Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحيل الفلسطيني محمد شاهين أحد رواد النقد الحديث

ترجم محمود درويش وكتب عن إدوارد سعيد وتناول الأدب المابعد كولونيالي

الناقد الراحل محمد شاهين (الجامعة الأردنية)

ملخص

يعد الناقد والباحث الأكاديمي والمترجم الفلسطيني محمد شاهين الذي غيبه الموت عن 87 سنة، من أبرز النقاد العرب المعاصرين، وقد كتب بالعربية والإنجليزية، دراسات وأبحاثاً في سياق النقد الحديث وأدب ما بعد الكولونيالية والفكر المقارن.

عمل محمد شاهين (1938 حلحول، الخليل - 2025 عمّان)، أستاذاً للأدب الإنجليزي في الجامعة الأردنية منذ عام 1985، وشغل مناصب أكاديمية وإدارية بارزة، منها رئيس قسم اللغة الإنجليزية. كرّس محمد شاهين عدداً من مؤلفاته لتحليل أعمال إدوارد سعيد، متناولاً إشكاليات ترجمة كتاب "الاستشراق" وما نتج منها من سوء فهم لمضامينه على أكثر من صعيد. وأولى اهتماماً خاصاً بتجربة الطيب صالح الروائية، فدرس رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" في إطار أدب ما بعد الكولونيالية، مسلطاً الضوء على تأثيرها في تطوّر السرد العربي المعاصر، سواء من حيث تشكيل شخصية روائية مؤسطرة، أو من حيث البنية الفنية للرواية.

وُلد محمد شاهين في بلدة حلحول بمحافظة الخليل في فلسطين عام 1938، وتلقّى تعليمَه الأساسي هناك. أنهى الثانوية العامة عام 1958 في المدرسة الإبراهيمية في القدس بعد أن كان قد تخرّج في دار المعلمين- بيت حنينا، القدس. تابع دراسته الجامعية في مصر، وحصل على درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من جامعة عين شمس عام 1962. ثم سافر إلى الولايات المتحدة لتحصيل الدراسات العليا، فنال درجة الماجستير من جامعة كولورادو عام 1964. ثم توجّه إلى بريطانيا لإتمام دراساته العليا، فحصل على درجة الدكتوراه في الأدب الإنجليزي من جامعة كامبريدج (كلية كينغز) عام 1974. وقد أتاحت له هذه الخلفية الأكاديمية المتنوعة تأسيس معرفة عميقة بالأدب الغربي والعربي في آن واحد.

إلى جانب التدريس والإدارة، كان لمحمد شاهين حضور فاعل في المشهد الثقافي والأدبي على المستويين الوطني والدولي. فقد نشط في عضوية الجمعيات واللجان الأكاديمية؛ حيث كان عضواً في اللجنة التنفيذية لـ "الرابطة الدولية للأدب المقارن" منذ عام 1985. وشارك في تأسيس عدد من الدوريات العلمية، إذ شغل منصب المحرر الأدبي في مجلة "دراسات" الصادرة عن الجامعة الأردنية (1985–1991)، وتولى رئاسة تحرير مجلة "مؤتة" للبحوث خلال فترة عمله في جامعة مؤتة (1998–2002)، ثم أصبح رئيس تحرير "المجلة الثقافية" الصادرة عن الجامعة الأردنية ابتداءً من عام 2008. وعلى الصعيد الدولي، اختير شاهين محرراً مشاركاً في مجلة "بايدوما" الأميركية الصادرة عن جامعة مين منذ عام 1967.

امتد نشاط شاهين إلى لجان تحكيم الجوائز الأدبية العربية والدولية؛ حيث اختير عضواً في لجان تحكيم جائزة الدولة التقديرية في الأردن، وجائزة الترجمة لمؤسسة عبد الحميد شومان (2005)، وجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية في عدة دورات، وجائزة الشيخ زايد للترجمة (2007)، وجائزة محمود درويش للإبداع (2011). وكان أحد أعضاء لجنة التحكيم لجائزة الإبداع الروائي العربي التي ينظمها المجلس الأعلى للثقافة في مصر، وترأس تلك اللجنة في دورة عام 2010. يُذكَر أن شاهين أسهم في ترجمة العديد من الأعمال الأدبية ومن أهمها ترجمته لشعر محمود درويش إلى اللغة الإنجليزية.

ومن الأعمال الأدبية الأخرى التي ترجمها شاهين "سداسيات الأيام الستة" لإميل حبيبي و "أنشودة المطر" لبدر شاكر السياب، إضافة إلى العديد من القصص القصيرة لغسان كنفاني وجمال الغيطاني وزكريا تامر وغيرهم. أما جهوده في الترجمة من الإنجليزية إلى العربية فقد تنوعت بين ترجمة الشعر والنثر، ففي الشعر الحديث ترجم لعزرا باوند "الجوال" و"العودة" "نخب عيد الميلاد". وترجم له مرة أخرى "النشيد الأول". ترجم إلى العربية رسائل الروائي جورج ميريديث والعديد من أشعار ت.س. إليوت ومنها "ماذا قال الرعد" و"الأرض اليباب".

اكتسبت تجربة شاهين بعداً قومياً وثقافياً، وحمل على عاتقه التعريف بالأدب الفلسطيني وقضايا شعبه عبر الترجمة والنقد. نشأت بينه وبين الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش صداقة وعلاقة أدبية وطيدة. ترجم شاهين بنفسه بعض أعمال درويش إلى الإنجليزية، وعُرف عن درويش أنه كان يطّلع على ترجمة أعماله كلمةً بكلمة قبل نشرها. وقد أتاح شاهين لشعر درويش الوصول إلى جمهور جديد في العالم الناطق بالإنجليزية، ومن أبرز ما ترجمه مجموعة "كزهر اللوز أو أبعد". وترجم أيضاً كتابات المفكر إدوارد سعيد إلى العربية، ومنها مقابلاته في كتاب "ثقافة المقاومة" (بالاشتراك مع ديفيد بارسميان) عام 2003، فضلاً عن دراساته النقدية عن مشروع سعيد الفكري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حصل محمد شاهين خلال مسيرته على عديد من الأوسمة والجوائز تكريماً لدوره البارز في الثقافة والأدب. من أبرز تلك التكريمات: وسام الاستقلال من الدرجة الأولى للآداب (منحه له الديوان الملكي الأردني)، جائزة الدولة التقديرية في الآداب (حقل الترجمة) التي تمنحها وزارة الثقافة الأردنية، جائزة جامعة فيلادلفيا للترجمة (في الأدب والترجمة المتخصصة)، درع لجنة التحكيم في ملتقى القاهرة الدولي للقصة القصيرة (جائزة تحمل اسم الأديب زكريا تامر)، تكريم خاص في ملتقى القاهرة الدولي الخامس للإبداع الروائي (2005 تقريباً)، وقلّده وزير الثقافة المصري فاروق حسني درع الملتقى تقديراً لإسهاماته النقدية في الأدب العربي الحديث، وسام لجنة التحكيم في جائزة الشيخ زايد للكتاب- فرع الترجمة عام 2007، تقديراً لمشاركته الفاعلة في تقييم الأعمال المترجمة.

ألّف محمد شاهين عدداً كبيراً من الكتب والدراسات باللغتين العربية والإنجليزية، تركز معظمها على النقد الأدبي المقارن والترجمة ودراسة أثر الأدب الغربي في الأدب العربي. من أهم كتبه باللغة العربية: "مختارات نقدية من الأدب الغربي الحديث"، "إليوت وأثره في الشعر العربي المعاصر: دراسة نقدية تطبيقية"، "تحولات الشوق: دراسة في رواية موسم الهجرة إلى الشمال للطيّب صالح"، "الأدب والأسطورة: دراسة نقدية"، "نظريّات الترجمة وتطبيقاتها"، "آفاق الرواية: البنية والمؤثرات"، "إدوارد سعيد: دراسة نقدية"، "باوند وإليوت في العربية: نافذة على الحداثة"، "طه حسين في مرايا جديدة" وسواها.

وله مؤلفات عدة باللغة الإنجليزية.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة