ملخص
تُظهر دراسة أجراها معهد "شتاينبايس ترانسفير" أن الأسعار المتوسطة في بالما ارتفعت بنسبة 78 في المئة منذ عام 2015
تعد مايوركا جوهرة جزر البليار، وهي جزيرة شهدت على مدار العقود الثلاثة الماضية تحولاً في صورتها من وجهة للعطلات السياحية، إلى مقصد فاخر يختاره أثرياء العالم لامتلاك منازل ثانية.
وتضم مايوركا 65 فندقاً من فئة الخمس نجوم، و47 مرسى لليخوت، و23 ملعب غولف، و18 مدرسة دولية، وهو عدد مثير للإعجاب بالنسبة لجزيرة بحجم مقاطعة "كنت" البريطانية تقريباً، ويبلغ عدد سكانها نحو 950 ألف نسمة.
وهي المكان الذي شهد مواجهة بين يخوت جيف بيزوس وجاك ما الفاخرة في الصيف الماضي، والجزيرة التي ذكرت صحيفة "مايوركا ديلي بوليتن" هذا العام أن أربعة من أغنى 10 أشخاص في بريطانيا، يقودهم جيم راتكليف من شركة "إينيوس"، يمتلكون فيها عقارات ضخمة.
والسؤال هنا كيف غيّرت هذه الزيادة في الثروة الحياة على الجزيرة؟، إلى جانب الشكاوى المعلنة حول السياحة الزائدة من السكان المحليين.
مغادرة بريطانيا
كانت تخطط إيريكا لاي، والتي غادرت بريطانيا ووظيفتها كمديرة مشاريع بناء في عام 2005، للسفر مدة عام، لكن بعد وصولها إلى مايوركا، قررت جعلها موطنها، وبقيت على الجزيرة 20 عاماً، وفي عام 2013 أسست عملاً كوكيلة دولية لتوظيف طواقم اليخوت الفاخرة.
في البداية، عاشت لاي في سانتا كاتالينا، أحد أحياء العاصمة بالما، وتقول لـ"التايمز"، "كانت سانتا كاتالينا تُعرف بأنها سوهو المحلية، إذ تضم مزيجاً متنوعاً من المقاهي على الأرصفة، وصالات العرض الفنية، والمطاعم العائلية". وأضافت، "كان السكان المحليون يشملون الصيادين والفنانين والهيبيين، ثم بدأ المستثمرون في شراء هذه المنازل الجميلة العشوائية وتطويرها، وارتفعت الأسعار بشكل هائل. وبدأت السوق المحلية فجأة تعرض أكشاك الطعام الجورميه لجذب السياح الأثرياء، واستبدلت الحانات الهادئة بأندية ليلية صاخبة، ومع هذا دفع السكان المحليين إلى الخارج مع ارتفاع الإيجارات."
وعلى رغم ذلك، تؤكد لاي أن السكان المحليين يدركون أن اقتصاد الجزيرة ومعظم الرواتب تعتمد على السياحة، وتقول "السكان المحليون لا يكرهون السياح... هناك مشكلة كبيرة في أسعار الإيجارات التي أصبحت بعيدة من متناول الأجور المتوسطة، ومن حق السكان المحليين أن يشعروا بالاستياء بسبب نقص الأماكن السكنية ميسورة الكلفة".
في المقابل، يعمل المهندس المعماري المايوركي خوان لوبيرا على أحدث مشروع ترميم، "كان غرناطة"، وهو قصر رائع يعود للقرن الـ16 في البلدة القديمة، كان مهجوراً لفترة طويلة، لكن بعد عملية ترميم شاملة استمرت أربع سنوات بإشراف لوبيرا، سيوفر القصر ستة شقق "بنتهاوس" فاخرة، تتراوح أسعارها من 1.7 مليون يورو (1.9 مليون دولار) إلى 5.17 مليون يورو (5.7 مليون دولار)، وذلك من خلال وكالة العقارات "إنجل وفولكرز".
ويقول لوبيرا، "قبل التسعينيات كانت بالما مهملة، ثم رأى المشترون الدوليون الجمال في هذه القصور التاريخية وبدأوا في ترميمها، فلدينا تراث مذهل في هذه المباني الجميلة، ولكن منذ أن توقفت السلطات المحلية عن إصدار تراخيص الفنادق الجديدة، أصبحت الطريقة الوحيدة للحفاظ عليها هي تحويلها إلى منازل خاصة لكن كلفة الترميم باهظة الثمن. والتوازن هو أن الأجانب الأثرياء فقط هم الذين يستطيعون تحمل كلفتها بشكل عام".
مبانٍ جميلة في حالة خراب
في "كان غرناطة"، يجرى الاحتفاظ بالميزات الأصلية بما في ذلك الأقواس الحجرية والعوارض الخشبية، وإزالة التعديلات التي أُجريت عبر القرون للكشف عن الطابع الأصلي للقصر، بما في ذلك الفناء الداخلي الرائع. ويقول تيرينس بانتون من شركة "إنجل وفولكرز" إن المزج بين التصميم التاريخي والراحة العصرية- مثل التدفئة الأرضية، وأنظمة المنازل الذكية، ومنتجع صحي يشمل مسبحاً وساونا، هو ما يجذب المشترين الدوليين في بالما.
ويضيف بانتون، "حول مايوركا وفي بالما، يمكنك رؤية مبانٍ جميلة في حالة خراب لأن كلفة الترميم وفقاً لمعايير البلدية مرتفعة جداً، وأكثر بكثير من كلفة بناء جديد، ومشروع تطوير بهذه الجودة نادر، والاهتمام بالتفاصيل في عملية الترميم رائع".
في حين تُظهر دراسة أجراها معهد "شتاينبايس ترانسفير" أن الأسعار المتوسطة في بالما ارتفعت بنسبة 78 في المئة منذ عام 2015- وهو أعلى مستوى في مايوركا- إذ تجذب العقارات التي رُممت بشكل فني في البلدة القديمة ذات الطابع المميز اهتماماً دولياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويمتلك ريتشارد وشارون بيرس، كلاهما يبلغان من العمر 73 سنة من منطقة هايغيت، عقاراً في مايوركا منذ 35 عاماً، وهما يبيعان شقتهما الـ"دوبلكس" الأنيقة في الحي اليهودي بالبلدة القديمة من خلال شركة "إنجل وفولكرز" مقابل 2.6 مليون يورو (2.87 مليون دولار) بهدف الانتقال إلى مكان أصغر.
وتقول شارون، "نحب بالما لأننا نستطيع التنقل مشياً إلى كل مكان... نمتلك شقة على البحر على بُعد 20 دقيقة، لكن العيش هناك خارج الموسم قد يكون أشبه بمدينة أشباح، ولكن في بالما، الحياة مستمرة على مدار العام".
ضريبة الثروة
وفي تغيير لحدود ضريبة الثروة عبر جزر البليار في يناير (كانون الثاني) الماضي، رُفع حد الإعفاء من 700 ألف يورو (772.7 ألف دولار) إلى ثلاثة ملايين يورو (3.3 مليون دولار) للشخص، سواء كان مقيماً أم لا. وجعل هذا التغيير الجزر أكثر جاذبية للمستثمرين الأثرياء، مما شجع المزيد من رواد الأعمال الدوليين والعاملين في مجال التكنولوجيا على الانتقال إليها، وفقاً للمدير العام لشركة "إنجل وفولكرز مايوركا الجنوب الغربي"، هانس لينز.
ويقول لينز، "في عام 2016 شهدنا بداية النمو الحقيقي في عدد الأثرياء للغاية الذين يشترون منازل هنا، إذ تخطت أسعار العقارات للمرة الأولى حاجز 20 مليون يورو (22 مليون دولار). ويضيف، "في العام الماضي، جرى توقيع ستة عقود لمنازل تجاوزت هذه القيمة في الجنوب الغربي".
تقلص عدد الفنادق في بالما من قِبل السلطات، التي حظرت منذ عام 2018 إصدار تصاريح لإنشاء فنادق جديدة، وهذا يعني نهاية تحويل عدد من القصور التاريخية الكبيرة إلى فنادق فاخرة، إذ أصبحت بدلاً من ذلك منازل خاصة ضخمة.