Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإمارات تعيد إحياء خطوط التواصل مع لبنان

تعهد بمساعدات تنقذ الاقتصاد والحريري يتلقى وعوداً بدعم مالي

رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري في مؤتمر الاستثمار اللبناني الإماراتي الذي عقد في أبو ظبي (رويترز)

عادت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى لبنان بعد انقطاع دام أكثر من ثماني سنوات من باب الاستثمار وتفعيل العلاقات التجارية بين البلدين من خلال مؤتمر الاستثمار اللبناني الإماراتي الذي عُقد في أبو ظبي، واستضافت خلاله الإمارات وعلى نفقتها وفداً وزارياً كبيراً، ترأسه رئيس الحكومة سعد الحريري إلى جانب رجال أعمال ومستثمرين لبنانيين.

وكشف الحريري بعد الزيارة عن تلقّيه وعداً من ‏الإماراتيين باستثمارات ومساعدات مالية للبنان، يُرجح الحصول عليها في وقت كان يتطلع الشارع إلى ودائع مالية في ‏المصرف المركزي، تخفّف من حدة شح الدولار في المصارف وارتفاع سعره في الأسواق الموازية. والإعلان الأبرز والأكثر واقعية تمثّل في رفع حظر السفر عن الإماراتيين إلى لبنان، في خطوة رحب بها الداخل اللبناني على الرغم من انعكاسها غير الكبير على اقتصاد متأزم، يتطلع إلى جذب السيولة والاستثمارات لإخراج النمو من دائرة الركود.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

القطاع السياحي أول الغيث

تكشف أرقام وزارة السياحة عن أنّ عدد الإماراتيين الذين زاروا لبنان عام 2010، أي قبل بدء الحرب في سوريا وانقطاع العلاقات بين البلدين، بلغ 47 ألف إماراتي، بينما بلغ زوار لبنان 1770 إماراتياً عام 2018.

ففي شباط  2016، منعت الإمارات رعاياها من السفر إلى لبنان، ما أثر بشكل مباشر في أعداد السياح. ويأمل وزير السياحة اللبناني أواديس كيدانيان في استعادة 45 ألف سائح إماراتي بعد رفع الحظر، في خطوة تشجع على مجيء الخليجيين عموماً وليس فقط الإماراتيين. والسياحة في لبنان كانت تشكل 20 في المئة من الدخل القومي لتتراجع عام 2018 إلى 12 في المئة من الدخل فقط، بقيمة مقدّرة دون ثمانية مليارات دولار قد ترتفع إلى 12 مليار دولار في حال عودة السائح الخليجي إلى لبنان.

الاستثمارات الإماراتية حاجة ملحة

وأعرب الجانب الإماراتي للوفد اللبناني عن استعداده للاستثمار في لبنان في قطاعات عدّة، منها الطاقة المتجددة والزراعة والنفط والغاز، إضافةً الى استثمارات مالية. ففي لبنان حاجة إلى حوالى ألف ميغاواط على أساس الطاقة ‏المتجددة، إن كان بالهواء أو بالشمس، ما يوفّر فرصة للاستثمارات الإماراتية في البلاد‎.

كما تسعى الإمارات إلى تأمين أمنها الغذائي عبر الزراعة في بلدان مجاورة وهي قد بدأت بالفعل باستثمارات في دول كرومانيا والسودان، بينما يمثّل لبنان بمناخه وقربه الجغرافي إلى الإمارات وتراجع كلفة الزراعة، فرصة حقيقية لأبو ظبي كي تنوّع مصادر أمنها الغذائي، كما تتطلع إلى الاستثمار في قطاع النفظ والغاز الواعد في لبنان، انطلاقاً من خبرات وقدرات تملكها.

علاقات تجارية... تراجعت

الاستثمارات الإماراتية في لبنان تقدر بحوالى 7.5 مليار دولار، فيما تقدر الاستثمارات اللبنانية في الإمارات بحوالى 1.5 مليار دولار، وتشمل الاستثمارات الإماراتية الحالية في بيروت قطاعات عدّة منها الموانئ والأدوية والتكنولوجيا والنقل والسياحة والصناعة والقطاع المصرفي والمالي. وتربط لبنان بالإمارات علاقات تجارية تراجعت منذ عام 2010 بعد قطع العلاقات معه، من مليار دولار كتجارة بينية بين البلدين إلى 600 مليون دولار عام 2010، فلبنان يصدّر إلى الإمارات سنوياً بقيمة 255 مليون دولار، بينما يستورد منها بقيمة 345 مليون دولار.

رفع الحظر وعودة الاستثمارات

ويرى الخبير المالي والاقتصادي نسيب غبريل أن رفع الحظر عن سفر الإماراتيين، إنجاز للبنان ومقدمة لعودة الاستثمارات، ولكن على سلطاته المحلية استكمال المبادرة الحسنة التي أبدتها دولة الإمارات. وسياحياً، يعتبر غبريل أن لبنان فقد في الأعوام الثمانية الماضية جيلاً جديداً من الشباب لا يعرف لبنان، كما يعاني حالياً منافسة محتدمة من دول كالمغرب ومصر وتركيا ودول أوروبية وحتى آسيوية كماليزيا، استطاعت أن تجذب السائح الإماراتي في السنوات الماضية. وانطلاقاً من هنا، رفع الحظر لا يكفي وعلى الجانب اللبناني ملاقاته بعمل جدي لإعادة تسويق لبنان خليجياً.

وفي الشق الاستثماري، قال غبريل إن الكلام والوعود شيء والتنفيذ والواقع شيء آخر، لذلك، يجب أن يعمل الجانب اللبناني  هنا أيضاً على جذب رؤوس الأموال الإماراتية إلى البلاد، وعلى الوفد اللبناني التعلم من إنجازات الإمارات التي نجحت في تنويع اقتصادها باتجاه السياحة والصناعة والقطاع المالي، بعيداً من الاعتماد فقط على النفط.

كما استطاعت أن تكون مركزاً إقليمياً نراه في المؤشرات الدولية: فالإمارات بين أفضل 30 دولة من حيث التنافسية وبين أفضل 11 بلداً من حيث بيئة الأعمال، بينما احتل لبنان المركز 88 عالمياً في تقرير التنافسية العالمي 2019 وتفوّق عربياً على موريتانيا واليمن فقط.

عودة الثقة

بناءً على ذلك، أوضح غبريل أن لبنان ملزم بالعمل جدياً على تطوير بيئة أعماله وتأهيل بناه التحتية، مؤكداً "يجب أن نساعد أنفسنا ليساعدنا العالم"، فاستقطاب الأموال والنهوض بالاقتصاد، لا يتحقّقان بالعواطف، وفق تعبيره.

وعودة انتظام العلاقات الإماراتية اللبنانية خطوة أولى مهمة نحو عودة الثقة بلبنان وتالياً الدعم الخليجي له، وهي خطوة على أهميتها التي تُرجمت خارجياً بتراجع عائدات سندات اليوروبوندز، وداخلياً بتراجع الضغوط على طلب الدولار، ستنتهي مفاعيلها سريعاً إذا لم تُستكمل بمساعدات أو استثمارات فعلية أو عمل حكومي جدي مركّز، يطرح سريعاً أمام الجانب الإماراتي، فرصاً في مجالات اهتماماته.

المزيد من اقتصاد