ملخص
صندوق النقد الدولي يقول إن مؤشرات عدم اليقين العالمي تشهد ارتفاعاً مع توسع حرب الرسوم الجمركية
مع تصاعد حدة التوترات الجيوسياسية وتوسع حروب الرسوم والتجارة اجتذبت صناديق التحوط العالمية صافي تدفقات داخلة بقيمة 24.8 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2025، لتحقق بذلك رقماً قياسياً فصلياً منذ الربع الثاني من عام 2014.
ووفق تقرير حديث لمؤسسة "هيدج فاند ريسيرش" صمدت صناديق التحوط في وجه تقلبات بداية الربع مدعومة بتحسن مناخ الأخطار في السوق في ظل التقدم في ملف الموازنة الأميركية والمؤشرات الاقتصادية القوية وتطورات المحادثات التجارية وتراجع حدة التوترات الجيوسياسية.
وتشير البينات إلى أن إجمال الأصول المدارة لدى الصناديق بلغ مستوى قياسياً جديداً، إذ ارتفع إجمال رأس مال صناديق التحوط في العالم بنسبة 4.7 في المئة إلى مستوى 4700 مليار دولار خلال الربع الثاني، مقارنة مع 4487.3 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بزيادة بلغت قيمتها 212.7 مليار دولار على أساس سنوي، ليسجل بذلك مستوى قياسياً جديداً للفصل السابع على التوالي، بفضل إقبال المستثمرين الراغبين في المخاطرة على اختيار أكبر الشركات.
إلى أين تتجه رؤوس الأموال الجديدة؟
تزداد الشركات الكبيرة حجماً، إذ توجهت غالبية رؤوس الأموال الجديدة إلى أكبر شركات القطاع، وتمكنت الشركات التي تدير أصولاً تزيد قيمتها على 5 مليارات دولار من اجتذاب نحو 22.9 مليار دولار من التدفقات، أما الشركات التي تقل قيمة أصولها المدارة عن هذا الحد، فاجتذبت أقل من ملياري دولار.
وتشير بيانات "هيدج فاندر ريسيرش" إلى أن صناديق التحوط حققت عائداً قدره 4.3 في المئة في المتوسط خلال الربع الثاني من العام الحالي، وذلك بدعم استراتيجيات الاستثمار التحوطي في الأسهم بعائد وصل إلى 7.6 في المئة، والاستراتيجيات القائمة على الأحداث بعائد بلغت نسبته 5.3 في المئة، أما الصناديق المدارة عبر الاستراتيجيات الكلية فتراجعت بنسبة 1.4 في المئة.
وشهدت صناديق التحوط العالمية أعلى تدفقات داخلة لها منذ عام 2015، إذ اجتذبت 7.2 مليار دولار إضافية على أساس سنوي ليصل إجمال تدفقات رأس المال التي تلقتها خلال النصف الأول من عام 2025 إلى نحو 37.3 مليار دولار، وبلغ متوسط عائد مؤشر "أتش أف آر آي" المركب المرجح لصناديق التحوط نحو 3.9 في المئة، متخلفاً عن عائدات مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" التي بلغت نحو 5.5 في المئة خلال الفترة ذاتها.
وتوقع رئيس شركة "هيدج فاند ريسيرش" كينيث جيه هاينز استقبال مزيد من التدفقات الداخلة حتى نهاية العام، وذكر أنه من المرجح أن تواصل المؤسسات زيادة مخصصاتها للصناديق التي أثبتت قدرة استراتيجيتها على تحقيق مكاسب قوية وغير مرتبطة بالسوق خلال دورات السوق المضطربة والمتقلبة خلال النصف الأول من العام الحالي.
ارتفاع مستوى عدم اليقين العالمي
وقبل أيام أكدت مديرة اتصالات صندوق النقد الدولي جولي كوزاك أن الخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وكندا والمكسيك زادت التقلبات في الأسواق المالية وارتفاع مستوى عدم اليقين العالمي. وقالت خلال مؤتمر صحافي، "أريد أن أعترف بأننا نشهد زيادة في التقلبات في الأسواق المالية، كما نرى أن مؤشرات عدم اليقين العالمي تشهد ارتفاعاً". وأوضحت أن استمرار فرض الرسوم الجمركية قد يؤدي إلى انخفاض إنفاق الأسر وإعادة النظر في قرارات الاستثمار من قبل الشركات. وأكدت أيضاً أنه في ظل تفاقم الخلافات التجارية تقوم الحكومات حول العالم "بمراجعة نهجها وتعديل سياساتها" فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي. وأشارت كوزاك إلى أن نمو التجارة العالمية قد تباطأ بالفعل في السنوات الثلاث الماضية إلى نحو 3 في المئة سنوياً مقارنة بنحو 6 في المئة سنوياً في الفترة من 2000 إلى 2019.
وعلى خلفية الأزمات التي تواجه الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي كان بنك "مورغان ستانلي" أشار إلى تباطؤ واسع النطاق" في ظل تأثير الرسوم الجمركية الأميركية وتراجع الطلب العالمي مع تفاوت في السياسات النقدية والمالية بين الدول.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورجح أن يتباطأ النمو الاقتصادي العالمي إلى معدل سنوي يبلغ 2.9 في المئة خلال عام 2025 مقارنة بنحو 3.3 في المئة في 2024 مع انخفاضه إلى 2.5 في المئة بحساب الربع الرابع على أساس سنوي. ويعود هذا التراجع أساساً إلى تباطؤ الاقتصاد الأميركي الذي يؤثر سلباً في بقية دول العالم، مشيراً إلى أن هذا التباطؤ سيجعل من عام 2025 أضعف عام نمو منذ جائحة "كوفيد-19".
صدمة هيكلية للاقتصاد العالمي
أشار تقرير "مورغان ستانلي" إلى أن السياسات التجارية الجديدة في الولايات المتحدة الأميركية، بخاصة الزيادات الجمركية، أحدثت صدمة هيكلية للاقتصاد العالمي، إذ أدت حال عدم اليقين الناتجة من تلك الإجراءات إلى تقييد الطلب عالمياً. وعلى رغم من احتمال استمرار المفاوضات التجارية الأميركية، إلا أنه من غير المرجح إزالة الرسوم بالكامل، مما يبقي على التوتر في النظام التجاري العالمي.
وتشير التوقعات إلى أن التضخم سيواصل الانخفاض في معظم الدول باستثناء الولايات المتحدة الأميركية، إذ قد تؤدي الرسوم الجمركية إلى ارتفاع أسعار المستهلكين لتبلغ ذروتها بين 3 في المئة و3.5 في المئة خلال الربع الثالث من 2025. ومن المتوقع أن تؤدي أسعار النفط المنخفضة وتقدير العملات وتراجع الطلب إلى استمرار التباطؤ في نمو الأسعار عالمياً مع بلوغ التضخم العالمي 2.1 في المئة عام 2025 واثنين في المئة خلال عام 2026.
وفي ظل تراجع النمو والتضخم قد تتجه البنوك المركزية في غالب الدول إلى خفض أسعار الفائدة، إلا أن الولايات المتحدة الأميركية تمثل حالاً استثنائية، إذ من المرجح أن يبقي "الاحتياطي الفيدرالي" على معدلات الفائدة من دون تغيير حتى مارس (آذار) 2026، وفي المقابل ستزيد الحكومات في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والصين من الإنفاق العام لتحفيز النمو، مما سيرفع مستويات العجز، لا سيما في كل من ألمانيا والولايات المتحدة.