أوضح الباحث في الشؤون السياسية باسل الحاج جاسم أن زيارة رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع أذربيجان تمثل "خطوة ذات دلالة سياسية بالغة" في سياق تحسين تدريجي للعلاقات الثنائية بين دمشق وباكو، وأيضاً بالنظر إلى دور أذربيجان المتنامي كوسيط دبلوماسي في ملفات إقليمية شديدة التعقيد. وأكد الحاج جاسم أن اللقاء، على رغم غياب إعلان رسمي عن مفاوضات مباشرة بين سوريا وإسرائيل، أثار اهتماماً إضافياً في ظل تسريبات إعلامية تحدثت عن اجتماعات ناقشت خطوات متقدمة باتجاه اتفاق أمني وإمكان فتح مسار تفاوضي حول الجولان المحتل.
وبحسب الحاج جاسم فإن باكو باتت تحظى بثقة الأطراف المختلفة نظراً إلى علاقتها الاستراتيجية مع تل أبيب من جهة وانفتاح دمشق المتزايد على باكو من جهة أخرى، خصوصاً في ملفات الطاقة والاستثمار، مما يجعلها منصة ملائمة للحوار غير المباشر. وأشار إلى أن التقارير المتداولة تتحدث عن طرح أفكار جديدة تتجاوز مجرد وقف إطلاق النار لتشمل اتفاقاً أمنياً موسعاً ترتكز أساساته على اتفاق فك الاشتباك الموقع عام 1974، الذي يعد حتى الآن المرجعية القانونية الوحيدة لإدارة الوضع في الجولان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورأى الحاج جاسم في ملف صوتي مع "اندبندنت عربية" أن العقيدة العسكرية الإسرائيلية تغيرت بعد السابع من أكتوبر 2023، لتنتقل من استراتيجية الردع إلى الهجمات الاستباقية، مستهدفة الوجود الإيراني في سوريا ولبنان، وسلاح "حزب الله"، وعمليات نقل الأسلحة إلى الفصائل الفلسطينية عبر الأراضي السورية. وأكد أن إسرائيل، منذ اعتراف إدارة ترمب بسيادتها على الجولان في 2019، تعده جزءاً من أمنها الاستراتيجي، وترفض أي انسحاب منه، في حين تتمسك دمشق بموقفها التاريخي الرافض لأي تطبيع دون استعادة الجولان حتى حدود الرابع من حزيران 1967، إلا إذا قدمت لها مكاسب استثنائية وغير مسبوقة، وهو ما يجعل الجولان "عقدة العقد".
تطورات قديمة وتتجدد
شهدت العلاقات السورية - الإسرائيلية جولات تفاوض غير مباشر عديدة، أبرزها عبر مسار مدريد ومحادثات واشنطن في التسعينيات، لكنها انهارت مع نهاية القرن الماضي. الجولان، الذي احتلته إسرائيل عام 1967 وضمته عام 1981، يبقى النقطة الأكثر حساسية. وفي 2019 اعترف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بسيادة إسرائيل على الجولان، وهو ما رفضته الأمم المتحدة ومعظم المجتمع الدولي.
من جهة أخرى تسعى أذربيجان إلى تثبيت نفسها كفاعل إقليمي، بعد انتصارها في قره باغ، وتوسيع نفوذها في الوساطات السياسية بدعم تركي وروسي. كما ترى دمشق في باكو شريكاً اقتصادياً واعداً، بخاصة مع انفتاحها التدريجي على الجبهة التركية.
واختتم باسل الحاج جاسم تصريحه بالقول إن المشهد لا يزال معقداً وغير ناضج لتسوية كبرى، لكن الاجتماعات في باكو قد تكون مقدمة لوضع خطوط عريضة لتفاهمات موقتة، بما يشمل ترتيبات أمنية أو حتى إدارة مشتركة للجولان كمنطقة سياحية زراعية مفتوحة بضمانات أميركية، مع استمرار الجولان كورقة تفاوضية أساسية لمستقبل العلاقة بين دمشق وتل أبيب.
Listen to "ماذا خلف ستار اللقاء بين إسرائيل وسوريا في أذربيجان؟" on Spreaker.