ملخص
بعد هزيمة ريال مدريد (0 -3) أمام أرسنال، أطلق اللاعبون حملة إعلامية لصنع "أجواء الانتصار العكسي"، مستلهمين "وصايا خوانيتو" الأسطورية. برنابيو يتحول إلى ساحة حرب نفسية، حيث التاريخ والأسطورة يلعبان دوراً حاسماً. هل يستطيع أرسنال مقاومة الإرث الملكي؟
في الساعات التي أعقبت هزيمة ريال مدريد الإسباني بنتيجة (0 - 3) أمام أرسنال الإنجليزي، أصر اللاعبون المنكسرون على إيصال رسالة. بدأوا بنشر تغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي تؤكد أن المواجهة لم تنتهِ بعد، وقد يبدو هذا كلاماً مبتذلاً كالمعتاد من نجوم كرة القدم الحديثة، لكنه كان جزءاً من خطة أكثر تنظيماً.
هذه هي النسخة الحديثة من أول "متطلبات خوانيتو الـ10" لتحقيق الانتصارات العكسية، التي تشكل دليل النادي في مثل هذه اللحظات، والمتمثلة في بدء الحديث عن هزم الخصم فوراً في الحافلة أثناء العودة من مباراة الذهاب.
ارتبط اسم الجناح السابق بعمليات العودة المذهلة في ثمانينيات القرن الماضي، وسيتكرر ذكره بكثرة في الأيام القليلة المقبلة، حيث بدأت آلة ريال مدريد الإعلامية بالفعل في التحضير لخلق "أجواء الانتصار العكسي".
هناك القليل من الأجواء المشابهة في كرة القدم، وحتى الفرق التي تتمتع بتقدم كبير تشعر بالهزيمة بمجرد أن تبدأ أجواء ملعب "سانتياغو برنابيو" بالاحتدام، أو كما قال خوانيتو للاعب إنتر ميلان غراتسيانو بيني خلال العودة من (0 - 2) إلى (3 - 0) في نهائي كأس الاتحاد الأوروبي لموسم (1984 - 1985) فإن "90 دقيقة وقت طويل في سانتياغو برنابيو".
وحتى ثلاث دقائق قد تكون كافية، كما رأينا في نهاية مباراة (3 - 1) الشهيرة ضد مانشستر سيتي في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا (2021 - 2022).
جزء من هذا يعود إلى تلك "الهالة" الشهيرة التي شعر بها الجميع من مانشستر سيتي إلى بايرن ميونيخ وتشيلسي في ملعب "برنابيو"، وأرسنال على وشك مواجهة السيناريو ذاته، حيث يكون الملعب مشبعاً بالإيمان، ويشع عبر اللاعبين.
هذه ليست ثقافة مشجعين تحمل في هويتها أي عصاب كروي تقليدي، فإذا جلست في "برنابيو" في مناسبة كهذه، فستشاهد حتماً رجالاً في منتصف العمر يرتدون جاكيتات جلدية باهظة الثمن، يدخنون السيجار ويقولون "بالطبع لن نخسر. نحن ريال مدريد!".
الشك ليس جزءاً من المعادلة هنا، وحتى لو كانوا متأخرين بثلاثة أهداف في شوط المباراة الثاني ضد أرسنال، ستبدأ الهتاف "سي سي بوييد" أي (نعم نستطيع).
جزء آخر من ذلك يعود إلى التاريخ الذي صنع هذه الهالة، وهذا أحد الأسباب الذي جعل تجديد ملعب "سانتياغو برنابيو" بدلاً من الانتقال إلى ملعب جديد أمراً بالغ الأهمية، فعندما ينظر اللاعبون حولهم، يعلمون أنهم في مكان شهد كثيراً من التاريخ الكروي، الذي عزز عظمة النادي.
وقال هداف مباراة الفوز على سيتي رودريغو "اللاعبون الأصغر سناً مثلي فهموا أسطورة سانتياغو برنابيو في الليالي الأوروبية بعد هذه المباريات".
لا يوجد ناد نجح في العودة من تأخر هدفين في الأقل في مباراة الذهاب في الأدوار الإقصائية الأوروبية أكثر من ريال مدريد، حيث حقق الفريق الفائز بدوري الأبطال 15 مرة هذا الإنجاز تسع مرات، ويأتي برشلونة في المرتبة الثانية بثماني مرات، ثم مانشستر يونايتد بخمس مرات، وأربع من عمليات العودة هذه كانت في كأس الأبطال أو دوري الأبطال.
مباريات باريس سان جيرمان ومانشستر سيتي في موسم (2021 - 2022) غير مدرجة في هذه القائمة بالطبع، لأن ريال مدريد تأخر بهدفين فقط خلال مباريات الإياب، وقد أعطى فريق أنشيلوتي نفسه وقتاً أقل لمثل هذه الانتصارات العكسية ومع ذلك نجح في تحقيقها.
أكثر انتصاراتهم إثارة جاءت في موسمين مذهلين في كأس الاتحاد الأوروبي بشكله القديم في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، حين ولدت "روح خوانيتو"، حيث كان الجناح، الذي توفي في حادثة سيارة عام 1992، محورياً في كل هذه الانتصارات، وحقق ريال مدريد خمسة انتصارات عكسية في موسمين، وفاز بكأس الاتحاد الأوروبي في كلا الموسمين.
لذلك لا عجب أن النادي بدأ يشعر بأن كل شيء ممكن، وكانت تلك الأيام عندما كان دوري أبطال أوروبا يضم فقط أبطال الدوريات، لكن قوة المنافسة في كأس الاتحاد الأوروبي جعلته يعد بطولة أعلى مستوى، وحتى دييغو مارادونا لعب فيها أكثر مع نابولي.
بالنسبة إلى أرسنال، فإن البداية المشؤومة لهذا التاريخ كانت مع تأخر بثلاثة أهداف أمام ناد إنجليزي في كأس الأبطال، وحتى بعدما دمر ديربي كاونتي بقيادة ديف ماكاي ريال مدريد بنتيجة (4 - 1) في ملعب بيسبول غراوند القديم في موسم (1975 - 1976)، ظل الظهير الأيسر السابق خوسيه أنطونيو كاماتشو يردد في الحافلة أثناء العودة إلى لندن "سنفوز 6 - 0، سنفعل ذلك".
وكما قال فيسنتي ديل بوسكي الذي كان لاعباً في خط الوسط آنذاك "كنا مقتنعين تماماً أننا سنقضي عليهم رغم ذلك".
لم يسجل ريال مدريد ستة أهداف، لكنهم حققوا ما يكفي، بفوزهم (4 -1) في الوقت الأصلي قبل أن يسجل كارلوس سانتيلانا الهدف الخامس الحاسم في الأشواط الإضافية.
لاحظ خوانيتو حماس كاماتشو وأدرجه لاحقاً كأول متطلب في قائمته، المعروفة باسم "ديكالوغو دي خوانيتو" (الوصايا الـ10 لخوانيتو)، التي يعتقد أنها كتبت قبل مباراة الإياب في ربع نهائي كأس الأبطال (1979 - 1980) أمام سيلتيك، عندما عاد ريال مدريد من تأخره (2 - 0) ليفوز بنتيجة (3 - 0).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
سيتم تداول هذه القائمة كثيراً خلال الأيام المقبلة، وهي تسير على النحو التالي:
ابدأ الحديث عن تدمير الخصم في مباراة الإياب بمجرد صعودك إلى الحافلة بعد نهاية مباراة الذهاب.
ذكر الجميع كل يوم بأنك ستفوز، واكتب ذلك على جدران غرفة الملابس.
أرهب الخصم قبل المباراة من خلال التحديق في عيون لاعبيه لتجعلهم يظنون أنك قد تفعل أي شيء.
إذا فزت بقرعة البداية، فاختر تنفيذ الركلة الافتتاحية لتكون أول من يلمس الكرة.
توجه فوراً إلى منطقة جزاء الخصم واصنع فرصة تشعل حماس الجماهير.
ارتكب أول خطأ في المباراة واجعله قاسياً.
سدد أول كرة في اللقاء، واجعل صوتها مدوياً.
عد إلى الملعب مبكراً بعد الاستراحة، حتى يصل الخصم فيراك مستعداً.
لا تدع الخصم يدخل نصف ملعبك.
حافظ على أقصى درجات الحدة، وسط جمهور مندمج بالكامل في الأجواء.
سيحاول ريال مدريد تنفيذ معظم ما ذكر في مباراة، غداً الأربعاء. لكن لا شيء من ذلك يعد ضماناً للفوز، فهذه فقط هي الخدعة التي يحاول ريال مدريد إيهامك بها، ولكي يتمكن من تحقيق ذلك، سيحتاج إلى بذل جهد كبير، مع العلم أن لاعبيه ركضوا جماعياً مسافة تقل بـ12 كيلومتراً عن لاعبي أرسنال في مباراة الذهاب.
ويذكر أن ريال مدريد خسر 23 مباراة ذهاب في المنافسات الأوروبية لم يتمكن من تعويضها لاحقاً، منها 20 في كأس أوروبا ودوري أبطال أوروبا. وقبل أن يسحقه ميلان بنتيجة (5 - 0) في موسم (1988 - 1989)، قال رود خوليت، إنه ينبغي أن تتذكر أنك تلعب ضد الفريق، لا ضد القميص.
أرسنال في حاجة إلى خوض مباراة وكأنهم يتفوقون بثلاثية نظيفة، لا أن ينجرفوا إلى أجواء المباراة التي يرغب ريال مدريد في فرضها.
© The Independent