في وقت تتحول فيه الرياض إلى عاصمة جديدة للرياضات الإلكترونية باستضافتها كأس العالم للألعاب الإلكترونية، يرى رئيس جمعية الرياضات الإلكترونية في هونغ كونغ، إيدي تشين، أن المملكة غيّرت قواعد اللعبة ليس فقط للاعبين، بل للأندية والمطورين أيضاً.
وقال تشين في حديث خاص إلى "اندبندنت عربية"، خلال زيارته العاصمة السعودية، إن "اللاعبين الذين كانوا يعانون لتأمين دخل يضمن لهم الاستمرار، أصبحوا اليوم أمام فرص احترافية حقيقية"، مضيفاً أن الخطوة السعودية تمثل نقطة تحول تاريخية في مسار الألعاب الإلكترونية، مؤكداً أن السعودية والصين باتتا تمثلان المركزين الرئيسين في هذا المجال على مستوى العالم.
السعودية تنافس الصين على الصدارة
لا يخفي تشين إعجابه بالتقدم السريع الذي أحرزته المملكة، قائلاً إن "السعودية باتت تنافس الصين على صدارة مشهد الرياضات الإلكترونية عالمياً، بفضل الدعم الحكومي وتنظيم الفعاليات الكبرى وشريحة شبابية شغوفة بالتطور".
وعلى رغم هذا التحول اللافت في المنطقة، تبقى الصين، بحسب تشين، "قوة لا يُستهان بها"، إذ تخطط شركاتها الكبرى للتوسع في أسواق الشرق الأوسط، مستفيدة من البيئة الواعدة، واستضافة المنطقة بطولات كبرى مثل كأس العالم للرياضات الإلكترونية والألعاب الأولمبية الإلكترونية، فضلاً عن التركيبة السكانية الشابة والدعم الرسمي النشط.
الذكاء الاصطناعي... اللاعب الخفي
يشير تشين إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح مكوّناً محورياً في صناعة الألعاب داخل الصين، بدءاً من تطوير السيناريوهات وتفاعل الشخصيات، وصولاً إلى تحليل بيانات اللاعبين والمنافسين. ويضيف "لن يكون الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مساعدة، بل ركيزة أساسية طويلة الأمد في المنظومة، لرفع الكفاءة وخفض الكلف".
روبلوكس: منصة متعددة الاستخدامات
وعند سؤاله عن رأيه بمنصة (Roblox)، قال تشين بثقة "هي ليست مجرد لعبة، بل منصة متعددة الأغراض، تتيح للمستخدمين الاستمتاع باللعب أو تطوير ألعابهم الخاصة، وتُستخدم أيضاً كأداة تعليمية في مجالات مختلفة".
صراعات تقنية وثقافية
تحاول شركات الألعاب الصينية الكبرى مثل (Tencent) و(NetEase) تعزيز نفوذها خارج الحدود، غير أن تشين يعترف بأن التحديات ليست تقنية فقط، بل ثقافية واجتماعية أيضاً، وتتمثل في اللغة والتقاليد وأنماط تفاعل الجماهير. ويشير إلى أن الصين تعمل حالياً على "إعادة تشكيل نفسها داخلياً لتناسب الأسواق العالمية، من خلال تشكيل فرق تطوير دولية، وتنفيذ حملات ترويج وتنظيم بطولات، بهدف تحقيق الهيمنة الناعمة في السوق العالمية".
كيف يُصنع اللاعب الموهوب؟
تسعى الصين إلى تأهيل لاعبيها للمشاركة في البطولات العالمية، مثل الألعاب الآسيوية وكأس العالم والألعاب الأولمبية الإلكترونية. ويقول تشين إن "البحث عن المواهب يبدأ من قوائم المتصدرين داخل الألعاب، لكننا بحاجة أيضاً إلى بيئة تدريبية متكاملة تشمل الدعم النفسي والتجهيزات وفرص التنافس العالمي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف أن اللاعب الموهوب ليس فقط من يحقق أعلى النقاط، بل من يُمنح البيئة المناسبة لصقل مهاراته، ويُتاح له التدريب والتوجيه والمنافسة، ويرى أن البداية الأفضل تكون في سن مبكرة، بين 13 و15 سنة، إذ تتشكل الثقة وتُبنى الأسس.
بين الجنسين فجوة في البطولات لا في عدد اللاعبين
يوضح تشين أن نسبة اللاعبين الذكور والإناث في الصين متقاربة، غير أن البطولات الاحترافية ما زالت تميل بشكل كبير للذكور، نظراً إلى طبيعة بعض الألعاب وتوجهات السوق. ويضيف "الذكور يميلون إلى ألعاب الرماية والإستراتيجية، بينما تفضل بعض اللاعبات الألعاب اللطيفة أو الاجتماعية، لكننا بدأنا نرى بطولات نسائية تظهر تدريجاً بهدف تقليص الفجوة وتحفيز مزيد من المشاركة النسائية".
من الخوف إلى الاعتراف
يتحدث تشين عن تحول جذري في نظرة المجتمع الصيني إلى الألعاب، إذ كان الأهالي في السابق يخشون أثرها في الدراسة، لكن تلك النظرة بدأت تتبدل بعد إدراج الرياضات الإلكترونية ضمن الألعاب الآسيوية في هانغتشو 2023.ويقول "اليوم هناك وعي مشترك بين الأهل والأبناء، يقوم على تنظيم الوقت بين اللعب والتعلّم، وهذا أحدث فرقاً كبيراً في تعامل المجتمع مع الظاهرة".
ويختم بالقول "اللعبة لم تعد مجرد وسيلة ترفيه، بل صناعة ومستقبل ومجال لصناعة القرار والتأثير الثقافي والاقتصادي".
من الطفولة إلى البطولات
قبل أن يصبح منظم بطولات وصاحب رؤية، عاش إيدي تشين شغفه بالألعاب منذ الطفولة، بخاصة ألعاب إطلاق النار من منظور الشخص الأول (FPS) وتقمّص الأدوار (RPG) ، ويرى في الألعاب "أداة فعالة لتنمية الذكاء الاجتماعي والعمل الجماعي والتواصل مع الأصدقاء"، ويؤمن بأن من لا يفهم قيمة هذه الصناعة اليوم، سيفوته المستقبل.