ملخص
حقاني، الذي صرح في وقت سابق بأنه أرسل ما لا يقل عن 1050 انتحارياً خلال حرب "طالبان" ضد النظام السابق في أفغانستان وقوات حلف "الناتو"، يعرف بين أنصاره باسم "الخليفة"، وهو لقب يطلق في الأدبيات الدينية على من يعتبر خليفة لأمير المؤمنين.
عاد سراج الدين حقاني وزير الداخلية في نظام "طالبان"، وزعيم "شبكة حقاني"، الجناح الأقوى في الحركة الذي يضم الانتحاريين، إلى مكتبه في وزارة الداخلية بعد غياب دام قرابة خمسة أشهر، وفي أول ظهور علني له منذ ذلك الحين، التقى المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أفغانستان زامير كابولوف.
وفي الصورة التي نشرت، في الـ23 من أبريل (نيسان) الماضي، من مكان لقاء سراج الدين حقاني الوفد الروسي، ظهرت نبتة زينة ذابلة بأوراق صفراء (يرجح أنها من نوع دراسينا فراغرانس)، مما يشير إلى أن أحداً لم يسمح له بدخول مكتب اللقاءات والاجتماعات خلال قرابة خمسة أشهر من غياب حقاني عن وزارة الداخلية، حتى لسقي تلك النبتة.
عقب مقتل وزير شؤون اللاجئين في حكومة "طالبان" وعم سراج الدين حقاني، خلیل الرحمن حقاني، فرضت تدابير أمنية مشددة على قادة الحركة، لا سيما قادة "شبكة حقاني". وقد قتل خليل الرحمن في الـ11 من ديسمبر (كانون الأول) 2024 داخل مقر عمله في وزارة شؤون اللاجئين، إثر هجوم انتحاري نفذه تنظيم "داعش". مقتل هذا القيادي البارز من عائلة حقاني دق ناقوس الخطر بالنسبة إلى سراج الدين، ودفعه إلى الابتعاد عن مكتبه مدة خمسة أشهر، مما زاد من حدة توتره وعدم رضاه عن أداء زعيم حركة "طالبان" ملا هبة الله آخوند زادة.
خلال هذه الفترة، زار سراج الدین حقاني كلاً من الإمارات والسعودية، لكنه امتنع عن الظهور العلني وتجنب إلقاء الخطب في أي تجمعات شعبية.
حقاني، الذي صرح في وقت سابق بأنه أرسل ما لا يقل عن 1050 انتحارياً خلال حرب "طالبان" ضد النظام السابق في أفغانستان وقوات حلف "الناتو"، يعرف بين أنصاره باسم "الخليفة"، وهو لقب يطلق في الأدبيات الدينية على من يعتبر خليفة لأمير المؤمنين.
زعيم حركة "طالبان" الذي يلقب نفسه بـ"أمير المؤمنين" أيضاً، حرص منذ توليه قيادة الحركة على انتزاع البيعة من قادة "طالبان" ورجال الدين وأساتذة الجامعات في أفغانستان.
فرضت "طالبان" على وسائل الإعلام الرسمية والخاصة في أفغانستان استخدام لقب "أمير المؤمنين" عند الإشارة إلى اسم الملا هبة الله، زعيم الحركة. وفي السياق نفسه أصدرت "شبكة حقاني" أوامرها لوسائل الإعلام أيضاً بأن تطلق على سراج الدين حقاني لقب "خليفة أمير المؤمنين". وفي الأشهر الأخيرة باتت وسائل الإعلام داخل أفغانستان تلتزم استخدام هذين اللقبين عند ذكر اسمي الزعيمين، إذ إن الامتناع عن ذلك قد يعتبر عداء لـ"طالبان".
ولم يتحدث سراج الدين حقاني علناً عن رغبته في تولي قيادة "طالبان"، بل ظل يؤكد الطاعة لتوجيهات ملا هبة الله آخوند زاده، ومع ذلك يرى المحللون أن سلوكه يشير إلى أنه الخليفة المنتظر الذي نفد صبره مع احتكار آخوند زادة وجناح قندهار السلطة في أفغانستان.
وقال العقيد المتقاعد في القوات الخاصة للجيش الأميركي والدبلوماسي السابق الذي خدم في أفغانستان رون ماكين، في مقال له بمجلة "ذا هيل"، إن "شبكة حقاني لم تعد تكتفي بالبقاء خلف الكواليس كمجرد مراقب، بل أصبحت اليوم مستعدة للعب دور مباشر في المشهد السياسي".
ويرى العقيد الأميركي أن حركة "طالبان" "لم تتحول إلى كيان موحد بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، بل انقسمت إلى جناحين: جناح قندهار وجناح حقاني"، ويضيف "لقد تم تقاسم السلطة بهدوء بين جناحين متنافسين: قندهاريون وهم متشددون وعقائديون ومنغلقون اجتماعياً، بينما في المقابل، شبكة حقاني تعرف ببراغماتيتها وصلاتها الاستخباراتية وحسها السياسي، وتاريخها الطويل في النشاط العسكري والسياسي"، ويؤكد أن "جناح قندهار" بقيادة هبة الله آخوند زادة دفع أفغانستان فعلياً نحو طريق مسدود بسياساته الانعزالية وفرض القيود الاجتماعية ورفضه التفاعل مع الخارج، بينما تتبنى "شبكة حقاني" نهجاً مختلفاً، ويتابع "أعضاء شبكة حقاني بقوا في الظل وراقبوا وصبروا ونسجوا التحالفات وتركوا الجناح الآخر يواجه غضب الشارع واستياءه، لكن يبدو أن مرحلة الصبر والمراقبة قد وصلت إلى نهايتها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشير ماكين في معرض تحليله بعض خطابات ومقابلات سراج الدين حقاني التي تضمنت انتقادات مبطنة لسياسات هبة الله آخوند زادة، إلى أن "هذا التغيير في النبرة، وإن لم يكن دليلاً على تحول كامل في نهج حكم ’طالبان‘، فإنه يعد مؤشراً إلى وجود انقسامات داخلية وسعياً إلى إيصال رسالة مختلفة إلى المجتمع الدولي"، ويواصل تحذيره من أن أعضاء "شبكة حقاني" ليسوا إصلاحيين ولا حلفاء للغرب، لكنهم واقعيون وبراغماتيون، ويعلمون أن الاقتصاد الأفغاني يوشك على الانهيار. ويشدد، أيضاً، على أن "شبكة حقاني ليست إصلاحية بالمعنى الغربي، وليست حليفة لنا، لكنها لاعب قوي يفهم جيداً معنى النفوذ واستخدام أدوات الضغط، ويدرك أن الاقتصاد الأفغاني لا يزال في حال حرجة"، ويؤكد أن على الولايات المتحدة ألا تترك الساحة لخصومها مثل الصين وإيران وروسيا، لأن هذه الدول لن تكترث لمعاناة الشعب الأفغاني وحسب، بل ستسعى فقط إلى السيطرة على موارده الاقتصادية.
وصحيح أن أياً من حكومات العالم لم تعترف بعد رسمياً بنظام "طالبان"، إلا أن علاقات هذا النظام مع روسيا والصين وإيران وقطر والإمارات وعدد من الدول الأخرى قد توسعت على المستويين السياسي والاقتصادي، كما باتت سفارات أفغانستان في هذه الدول تحت إدارة "طالبان".
بعد زيارة الوفد الأميركي برئاسة المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون السجناء آدم بوهلر، وبمشاركة زلماي خليل زاد، ازدادت آمال "طالبان" في توسيع علاقاتها مع الولايات المتحدة والحصول على إدارة سفارة أفغانستان في واشنطن. وفي أعقاب هذه الزيارة شُطبت أسماء سراج الدين حقاني واثنين من قادة شبكته من قائمة المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، كذلك ألغيت المكافآت التي تراوحت ما بين خمسة و10 ملايين دولار والتي كانت مرصودة لاعتقالهم.
نقلاً عن "اندبندنت فارسية"