ملخص
تقرقع بطون الغزيين خاوية، ووسط جوعهم الشديد يصارع بعضهم من أجل كسرة خبز. هذه الحالة خلقت غضباً في صدور المدنيين تجاه "حماس"، ويسألون ماذا بوسع الحركة أن تفعل لإنهاء المجاعة الأطول في تاريخ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.
يستشري الجوع في غزة وينهش بطون السكان الذين باتوا يموتون جماعياً. ووسط الأزمة التي تتدهور بسرعة يتساءل الغزيون عما إذا كانت "حماس" قادرة على فعل شيء ما لإنهاء هذه الكارثة، أم إنها عاجزة تماماً عن مساندة ضحايا الحرب الضروس؟
قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 كانت حركة "حماس" وحكومتها في غزة مسؤولة عن الغزيين من جميع جوانب الحياة وتحصل منهم ضرائب ضخمة، لكن عندما اندلعت الحرب فقد الفصيل الفلسطيني قدرته فرض السيطرة وانهار النظام الحكومي.
باتت إسرائيل هي المتحكم الوحيد في كل جوانب حياة الغزيين، وما ساعدها على ذلك الجغرافيا وفرق القوة، وهذا أسهم في إغلاق الحدود والمعابر وخلق أزمات إنسانية أبشعها انتشار الجوع المميت في القطاع.
يقول مؤمن، "بما أن ‘حماس‘ المسؤولة عن غزة وهي التي بدأت الحرب من دون أن تدرس أبعادها جيداً أو أن تؤمن حاجات الشعب، هي مسؤولة عن المجاعة الحالية، وعليها تقديم كل التنازلات لأجل إنقاذ الغزيين من الجوع المميت".
أما شكري فيقول، "تدير ‘حماس‘ وحدها المفاوضات مع إسرائيل، وترفض تقديم أي تنازلات تسهم في حل الجوع المميت، لماذا هذا العناد؟ ولماذا التباطؤ في الوصول إلى اتفاق في غزة ونحن نسقط من طولنا من الجوع؟".
فريال لها رأي مختلف فهي تؤكد أن "حماس" عاجزة عن فعل شيء لخدمة الغزيين، وتشرح ذلك قائلة "لم تعد الحركة تسيطر على المعابر، ولا تستطيع التواصل مع المجتمع الدولي، إذا هي عاجزة عن إنقاذ غزة من الجوع والأزمات".
أما لورا فهي تثق أن "حماس" تسعى إلى إنهاء الجوع في غزة من طريق المفاوضات، ولكنها تتدارك الأمر بسرعة وتقول "لا تستطيع ‘حماس‘ وحدها فعل شيء لغزة إلا من طريق اتفاق وقف إطلاق النار، ما عدا ذلك فإن ‘حماس‘ عاجزة عن إنقاذ الغزيين".
في الحقيقة تستنكر "حماس" كل يوم الجوع في غزة، وتصدر بصورة دورية بيانات صحافية تندد بالجوع وتطالب العالم بالتدخل لوقف تفشي المجاعة المميتة، وهذا ما تفعله علناً، لكن هل بوسعها فعل شيء ما لإنهاء المأساة؟
يقول أستاذ التغذية عدي دغمش، "تقع على الحكومات مسؤولية أساسية في حل الأزمات، وهذا أيضاً ينطبق على واقع غزة حتى خلال الحرب والقتال والاستهدافات. وفقاً للقانون الفلسطيني، يجب على المؤسسات الحكومية اتباع خطوات ضخمة لتفادي المجاعة ولم تفعل حكومة ‘حماس‘ أي شيء منها".
يتحدث دغمش على أساس أن هناك فرقاً بين "حماس" كحركة فلسطينية وبين حكومة غزة التي تديرها "حماس"، على رغم التداخل الكبير بينهما، فإن أستاذ التغذية يضيف "في الحالة الحالية التي تفرض فيها إسرائيل حصاراً محكماً على غزة وتمنع الغذاء، هناك خطوات متعددة على حكومة غزة القيام بها".
يشرح دغمش، "في البداية كان يفترض أن تجمع وزارة الاقتصاد ومباحث التموين جميع المواد الغذائية من التجار، ثم تقوم بتوزيعها وفق آليات صارمة تخضع للرقابة والشفافية والمحاسبة على السكان كل حسب عدد أسرته، وبهذه الحالة نتفادى مشكلة حرمان طبقات وفئات وأسر من حقها في الغذاء".
ثانياً، يرى دغمش أن سكان غزة كانوا يدفعون ضرائب هي الأعلى في العالم لـ"حماس"، وفي ظل الحرب كان يجدر بالحكومة تعويض الغزيين وتغطية الأزمات، من خلال رفع رواتب الموظفين بما يتناسب مع الارتفاع الجنوني في الأسعار، وهذا الأمر من شأنه أن يساعد الناس على تفادي الجوع وسوء التغذية.
وبحسب دغمش فإن "حماس" قادرة على صرف مبالغ مالية لو قليلة للأسر المدرجة ضمن سجلات وزارة التنمية الاجتماعية، وهذا أيضاً من شأنه أن يساعد الفئات الهشة على تفادي سوء التغذية. ويوضح أنه كان يجب على "حماس" تغيير نهج سلوكها وبناء علاقات جيدة مع الدول العربية والأوروبية لكسبها كورقة رابحة للضغط على إسرائيل، للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بكميات كبيرة بما يضمن تفادي المجاعة.
وأخيراً، يعتبر دغمش أن أكثر شيء تجيده "حماس" هو التفاوض، وكان عليها تقديم تنازل تفاوضي كبير لأجل إنقاذ الغزيين من الجوع المميت، ويستدرك أستاذ التغذية السليمة الحديث ويقول "لم تفعل الحركة أي شيء من ذلك وتركت المدنيين يسقطون ضحايا للجوع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوتشا" أصدر بياناً حول الوضع في غزة، وقال "الجوع يستنزف السكان ويتدهور بسرعة، الظروف الكارثية والجوع وسوء التغذية تزيد من خطر الإصابة بأمراض تضعف جهاز المناعة، والإمدادات القليلة التي تدخل قطاع غزة لا تكفي بأي حال من الأحوال لتلبية الحاجات الهائلة". وأضاف المكتب "العناصر الحيوية يجري حظرها بصورة روتينية، لكن إذا فتحت إسرائيل المعابر وسمحت بدخول الوقود والمعدات وسمحت للموظفين الإنسانيين بالعمل بأمان، فإن الأمم المتحدة ستسرع في تقديم المساعدات الغذائية".
ولكن ما هي وجهة نظر "حماس"؟ يقول متحدث الحركة جهاد طه "ندرك أن الأزمات في غزة تتجاوز العقل، وأن الجوع باتت مميتاً، ولا نترك جهداً إلا نبذله لأجل تخفيف معاناة شعبنا في القطاع، ونسعى إلى إنهاء هذه الأزمة الكارثية للأبد من طريق وقف الحرب نهائياً". ويضيف "نتواصل مع دول العالم وندعوها إلى الضغط على إسرائيل لوقف المجاعة وفتح المعابر والحدود والالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني، لكن تل أبيب التي تلقى دعماً من الولايات المتحدة، ترفض ذلك".
ويوضح أن "حماس" تسعى من خلال المفاوضات التي تخوضها بمكوكية وبروح إيجابية ومرونة عالية إلى إنهاء مأساة جوع غزة، إذ توصلت إلى بروتوكول إنساني يسمح بدخول 600 شاحنة لغزة يومياً، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. ويشير إلى أن "حماس" تحاول الوصول إلى اتفاق ينهي الحرب نهائياً وليس لهدنة، لأن إسرائيل ستعود لفرض حصار من جديد وتجويع الغزيين مرة أخرى، وهذا ما تحاول الحركة تفاديه بما يحقق تطلعات الغزيين.
بحسب متحدث "حماس" فإنهم طالبوا بفتح المعابر وإغاثة المجوعين، مؤكداً أنهم مستغربون الصمت العربي والإسلامي والدولي في ظل ما يشهده قطاع غزة من تجويع إجرامي، ولكن حول ما يمكن لـ"حماس" فعله حالياً في ظل اشتداد الجوع وعدم الوصول لصفقة، فإنه رفض التعليق.
من جانب إسرائيل يقول متحدث الحكومة ديفيد مينسر "نحن غير مسؤولين عن نقص الغذاء في غزة، حركة ‘حماس‘ تفتعل أزمة في القطاع، ولا نعتقد أنه توجد في غزة مجاعة، بل النقص مفتعل من ‘حماس‘ وعناصرها يمنعون توزيع الغذاء وينهبون المساعدات". ويضيف "على معبر كرم أبو سالم تتجمع مئات الشاحنات محملة بالمساعدات تنتظر حالياً الدخول لغزة لكي تتسلمها المنظمات الدولية وتقوم بتوزيعها على المدنيين، لكن ‘حماس‘ تعرقل ذلك".