ملخص
ولاية ترمب الثانية قد تؤدي إلى زيادة الديون والتضخم بسبب الرسوم الجمركية، بينما تستفيد قطاعات مثل المصارف والموارد الطبيعية، وعموماً تبقى الأسواق قلقة من تأثيرات خططه الاقتصادية على الاقتصاد العالمي.
قطار ترمب أكمل تحضيراته وبات جاهزاً للانطلاق. هل سيكون قطاراً فائق السرعة، يهتز ويتأرجح مثل نظيره في فيلم "قطار سريع" (بوليت ترين) Bullet Train الذي أدى فيه براد بيت دور البطولة، إذ تقاتل الركاب في ما بينهم؟ أم أن الرحلة الواقعية ستكون أكثر سلاسة من السينمائية؟
لا أحد متأكد تماماً مما سيفعله ترمب بعد ذلك، لكن هذه الإدارة أفضل استعداداً – أفضل استعداداً بكثير – منها في الولاية الرئاسية السابقة. إذا أراد ترمب أن يكون مثيراً للفوضى، هو أكثر استعداداً للقيام بذلك.
قد يكون أهم مجال يستدعي المراقبة، من منظور بريطانيا، هو سوق السندات. تتطلب خطط ترمب لخفض الضرائب والإنفاق أن يصدر مزيداً من الديون. عندما يغرق بائع سوقاً بمنتج، تصبح الميزة من نصيب المشتري إذ يمكنه المطالبة بصفقة أفضل؛ وتذكروا أن الولايات المتحدة هي بالفعل أكبر جهة بائعة في العالم لسندات الدين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يعاود مصطلح "حراس سوق السندات" الظهور. وقد ظهر للمرة الأولى عند انتخاب بيل كلينتون عام 1992. على غرار ترمب، اكتسح كلينتون السلطة بتفويض انتخابي قوي، لكنه وجد نفسه مضطراً إلى زيادة الضرائب وخفض الإنفاق والسبب، نظرياً، رفض عدد قليل من تجار السندات خططه.
في الواقع، الأسواق أكبر من أن يتحكم بها عدد قليل من المتداولين. فهي تشمل أعداداً كبيرة من المستثمرين المؤسسيين، بعضهم سيادي والبعض الآخر خاص، وتُدار بوجهة النظر الغالبة بين هؤلاء المستثمرين، الذين تحفزهم مصالحهم الشخصية بدلاً من السياسة. ومع ذلك، قد يواجه ترمب نفس المشكلات التي واجهها كلينتون إذا عارض المستثمرون خططه.
في نهاية المطاف، تبلغ ديون أميركا ضعف ما كانت عليه عام 1992، وكما هي الحال في بريطانيا، تعادل نحو 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وإذا صدقت التوقعات، قد تتجاوز الديون بسهولة في نهاية المطاف المستويات المسجلة خلال الحرب العالمية الثانية.
وعد ترمب ببرنامج صارم لخفض الهدر الحكومي للمساعدة في تمويل خططه، بمساعدة الصديقين الحميمين الدائمين إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، الرئيسان المشاركان لإدارة الكفاءة الحكومية (دوجي).
لكن يُقَال إن حضور راماسوامي بات ثقيلاً وهو يفكر في الترشح لمنصب حاكم ولاية أوهايو. إلى جانب ذلك، لن تكون إدارة الكفاءة الحكومية – على رغم اسمها – وكالة فيدرالية كاملة الأوصاف، بل مجرد مصدر "للمشورة والتوجيه من خارج الحكومة".
من السهل جداً على السياسيين التحدث عن خفض الهدر، لكن التاريخ يخبرنا أن تحقيقه في الممارسة العملية أصعب بكثير من قوله. ستأتي الوفور الحقيقية من خفض الإنفاق العام على بنود مثل الامتيازات، لكن هذا لا يلقى ترحيباً لدى الناخبين. جزء من السبب وراء القلق الأخير في أسواق السندات يعود إلى المخاوف بشأن ما قد تفعله إدارة ترامب الثانية فعلياً.
واستجابت الأسهم في شكل أكثر إيجابية لفوز ترمب في الانتخابات، أقله في البداية. تحب وول ستريت إلغاء القيود التنظيمية والوعود بخفض الضرائب. ثم أطل نادي أصحاب المليارات الشبان المؤلف من مارك زوكربيرغ وجيف بيزوس وغيرهما ممن سعوا إلى الحصول على حظوة، وتعهدوا بموالاة الإدارة الجديدة؛ هذا تطور مختلف تماماً عما حدث خلال رئاسة ترمب الأولى. لكن احتفال وول ستريت بعد الانتخابات لم يدم طويلاً، حيث خسرت المؤشرات الرئيسة في أميركا – "ستاندرد أند بورز 500" و"ناسداك المركب" و"داو جونز" – جزءاً كبيراً من المكاسب التي حققتها فور صدور نتيجة الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني).
قد تكون بعض خطط ترمب، ولا سيما الرسوم الجمركية على الاستيراد التي نوقشت كثيراً، لا تحظى بشعبية كبيرة بين أصدقائه من أصحاب الشركات، وفي طليعتهم أولئك الذين يملكون سلاسل إمداد معقدة في الخارج. وليس توطين سلاسل الإمداد [أي نقلها إلى الداخل] هذه شيئاً يمكن تحقيقه بين عشية وضحاها وسيكون مكلفاً؛ ستقع هذه الزيادات في التكاليف على عاتق المستهلكين، ما سيؤدي إلى تأجيج التضخم.
وانتشرت تقارير متضاربة حول كيفية حدوث ذلك. ستكون الصين والمكسيك وكندا أولى البلدان المستهدفة. تتخيل حكومة المملكة المتحدة باعتزاز أنها ستنجو من ذلك. ("وينبع عصير الليمون ويغني الطائر الأزرق في جبل حلوى الصخور الكبيرة"، كما تقول الأغنية الشهيرة المتفائلة). إذا تمكن كير ستارمر بطريقة ما من تأمين اتفاق مع الولايات المتحدة، سيكون ذلك إنجازاً مهماً؛ لا تتخيلوا أن ذلك سيكون سهلاً.
إذا تسببت حرب تجارية عالمية في ارتفاع معدلات الفائدة، فستكون النتيجة زيادة في تكاليف الاقتراض – وهذه أخبار سيئة للقطاعات المعتمدة على التصدير في بريطانيا وأوروبا.
وعلى المقلب الآخر، ستحصل قطاعات مثل المصارف والموارد الطبيعية على دفعة من ميل ترمب الغريزي إلى إلغاء القيود التنظيمية. ستفضل قطاعات الموارد الطبيعية سوق الأسهم في المملكة المتحدة التي تضم كثيراً من الشركات العاملة في هذه القطاعات. وستكون العملات المشفرة رائجة أيضاً بفعل حماسة ترمب لها.
ولا تنسوا الذهب، وهو ملاذ آمن تقليدي في مواجهة الغموض والتضخم. قد يكون الذهب أكثر رواجاً من "جولة العصور" التي قامت بها المغنية تايلور سويفت حول العالم.
© The Independent