Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاعتراف بدولة فلسطين: خطوة عملية أم مجرد ضغط مرحلي؟

129 بلداً تفتح آفاق المستقبل أمام القضية وإسبانيا والنرويج وإيرلندا تعلنها رسمياً في 28 مايو

هذه الاعترافات ستساعد بشكل حاسم في الجهد الذي تقوم به الدول العربية الأساسية لإرساء حل الدولتين (أ ف ب)

ملخص

الاعتراف بدولة فلسطين دونه معوقات على أرض الواقع، وتغييرات من المفروض أن تحصل، وإلا فإن الاعتراف سيكون بمثابة اعتراف رمزي لا يؤدي إلى نتيجة، بل إلى استمرار الوضع كما هو عليه، وربما أسوأ.

تتقاطع المسارات الدولية وتتشابك ربطاً بحرب غزة المشتعلة بين حركة "حماس" وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، نظراً لعلاقتها وتأثيرها المباشر على أحلاف إقليمية ودولية وعربية.

من هذا المنطلق جاء قرار محكمة العدل الدولية بأنه على إسرائيل "الوقف الفوري لهجومها العسكري، وأي عمل آخر في محافظة رفح، قد يفرض على السكان الفلسطينيين في غزة ظروفاً معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدميرها المادي كلياً أو جزئياً"، ولما لذلك من "خطر هائل" على الشعب الفلسطيني، كما أمرت إسرائيل بفتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية للقطاع، إلى جانب ضمان وصول أي لجنة تحقيق أو تقصي حقائق بشأن تهمة الإبادة الجماعية.

يأتي هذا القرار بعد مذكرات الاعتقال التي أصدرها مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، بحق كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وثلاثة من قادة "حماس"، وهم رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار، والقائد العام لـ "كتائب عز الدين القسام" محمد الضيف، ورئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية.

تطور لافت

وفي السياق جاء انضمام ثلاث دول أوروبية وهي إسبانيا والنرويج وإيرلندا، والذي يعتبر تطوراً لافتاً، إلى الدول التي تعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس، والتي أعلن عنها رئيس "منظمة التحرير الفلسطينية" الراحل ياسر عرفات في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 1988، في دورة المجلس الوطني الفلسطيني الـ19 والتي انعقدت في قاعة قصر الصنوبر بالعاصمة الجزائر.

ومنذ ذلك الوقت اعترفت 139 دولة من بين 193 دولة عضواً بالأمم المتحدة، بفلسطين كدولة، من بينها الصين والهند ومعظم الدول العربية، وجميع دول القارة الأفريقية والكتلة السوفياتية السابقة أي دول أوروبا الشرقية، كما وتعترف المجموعة المعروفة باسم "مجموعة فيشغراد" (جمهورية التشيك والمجر وبولندا وسلوفاكيا) جميعها بفلسطين، ولكنها على رغم ذلك تعتبر من بين أشد المؤيدين لإسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي.

وفي عامي 2010 و2011، اعترفت معظم بلدان أميركا الوسطى واللاتينية بالدولة الفلسطينية، لكن ذلك الاعتراف يختلف بأنه لا يشير إلى حدود تلك الدولة.

فيما منحت "الأمم المتحدة" عام 2012 فلسطين صفة دولة مراقبة غير عضو.

 

 

وكانت الولايات المتحدة تحدثت مطلع العام الحالي أنها ربما ستعيد النظر في مسألة الاعتراف، ولكنها استخدمت حق النقض "الفيتو" ضد القرارات الأممية الداعية للاعتراف بدولة فلسطينية، فيما نقل عن وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في يناير (كانون الثاني) الماضي، قوله، "ما يتعين علينا القيام به هو إعطاء الشعب الفلسطيني أفقاً نحو مستقبل أفضل، مستقبل دولته".

ووفقاً لبيانات السلطة الفلسطينية، فإنه بانضمام الدول الأوروبية الثلاث يصبح العدد 142 يعترفون بالدولة الفلسطينية، وقالت إسبانيا وإيرلندا والنرويج إنها ستعترف بدولة فلسطين رسمياً اعتباراً من 28 مايو (أيار) الجاري.

لكن ما انعكاس ذلك الاعتراف على الساحة السياسية والدولية؟ وهل هذا الاعتراف رمزي أم أنه ستعقبه خطوات عملية تدعمه؟

بطبيعة الحال ترفض إسرائيل الاعترافات الجديدة والسابقة بشدة، والتي ردت على أخر دفعة منها باستدعاء سفرائها من النرويج وإيرلندا وإسبانيا للتشاور معهم، فيما قال نتنياهو والذي يعتبر من أشد معارضي فكرة إقامة دولة فلسطينية، إن الاعتراف بدولة فلسطينية "يشكل مكافأة للإرهاب"، مضيفاً "لهذا الشر، لا يمكننا إعطاء دولة". 

يشير الباحث والمفكر السياسي الفلسطيني المقيم في لبنان صقر أبو فخر في حديث لـ"اندبندنت عربية" إلى أن "الاعتراف بفلسطين دولة يعني الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني بحسب مبادئ الأمم المتحدة، وهذا يعني التزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مساعدة الشعب الفلسطيني في التخلص من الاحتلال الإسرائيلي، وفي تقرير مصيره بما في ذلك إعلان دولته المستقلة". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتابع أبو فخر أنه "سيتيح الاعتراف بالدولة الفلسطينية نزع أية شرعية عن الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما في ذلك جميع المستوطنات واعتبارها غير شرعية تماماً، كما أن الدول التي ستعترف بفلسطين كدولة مستقلة سيقع عليها واجب إزالة الاحتلال عنها في الوقت نفسه".

الكاتب والمحلل السياسي أسعد بشارة يرى بدوره أن "السلسلة المتوالية للاعترافات بدولة فلسطين هي ترجمة أمينة لصمود الشعب الفلسطيني والذي كرس على مدى عشرات السنوات والذي أدى وسيؤدي إلى تكريس هذه الحقيقة بأنه لا أمن ولا سلام في المنطقة من دون إنشاء دولة للشعب الفلسطيني ليعيش بأمن وكرامة".

مفاعيل الاعتراف

يرى بعض المراقبين أن الاعتراف بدولة فلسطينية هو خطوة أولى ستمهد الطريق أمام حل دائم وسلمي لصراع امتد منذ عام 1947، وفي القمة العربية التي عقدت في العاصمة اللبنانية بيروت، مارس (آذار) 2002، أعلن الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، وكان ولي عهد المملكة السعودية حينها، عن مبادرته ودعا إلى انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، تنفيذاً لقراري مجلس الأمن (242 و338) واللذين عززتهما قرارات مؤتمر مدريد عام 1991 ومبدأ الأرض مقابل السلام، وإلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك مقابل قيام الدول العربية بإنشاء علاقات طبيعية في إطار سلام شامل مع إسرائيل، وهو ما تصر عليه السعودية حتى اليوم.

لكن ذلك دونه معوقات على أرض الواقع، وتغييرات من المفروض أن تحصل وإلا فإن الاعتراف سيكون بمثابة اعتراف رمزي لا يؤدي إلى نتيجة بل إلى استمرار الوضع كما هو عليه، وربما أسوأ.

في هذا السياق يقول متخصص القانون الدولي كمال حماد في حديث إعلامي إن "هذه الخطوة أخلاقية أكثر من كونها قانونية إلزامية، إذ إنه من شأنها أن تؤكد على مشروعية قيام الدولة الفلسطينية على الصعيد الأخلاقي، وهي اعتراف بأن العناصر التي تقوم عليها الدول متوافرة في دولة فلسطين، كما أنها تساعد على تكوين رأي عام بأن القضية الفلسطينية بحاجة لتسوية وفقاً للقانون الدولي والقرارات الشرعية الدولية بإقامة دولتين".

تعزيز للرصيد السياسي

في حين يعتبر فيليب ليتش نغو، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، ومؤلف كتاب "دولة فلسطين: تحليل نقدي" الصادر عام 2016، "إن رمزية الخطوة أهم المزايا التي سوف يحصل عليها الفلسطينيون في حال الاعتراف"، مردفاً "أن الأمر سوف يحال في نهاية المطاف إلى محكمة دولية، لكن ذلك سيكون مساراً طويلاً".

وأضاف أنه "بالنسبة للسلطة الفلسطينية، فإن سبب قيامها كان الاعتراف بدولة فلسطين"، لكن "السلطة الفلسطينية لا تستطيع أن تقدم الكثير للشعب، فهي لا تستطيع مواجهة إسرائيل وغير قادرة على تحسين معيشة الفلسطينيين الخاضعين لسلطتها، كما أن السلطة نفسها غارقة في الفساد علاوة على كونها غير ديمقراطية، لذا فإن الشيء الوحيد الذي يمكن لمسؤولي السلطة تقديمه يتمثل في الوعد بالحصول على اعتراف دولي".

 

 

ويتابع ليتش نغو لكنه "في نهاية المطاف، فإن الاعتراف بدولة فلسطينية سيكون وسيلة للقول إن المجتمع الدولي يقبل مشروعية القضية الفلسطينية في سياق احتلال إسرائيلي عسكري طال أمده، وهذا الأمر سوف يساعد في تعزيز الرصيد السياسي".

وتعتبر العديد من الدول الغربية أن تغيير وضع الفلسطينيين سوف يأتي كثمرة لمفاوضات حل الدولتين، والذي سيعني أن تعيش دولة إسرائيل جنباً إلى جنب مع دولة فلسطينية في سلام وأمن.

كتب جوش بول، أحد كبار المسؤولين السابقين في الخارجية الأميركية، في مادة صحافية أن مثل هذا التغيير "من شأنه أن يساعد في الدفع صوب إجراء مفاوضات الوضع النهائي بين إسرائيل وفلسطين، لكن ليس في صورة تنازلات بين المحتل والطرف الواقع تحت الاحتلال، وإنما بين كيانين متساويين في نظر القانون الدولي". وعلى رغم ذلك يعول العديد من الباحثين وكتاب الرأي على هذا الاعتراف لأنه وبرأيهم من شأن ذلك أن يمنح الفلسطينيين المزيد من السلطات السياسية والقانونية، كما أنه يمهد الطريق أمام اعتبار احتلال إسرائيل لأراض فلسطينية أو ضم بعضها إليها، قضية قانونية.

موقع على الخريطة

في هذا الخصوص يقول المفكر والباحث الفلسطيني صقر أبو فخر، إن "الاعتراف سيمنح الفلسطينيين إمكانية فتح سفارات ومكاتب تمثيلية في جميع العواصم التي اعترفت بفلسطين، وسيكون لها صوت ليس في الجمعية العامة للأمم المتحدة وحدها، بل في مؤسساتها التي تشترط للتصويت على قراراتها أن يكون صاحب الصوت دولة مستقلة، وفلسطين في هذه الحال تصبح دولة مستقلة، لكن تحت الاحتلال".

وباعتقاد أبو فخر "أن مسار الاعترافات الذي بدأ منذ 2014 باعتراف مملكة السويد بفلسطين، وها هي النرويج وبلجيكا وإيرلندا وإسبانيا تلحق بها، يفتح مساراً سياسياً جديداً في العالم في شأن قضية فلسطين".

ويردف الباحث الفلسطيني أنه "صحيح أن هذا المسار الجديد لن يؤدي إلى دولة فلسطينية على الفور، لكنه سيؤدي إلى النتيجة نفسها، أي إلى دولة مستقلة، يوماً ما، فمن ينتزع له موقعاً في خريطة السياسة الدولية سيكون له مكان في الجغرافيا ولو طال الزمن، ومثالنا جنوب أفريقيا التي قاتل سكانها الأصليين نظام الفصل العنصري طويلاً إلى أن بدأ نظام الأبارتهايد يثير الاستهجان، وصار من غير الممكن إبقاؤه من النظم السياسية الدولية، وحين أصبح القضاء على الفصل العنصري على جدول أعمال السياسة الدولية، تمكن سكان جنوب أفريقيا وكذلك زيمبابوي (روديسيا سابقاً) وناميبيا من التخلص من ذلك النظام الكريه، وأعلنوا استقلالهم". ويتابع أبو فخر "سرعت الحرب على غزة مسار الاعتراف بها بالتأكيد، وما كان مستحيلاً قبل سنوات صار ممكناً اليوم، فالحدث غير المتوقع هو مثول إسرائيل أمام محكمة الجنايات الدولية وأمام محكمة العدل الدولية، والحدث الثاني غير المتوقع هو امتناع إنجلترا وفرنسا عن التصويت إلى جانب أميركا في مجلس الأمن في شأن عضوية فلسطين الكاملة، وهذا يحدث للمرة الأولى، الأمر الذي يشير إلى التبدل العميق للسياسة الدولية في قضايا الشرق الأوسط وأولها قضية فلسطين".

نحو مؤتمر سلام

يعتبر الكاتب السياسي أسعد بشارة أن ذلك "بمثابة رسالة موجهة إلى اليمين الإسرائيلي بأنه ومهما كان حجم المكابرة التي يقوم بها ومحاولة تغيير الوقائع على الأرض، ونسف أسس السلام العادل والشامل الذي أرسيت مبادئه في مؤتمر مدريد عام 1994، إلى المبادرة العربية للسلام عام 2002 في قمة بيروت والتي أعلن عنها الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، سيكون الشعب الفلسطيني على موعد مع القدر لإنشاء دولته".

ويتابع بشارة أنه "أدى الاعتراف لكل من الدول الأوروبية الثلاث، إسبانيا وإيرلندا والنرويج بالدولة الفلسطينية إلى تشكيل دينامية أوروبية، ستلاقي حتماً ديناميات أخرى، وبالتالي المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين، هذه الديناميات تشكل حالة ضغط على الإدارة الأميركية التي هي أصلاً باتت مقتنعة بأن حل الدولتين هو المدخل الوحيد إلى الاستقرار في المنطقة، وبالتالي هذه الاعترافات ستزيد من حجم الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو واليمين الإسرائيلي المتشدد وستؤدي إلى محاصرة هذا اليمين، بالتالي إلى تشكيل اليوم التالي للحرب، مما يعني الذهاب إلى مؤتمر سلام أو مفاوضات تؤدي إلى نتائج جيدة بالنسبة للشعب الفلسطيني".

في حين يلفت العميد السابق في مديرية الاستخبارات العامة الأردنية والمحاضر في الأمن الاستراتيجي، عمر الرداد، إلى أن "قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل دول أوروبية، لن يؤثر في مسار العمليات العسكرية والحرب، إلا أنه بالنهاية سيشكل ضغطاً سياسياً على إسرائيل".

 

 

ويوضح الرداد "أعتقد بالنهاية أن الخطوة ستشكل ضغطاً على الولايات المتحدة، وعلى إسرائيل التي تقول إنها لن تقبل بإقامة دولة فلسطينية، بخاصة في ضوء حالة من الارتباك والتشدد داخل إسرائيل"، لكنه يستدرك قائلاً إنه "يبقى الاعتراف الدولي بموضوع الدولة الفلسطينية خطوة رمزية تؤسس وتمهد لنيل الاستقلال الفلسطيني في مراحل لاحقة"، مضيفاً أن "هناك الكثير من التساؤلات التي تتمحور حول ماهية هذه الدولة وشكلها ومضمونها وسيادتها وحدودها، لكن ذلك لا يمنع أن نتائج هذه الحرب ستذهب باتجاه تشكيل كيان فلسطيني يؤسس للدولة الفلسطينية الموعودة منذ اتفاق أوسلو".

بالتوازي، فإن السلطة الفلسطينية عضو في الجامعة العربية ومؤتمر العالم الإسلامي، والاعتراف بها كدولة موجود منذ سنوات عند الدول العربية والإسلامية، وبدأت السلطة الفلسطينية باستخدام "دولة فلسطين" على وثائق حكومية، حيث أصدر رئيس سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية محمود عباس بداية يناير 2013 مجموعة مراسيم تقضي باعتماد اسم "دولة فلسطين" رسمياً في الوثائق والأختام والأوراق الحكومية وشعار دولة فلسطين عليه كلمة "فلسطين" بدلاً من "السلطة الفلسطينية" و"السلطة الوطنية الفلسطينية". لكن ما هو الصدى الذي أثاره الاعتراف على الساحات الدولية والعربية واللبنانية؟

اعتراف دونه مصاعب

يلفت الباحث صقر أبو فخر أنه "ولا شك في أن انتفاضة الطلاب في معظم جامعات أوروبا وأميركا تشير إلى التحولات العميقة في وعي هذه الفئة التي ستتولى قيادة المؤسسات السياسية والاقتصادية والإعلامية والأكاديمية في بلادها بعد فترة وجيزة، وهذه التحولات يبدو أن آثارها بدأت بالظهور على مستوى السياسات وفي مؤسسات صنع القرار في أوروبا وأميركا، وبالتأكيد هناك دوافع سياسية لاعتراف دول العالم بفلسطين دولة كاملة السيادة، منها الضغط على القيادة اليمينية المتطرفة في إسرائيل كي توقف الحرب في غزة وتقبل الحلول الوسط، ومنها التطلع إلى اتخاذ قرارات بمعزل عن الإرادة الأميركية، وثمة من يتخذ قراراته خلافاً لبريطانيا في أي شأن (إيرلندا مثالاً)، وهناك من يرغب في التملص من الهيمنة الأميركية حين يتمكن (بلجيكا التي هي عاصمة الاتحاد الأوروبي)، وثمة دول بات الفلسطينيون والعرب المهاجرون، علاوة على المسلمين المهاجرين إليها، كتلة سياسية كبيرة، وسيكون لها ثقل سياسي نوعي بالتدريج، ولا تريد هذه الدول أن تجعل من موضوع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية نقطة نزاع داخلي".

ويضيف أبو فخر أنه "لكل دولة اعترفت بفلسطين اعتباراتها الخاصة، لكن ما يهمنا هنا هو النتيجة، يحيث لن ينتهي الاحتلال مع اعتراف العالم بفلسطين (143 دولة اعترفت بها حتى الآن وتسعة دول فقط اعترضت، وامتنعت 25 دولة) وحتى لو اعترفت بها الولايات المتحدة نفسها، فدون ذلك مصاعب عسيرة جداً، فهل تنسحب إسرائيل من القدس الشرقية بطيبة خاطر؟ لا بالطبع، وهل تفكك المستوطنات وتنسحب من جميع آراضي الضفة الغربية؟ لا بالطبع".

ويردف أبو فخر أن "الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من الصراعات الممتدة في الزمن ويحتاج لنضال طويل، وهذا النضال صار عمره نحو 100 سنة، وأظن أن الشوط الأخير منه قد بدأ، وها هي السياسة تحصد ما زرعته البندقية على رغم الأهوال والآلام".

أفق حل الدولتين

في المقابل يلفت المحلل السياسي أسعد بشارة إلى أن "صدى هذه الاعترافات في الشارع العربي واضح، وهذه الاعترافات ستساعد بشكل حاسم الجهد الذي تقوم به الدول العربية الأساسية لإرساء حل الدولتين، وفي الطليعة جهد، وبالتالي أصبح هناك تفاهم عربي أوروبي ودولي للضغط على إسرائيل لتحقيق حل الدولتين".

ويستدرك بشارة قائلاً إنه "صحيح أن الدول الأوروبية الرئيسة مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا لم تعترف حتى الآن بدولة فلسطين، لكنها على طريق الاعتراف لكنها تنتظر التوقيت المناسب وبدء المفاوضات، إن الاعترافات ككرة ثلج لمصلحة الشعب الفلسطيني".

وعلى الصعيد اللبناني يشير بشارة إلى "أنه في لبنان أتى الصدى جيداً لأن هناك فريقاً من اللبنانيين يؤمن أن حل الدولتين هو المدخل إلى حل الملف الفلسطيني في لبنان، وإلى وضع الملف اللبناني على السكة الصحيحة، لأن لبنان دائماً ما يُربط بملف الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي".

ويضيف بشارة أنه "وبالطبع هناك محور طهران الذي لا يقل تضرره من حل الدولتين عن اليمين الإسرائيلي، ومنذ التسعينيات وحتى اليوم هناك تقاطع بين اليمين الإسرائيلي ومحور طهران لتفشيل حل الدولتين، لكن الآن الظروف اختلفت تماماً وسيسلك التفاوض حول حل الدولتين مساره".

المزيد من تقارير