ملخص
يحرص بعض الفنانين على أن يكون مديرو أعمالهم من أفراد العائلة لكي يحفظوا أسرارهم كما في حالات راغب علامة ووائل كفوري ونوال الزغبي ومحمد رمضان وتامر حسني وغيرهم.
يحرص بعض الفنانين على إخفاء أزماتهم للحفاظ على صورتهم العامة، خصوصاً تلك التي تخفي جوانب مظلمة كالإدمان والعلاقات السامة والضغوط النفسية والمشكلات القانونية، وغالباً ما يعتمد مديرو الأعمال وشركات الإنتاج على استراتيجية تهدف إلى حماية سمعة الفنان والحفاظ على مصالحه المهنية. ففي حالات الإدمان يسارعون إلى احتواء الأزمة بصورة سريعة لتقليل الأضرار وإصدار بيانات إعلامية رسمية واتخاذ إجراءات قانونية لتخفيف التأثير في الفنان والتعامل مع اختصاصيين في الإعلام والعلاقات العامة لمساعدته في توجيه الرأي العام والتواصل مع وسائل الإعلام، وإعادة تأهيله وفق برامج علاجية وعلى المستويين النفسي والجسدي وإصلاح صورته لاستعادة ثقة الجمهور عبر وجوده في الأعمال الخيرية أو ظهوره بمظهر النادم الذي يتعلم من أخطائه.
أما في حالات المشكلات القانونية، فيجري توظيف فريق قانوني متخصص للدفاع عنه أو التفاوض لتسوية القضايا بأقل قدر من الضرر واستخدام النفوذ والعلاقات مع وسائل الإعلام للتحكم في نوعية الأخبار التي تنشر حوله وتدريبه على كيفية التحدث عن الأزمة أو تجنب التحدث عنها في المقابلات لإظهاره بصورة متماسكة أمام الجمهور، وعندما ترتبط الأزمة بعلاقات سامة أو شخصية تقدم له النصائح حول كيفية التعامل مع الشريك أو الأفراد المعنيين في الأزمة بما فيها الانفصال المدروس أو تسوية الأمور بين الجانبين بعيداً من الأضواء.
وفي بعض الأحيان، يتعمد فنانون الترويج للأزمات لجذب الانتباه وتسليط الضوء على حياتهم، مما يعرف بـ"التسويق السلبي" أو "إثارة الجدل" بهدف زيادة الشهرة والانتشار أو الترويج لعمل جديد وإعادة الحياة المهنية بعد فترات الركود، والتحكم بالرأي العام عبر تضخيم الأزمات الشخصية أو حتى اختلاقها لتغيير مسار الحوار العام عن قضية سلبية أكبر أو لإبعاد الانتباه من فضيحة خطرة مع أن هذا الأسلوب سيف مسلط على رقبتهم لأنه يمكن أن يؤدي إلى انقلاب الجمهور على الفنان إذا شعر بأن الأزمات مفبركة غير صادقة، كما أن بعضها يؤثر سلباً في سمعة الفنان ومسيرته المهنية.
مديرو أعمال من الدم نفسه
يحرص بعض الفنانين على أن يكون مديرو أعمالهم من أفراد العائلة لكي يحفظوا أسرارهم كما في حالات راغب علامة ووائل كفوري ونوال الزغبي ومحمد رمضان وتامر حسني وغيرهم، ويقول ماجد الحلاني ابن عم الفنان عاصي الحلاني في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إن "الوضع تغير اليوم بوجود شركات تدير أعمال الفنانين. وفي مرحلة البدايات قدمت شركة ’ستوديو الفن‘ الدعم والمساندة لعاصي وعندما زاد عدد الفنانين فيها فضل التعامل معي لإدارة أعماله وكذلك فعل راغب علامة الذي سلم إدارة أعماله لشقيقه لأن الدم واحد والبيت واحد ولكي تكون الأسرار بأمان".
ويرى الحلاني أن الشركات تشترط تسلمها كل ما يتعلق بالإعلام الخاص بالفنان وتمنعه من التعبير عن رأيه حتى في القضايا الوطنية، وتتلاعب بأرقام مشاهدات أعماله وتبالغ فيها، مما يعني أن كل شيء مزيف لذلك لا يكون نجاحه ثابتاً كما في حالات الفنانين الذين يختارون مديري أعمالهم بعيداً منها والذين يتعبون من أجل الفنان لكي يكون نجاحه ثابتاً وبعيداً من الكذب والرياء كما أنهم العين الساهرة التي تنجز كل أعماله العالقة".
ويردف "أنا كاتم أسرار عاصي ولا أحد يعرف القشة بيننا"، متسائلاً "هل سمع أحد خبراً سيئاً عن عاصي؟، هذا مستحيل لأنني أحرص على إخفاء أخطائه، فكلنا بشر وكلنا يمكن أن نخطئ، مما يعني أن الفنان الناجح الذي يتعامل مع إدارة أعمال موثوقة وناجحة ’لا يعلِّم عليه أحد‘، بينما تسرب الشركات أخبار الفنان عندما تدب الخلافات بينهما". ويتابع أن "ليست هناك أسرار خطرة في حياة عاصي والسر الوحيد الذي أخفاه لمدة عام كان زواجه ولكنه واحد من أسرار كثيرة لا يمكن البوح بها".
شبهة وملاحقة
في المقابل طلب مسؤول إداري في شركة إنتاج لبنانية كبيرة تعمل على إدارة أعمال الفنانين والتسويق لها وإنتاجها عدم ذكر اسمه عندما تحدث عن دور الشركة في نشر أخبار الفنانين المثيرة للجدل، قائلاً "الناس يتابعون الفنان الذي يحبونه على الـ’سوشيال ميديا‘ ونحن ننشر أخباراً عنه أو أعمالاً له لإرضائهم ولكننا لا ننشر أخباراً مثيرة للجدل إلا في حالات قليلة كما في حالة ميريام فارس التي اشتهرت بمناطق مثيرة في جسدها قبل فنها وكنا نصورها بطريقة معينة ونركز على هذه الأجزاء أو في حالة عزيز عبده الذي قدمناه بفيديو كليب جريء جداً وكله إيحاءات ولكنه لم ينجح، ويكفي إشعال الفتيل بنشر صور أو أخبار معينة تنتقدها الصحافة ويتداولها الناس لتسليط الأضواء على الفنان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"أي فنان في الشركة يتعاطى مخدرات يلحق الأذى بنفسه ويضعنا في دائرة الشبهة ويعرضنا للملاحقة من الجهات المتخصصة"، بحسب رأيه قبل أن يضيف "يمكن أن يقال إن فنان ما يتعاطى في المكتب أو أننا كنا معه في أحد الفنادق، لذلك نحن لا نتهاون أبداً ونحاول منعه بكل السبل المتاحة وسبق أن حذرنا فناناً متعاقداً معنا فتوقف عن التعاطي لفترة معينة ثم عاد إليه مجدداً وأُوقف ولكنه كان قد غادر المكتب. أما المشكلات القانونية، فنحن عانينا مشكلتين الأولى مع مي حريري تم حلها بتدخل الراحل ملحم بركات وأسقطنا الدعوى، والثانية مع إليسا التي حاولنا لمدة عام كامل أن نحلها عن طريق المصالحة لكنها رفضت وأجبرنا على اللجوء إلى القضاء".
وفي ما يخص المشكلات القانونية التي تتعلق بالنصب والاحتيال أو إصدار شيكات، أوضح "تغاضيت بـ’شخطة‘ عن 150 ألف دولار لأحد الفنانين لأنه يدخل ملايين الدولارات سنوياً، ونحن كشركة يهمنا أن تظل صورة الفنان ناصعة والإضاءة على الجوانب الإيجابية وإخفاء نقاط ضعفه، بخاصة أن كل فنان لديه نقاط ضعف معينة".
مخدرات وانحراف
المنتج محسن جابر تعامل مع معظم النجوم في العالم العربي وهو يقول إن العلاقة بالفنان تتوطد مع الوقت وإنه لا يقصر في تقديم النصيحة كصديق وأخ وشخص يتمتع بالخبرة، ويضيف أن "الأزمات التي يعانيها الفنان كثيرة وأخطرها الإدمان وتلك الأزمات تحتاج إلى وقت لحلها ولا شك في أنها تؤثر في مهنتهم وأنا لا أتردد بإسداء النصيحة لهم ومساعدتهم. حياة الليل تفسد الفنان ويمكن أن تؤدي إلى انحرافه وانجرافه إلى طرق غير محمودة العواقب ولكنها لا تؤثر في الفنان الذي يملك الإرادة وتربى تربية صالحة وصحيحة، ومن لا يمتثلون للنصيحة أحرار لأنها حياتهم الشخصية ولكن المشكلات والأزمات يمكن أن تتسبب بإنهائهم فنياً".
مكاسب واستمرارية
الناقدة السعودية سهى الوعل تبنت موقفاً مغايراً من خلال مقارنتها بين فناني اليوم والفنانين الكبار، فتقول "اليوم لم يعُد الفنان يخفي أزماته وفي السابق كان يلتزم مبدأ ’الصمت ولا الغنى‘ ولم يكُن يكشف للرأي العام عن مشكلاته وظروفه وأزماته المالية، بينما اليوم يطل الفنان بصورة مباشرة ويتحدث بأريحية عنها ويطلب الدعم المادي وقلائل جداً الذين يحرصون على الخصوصية ولا يتجاوز عددهم الـ10 في المئة والباقون لا يتصرفون مثلهم ولكن ليس بقرار شخصي، بل لأن لديهم إدارة أعمال محترفة جداً وتقليدية، والفئة الأولى تقف وراءها شركات إنتاج خلفية مدرائها من عالم الـ’سوشيال ميديا‘ يوجهونها بطريقة خاطئة ويخططون لكشفها أكثر لتحقيق المكاسب على حساب معاناتها وأزماتها وليس فنها وحتى لو كان أحدهم يملك الموهبة فإنهم لا يرجون له استناداً إليها بل إلى أخباره الخاصة".
وماذا عن المواضيع الحساسة؟، ترد الوعل، "هذا هو المطلوب لأن من يديرونهم يطلبون منهم أن يتحدثوا عنها حتى لو كانت غير صحيحة بهدف لفت الأنظار إليهم ومتابعتهم ولتحقيق مشاهدات مرتفعة ولكي تصبح أسماؤهم ’ترند‘ على الـ"سوشيال ميديا‘ ولكن لا شهرتهم ستستمر ولا نجاحهم لأن المطلوب هو بروز وجوه جديدة دائماً والاستمرارية لمن يحافظ على الخصوصية".
وترى أن أزمات الفنانين مع المخدرات والعلاقات السرية ليست كلها إشاعات بل حقيقية، ودائرة الفنان الضيقة هي التي تفشي أسراره من مساعدين ومديري أعمال أو منسقين سابقين. وهنا توضح "لذلك هم يحاولون إخفاء أمورهم الحساسة من خلال تضييق دائرة الصداقات والاكتفاء بالفنانين الذين يشبهونهم وتدور حولهم إشاعات مماثلة وتغيير مديري أعمالهم عندما يرتابون بهم، ولذلك يفضل الفنانون الكبار أن يكون مديرو أعمالهم من العائلة لأنهم يثقون بهم ويعرفون أنهم لن يضحوا بهم عند أول مشكلة كما أنهم يتجنبون استخدام الـ’سوشيال ميديا‘ وصداقة الصحافيين ويعتمدون على صحافي واحد أو صحافيين للترويج لأخبارهم، وعندما يتسرب مثلاً خبر إدمانهم أو وقوعهم بمشكلات قانونية تتدخل شركات الإنتاج ومديرو الأعمال لمساعدتهم وفق ما يعرف بمخطط إدارة الأزمات ويسارعون إلى إشغال الناس بأخبار أخرى إلى أن تأخذ الإشاعة مداها وتختفي".
تصرفات مكشوفة
الناقد الفني محمد حجازي اتهم معظم الفنانين بقلة الذكاء لأنهم لا يركزون على فنهم بل على أشياء أخرى وعند تعرضهم لأزمة أخلاقية أو قانونية يحاولون التغطية عليها بطريقة أو أخرى ولكنها لا بد من أن تظهر مع الوقت، ويؤكد أن "الفنانين يختلقون أحياناً الأزمات لكي تظل أسماؤهم متداولة ولكسب جمهور إضافي على شاكلتهم، أما الفنان المحترم في حياته الخاصة فيكسب احترام الناس من خلال أعماله الجيدة. المال يكشف عن حقيقة الإنسان ولا شك في أن هناك جانباً خفياً في حياة كل الفنانين، والثراء الفاحش يجعلهم يسلكون طرقاً غير سوية وتجريب كل الموبقات وكل ما هو خارج عن المألوف حتى إنهم لا يهتمون للضرر الذي يلحق بسمعتهم لأنهم أثبتوا أنفسهم ويعرفون أن الناس يصفقون له مهما فعلوا ولكن تصرفاتهم مكشوفة ورخيصة".