Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يفقد الجيش السوداني الدعم الإيراني؟

ما الخيارات التي يمكن أن يعتمد عليها في حال تعذر إمداد طهران؟

الجيش السوداني تلقى دعماً عسكرياً من طهران تمثل في معدات وأسلحة وطائرات مسيرة (رويترز)

ملخص

أحدث التعاون العسكري بين السودان وإيران عقب استئناف العلاقات بينهما بصورة رسمية في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بعد سبعة أعوام من القطيعة، تحولاً نوعياً في مسار الحرب السودانية المندلعة منذ أكثر من عامين، بخاصة من جانب الجيش السوداني الذي تلقى دعماً عسكرياً من طهران تمثل في معدات وأسلحة وطائرات مسيرة.

أحدث التعاون العسكري بين السودان وإيران عقب استئناف العلاقات بينهما بصورة رسمية في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بعد سبعة أعوام من القطيعة، تحولاً نوعياً في مسار الحرب السودانية المندلعة منذ أكثر من عامين، بخاصة من جانب الجيش السوداني الذي تلقى دعماً عسكرياً من طهران تمثل في معدات وأسلحة وطائرات مسيرة، مما لعب دوراً محورياً في تقدمه على خطوط القتال، ومن بينها سيطرته على ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2034، ثم العاصمة الخرطوم، لكن مع دخول إيران في حرب مع إسرائيل، السؤال: ما التأثير الذي ستحدثه هذه الحرب على مسار النزاع في السودان خصوصاً من ناحية اعتماد الجيش السوداني على طهران في عملية التسليح؟ وما الخيارات التي يمكن أن يعتمد عليها الجيش في هذا الجانب في حال تعذر الإمداد الإيراني؟

تحولات وتقلبات

أشار الباحث في "مركز الخرطوم للحوار" اللواء الرشيد معتصم مدني إلى أن "الجيش السوداني يمتلك خبرة متنوعة ومعرفة بالسلاح الشرقي والغربي بنيت على تحالفات قديمة مع المعسكر الشرقي إبان حكم الرئيس السوداني الراحل جعفر النميري (1969-1985)، اتسمت بتعاون واسع شمل التعليم العام والعمارة والثقافة والفنون وأجهزة الاستخبارات والتدريب الفني والتعاون العسكري، وشمل هذا التعاون عدداً كبيراً من دول المعسكر الشرقي التي أصبح بعضها الآن عضواً في حلف الناتو بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وامتد حتى كوريا الشمالية في جنوب آسيا". وتابع "لكن تورط بعض أعضاء الحزب الشيوعي السوداني في محاولة انقلابية ضد النميري جعله يتخذ خطوة جريئة بالانتقال نحو المعسكر الغربي ليصبح حليفاً لواشنطن، وسبقه إلى ذلك أيضاً الرئيس الراحل إبراهيم عبود (1958-1964)، فهذه التحولات والتقلبات أتاحت للأجهزة العسكرية السودانية تجارب متنوعة ومعرفة بأنواع السلاح واستخدامه، إضافة إلى علاقات السودان القديمة مع الصين التي شهدت تطوراً كبيراً إبان اكتشاف النفط في البلاد خلال فترة الرئيس السابق عمر البشير (1989-2019)، إذ وفرت أشكالاً متعددة من المكاسب بما فيها التعاون العسكري".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف مدني "معلوم أن فترة نظام البشير شهدت حصاراً اقتصادياً وسياسياً شاملاً بسبب اتهامه برعاية الإرهاب من قبل الولايات المتحدة، مما سبب له ضغوطاً كبيرة بخاصة في الجانب العسكري في ظل اشتداد نشاط حركات التمرد في جنوب البلاد وغربها، ومن ثم لم يكن للدولة السودانية خيار غير البحث عن حلفاء لمجابهة الضغط المتزايد عليها، فاتجهت لبناء علاقات مع إيران التي كانت تعاني هي نفسها حصاراً غربياً شاملاً وظلت تبحث عن حلفاء لها"، واستطرد مدني "في تقديري أن السودان استفاد من علاقته مع إيران مثل استفادته من علاقاته بدول أخرى كثيرة سراً وعلناً، ومعروف أن السودان لديه ارتباط ثقافي وديني كبير بالمنطقة العربية، فضلاً عن مشاركته هموم دولها وأزماتها، إذ شارك الجيش السوداني في الحروب العربية التي اندلعت في أعوام 1948 و1973 و1967، كما شارك في النزاع السعودي - الإماراتي - اليمنى، فقد دفع البشير بقوات للحدود السعودية، بل قطع علاقات بلاده مع إيران لمصلحة التضامن مع السعودية بعد حادثة الاعتداء على سفارتها لدى طهران وتمدد الحوثيين في اليمن، ولقي هذا الموقف كثيراً من الرضا والترحاب من شعوب ودول هذه المنطقة".

وواصل "لكن مع تبدل المواقف والحفاظ على المصالح القطرية، تورطت الإمارات أخيراً في حرب السودان في سابقة لم تفهم في السياق الطبيعي"، وبين أن "علاقات السودان مع إيران لا تتعدى المصالح الاقتصادية والتوازنات الإقليمية والدولية، وفي تصوري أن الجيش السوداني، في ظل انشغال طهران بحربها مع إسرائيل، يمكنه الحصول على السلاح من مصادر شرقية وغربية نظراً إلى تراكم السلاح وفي ظل أزمة اقتصادية ضاغطة في العالم".

سماسرة سلاح

من جانبه قال عضو القيادة المركزية العليا للضباط وضباط الصف والجنود السودانيين المتقاعدين "تضامن" العميد وليد عز الدين "معلوم للجميع علاقة إيران بنظام الرئيس المعزول عمر البشير منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، بخاصة في المسائل العسكرية والأمنية من ناحية التسليح والتدريب واحتضان الحركات المسلحة الإسلامية على رغم اختلاف التوجهات، لذلك كانت إيران تقدم دعماً سخياً للنظام السوداني آنذاك، وتعتبر السودان أحد مخازنها الاستراتيجية ونقطة توزيع أو تهريب أسلحة إلى حماس". وأضاف عز الدين "من المؤكد أن دخول إيران في حرب مع إسرائيل سيفقد الجيش السوداني مموله الرئيس للحرب، ومن ثم سيكون خياره المتاح اللجوء إلى تركيا والصين للحصول على سلاح، لكن نجد أن هاتين الدولتين تتعاملان في هذا الجانب عبر شركات السلاح غير الحكومية، وعليه فإن حكومة الأمر الواقع في بورتسودان ستواجه مشكلة سماسرة وتجار سلاح وكلفة باهظة".

وتابع "حسب معلوماتي، الجيش السوداني يسعى الآن إلى تأمين السلاح من باكستان، من دون أن ننسى أنه طرق أبواب كوريا الشمالية للغرض ذاته".

علاقة متجذرة

في السياق قال المراقب العسكري الرائد محمد مقلد "لا شك أن النظام الإيراني أسهم كثيراً في دعم حكومة الأمر الواقع في بورتسودان بقيادة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان لوجيستياً وعسكرياً خلال الحرب الدائرة حالياً بين الجيش وقوات ’الدعم السريع‘، ويأتي هذا الدعم الإيراني امتداداً لعلاقة متجذرة مع النظام السابق في السودان الذي تتبناه الحركة الإسلامية وحكم البلاد أكثر من 30 عاماً"، وتابع مقلد "شمل هذا الدعم أوجهاً كثيرة منها التأهيل الأمني والاستخباري للكوادر الملتزمة والموثوق بها داخل المنظومة العسكرية من خلال دورات متخصصة في هذا الجانب، وتوفير معدات وأسلحة وذخائر متنوعة، فضلاً عن الطائرات المسيرة". وقال أيضاً "في تقديري، اندلاع الحرب الإسرائيلية - الإيرانية سيحد، بصورة كبيرة، من الدعم الذي تقدمه إيران للجيش السوداني، بل يصبح الأمر شبه مستحيل، لذا سيكون الجيش في موقف لا يحسد عليه، بخاصة أن حرب تل أبيب وطهران كشفت ضعف القدرات العسكرية الإيرانية في مواجهة غريمتها إسرائيل".

وختم المراقب العسكري قائلاً "هذا الأمر سيكون له تأثير سلبي في قدرات وإمكانات الجيش السوداني خلال المعارك التي يخوضها في عدد من الجبهات ضد قوات ’الدعم السريع‘، ولا أعتقد أن هناك بدائل يمكن أن تلجأ إليها قيادة الجيش بعدما ساءت علاقتها مع كل دول الجوار تقريباً، وبعد انكفائها إقليمياً ودولياً مما سيسبب عجزاً في تأمين وتوفير السلاح لقواتها مستقبلاً".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير