ملخص
من الناحية الاقتصادية تعد السعودية ثاني أكبر شريك تجاري لألمانيا في العالم العربي بعد الإمارات، فيما تحتل ألمانيا المرتبة الرابعة بين الدول المصدرة إلى السوق السعودية.
أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اليوم الإثنين، محادثات مع الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي حط رحاله في السعودية الأحد ضمن جولة تستمر أربعة أيام، تشمل الأردن وتركيا أيضاً، بحسب ما أفادت الرئاسة الألمانية.
ويحمل شتاينماير الذي يؤدي دوراً رمزياً في السياسة الألمانية خصوصاً الشؤون الخارجية، مهمة تعزيز العلاقات الدولية في هذه الزيارة التي كانت تأجلت في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2024 بسبب انهيار الحكومة الألمانية بقيادة أولاف شولتز.
وفي غضون ذلك، اجتمع وزير المالية الألماني يورغ كوكيز مع نظيره السعودي محمد الجدعان وركزت المحادثات على دفع عجلة التنمية المالية وتعزيز الروابط القوية بين البلدين.
وأجرى الوزير الألماني نقاشاً محورياً مع وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، سلّطا خلاله الضوء على التحديات والفرص وتعزيز التعاون في مجال الطاقة بين البلدين، ووقعا مذكرة تفاهم "الجسر السعودي- الألماني للهيدروجين الأخضر" للتعاون في إنتاج ونقل وتصدير الهيدروجين والأمونيا الخضراء.
واجتمع كوكيز مع وزير التجارة السعودي ماجد القصبي لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وتطوير الفرص بين البلدين، والتقى كذلك وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح لفتح آفاق جديدة في التعاون الاستثماري.
اجتماع الطاولة المستديرة السعودي - الألماني
ورأس وزير المالية السعودي محمد الجدعان في مدينة الرياض اجتماع الطاولة المستديرة السعودي- الألماني، الذي يهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وبحث سبل التعاون المشترك، بمشاركة عدد من أكبر شركات القطاع الخاص من الجانبين.
وخلال الاجتماع، أكد الجدعان أن ألمانيا تُعد شريكاً اقتصادياً رئيسياً للمملكة، حيث عمل الجانبان على تعزيز التعاون الاقتصادي، كما استعرض أبرز جوانب رؤية المملكة 2030 ومنجزاتها، بما في ذلك التشريعات التي مكنت القطاع الخاص من المشاركة في العملية التنموية بما يحقق مكاسب لجميع الأطراف، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء السعودية "واس".
وفي هذا الجانب، أكد وزير المالية السعودي أن المملكة عملت العديد من الإصلاحات التي تمثل محركات للاستثمار الأجنبي المباشر، بما في ذلك تحديث قانون الاستثمار وتبسيط لوائحه لتعزيز التنافسية.
ونوّه بأن المملكة تتمتع بمتانة مالية، تتمثل بنسبة منخفضة من الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، مع استمرار الإيرادات غير النفطية في النمو، مما يجعلها علامات نجاح كبيرة لاقتصاد متين.
وأشار الجدعان إلى أن الأنشطة غير النفطية وصلت إلى 52 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الربع الثالث من العام 2024، مدفوعة بالاستثمار والصادرات غير الحكومية، وأن المملكة تمتلك أحد أسرع أسواق رأس المال نمواً وتطوراً في العالم.
وأوضح أن رأس المال البشري السعودي وخبرته في كل من الطاقة التقليدية والمتجددة، والقوة الصناعية والتصنيعية لألمانيا جزء من العلاقة السعودية- الألمانية المستمرة، التي تسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، إذ تستورد المملكة العديد من السلع والمركبات الميكانيكية الألمانية.
وقعت شركة #أكوا_باور مذكرة تفاهم مع الشركة الألمانية سيفي لتأمين إمدادات الطاقة لأوروبا، بهدف إنشاء جسرٍ لتوريد الهيدروجين بين السعودية وألمانيا، والتي تركز على تصدير 200 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2030 pic.twitter.com/0cHZTdV5pq
— مشاريع السعودية (@SaudiProject) February 3, 2025
وناقش الاجتماع أبرز التطورات الاقتصادية في السعودية وألمانيا، كما جرى خلاله بحث فرص التعاون بين القطاعات الخاصة في مجالات الطاقة المتجددة والبتروكيماويات والتعدين والرعاية الصحية والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والبنية التحتية والنقل والخدمات اللوجستية والخدمات المالية وبخاصة السياحة. كما استعرضت كل من وزارة الاستثمار والمركز الوطني للتخصيص وبرنامج تطوير القطاع المالي أبرز الإنجازات المتحققة والفرص الاستثمارية المتاحة.
علاقات تاريخية
وتعود العلاقات بين السعودية وجمهورية ألمانيا الاتحادية لعام 1929، عندما وقع الملك عبد العزيز اتفاق صداقة بين البلدين. وعام 1938، عيّن السفير الألماني في بغداد فريتز غروبا أول ممثل غير مقيم لبلاده لدى السعودية.
وبعد استعادة ألمانيا الاتحادية سيادتها إثر الحرب العالمية الثانية، قررت السعودية إعادة علاقاتها معها عام 1954.
وفي 1977، أسس البلدان لجنة للتعاون المشترك في المجالين الاقتصادي والتقني بهدف تعزيز التعاون في القطاعات كافة، خصوصاً أن السعودية تعتبر ثاني أهم شريك تجاري لألمانيا في العالم العربي من الناحية الاقتصادية.
ومنذ ذلك الحين، أسهم الحوار المستمر بين البلدين في تعزيز التعاون وتنسيق الرؤى تجاه كثير من القضايا الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وشهدت العلاقات الثنائية تطورات ملموسة، تجسدت في اللقاءات المستمرة بين قيادتي البلدين.
ومن أبرز هذه اللقاءات، لقاء الملك سلمان بن عبد العزيز والمستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل في شرم الشيخ خلال مؤتمر القمة العربية- الألمانية في فبراير (شباط) عام 2019.
واستقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، المستشار الألماني أولاف شولتز في سبتمبر (أيلول) عام 2022 في مستهل جولة خليجية وسط بحث برلين عن شراكات عدة نتيجة تفاقم أزمة الطاقة التي تواجهها دول أوروبية بسبب التداعيات الناجمة عن الحرب الروسية- الأوكرانية، وفقاً لوكالة الأنباء (واس).
وفي سبتمبر 2024، استقبل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في الرياض وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ضمن جولتها في الشرق الأوسط التي بدأت من الرياض ثم الأردن والضفة الغربية في مسعى لدعم الجهود الدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار في غزة.
علاقات اقتصادية
ومن الناحية الاقتصادية، تُعدّ السعودية ثاني أكبر شريك تجاري لألمانيا في العالم العربي بعد الإمارات، فيما تحتل ألمانيا المرتبة الرابعة بين الدول المصدرة إلى السوق السعودية.
وتشمل الصادرات الألمانية إلى المملكة الآلات والمركبات والمنتجات الكيماوية والسلع الكهربائية والهندسة الدقيقة والبصرية.
وبلغت قيمة واردات السعودية من ألمانيا خلال عام 2023 نحو 34.2 مليار ريال سعودي (9.11 مليار دولار)، مسجلة بذلك ارتفاعاً بنسبة 14.1 في المئة مقارنة بالسنة السابقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتسعى برلين إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع الرياض، لا سيما في قطاعات تنويع الاقتصاد وإصلاح التعليم وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وزيادة تمكين المرأة في سوق العمل، إضافة إلى تطوير السياحة والثقافة والتعدين.
وبلغ رصيد ألمانيا من الاستثمار الأجنبي المباشر مع السعودية 14.7 مليار ريال سعودي (3.91 مليار دولار) بنهاية عام 2023، وفق بيانات وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية.
وفي المجال الثقافي، أبرمت الدولتان اتفاق تعاون دخل حيز التنفيذ عام 2006، وأسست ألمانيا مدارس في كل من جدة والرياض، كما ترتبط خمس مؤسسات أكاديمية سعودية وألمانية باتفاقات تعاون علمي وتعليمي، بينما يُعدّ توسيع البرامج الثقافية أحد المحاور الرئيسة لــ"رؤية السعودية 2030"، وفقاً لموقع وزارة الخارجية الألمانية.
وبرلين رابع أكبر مورد للرياض وتبلغ الصادرات السعودية إلى ألمانيا أكثر من 216 مليون يورو (ما يفوق 209 ملايين دولار أميركي)، وفق "واس".
وفي مارس (آذار) عام 2024، عقد في برلين منتدى الاستثمار السعودي بحضور وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والعمل المناخي الألماني أودو فيليب.
وناقش المنتدى تعزيز الشراكة بين المملكة وألمانيا في المجالات التجارية والاستثمارية، مع التركيز على الطاقة النظيفة والتقنيات الحديثة، إضافة إلى توقيع سبع مذكرات تفاهم في مجالات الصناعات الكيماوية والتكنولوجيا. وكان المنتدى نُظم ضمن زيارة الفالح بهدف تعزيز التعاون والاستثمارات المتبادلة في القطاع الخاص لدى البلدين.
ويمثل المكتب الألماني- السعودي للشؤون الاقتصادية (GESALO) المصالح التجارية الألمانية في الرياض، فيما تُعدّ اللجنة الاقتصادية المشتركة (GWK) منصة سعودية- ألمانية تجمع ممثلين من الحكومة وقطاع الأعمال لمناقشة آفاق التعاون المشترك، وفقاً لوزارة الخارجية الألمانية.