Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دعوات لتأسيس تكتل اقتصادي موحد يجمع البلدان الأفريقية

متخصصون لـ"اندبندنت عربية": النموذج التنموي العالمي السائد لعقود بدأ يستنفد والرهان على دور أكبر في الخريطة التجارية الدولية

ملخص

عدد سكان القارة سيتحول من 1.5 مليار نسمة حالياً إلى 2.5 مليار نسمة بحلول عام 2050

اجتمع 10 وزراء أفارقة وأكثر من 2000 من صناع القرار المالي والتجاري وأصحاب الأعمال داخل القارة الأفريقية يومي السادس والسابع من مايو (أيار) الجاري داخل العاصمة تونس لتدارس مزيد دعم الشراكة، ونسج علاقات تعاون وطيدة في مشهد اقتصادي عالمي دائم التغير زادته تعكراً الرسوم التجارية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وأجمع المشاركون في أبرز حدث اقتصادي أفريقي، وهو ملتقى تمويل الاستثمار والتجارة في أفريقيا "فيتا" بتنظيم من مجلس الأعمال التونسي الأفريقي، على أنه حان الوقت لتقرر أفريقيا مصيرها بنفسها وأن تحسن استغلال ثرواتها ومواردها الطبيعية الهائلة.

والتقى أصحاب المال والأعمال الأفارقة في مسألة جامعة تتعلق بضرورة أن يكون لبلدان القارة مكانة محورية اقتصادياً وتجارياً وعالمياً، واللحاق بركب الدول المتقدمة في مجالات التكنولوجيات الحديثة والمراهنة على الذكاء الاصطناعي، وإفساح المجال للشباب الأفريقي بأن يكون قوة دفع حقيقية.

بناء أفريقيا أكثر قوة

ويجزم أنيس الجزيري رئيس مجلس الأعمال التونسي الأفريقي بأن التحدي الأبرز للقارة الأفريقية يتعلق بالإسهام في بناء بلدان أقوى، تكون أكثر اندماجاً وسيادة على مواردها الطبيعية وخياراتها التنموية.

ويضيف في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن القارة في حاجة لأن تكون أكثر تكاملاً واندماجاً وإنتاجاً وذات سيادة على مواردها الطبيعية، وأردف بالقول "آن الأوان لأفريقيا أن تعيد صياغة المعادلة رافضة للهيمنة، وتقبل التعايش وتدحض الإقصاء وتشجع على التقاسم والتعاون والعدالة".

وأكد الجزيري أنه على الدول الأفريقية مسؤولية كبرى في ظل التحولات العالمية المتسارعة، وعليها أن تنهض وتقرر مصيرها بنفسها، وأن تلعب دوراً أكبر في الخريطة الاقتصادية والتجارية العالمية.

وأضاف أن النموذج التنموي العالمي، الذي ساد لعقود بدأ يستنفد، مشيراً إلى أنه نموذج قائم على الاستغلال المفرط مع تفاقم الفجوة الاجتماعية، لافتاً إلى أن واحداً في المئة فقط من سكان العالم اليوم يتحكمون بـ90 في المئة من ثرواته.

المراهنة على دعم تحول أفريقيا

ولاحظ رئيس مجلس الأعمال التونسي الأفريقي أن تظاهرة "فيتا" لهذا العام تحمل شعاراً طموحاً تعلق بـ"دعم تحول أفريقيا"، اعتباراً لما تزخر به من إمكانات وطاقات وسوق ممتدة، بالنظر إلى أن عدد سكان القارة سيتحول من 1.5 مليار نسمة حالياً إلى 2.5 مليار نسمة بحلول عام 2050، 60 في المئة منهم دون سن 25 سنة، مع توقع ارتفاع الناتج الداخلي الإجمالي من 3 تريليونات دولار إلى 10 تريليونات دولار في أفق عام 2050.

وتابع بالقول "من أجل تحقيق كامل طاقتها، يجب أن نطلق تحولاً عميقاً وديناميكية فعلية لتحقيق التغيير في القارة".

وأتاح تنظيم ملتقى الاستثمار والتجارة في أفريقيا على مدى ثمانية أعوام تحقيق نتائج، يعتقد أنيس الجزيري أنها أسهمت من موقعها في تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين عدد لا بأس به من دول القارة السمراء، لافتاً إلى تنظيم أكثر من 40 مهمة في مختلف أنحاء أفريقيا، بمشاركة أكثر من 3 آلاف فاعل اقتصادي تونسي، إلى جانب المساعدة على مرافقة أكثر من 150 شركة تونسية استقرت في كوت دي فوار ومئات الشركات في دول أفريقية أخرى، وتوقيع أكثر من 100 اتفاق شراكة مع غرف التجارة ومنظمات أرباب العمل ومجالس الأعمال، ووكالات الاستثمار.

تطوير مشاريع شراكة استراتيجية

وزير التجارة التونسي سمير عبيد أكد أمام الفاعلين الاقتصاديين الأفارقة ضرورة تطوير مشاريع استراتيجية وشراكات بناءة تدعم الرؤية الأفريقية لقارة موحدة ومزدهرة ومتكاملة، ورأى أن المحاور التي سلط الضوء عليها خلال فعاليات هذا المنتدى والمتمثلة في التحول الصناعي والانتقال الطاقي والرقمنة، وتحديث البنية التحتية والخدمات اللوجيستية، تعد عناصر جوهرية وفي غاية الأهمية تتماشى مع الأولويات الاستراتيجية للتنمية المستدامة في أفريقيا.

وأكد الوزير أن تونس تمتلك في كل هذه المحاور، إلى جانب عدد من الدول الأفريقية، خبرة مشهوداً لها وكفاءة عالية، ومستعدة لتقاسمها في إطار مقاربة تقوم على شراكات مربحة لجميع الأطراف الأفريقية.

ويرى سمير عبيد أن "الدبلوماسية الاقتصادية لم تعد خياراً بل ضرورة ملحة تعكس رؤية تونس التي تقوم على جعلها بوابة لأفريقيا يجب أن توظف في خدمة التنمية الوطنية من جهة، وتحقيق الاندماج الإقليمي عبر أبرز الاتفاقات التجارية والتجمعات الاقتصادية القارية، ومن ضمنها ’الكوميسا‘ و’الزليكاف‘".

وتابع "بات من الضروري جعل الاندماج الإقليمي والتنمية المستدامة أحد أهم ركائز العمل في أفريقيا، والقارة تواجه جملة من التحديات المناخية والاقتصادية والتكنولوجية والعلمية التي يتعين تضافر الجهود من أجل رفعها، ويجب على صناع القرار داخل أفريقيا أخذ المكانة التي تستحقها القارة في الخريطة الاقتصادية العالمية".

 وأوضح عضو الحكومة التونسية أن اختيار موضوع دعم التحول في أفريقيا يترجم الرغبة في تشخيص وتفعيل مختلف صور النمو في القارة، عبر تأمين انتقال الاقتصاد الأفريقي إلى أفضل الدرجات التي تخول نماء الشعوب.

وعي بالطاقات الاقتصادية

مدير عام مركز النهوض بالصادرات التونسي مراد بن حسين قال إن أفريقيا صارت تشكل مستقبل العالم الاقتصادي، وإن كل القوى الاقتصادية الدولية صارت تتوجه نحو بلدان القارة عبر تعزيز الاستثمار ودعم التجارة البينية معها، وشدد على ضرورة أن تعي بلدان القارة قدراتها وثرواتها الطبيعية، وأن تكون مؤثرة في مختلف القرارات التجارية العالمية، لافتاً إلى أن لأفريقيا إمكانات كبيرة لتحقيق مزيد لإنماء شعوبها، بالمراهنة على المجالات الحديثة على غرار الرقمنة والانتقال الطاقي وتطوير البنى التحتية.

وكشف في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن المركز له برنامج كبير يرتكز على النفاذ إلى القارة الأفريقية جنوب الصحراء، معلناً عن تنظيم لقاءات الشراكة الأفريقية يومي الـ23 والـ24 من يونيو (حزيران) المقبل بحضور ممثلين عن 10 بلدان أفريقية، بوجود نحو 100 فاعل اقتصادي أفريقي.

ومن المقرر خلال تلك اللقاءات المهنية التركيز على قطاعات ذات قيمة مضافة عالية على غرار الخدمات وتكنولوجيا الاتصال والمعلومات والمقاولات والصناعات الغذائية، وفق إفادته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن أهمية إرساء الهيئات الاقتصادية على غرار اتفاقيتي الـ"كوميسا" والـ"زليكاف" كرافعة لتحقيق التنمية الاقتصادية في أفريقيا، قال مراد بن حسين إنه بالمقارنة مع التجمعات والتكتلات الاقتصادية داخل أوروبا أو أميركا الشمالية أو أميركا الجنوبية تعد تلك الاتفاقات حديثة نسبياً، إذ لم تمض سوى بضعة أعوام على تأسيس التجمعات الأفريقية.

طاقات مهدورة

أما مستشار التصدير والمتخصص في مجال الاستثمار داخل الأسواق الأفريقية رضا محجوب، فلاحظ أن هناك عدداً من التحديات أبرزها عراقيل الصناعة والطاقة من منطلق وجود إمكانات طاقية مهمة داخل القارة السمراء، لكن من دون استغلال كاف.

ويضيف لـ"اندبندنت عربية" أن ضعف عنصر التمويل والاستثمار أعاق تطوير عدد من المجالات الواعدة أمثال الطاقة، وأنه من بين التحديات المطروحة على الدول الأفريقية معرفة كيفية توظيف الطاقات الشبابية وتوجيهها نحو مجالات مهمة، على غرار الاستثمار في الرقمنة وتكنولوجيات الحديثة للاتصال.

ويرى المتحدث أنه يتعين على دول القارة أن تعي أيضاً أهمية الاعتناء بالذكاء الاصطناعي الذي سيشكل ثورة حقيقية لبلدان القارة، وفتح مجال المبادرة أمام الشباب الذي يتقد حيوية ونشاطاً وبإمكانه أخذ المشعل في قادم العقود.

وعرج محجوب إلى أهمية إنجاح التجارة البينية بين البلدان الأفريقية التي تعززت خلال الأعوام الأخيرة بإرساء تجمعات اقتصادية جديدة من بينها "الزليكاف" و"الكوميسا"، في خطوة إيجابية لتشكيل تكتل اقتصادي أفريقي جديد.

تحقيق المصالحة

 ويرى لورون كازافي وهو مستثمر شاب من جمهورية الكونغو الديمقراطية في مجال التكنولوجيات الحديثة، أن أفريقيا لها إمكانات وطاقات كبيرة تؤهلها لتصبح قطباً اقتصادياً عالمياً رائداً ضمن بقية التكتلات الاقتصادية والتجارية الدولية الأخرى.

ولفت في تصريح لـ"اندبندنت عربية" إلى أن أفريقيا لا تعوزها الإمكانات بل عليها أن تحسن استثمار تلك الطاقات وتوظيفها في خدمة شعوبها، في ظل وجود عدد من المبادرات التي يقودها شباب القارة.

 وأوضح أن تأخر القارة خلال فترة معينة وعدم مواكبتها التحولات الاقتصادية كان بسبب القطيعة بين صناع القرار السياسي وعالم الأعمال، مشدداً على ضرورة المصالحة بين الطرفين.

اقرأ المزيد