ملخص
منذ الربع الأول من عام 2022 ومع الإعلان عن تخارج استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة تتجاوز 22 مليار دولار، بدأت الحكومة المصرية سلسلة من الإجراءات لوقف الارتفاعات المستمرة في سعر صرف الدولار وتأثير ذلك في التضخم الذي لامس مستويات قياسية
بعد أيام من إعلان البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة للمرة الأولى خلال أربعة أعوام، بدأت البنوك المصرية إعلان انتهاء دورة التشديد النقدي بخفض العائد على بعض شهادات الاستثمار، فيما قررت بنوك أخرى وقف إصدار عدد من شهادات الاستثمار مرتفعة العائد.
ومنذ الربع الأول من عام 2022 ومع الإعلان عن تخارج استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة تتجاوز 22 مليار دولار، بدأت الحكومة المصرية سلسلة من الإجراءات لوقف الارتفاعات المستمرة في سعر صرف الدولار وتأثير ذلك في التضخم الذي لامس مستويات قياسية.
وكان من بين هذه الإجراءات، رفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية في إطار امتصاص جزء كبير من السيولة النقدية التي كانت تعد أحد أهم مغذيات التضخم الذي كان يسجل ارتفاعات متتالية، لكن بعد رفع أسعار الفائدة والتدخل بصورة مباشرة في ضبط فاتورة الواردات، عادت الأسعار للهدوء وبدأت معدلات التضخم تتجه نحو مستهدفات البنك المركزي المصري.
بنوك توقف إصدار الشهادات البلاتينية
وفي ما يتعلق بتوجهات البنوك المصرية بعد قرار خفض أسعار الفائدة، كشف الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المصري محمد الإتربي عن أن لجنة الـ"ألكو" في البنك، "لجنة إدارة الأصول والخصوم"، قررت إيقاف إصدار الشهادات البلاتينية السنوية بجميع دورياتها، وخفض العائد على الشهادات البلاتينية "ثلاثة أعوام" بجميع دورياتها بنسبة اثنين في المئة.
ومن المقرر أن تطبق التغييرات اعتباراً من بعد غد الأحد في جميع فروع البنك وتطبيقاته الإلكترونية كافة.
وأوضح الإتربي أنه جرى تغيير العائد على الشهادة البلاتينية ذات العائد المتغير بقيمة 2.25 في المئة.
في السياق، قرر بنك مصر إجراء بعض التعديلات على الشهادات الادخارية اعتباراً من بعد غد، إذ قرر إيقاف إصدار شهادة "طلعت حرب" السنوية ذات العائد الثابت بجميع دوريات صرف العائد، وشملت التعديلات أيضاً خفض العائد على شهادة "ابن مصر" ذات العائد الثابت المتناقص لمدة ثلاثة أعوام بنسبة اثنين في المئة بمختلف دوريات الاستحقاق، وخفض العائد على شهادة القمة الثلاثية ذات العائد الثابت بنسبة اثنين في المئة.
وأوضح البنك أنه سبق إجراء بعض التعديلات، من بينها خفض العائد على "شهادة يوماتي" والشهادات الثلاثية ذات العائد المتغير بنسبة 2.25 في المئة، وحساب "سوبر كاش" الجاري والتوفير بنسب خفض 2.25 في المئة، لينخفض الحد الأقصى للعائد إلى 19.50 في المئة، بعد أن كان في نطاق 21.75 في المئة.
خفض أسعار الفائدة للمرة الأولى خلال 4 أعوام
وقبل أيام، خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ أكثر من أربعة أعوام من أعلى مستوى تاريخي لها، متوافقاً مع التوقعات، إذ قررت لجنة السياسة النقدية خفض أسعار العائد الأساسية بواقع 225 نقطة أساس، ليصل سعرا عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي إلى 25 في المئة و26 في المئة و25.5 في المئة على الترتيب، وقررت خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 225 نقطة أساس ليصل إلى 25.50 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر البنك المركزي أن خفض أسعار العائد الأساسية بواقع 225 نقطة أساس يعد "مناسباً للحفاظ على سياسة نقدية ملائمة تهدف إلى ترسيخ التوقعات ودعم المسار النزولي المتوقع للتضخم".
وأشار إلى أن الأداء الشهري لمعدل التضخم منذ بداية العام "بدأ بالاقتراب من نمطه المعتاد تاريخياً، مما يشير إلى تحسن توقعات التضخم"، مرجحاً أن يستمر التضخم في الانخفاض خلال عامي 2025 و2026، "وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بالربع الأول من العام الحالي".
وفي الوقت نفسه لمح البنك المركزي المصري إلى أن توقعات التضخم عرضة لأخطار صعودية "في ظل احتمال تجاوز إجراءات ضبط المالية العامة تأثيرها المتوقع، فضلاً عن حال عدم اليقين حيال تأثير الحرب التجارية الصينية- الأميركية الحالية والتصعيد المحتمل للصراعات الجيوسياسية الإقليمية".
تراجع ملحوظ للتضخم السنوي خلال الربع الأول
وجاء قرار خفض أسعار الفائدة متماشياً مع آراء 11 بنكاً استثمارياً، أجمعت على أن البنك المركزي المصري سيخفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه الأخير في أبريل (نيسان) الجاري بدعم من تباطؤ وتيرة التضخم في البلاد، وسط حذر مدفوع بحال عدم اليقين إزاء أوضاع التجارة العالمية بعد قرارات الرسوم الجمركية الصادرة عن الولايات المتحدة وردود الأفعال عليها.
وبالنسبة إلى التضخم السنوي، شهد الربع الأول من عام 2025 انخفاضاً ملحوظاً في التضخم بسبب التأثير المواتي لفترة الأساس إلى جانب الأثر التراكمي للتقييد النقدي وتلاشي أثر الصدمات السابقة، تحديداً تراجع التضخم السنوي العام والأساس إلى 13.6 في المئة و9.4 في المئة في مارس (آذار) الماضي على التوالي، وهو أدنى معدل للتضخم الأساس، في ما يقارب ثلاثة أعوام.
وبصورة رئيسة، يعزى انخفاض المعدل السنوي للتضخم العام إلى تراجع التضخم السنوي للسلع الغذائية من 45.0 في المئة في مارس عام 2024 إلى 6.6 في المئة خلال مارس الماضي.
وأظهر التضخم السنوي للسلع غير الغذائية تباطؤاً نسبياً في اتجاه الانخفاض، إذ تراجع من 25.7 في المئة في مارس 2024 إلى 18.9 في المئة خلال مارس الماضي، بسبب استجابته المتأخرة للصدمات السابقة وتأثير إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة.
إضافة إلى ذلك، بدأت التطورات الشهرية للتضخم منذ بداية العام الاقتراب من نمطها المعتاد تاريخياً، مما يشير إلى تحسن توقعات التضخم.
وعلى مدى العام الماضي، عقد البنك المركزي ثمانية اجتماعات تتعلق بالفائدة، قرر في ستة متتالية منها الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي عند 27.25 في المئة و28.25 في المئة و27.75 في المئة على الترتيب، بعد زيادة كبيرة لأسعار الفائدة في فبراير (شباط) ومارس من العام الماضي بمجموع 800 نقطة أساس.
وفي تعليقه، قال كبير الاقتصاديين في "أي أف جي القابضة" محمد أبو باشا إن "قرار البنك المركزي المصري بتيسير السياسة النقدية جاء مدفوعاً بارتفاع الفارق بين معدل الفائدة والتضخم، تحسباً للتحديات العالمية الراهنة وحال القلق التي تشهدها التجارة"، فيما أشارت المحللة الاقتصادية بشركة "الأهلي فاروس" إسراء أحمد إلى اتساع الفارق الإيجابي في معدلات الفائدة الحقيقية الذي كان نتيجة طبيعية لتباطؤ التضخم بفعل تأثير سنة الأساس.