Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قصص من الحرب إلى خشبة المسرح في لبنان

يواجه الإنتاج المسرحي عراقيل عدة لا سيما في غياب أي دعم رسمي بينما تغرق البلاد في أزمة اقتصادية متمادية

ممثلات خلال التدريبات على عرض "عندما رأيت البحر" في بيروت (أ ف ب)

ملخص

تزخر المسارح اللبنانية أخيراً بعروض عديدة بعدما أرجئ عرضها بسبب الحرب المدمرة التي استمرت أكثر من عام بين إسرائيل و"حزب الله"، وكثير منها ينقل مآسي الحرب مثل عملي "عندما رأيت البحر" و"ضيقة عليّي".

بالتمثيل والرقص، تروي نساء على خشبة مسرح داخل بيروت معاناة عاملات أجنبيات عالقات في لبنان خلال الحرب المدمرة، التي استمرت أكثر من عام بين إسرائيل و"حزب الله".

خلال المواجهة الدامية التي اضطرت مئات الآلاف إلى النزوح وحصدت آلاف القتلى ودمرت مناطق كاملة، استوقف مصير العاملات الأجنبيات مصمم الرقص والمخرج علي شحرور فحول قصصهن إلى عرض مسرحي بدأ مطلع مايو (أيار) الجاري.

بعد بيروت، سيجول عرض "عندما رأيت البحر" مدناً في أوروبا مثل برلين ومارسيليا وهانوفر وسيعرض خلال مهرجان أفينيون للمسرح في فرنسا.

ويقول شحرور (35 سنة) الذي يعمل في المسرح منذ 15 عاماً "ولد هذا المشروع في الحرب، كنا نتمرن ونجري لقاءات وأبحاثاً خلال الحرب"، ويضيف "أنا لا أعرف كيف أقاتل أو أحمل سلاحاً، أعرف فقط كيف أصنع الرقص، هذه هي الأداة الوحيدة التي أعرف كيف أقاوم بها".

 

"المسرح أداة مقاومة"

في "عندما رأيت البحر"، تروي ثلاث نساء إحداهن لبنانية لأم إثيوبية وأخريان إثيوبيتان قصصهن، التي تعكس معاناة العاملات الأجنبيات في بلد ترفع فيه منظمات حقوقية باستمرار الصوت للتنديد بانتهاكات عدة تطاول هذه الفئة.

تستخدم النساء الكلمات والرقص والموسيقى وأغاني فولكلورية إثيوبية لنقل المعاناة بسبب الهجرة وسوء المعاملة والحرب، والهدف تكريم نساء مهاجرات شُردن خلال الحرب أو فارقن الحياة.

خلال الحرب الأخيرة، لجأت مئات العاملات المهاجرات إلى ملاجئ استحدثتها جمعيات أهلية بعدما تخلت عنهن العائلات التي كن يعملن لديها، حين تركت بيوتها هرباً من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان وشرقه وعلى الضاحية الجنوبية لبيروت، بينما بقيت أخريات من دون مأوى فافترشن طرق بيروت من وسطها حتى البحر، هرباً من الموت. وكان آلاف اللبنانيين باتوا ليالي طويلة في الشوارع أيضاً.

يقول شحرور إنه "كان ثمة إصرار" على إنجاز العرض، على رغم الرعب والحرب وصوت القصف المتواصل، مضيفاً "لقائي مع هؤلاء السيدات مدَّني بالقوة والطاقة لنستمر".

ويكمل الشاب "المسرح أداة مقاومة لنوصل الصوت ونبقي القصص حية، قصص الذين غادروا ولم ينالوا العدالة التي يستحقونها".

الانفصال والتباعد

كذلك، هيمنت الحرب على عمل مسرحي للمخرجة والممثلة فاطمة بزي (32 سنة)، كانت استهلت العمل عليه قبل الحرب.

وعلى رغم أنها أرغمت على مغادرة منزلها داخل الضاحية الجنوبية لبيروت إلى العراق تحت وطأة القصف خلال أشهر الحرب، فإن بزي أصرت بعد عودتها إلى لبنان إثر بدء تطبيق وقف إطلاق النار خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، على إنجاز عملها "ضيقة عليَّي" الذي عرض على مسرح زقاق في بيروت خلال مايو الجاري.

في الأصل، تروي المسرحية قصة امرأة وعلاقتها مع زوجها الذكوري، لكن الحرب تفرض نفسها على العمل لتتحول إلى جزء من القصة.

وفي لحظة، يبدو الممثلون الثلاثة وكأنما يؤدون مشهداً، يقطعه فجأة صوت القصف. يعود الممثلون إلى الواقع، يهرعون إلى هواتفهم ليعرفوا أين وقعت الغارة هذه المرة.

وتقول بزي لوكالة الصحافة الفرنسية من مسرح زقاق خلال تدريبات على العمل "حاولنا التواصل عبر الفيديو، لكي نتحدث عن المسرحية عندما توقفنا لفترة طويلة" وكانت بزي في العراق، وتضيف "استغللنا هذا الأمر في العرض، أي فكرة الانفصال والتباعد".

وسط ضغوط الحرب، تقول بزي إن العمل أتاح "لنا أن نقول الأشياء التي كنا نشعر بها والتي مررنا بها، كان بمثابة مهرب وعلاج".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"أولاد الحرب"

تزخر المسارح اللبنانية أخيراً بعروض عديدة كان بعضها أرجئ بسبب الحرب، وأُنتجت بجهد ذاتي من ممثلين ومخرجين وفرق مسرحية أو بتمويل ودعم من مؤسسات أجنبية.

وفاقمت الحرب العراقيل أمام الإنتاج المسرحي داخل لبنان في ظل غياب أي دعم رسمي، بينما تغرق البلاد في أزمة اقتصادية متمادية منذ عام 2019.

ويشرح عمر أبي عازار (41 سنة) مؤسس فرقة زقاق التي فتحت أبواب مسرحها لعرض بزي، "أجلنا مهرجاناً بأكمله نهاية العام الماضي بسبب الحرب، وكان يفترض أن تعرض خلاله أكثر من 40 مسرحية من لبنان والخارج"، ومن ضمنها عرض فاطمة بزي، و"الآن بدأنا نعود" تباعاً.

وكان أبي عازار أخرج عرضاً خاصاً به مع فرقته بعنوان "ستوب كولينغ بيروت" (Stop Calling Beirut)، كان من المقرر أن يعرض أيضاً نهاية العام الماضي لكن أرجئ إلى مايو الجاري.

ويروي العمل قصة فقدان أبي عازار شقيقه قبل أكثر من عقد من الزمن، ويعود من خلاله بالذاكرة إلى طفولتهما خلال الحرب الأهلية في بيروت (1975-1990).

وولدت فرقة "زقاق" في حرب أخرى عاشها لبنان، هي "حرب تموز" (يوليو) 2006 بين "حزب الله" وإسرائيل.

ويقول أبي عازار "نحن أولاد الحرب، ولدنا وتربينا وكبرنا في قلب هذه الأزمات، وهذا ليس تحدياً بل هو واقعنا، وهذا الواقع لو أراد أن يشدنا للأسفل، لكان شدنا وطمرنا وقتلنا منذ زمن بعيد".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة