ملخص
بحسب المعلومات الواردة لـ"اندبندنت عربية" من أمنيين وعساكر، فإن إسرائيل كثفت اعتمادها على القوات الخاصة، وزاد نشاط فرق "المستعربين" داخل القطاع خلال الأشهر السبعة الماضية، ونفذت عمليات سرية ومعقدة، وحاولت تحرير رهائن من قبضة حراسهم الحمساويين.
بينما كان مدير المستشفيات الميدانية في قطاع غزة مروان الهمص، في طريقه لزيارة المستشفى الميداني التابع للصليب الأحمر، قطعت رحلته قوة إسرائيلية خاصة متخفية بسيارة تحمل لوحة محلية واختطفته بعد إطلاق النار.
تسللت القوة الإسرائيلية الخاصة داخل قطاع غزة وهي متخفية، لكنها ظلت قريبة من مكان انتشار الآليات العسكرية، وأثناء عملية خطف المسؤول الكبير في وزارة الصحة استخدم عناصرها أسلحتهم الرشاشة وأطلقوا النار بغزارة، ثم انسحبوا إلى مكان انتشار جنود الجيش الإسرائيلي.
ليس هذا النشاط الأول للقوات الخاصة الإسرائيلية، فقبل أيام تجولت مجموعة تحمل مسدسات كاتم صوت في حي شعبي، ودخلت إحدى العمارات ثم اقتحمت شقة سكنية وقتلت ناشطاً حمساوياً، بعدها غادرت المكان بصمت من دون أن يعترض طريقها أحد.
مع زيادة سيطرة إسرائيل على غزة وضعف قبضة "حماس" الأمنية والميدانية، باتت تل أبيب تعتمد على القوات الخاصة وتكرر تنفيذ عمليات سرية داخل القطاع باستخدام هذه الفرق، وهو أمر لم يكن وارداً قبل اندلاع الحرب.
بحسب المعلومات الواردة لـ"اندبندنت عربية" من أمنيين وعساكر، فإن إسرائيل كثفت اعتمادها على القوات الخاصة، وزاد نشاط فرق "المستعربين" داخل القطاع خلال الأشهر السبعة الماضية، ونفذت عمليات سرية ومعقدة، وحاولت تحرير رهائن من قبضة حراسهم الحمساويين.
نجاح وفشل
في فبراير (شباط) 2024، أدخلت إسرائيل القوات الخاصة للمرة الأولى للخدمة في إطار الحرب على غزة، وتمكنت هذه القوات من استعادة اثنين من الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع.
وفي مارس (آذار) من العام نفسه، استخدمت إسرائيل قوة خاصة في مجمع الشفاء الطبي لمهاجمة مدير جهاز الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية في حكومة غزة التي تديرها "حماس".
تمكن "الكوماندوز" الإسرائيلي في يوليو (تموز) من العام ذاته من إنقاذ أربعة رهائن باستخدام سيارتين لونهما أبيض متهالكتين؛ إحداهما تعرض إعلاناً للصابون، والأخرى تحمل فراشاً وأثاثاً على السطح، وتسللوا إلى أحد معاقل "حماس" وحرروا المحتجزين.
هذه أبرز العمليات الناجحة التي نفذها الكوماندوز الإسرائيلي، إذ لا يمكن حصر جميعها، ولكن هناك أيضاً أنشطة فاشلة أبرزها عملية خان يونس، وخلالها نفذت قوة إسرائيلية خاصة من وحدات المستعربين عملية أمنية في المدينة الواقعة جنوب قطاع غزة لاعتقال قيادي في الفصائل الفلسطينية، ولكن تم كشف القوة المتنكرة بملابس نسائية وتقلها مركبة مدنية، قبل اقتحامهم منزل القائد، وفشلت مهمة "المستعربين".
عمليات ميدانية معقدة
يقول أستاذ العلوم العسكرية رائد صافي، إن "استخدام الوحدات السرية الإسرائيلية في ساحة القتال داخل قطاع غزة أمر له أبعاد أمنية متعددة، إذ يعد القطاع منطقة غير قابلة للاختراق تقريباً، وحدوث ذلك يفيد بأن (حماس) فقدت سيطرتها الأمنية".
ويضيف "إسرائيل طورت المهارات التي صقلتها أجهزة الأمن لعقود من الزمن في الضفة الغربية مع نشطاء يعرفون باسم (المستعربين)، واستغلت هذه المهارات لتنفيذ مهام استخباراتية وعمليات تصفية واعتقال في قطاع غزة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يوضح صافي أن "المستعربين" أو "الكوماندوز" ينفذون عمليات ميدانية معقدة في غزة بعد تدريب مكثف، وعادة ما يقومون بعمليات لنهب المساعدات، وكذلك تنفيذ اغتيالات واعتقالات.
يستخدم لفظ "المستعربين" أو "الكوماندوز" للإشارة إلى القوات الخاصة الإسرائيلية، وعادة ما توجد هذه الفرق في الشرطة والجيش، وغالباً ما يكون عناصر تلك الوحدات أشخاصاً بملامح شرق أوسطية يجيدون اللغة العربية ويرتدون ملابس تقليدية فلسطينية.
ينتمي "المستعربون" و"الكوماندوز" إلى الأجهزة الأمنية الرسمية في إسرائيل، ولتل أبيب تسع وحدات قتالية خاصة تعمل مع الجيش والاستخبارات وحرس الحدود والشرطة، وتضم مئات الضباط المختارين الذين أنهوا الخدمة العسكرية الكاملة في الوحدات القتالية والخاصة.
عادة ما يتميز عناصر القوة الخاصة بقدرتهم على استخدام جميع أنواع الأسلحة واللياقة البدنية المرتفعة والمهارات العالية للتعامل مع الآخرين والقدرة على استيعاب البيانات في فترات زمنية قصيرة وتطبيقها في الميدان.
نشاط في غزة
من غير المعروف متى أسست إسرائيل فرقها الخاصة، لكن الفلسطينيين بدأوا بمعرفة فرق "المستعربين" في الانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987، وفي عام 1990 أدخل رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك آرييل شارون قوات المستعربين إلى غزة، واستخدمها لتنفيذ عمليات خطرة داخل القطاع.
اختفى نشاط المستعربين تقريباً داخل قطاع غزة من عام 2005 وحتى اندلعت الحرب الحالية، وقتها باتت تل أبيب تعتمد على وحدات "الكوماندوز" في ظل تكثيف عملياتها الخاصة.
لاحظت "حماس" لجوء إسرائيل للقوات الخاصة، وأصدرت الحركة تعليمات صارمة لعناصرها من أجل الانتباه واليقظة وحمل أسلحة خفيفة وقنابل يدوية لمواجهة خطر تلك القوات، وبحسب مصدر عسكري تحدث لـ"اندبندنت عربية"، فإن "الكوماندوز" عمل بمساعدة متخابرين على محاولة مراقبة منازل ومبانٍ لمحاولة تنفيذ عمليات سرية داخل القطاع.
يقول العضو في وحدة عسكرية سرية إسرائيلية تومر تسابان "الآن تقوم الاستخبارات الإسرائيلية بموجة تجنيد للمتعاونين المحليين داخل غزة، بينما يواصل المستعربون أيضاً العمل هناك، وكانت غزة مهمة صعبة، لكن في الوقت الحالي هناك فوضى كبيرة، ويمكن للقوات السرية العمل بأريحية".
أما المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيفي ديفرين فيقول إن "ما يحدث في غزة من عمليات سرية هو جزء من عملية (عربات جدعون)، منذ مدة طويلة نعمل بهذه الآلية بناء على معلومات استخبارية، القوات المنفذة تعمل في المكان وهي متخفية".
في المقابل، يؤكد متحدث "حماس" العسكري أبو عبيدة "نرصد المستعربين ونحاول إفشال مخططاتهم، أصدرنا تعليمات حازمة لعناصرنا لتوخي الحذر من نشاط هذه الفرق الميدانية، ودربنا قواتنا على آليات مواجهة القوات الخاصة وإفشال مهامها".