ملخص
أثار تأميم "بريتش ستيل" البريطاني المملوك لشركة صينية توتراً متصاعداً في العلاقات التجارية بين المملكة المتحدة والصين، وسط تحذيرات من تسييس الاستثمارات، ومخاوف من تأثير ذلك في قطاعات حيوية مثل الخدمات المالية والتجارة الفاخرة والاستيراد المتبادل.
تدخلت حكومة المملكة المتحدة لاستعادة شركة الفولاذ البريطانية من مالكيها الصينيين، في خطوة غير مسبوقة قد تمثل أهم عملية تأميم في هذا القرن.
وقد اتهم وزراء الحكومة مالكي الشركة، شركة "جينغي" Jingye، بمحاولة تخريب مصنع سكونثورب.
وقال لوك دي بولفورد، مدير التحالف البرلماني الدولي بشأن الصين "إنها استراتيجية صريحة للحزب الشيوعي الصيني لتقويض القاعدة الصناعية للدول الأجنبية".
وعقدت الحكومة اجتماعاً مع ممثلي "جينغي" في محاولة لإنقاذ مصنع صناعة الصلب من الإغلاق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الوقت نفسه، تُحذرُ الصين المملكة المتحدة من "تسييس" قضية "بريتش ستيل" البريطانية، وفقاً لتقارير وكالة الأنباء الفرنسية، في خضم الانتقادات التي وجهها وزير الأعمال جوناثان رينولدز بشأن الملكية الصينية.
وقد حث لين جيان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، الحكومة البريطانية على "تجنب تسييس التعاون التجاري أو ربطه بالقضايا الأمنية، حتى لا يؤثر ذلك في ثقة الشركات الصينية في الذهاب إلى المملكة المتحدة".
ويضيف الإجراء الصارم المتخذ في شأن شركة الفولاذ البريطانية ضغطاً على علاقة المملكة المتحدة مع الصين، بخاصة وأن كليهما يستثمر في اقتصاد الآخر.
وتُظهر حرب ترمب التجارية الحالية أن الصين على استعداد للرد عندما تتعرض للضغط، حيث رفعت الرسوم الجمركية الحالية على السلع الأميركية إلى 125 في المئة.
الصلب البريطاني والاستثمار الصيني
أكد السيد رينولدز أنه يجب أن يكون هناك الآن "معيار ثقة عالٍ" عند التعامل مع الشركات الصينية.
وقال لمقدمي قناة "سكاي نيوز" يوم الأحد الماضي "أعتقد أنه يجب أن نكون واضحين بشأن نوع القطاع الذي يمكننا في الواقع الترويج له والتعاون فيه، والقطاع الذي لا يمكننا بصراحة أن نتعاون فيه".
وأضاف "شخصياً، لن أسمح بدخول شركة صينية إلى قطاع الصلب لدينا".
بشكل عام، بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني في المملكة المتحدة 4.2 مليار جنيه استرليني عام 2023، وفقاً للأرقام الحكومية.
لكن الاستثمار البريطاني في الصين كان في الواقع ضعف هذا الرقم، حيث بلغ 8.8 مليار جنيه استرليني في العام نفسه.
ومع ذلك، فقد انخفضت الاستثمارات المتبادلة لكلا الاقتصادين بشكل كبير منذ جائحة كوفيد، حيث انخفضت بنحو الثلث على كلا الطرفين.
نقطة توتر أخرى تتمثل في نظام تسجيل النفوذ الأجنبي الجديد في المملكة المتحدة (FIRS)، المقرر أن يدخل حيّز التنفيذ في الأول من يوليو (تموز).
في أواخر العام الماضي، أدت فضيحة تجسس مزعومة جديدة تتعلق بشخص صيني مقرب من الأمير أندرو إلى ضغوط من أجل تصنيف الصين ضمن فئة "تهديد عالي المستوى" عبر نظام تسجيل النفوذ الأجنبي الجديد.
والصين غير مدرجة حالياً إلى جانب روسيا وإيران، لكن بعض أعضاء البرلمان واللوردات أعربوا عن قلقهم بشأن سبب عدم إدراج الصين في الفئة التهديد المضاعف نظراً إلى "التهديد الكبير" الذي تشكله على أمن المملكة المتحدة.
وقد زعم المسؤولون أن الإغلاق الوشيك لمصنع سكونثورب كان جزءاً من محاولة لتخريب آخر مصنع للفولاذ البكر المتبقي في المملكة المتحدة- مما يجعل المملكة المتحدة تعتمد على الفولاذ البكر من الصين.
وقد صدرت الصين منتجات من الحديد والصلب بقيمة 288 مليون دولار خلال عام 2024، وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة للتجارة.
ومن غير الواضح مقدار الفولاذ البكر، الذي يجري إنتاجه مباشرة من خام الحديد والمعروف بقوته العالية، الذي يُصنع في مصنع سكونثورب التابع لشركة بريتيش ستيل البريطانية.
التجارة بين الصين والمملكة المتحدة: قطاع الرفاهية والإلكترونيات
تُعد الصين خامس أكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة، حيث بلغ إجمالي التجارة بين البلدين 89 مليار جنيه استرليني في العام حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.
ولكن التجارة بين البلدين تضاءلت، إذ انخفضت بنسبة 13 في المئة (13.3 مليار جنيه استرليني) عن العام السابق.
وشهدت الصادرات من المملكة المتحدة إلى الصين أكبر انخفاض في العام الماضي، حيث انخفضت بنسبة 17.4 في المئة.
وهناك نحو 86900 شركة في المملكة المتحدة تستورد السلع من الصين.
تعتمد المملكة المتحدة بشكل كبير على السلع من الصين، حيث تشكل 95 في المئة من جميع السلع المستوردة إلى المملكة المتحدة. كما أنها تشتري بضائع من الصين (53.9 مليار جنيه استرليني) أكثر مما تصدره (19.9 مليار جنيه استرليني).
وتتنوع المنتجات التي تستوردها من الصين بين التكنولوجيا والإلكترونيات، بما في ذلك الهواتف والسلع الكهربائية والسيارات مثل تلك المصنعة من قبل عملاق السيارات الكهربائية "بي واي دي" BYD.
وقد صدرت المملكة المتحدة أيضاً سيارات بمليارات الجنيهات إلى الصين العام الماضي، بقيمة 4.7 مليار جنيه استرليني؛ حيث تعد العلامات التجارية البريطانية مثل "رولز رويس" و"جاغوار لاند روفر" من أكبر اللاعبين في سوق السيارات الفاخرة.
وأصبح الصينيون يشترون المنتجات الفاخرة بشكل متزايد على نطاق أوسع، حيث حققت أسماء تجارية مثل "بيربوري" Burberry و"تشارلوت تيلبوري" Charlotte Tilbury مكاسب في السوق الصينية.
علاقات قوية في الخدمات المالية
في الوقت الذي يحذر فيه الوزراء البريطانيون من مشاركة الشركات الصينية في القطاعات الرئيسة، استفادت العديد من الشركات البريطانية من تقديم الخدمات في الصين وهونغ كونغ.
وتعد الخدمات المالية، مثل البنوك ومديري الاستثمار، واحدة من أكبر صادرات المملكة المتحدة إلى الصين وهونغ كونغ، حيث بلغت قيمتها 4.4 مليار جنيه استرليني في المنطقتين في العام حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.
عندما زارت المستشارة رايتشل ريفز الصين في يناير (كانون الثاني)، سعت إلى تعميق العلاقات الاقتصادية في مجال الخدمات المالية.
في ذلك الوقت، منحت الصين أخيراً تراخيص تجارية جديدة لشركات بريطانية رائدة مثل "شرودرز" Schroders و"أبردين إنفستمنتس" Aberdeen Investments (أبردن سابقاً).
ويُعد مصرف "أتش أس بي سي" HSBC و"ستاندرد تشارترد" من بين الشركات المالية البريطانية التي لها وجود طويل الأمد ومهم في الصين.
وإذا هددت المملكة المتحدة الاستثمار الصيني في المملكة المتحدة، فإن الخدمات البريطانية المصدرة إلى الصين وهونغ كونغ قد تواجه أيضاً اضطرابات في حال اختارت الصين الرد.
ومن أهم الخدمات الأخرى التي تُصدر إلى الصين، السفر (6.3 مليار جنيه أسترليني) وخدمات الأعمال الأخرى (1.2 مليار جنيه استرليني)، في حين قفزت صادرات النقل البريطانية بنسبة 26 في المئة لتصل إلى ما يقرب من مليار جنيه استرليني في الفترة نفسها.
© The Independent