Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تتأهب إيران لصد هجمات "مادية أو إلكترونية" ضد منشآتها النفطية؟

ضربات موجهة نحو أجهزة الحاسوب النفطية في جزيرة "خرج" الإيرانية قد يشكل مؤشرا على رد خصوم طهران

وحدة أمن المعلومات التابعة للجيش الأميركي (وزارة الدفاع الأميركية)

كشف إعلان إيران حالة التأهب القصوى لمواجهة تهديدات ضد منشآتها النفطية عمق الأزمة التي تلت الهجمات على أرامكو السعودية حيث أوعز وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنكنة رسمياً الأحد 29 سبتمبر (أيلول) 2019، وضع قطاع النفط في بلاده في "حال تأهّب قصوى" لمواجهة تهديدات بهجمات "مادية أو إلكترونية".

ونشر زنكنة رسالة شدد فيها على "ضرورة أن تكون كل الشركات والبنى التحتية في القطاع النفطي في حال تأهب قصوى في مواجهة تهديدات بهجمات مادية أو إلكترونية".

وأوضح أن "هذه الاحتياطات ضرورية في ضوء العقوبات الأميركية" على إيران و"الحرب الاقتصادية الشاملة"، التي تتهم طهران واشنطن بشنّها ضدها.

"ستاكس نت"

وفي وقت سابق أقرّ وزير الاتصالات الإيراني محمد جواد آذري جهرمي، بأن إيران تواجه "الإرهاب السيبراني، مثل ستاكس نت"، وهو فيروس عثر عليه عام 2010 ويعتقد أنه من تصميم إسرائيل والولايات المتحدة لإلحاق ضرر بمنشآت إيران النووية.

واتهمت إيران حينها الولايات المتحدة وإسرائيل باستخدام الفيروس لاستهداف أجهزتها للطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم.

عمدت إيران في السنوات الأخيرة إلى الأعمال التخريبية السرية التي يمكن إنكارها، من خلال الاعتماد على وسائل التكنولوجيا الحديثة، وتنوعت الحوادث ما بين تسيير طائرات عن بعد والهجوم على منشآت حيوية أو عمليات قرصنة على المواقع الالكترونية الحكومية حول العالم مع التركيز على منطقة الخليج.

وفي 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، أصدرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا بياناً مشتركاً بشأن الهجوم على منشأتي النفط السعوديتين في بقيق وخريص، أشارت فيه إلى أنه "من الواضح لنا أن إيران تتحمل مسؤولية هذا الهجوم. ولا يوجد أي تفسير منطقي آخر لما حدث".

وفي هذا الصدد قال معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في تقرير نشر سبتمبر (أيلول) الحالي، إن النظام الإيراني عمد بالفترة الأخيرة إلى اللجوء إلى الأعمال السرية التي يمكن إنكارها، وتعمل سياسة الإنكار في كلا الاتجاهين.

وذكر المعهد أنه على الولايات المتحدة الردّ بشكل عيني على الأفعال الإيرانية، باستخدامها ردودا انتقامية غير قاتلة من أجل تكبيد طهران تكاليف مادية. ولا ينبغي أن تنفذ أي عمليات فتاكة ما لم تُسفَك دماء أميركية، وبالإضافة إلى الفوائد الجوهرية للإجراءات السرية، من غير المرجح أن تؤدي هذه الإجراءات إلى إزعاج الأميركيين وحلفائهم الذين يخشون أن تسعى الإدارة الأميركية إلى الدخول في حرب مع إيران.

وتابع المعهد، "الضربة على بقيق أوضحت أن منشآت النفط السعودية تحتاج إلى دفاعات قوية أمام الهجمات، إلا أن صناعة النفط الخاصة بإيران معرضة أيضا للتخريب والهجمات الإلكترونية والضربات الدقيقة التي قد تهدد تدفق صادراتها الحالية التي تبلغ عدة مئات الآلاف من البراميل يومياً. وتمر حوالي 90% من هذه الصادرات عبر محطة نفط هي جزيرة خرج. أما الحرائق والحوادث فليست غير شائعة في المنشآت البتروكيماوية حتى في ظل الظروف العادية، وبالتالي فإن عملية سرية جيدة التنفيذ في جزيرة خرج قد يتم إنكارها بشكل معقول تكون مكلفة للغاية لإيران على حد سواء. وهذا الاحتمال يجب أن يمنح النظام الإيراني وقفة تفكير".

ويرى المعهد أن الضربة التي وجهتها إيران لمنشآت نفط سعودية رئيسة في 14 سبتمبر (أيلول) باستخدامها طائرات بدون طيار وصواريخ موجهة تُعدّ الأكثر جرأةً ضمن سلسلة من عمليات "المنطقة الرمادية" غير المتناسقة التي تنفذها إيران منذ مايو (أيار) التي تهدف جميعها إلى مواجهة استراتيجية "الضغط الأقصى" التي تعتمدها واشنطن.

ومن المتوقّع أن تستمر هذه العمليات طالما تركّز الولايات المتحدة على وقف صادرات النفط الإيرانية تماماً، ولهذا السبب، من المرجح أن يؤدي قرار الرئيس ترمب بمضاعفة العقوبات في أعقاب الضربة الإيرانية إلى تفاقم الأمور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هل انطلقت أولى الحروب الإلكترونية عالمياً بين واشنطن وطهران؟

ويبدو أن حربا من نوع آخر قد انطلقت بين الولايات المتحدة وإيران، لاسيما بعد إسقاط طهران طائرة مسيرة أميركية فوق الخليج العربي في يونيو (حزيران) الماضي، واكتفاء القيادة الأميركية بشن هجوم إلكتروني تسبب في تعطيل أنظمة حاسوبية تستخدم في إطلاق القذائف والصواريخ الإيرانية.

وحذرت صحيفة فورين بوليسي في تقرير حديث لها من نشاط إيراني متزايد للقراصنة الإلكترونيين خلال الفترة الأخيرة بهدف شن هجمات على الشركات الأميركية، لا سيما بعد الهجوم الالكتروني الأميركي، وفي حال الرد الإيراني بهجمات مماثلة ستمثل شرارة الانطلاق لأولى الحروب الالكترونية بين بلدين حول العالم، لأن الاختراقات سابقا كانت تعتمد على الهجمات الخاطفة وليس المتبادلة.

منطقة الخليج الأكثر تعرضا للهجمات الالكترونية

وتزايدت في الآونة الأخيرة حدة الهجمات الإلكترونية التي استهدفت دولاً في منطقة الخليج منها، السعودية والإمارات وتسببت بخسائر مادية، ومعظم التهديدات الأمنية عادة ما تكون موجهة إلى القطاعات الرئيسية مثل الخدمات المالية، والنفط، والغاز، والتكنولوجيا، والبناء، والرعاية الصحية.

وتعد السعودية (أكبر اقتصاد عربي وأكبر مصدر للنفط عالمي) من ضمن قائمة الدول التي تعرضت للهجمات الإلكترونية، حيث أتى تقييم التهديد المعلوماتي بنسبة تتراوح ما بين 41 -60% بين المستخدمين في عشر دول حول العالم، ويؤكد التقرير الصادر عن معمل كاسبر سكاي على ضرورة رفع مستوى الحماية على التصفح في شبكة الإنترنت، حيث إن 87% من المواقع المستخدمة لنشر البرامج الخبيثة، تركز نشاطها في عشرة بلدان.

وفي تقرير سابق، قدمت شركة "فاير آي" الأمنية الأميركية أدلة دامغة على تورط إيران في هجمات تجسسية على مؤسسات حكومية وضلوع متسللين إيرانيين مدعومين من حكومتهم، وهناك مؤشر واضح على تطور قدرات إيران في مجال التجسس الإلكتروني فهذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها الشركة ذاتها عن استهداف عصابات إيرانية للسعودية وغيرها من الدول العربية والغربية.

وسبق أن كشفت "فاير آي" في 2016 عن تورط عصابات متمركزة في طهران في تنفيذ حملة إلكترونية خبيثة على السعودية والإمارات والبحرين وعمان. وركزت الهجمات الإيرانية حينها على منشآت إنتاج النفط وأنظمة التحكم الصناعي الطاقة ووزارتي الخارجية والدفاع وبنوك الخدمات المصرفية للأفراد والبنوك الاستثمارية ومحافظ الثروات الحكومية. كما سعت عناصر إيرانية للاستيلاء على أسرار في المجالات العسكرية والطيران والفضاء وتكرير النفط والبتروكيماويات تتعلق بمجموعة من المؤسسات الأميركية والكورية الجنوبية.

وفي يناير (كانون الثاني) 2017، تعرضت مواقع حكومية في منطقة الخليج لهجمات إلكترونية خطيرة، استخدم فيها القراصنة نسخة محدّثة من فيروس "شمعون" المدمر، فاخترقوا بهما مواقع وزارات العمل والتنمية الاجتماعية والاتصالات وتقنية المعلومات والنقل، وشركات عدة، ودعت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية حينها كل الأطراف إلى الانتباه إلى الشكل الجديد "شامون 2" للفيروس الذي عطل عشرات الآلاف من الأجهزة في شركة أرامكو العملاقة للنفط قبل 7 سنوات.

ويعطل الفيروس شامون أجهزة الكمبيوتر من خلال استبدال برمجيات أساسية فيما يجعل من المستحيل بدء تشغيل الجهاز.

وخلال الهجمات التي استخدم فيها الفيروس "شمعون" للمرة الأولى في 2012 ألحق ضرراً بالغاً في مجموعة من الشركات المتخصصة في إنتاج الطاقة بدول الخليج العربي.

الحصار على طهران يشتد مع جولة جديدة من العقوبات الأميركية

ومع اشتداد الحصار على الاقتصاد الإيراني مع استمرار العقوبات الأميركية قد تتصاعد العمليات من طهران سواء الطائرات المسيرة إلكترونيا واستهداف حيوية في منطقة الخليج، أو قرصنة على مواقع المؤسسات المالية والشركات الكبرى بدول المنطقة.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمعة 20 سبتمبر (أيلول) 2019، فرض عقوبات جديدة على طهران تستهدف النظام المصرفي الإيراني، مؤكداً أنّها "العقوبات الأقسى على الإطلاق ضد دولة ما".

وقال ترمب في تصريح داخل المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، "لقد فرضنا للتو عقوبات على المصرف الوطني الإيراني، هذا الأمر حصل للتو"، موضحاً أن "هذه العقوبات فرضت رداً على الهجمات التي استهدفت السبت 14 سبتمبر، منشآت نفطية في السعودية". رداً على سؤال عن الخيارات العسكرية مع إيران قال ترمب، إن "أميركا مستعدة دائماً"، وتابع "الحديث لا يدور عن حرب مع إيران إذ هناك العديد من الخيارات التي يمكن اللجوء إليها".

وصندوق إيران السيادي تتراوح قيمته ما بين 80 و100 مليار دولار أميركي، إضافة إلى مبالغ أخرى ضخمة مودعة في حسابات مصرفية حول العالم. ما يعني أن العقوبات الأميركية ستدفع المؤسسات المالية الأجنبية إلى تجميد هذه الحسابات ومنع إيران من التصرف بهذه الأموال وإلا واجهت هذه المؤسسات خطر التعرض لعقوبات أميركية.

ويشير هؤلاء إلى أن هذه الأموال إضافة إلى حسابات البنك المركزي الإيراني في الخارج، تُمثل مسألة حيوية للغاية بالنسبة إلى النظام الإيراني كونها تُعدُ آخر بقايا النظام المالي الذي يسمح لإيران بمواصلة عمليات التجارة الدولية وإبقاء خط الحياة مفتوحاً للاقتصاد الإيراني الذي يترنح منذ بدء تطبيق سياسة "الضغوط القصوى" من قبل إدارة الرئيس ترمب.

ووفقاً لوزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، فإن البنك المركزي الإيراني وصندوق التنمية الوطني، استخدمهما النظام الإيراني في تمويل التنظيمات الوكيلة لإيران في سوريا ولبنان واليمن والعراق، بدلاً من تأمين عيش كريم للشعب الإيراني، معتبراً أن وزارته تستهدف آليات التمويل الخطرة التي يستخدمها النظام الإيراني لدعم شبكة الإرهابيين التي تشمل فيلق القدس التابع للحرس الثوري وحزب الله اللبناني والميليشيات الحوثية في اليمن وميليشيات أخرى في العراق، تعمل جميعها على إثارة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

ويأتي هذا التصعيد في ظل حالة التوتر بين المسؤولين الأميركيين والإيرانيين، في حين ترفض إيران الدخول في أية مباحثات مع واشنطن قبل رفع العقوبات المفروضة عليها.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد