ملخص
تمثل إزالة مخلفات الحرب أولوية قصوى في الوقت الحالي تمهيداً للمراحل المقبلة التي تستهدف إعادة خدمات المياه والكهرباء والاتصالات حتى يتمكن المواطنون من العودة والاستقرار.
تحتاج مهمة نزع الألغام إلى دعم فني نظراً إلى تهالك وقدم المعدات المستخدمة في عمليات التطهير والنزع التي ظلت مستخدمة طوال 21 عاماً منذ 2002 حتى اليوم.
تشكل الأجسام الغريبة والذخائر غير المنفجرة من مقذوفات المدفعية (الدانات) وبقايا شظايا الرصاص النحاسية وغيرها خطراً داهماً على حياة المواطنين في السودان مع تزايد أعداد ضحايا تلك المخلفات كل يوم في مناطق عدة بالبلاد.
وتتزايد المخاوف من تعرض النازحين واللاجئين العائدين إلى منازلهم في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى جرى تحريرها من قبضة قوات "الدعم السريع" لأخطار منها الموت والإصابات نتيجة عدم اكتشاف مواقع أخرى للألغام والمخلفات الأرضية القابلة للانفجار، نظراً إلى ما تمثله من تهديد مباشر على حياة المدنيين والأطفال تحديداً وتسبب الإعاقات الدائمة أو التشويه الملازم طوال العمر.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في أبريل (نيسان) 2023 زرع كلا الطرفين مئات الألغام في المناطق التي تقع تحت سيطرته للحيلولة دون تقدم الخصم.
حوادث انفجار
إلى ذلك سجل المركز القومي لمكافحة الألغام في السودان 40 حادثة انفجار بسبب الألغام ومخلفات الحرب أسفرت عن مقتل 16 شخصاً وإصابة 50 آخرين في مناطق متفرقة من البلاد منذ أبريل الماضي.
وقال المدير العام للمركز القومي لمكافحة الألغام اللواء خالد حمدان إن "المركز تمكن من تفجير أكثر من 12 ألف مقذوفة و53 ألف ذخيرة من الذخائر الصغيرة من مخلفات الحرب"، متوقعاً و"جود حوادث انفجار بمخلفات الحرب لم يبلغ عنها، بسبب الانتشار الواسع للألغام في مناطق كثيرة من البلاد".
ولفت إلى أن "العمل لا يزال مستمراً، إذ جرى تجميع أكثر من 3 آلاف مقذوفة ويجري تجميع مجموعة أخرى يومياً تمهيداً لتفجيرها في القريب العاجل، في حين نزعت الألغام من بعض المناطق في ولايتي الجزيرة وسنار ومنطقة الخرطوم بحري ومحليتي كرري وأم درمان، ولم يستبعد وجود ألغام في مناطق لم تكتشف بعد".
وبين حمدان أن "العمل جارٍ لإزالة الألغام ومخلفات الحرب في كل من شرق النيل والخرطوم وجبل أولياء، كما سيبدأ العمل في الأجزاء الشمالية من أم درمان بمنطقة الصالحة ومحلية أمبدة بعد تحريرها، إضافة إلى ولاية النيل الأبيض وشمال كردفان".
ضحايا الألغام
في غضون ذلك تشهد مناطق النزاع المسلح انفجارات يومية تقتل وتبتر وتجرح في وقت باتت فيه إمكانات فرق الدفاع تكاد تقتصر على التحذير.
وأسفر انفجار مقذوف مدفعي كبير داخل إحدى المدارس في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور عن سقوط ثلاث ضحايا من أسرة واحدة وعدد كبير من الجرحى والمصابين، في حين انفجر لغم في الطريق الدائري من مدخل مصفاة الجيلي في ناحية بلدة حجر العسل بولاية نهر النيل بشاحنة أدى إلى مقتل عدد من المواطنين.
وفي شمال أم درمان شكا مواطنون من وجود نفايات حربية جرى تفريغها من قبل مجهولين غرب الحارة (80) الإسكان بينها ذخائر متنوعة غير منفجرة تسببت في بتر أصابع يد طفل حاول العبث ببعضها.
نزع وتفكيك
في السياق حذر المتخصص في مجال التوعية بأخطار الألغام عروة محمد الهادي من خطر مخلفات الحرب الأرضية التي تجرفها السيول خلال موسم الأمطار على حياة المدنيين في البلاد، بخاصة مع اقتراب فصل الخريف، ودعا سكان الخرطوم إلى "عدم التعامل مع كل ما يجدونه من أجسام غريبة".
وأضاف أن "عملية نزع وتفكيك الألغام التي ظهرت أخيراً معقدة للغاية في الوقت الحالي، كما أن البحث عن المخلفات والمتفجرات المدفونة في باطن الأرض مضنية وشاقة، وتعتمد في معظمها على خيارين، إما التنبؤ بها مع وقوع حوادث انفجار قريبة، أو بناءً على إرشادات المواطنين الذين يقطنون المنطقة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح الهادي أن "اللغم الذي يحوي غلافاً مجهزاً للانفجار لا يتعرض للتلف مع تقادم الزمن ويشكل أخطاراً بالغة، خصوصاً المضاد للأفراد". ولفت إلى أن "شريحة الأطفال هي الأكثر تأثراً بمشكلة الألغام ومخلفات الحرب من مقذوفات وذخائر غير منفجرة، كثيراً ما يظنها الصغار مجرد ألعاب يعبثون بها، فتنفجر بهم، وأحياناً يجلبونها معهم إلى المنازل غير مدركين خطورتها وما يمكن أن تسببه من أضرار، إذ ليس لديهم الإدراك الكافي لتأثير المخلفات الحربية فيهم".
وفي شأن عملية النزع والتفكيك في مرحلة ما بعد توقف الصراع المسلح في السودان أفاد المتخصص في مجال التوعية بإخطار الألغام أن "هذه الخطوة تعد من التحديات التي تواجه الحكومة خلال الفترة المقبلة، لكنها تحتاج إلى دعم فني نظراً إلى تهالك وقدم المعدات المستخدمة في عمليات التطهير والنزع التي ظلت مستخدمة طوال 21 عاماً منذ 2002 حتى اليوم".
حملات منتظمة
من جانبها شرعت ولاية الخرطوم في مشاورات واتصالات واسعة مع الجهات المتخصصة لتهيئة الأوضاع في المناطق المحررة وجعلها صالحة للسكن بعدما طاول التدمير الأحياء السكنية والمرافق الخدمية. وعقد والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة اجتماعاً مع وفد المركز القومي لمكافحة الألغام، وتقرر تجهيز 10 فرق لعمليات الإزالة في منطقة أم درمان القديمة، إلى جانب تنظيم دورات قصيرة للشباب بالأحياء تهدف إلى نشر ثقافة الوعي بخطر المخلفات الحربية لتفادي وقوع إصابات ناجمة عنها.
وبحسب المركز القومي لمكافحة الألغام فإن فرق الإزالة دشنت عملها بمحلية أم درمان في السابع من أبريل الماضي، وحتى الآن تم جمع 633 مقذوفة و1046 من الذخائر المختلفة، في حين قال والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة إن "إزالة مخلفات الحرب تمثل أولوية قصوى في الوقت الحالي تمهيداً للمراحل المقبلة التي تستهدف إعادة خدمات المياه والكهرباء والاتصالات حتى يتمكن المواطنون من العودة والاستقرار". وأعلن حمزة دعم الولاية لأعمال إزالة مخلفات الحرب مع ضرورة تكثيف التوعية بأخطار الأجسام الغريبة والذخائر غير المنفجرة.