Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتبع ستارمر خطى ماكرون في الاعتراف بفلسطين؟

الاعتراف لا يتعلق بالانحياز إلى طرف من دون الآخر ولا بمكافأة الإرهاب أو انتزاع الشرعية من إسرائيل بل بالمساواة

يسجل لستارمر أنه يتعاون مع ماكرون في إدارة قضية أوكرانيا (أ ف ب/غيتي)

ملخص

يدعو فنسنت فين بريطانيا إلى الاعتراف بدولة فلسطين أسوةً بفرنسا، باعتباره خطوة قانونية وأخلاقية لا تمثل انحيازاً، بل تصحيحاً لمسؤولية تاريخية ودعماً لحل الدولتين، مؤكداً أن الاعتراف يعزز العدالة الدولية ويعيد التوازن في ظل الاحتلال الإسرائيلي المستمر وتقويض فرص السلام.

خلال الصيف المقبل، من المتوقع أن توائم فرنسا سياستها الخارجية مع القانون الدولي عن طريق الاعتراف بدولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل. وتتعاون فرنسا مع السعودية لوضع إطار عمل للسلام في الشرق الأوسط. وكل هذا جيد.

لكن أين تقف بريطانيا اليوم من هذا الموضوع؟ من الواجب أن يحتل هذا البلد موقع القيادة، لا أن يكون تابعاً.

فبلادنا تتحمل مسؤولية تاريخية، انطلاقاً من وعود إعلان بلفور التي لم تُحترم، ومن سوء تصرفنا في إدارة انتداب فلسطين حتى عام 1948. تستدعي القضية سرعةً في التحرك: ففي ظل حكومة بنيامين نتنياهو، تقوض إسرائيل بشكل ممنهج أي فرصة في التعايش السلمي بين دولتين- وهي السياسة التي تبناها الحزبان الرئيسان في الحكومات البريطانية المتعاقبة.

يُحسب لكير ستارمر أنه يتعاون مع إيمانويل ماكرون في إدارة قضية أوكرانيا والتعامل مع الولايات المتحدة في هذه الحقبة الجديدة. ومقابل التقلب الأميركي، تبرز الحكمة في تحركات ستارمر منذ يوليو (تموز)، التي هدف من خلالها إلى استعادة روابطنا بشركائنا الأوروبيين وتعزيزها في مجالات السياسة الخارجية والدفاع والهجرة. يجب أن تحتل قضية إسرائيل وفلسطين مكانة رئيسة في هذا الجهد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

انتُخبت حكومتنا على أساس تعهد بالاعتراف بدولة فلسطين واحترام القانون الدولي من دون أي خوف أو تمييز. علينا أن نكون قدوة في أوروبا والكومنولث بشكل يتماشى مع قيمنا ومصالحنا القومية. وما يصب في مصلحتنا هو حكم القانون.

لكن بالنسبة إلى بريطانيا، لا ترتبط هذه المسألة بالدبلوماسية وحدها- بل أيضاً بالعدالة وتحمل مسؤولية تاريخية. منذ ما يربو على قرن من الزمن، تفاوضت بريطانيا وفرنسا في السر لإبرام اتفاقات سايكس-بيكو وتقسيم المناطق العربية التابعة للسلطنة العثمانية إلى مناطق نفوذ تابعة لهما. أعلنت عصبة الأمم الانتداب البريطاني على فلسطين الذي كانت مهمته المعلنة مساعدة الشعب في تحقيق الاستقلال.

لكن هذا الوعد لم يتحقق. وشُردت غالبية سكان البلاد من عرب فلسطينيين وهُجرت.

منذ عام 1967، تقبع فلسطين تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي. في يوليو (تموز) الماضي، أفادت محكمة العدل الدولية بعدم شرعية احتلال عام 1967؛ وعلى كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة العمل بالتالي على إنهائه بأسرع وقت ممكن. وعدم الاعتراف بدولة فلسطين يطيل أمد ذلك الاحتلال غير الشرعي.

لا علاقة للاعتراف بفلسطين بالانحياز إلى طرف من دون الآخر، ولا مكافأة الإرهاب، ولا نزع الشرعية من إسرائيل. بل بالمساواة في المكانة ومعالجة اختلال عميق في التوازن في العلاقات الدولية مع الامتثال التام للقانون الدولي.

تعد إسرائيل التي أُنشئت عام 1948، واعترفت بقيامها فوراً الولايات المتحدة ثم بريطانيا ودول كثيرة أخرى، عضواً كاملاً في النظام العالمي. لكن فلسطين لا تزال عالقة في حالة انتقالية- ضبابية. لا يمكن لبريطانيا الاستمرار بزعم تأييدها لحل الدولتين فيما ترفض الاعتراف بإحداهما.

ولا يوجد أي عائق قانوني أمام الاعتراف بدولة فلسطين. في عام 2011، أكد ويليام هيغ، وزير الخارجية آنذاك، أن فلسطين تلبي شروط الدولة الخاضعة للاحتلال. وقد أفادت محكمة العدل الدولية بأن الاحتلال غير شرعي. إن حكومتنا تعترف بالدول وليس بالحكومات، وتقول إن قرار الاعتراف يعود لنا وحدنا- فالاحتلال لا يمنح إسرائيل حق النقض؛ 147 من أصل 193 دولة تعترف بدولة فلسطين. في عام 2012، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية ساحقة منح فلسطين وضع دولة غير عضو لها صفة المراقب.

أكدت حكومتنا ومحكمة العدل الدولية والأمم المتحدة مراراً وتكراراً أن الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وغزة هي أراض فلسطينية محتلة وليست أراضي إسرائيلية. ويعتبر استمرار توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية انتهاكاً لاتفاقية جنيف الرابعة وقد أدانته عدة قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي ووصفته بأنه غير شرعي، من بينها القرار 2334 الصادر في عام 2016 وهو قرار شاركت بريطانيا في صياغته.

لن يمس اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين ضمن حدود ما قبل يونيو 1967 بمفاوضات الحل النهائي ولن يشكك في حق إسرائيل بالوجود في سلام وأمان. بل يعيد التأكيد على تمتع الشعب الفلسطيني بالحق في تقرير المصير وإقامة الدولة، إسوةً بإسرائيل، ويبعث رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي لن يقبل بالضم الأحادي للأراضي ولا بالاحتلال إلى أجلٍ غير مُسمى. وكما أفادت محكمة العدل الدولية في فتواها الصادرة عام 2004 بشأن جدار الفصل الإسرائيلي في الضفة الغربية، يفرض الواجب القانوني لكافة الدول عليها عدم الاعتراف بالوضع غير الشرعي الناتج من التصرفات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.

يذهب البعض إلى أن الاعتراف يجب أن يحدث فقط نتيجة لمفاوضات أو أن يكون جزءاً من "عملية سلام". لكن الحجة الجيوسياسية التي تؤيد الاعتراف بدولة فلسطين الآن قوية.

في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى توسيع رقعة التطبيع الإقليمي بين إسرائيل والدول العربية، سوف يشكل اعتراف الحكومات الأوروبية الرئيسة بدولة فلسطين - وقد أعلنت إسبانيا وإيرلندا والنرويج العام الماضي أنها تعترف بدولة فلسطينية ضمن حدود ما قبل حرب 1967- قوة سياسية حيوية موازية [تكسر الهيمنة وتقيد بالقانون]-  يذكر كل الأطراف بأنه لا يمكن تنحية حقوق الفلسطينيين ولا تجاهلها.

وتعتزم فرنسا تنسيق مسألة الاعتراف بدولة فلسطين مع مساعي دول عربية للاعتراف بدولة إسرائيل، ربما ضمن إطار عمل أوسع للسلام. وعلى بريطانيا أن تدعم هذا النهج القائم على مسار مزدوج، وتعزز تصور نشوء دولتين متجاورتين تعيشان معاً بسلام.

أسهمت بريطانيا الامبريالية في رسم حدود الشرق الأوسط الحديث، جيدة كانت أم سيئة. وأمام حكومتنا الآن فرصة سانحة لمساعدة شعوب الشرق الأوسط كي تعيد صياغة مستقبل المنطقة، عبر الاضطلاع بدور قيادي.

 

شغل السير فنسنت فين منصب القنصل العام للمملكة المتحدة في القدس وهو أحد القيمين على "مشروع فلسطين بريطانيا" (britainpalestineproject.org)

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء