة محلياً ودولياً.