Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تبادل تجاري بين غزة وإسرائيل وبضائع المستوطنات بالأسواق الشعبية

تل أبيب كانت قد قطعت جميع الصلات مع القطاع

أعادت تل أبيب فتح معبر كرم أبو سالم التجاري وهو المنفذ الوحيد الذي يربط غزة مع إسرائيل (رويترز)

ملخص

سمحت إسرائيل بتدفق بضائعها وسلع المستوطنات إلى قطاع غزة، لكن لهذا القرار أثراً كبيراً بخاصة عندما يتعلق الأمر ببضائع المستوطنات... كيف ذلك؟

بعد سبعة أشهر من قطع إسرائيل جميع الصلات مع قطاع غزة تضج الأسواق الشعبية في القطاع راهناً بالبضائع الإسرائيلية والسلع التجارية المستوردة من الضفة الغربية وتل أبيب والمستوطنات العبرية، وهذا الأمر خلق تبايناً كبيراً بين الفلسطينيين.

قطع الصلات

ففي نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 قرر مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، وهو أعلى سلطة تنفيذية في تل أبيب، قطع جميع الصلات مع قطاع غزة، ووفقاً لتفسير القرار فإنه يعني أن تل أبيب أوقفت جميع صور العلاقات مع القطاع.

ويقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية جميل الزنط إن القرار الإسرائيلي يعني فك الارتباط الكلي مع غزة، وإنها لن تسمح بوجود تبادل تجاري ولا علاقات اجتماعية أو اقتصادية أو أي شكل من قبيل ذلك، "وهذا يعني تمهيد التعامل مع غزة على أنها وحدة سياسية منفصلة وكيان معاد، ولهذا الأمر نتائج وخيمة على سكان القطاع"، ويضيف "اتخذت تل أبيب قرار قطع الصلات مع غزة كرد فعل سريع وعاجل لما قامت به (حماس) في هجمات أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ولم تحسب إسرائيل تداعيات هذا القرار، وبعد مرور فترة بسيطة من الزمن وجدت نفسها مجبرة للتراجع عنه".

 

تبادل تجاري بين غزة وإسرائيل

ولم يمكث قرار قطع الصلات مع القطاع طويلاً، إذ تراجعت تل أبيب عنه بسرعة، وسمحت للقطاعين التجاري والخاص في غزة بالعودة للعمل مع التجار في الضفة الغربية وإسرائيل. وبعد عملية اجتياح رفح، التي خرج، على أثرها، معبر رفح البري الحدودي مع مصر عن الخدمة، أعادت تل أبيب فتح معبر كرم أبو سالم التجاري، وهو المنفذ الوحيد الذي يربط غزة مع إسرائيل، وهذه المرة لم تخصصه لنقل المساعدات الإنسانية فحسب، بل وافقت على تشغيل القطاع التجاري مع غزة.

وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن إسرائيل سمحت لتجار غزة بالعودة لممارسة نشاطهم، ووافقت على استيراد بضائعهم من الضفة الغربية، ولم تمنع المستوردين من شراء سلعهم من تل أبيب والمستوطنات العبرية.

وبالفعل، وزعت غرفة تجارة وصناعة غزة بياناً أوضحت فيه أنه يمكن لأي تاجر أن يشتري بضائع من إسرائيل أو الضفة الغربية، وينقلها إلى قطاع غزة من دون أي عوائق، حتى إنه لن يدفع ضرائب لحركة "حماس".

خلفيات القرار

وفي غضون أيام قليلة من دخول القرار الإسرائيلي حيز التنفيذ امتلأت أسواق قطاع غزة بالبضائع والسلع الإسرائيلية. ولكن ما الذي دفع تل أبيب إلى الموافقة على هذه الخطوة؟

يقول الباحث في الشؤون الاقتصادية مازن العجلة "وافقت إسرائيل على إعادة التبادل التجاري بينها وبين غزة على رغم قرار قطع الصلات، لأربعة أسباب، الأول حتى تظهر للعالم، بخاصة الولايات المتحدة، بأنها تقاتل (حماس) وليس المدنيين، وأنها بمجرد تدمير الحركة ستعيد الأمور إلى طبيعتها، وهذه الخطوة تعزز فرص التضامن الدولي مع بنيامين نتنياهو الذكي الذي يجيد آليات التعامل مع العالم"، ويضيف "السبب الثاني فيه رسالة لسكان غزة أن إسرائيل صادقة، إذ أمر الجيش المدنيين بالتوجه للجنوب والذين استجابوا يعاملون بصورة جيدة ويحصلون على الطعام، وهذا يعزز كره سكان غزة لـ(حماس) لأنها سبب معاناتهم"، أما السبب الثالث بحسب العجلة "فإنه يعود إلى الضغوط الدولية على إسرائيل"، وينفي الباحث الاقتصادي حاجة تل أبيب إلى اقتصاد غزة، مظهراً أن قدرة القطاع الشرائية لا تؤثر كثيراً في اقتصاد إسرائيل.

ويوضح العجلة أن السبب الرابع "هو خلق حالة من التناقض لدى المتضامنين مع الغزيين، إذ تصور هذه البضائع وتعرض للأشخاص الذين يقاطعون المنتجات الإسرائيلية"، ويشير إلى أن الذي يقاطع المنتجات الإسرائيلية سيتراجع عن قراره عندما يرى البضائع العبرية في القطاع بحجة أن الفلسطيني نفسه يشتري من إسرائيل بضائعه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تباين وجهات نظر الغزيين

في الحقيقة، وافقت إسرائيل على استيراد البضائع من الأراضي الفلسطينية والعبرية والمستوطنات، ورفضت دخول السلع التي كانت تصل القطاع من بلدان مختلفة، من بينها تركيا والصين، وبمعنى آخر فإن جزءاً كبيراً من البضائع وصل من الضفة الغربية والقسم الباقي نقله التجار من الأراضي العبرية، مما خلق حالة انقسام بين الغزيين.

يقول صدام "صدمت من انتشار البضائع الإسرائيلية في أسواق غزة، إذ يقتلنا الجيش وتسمح وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية بتدفق السلع إلينا".

ويضيف رأفت، من جهته، "عندما شاهدت البضائع العبرية قررت مقاطعتها، لأن الجيش الإسرائيلي يقتلنا، ويريد أن يظهر أمام المجتمع الدولي كأنه يتعامل معنا بإنسانية، أعتقد أنه يجب علينا شراء السلع الإسرائيلية بالفرض لعدم وجود بديل عنها".

وعلى خلاف ذلك يرى ساهر أن البضائع الإسرائيلية تمتاز بالجودة العالية وأنه يفضلها عن سلع أو مساعدات إنسانية، ويقول "يجب الفصل بين أفعال الجيش والبضائع، نحن نشتري السلع بأموالنا وهذه ليست صدقة من إسرائيل علينا".

أثر سلبي

وبسبب حرية الاستيراد مع غزة خفضت إسرائيل نسبة وعدد الشاحنات التي تدخل إلى القطاع على صورة معونات إنسانية مجانية.

ويقول المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، كاظم أبو خلف، إن "السلطات الإسرائيلية تعطي الأولوية للقطاع التجاري الخاص عند معبر كرم أبو سالم، وتتعامل، كدرجة ثانية، مع شاحنات المساعدات الإنسانية". ويضيف خلف "من الجيد تشغيل القطاع التجاري، لكن من الجيد أيضاً الانتباه إلى أن نسبة الفقراء في غزة قد ارتفعت أضعافاً مضاعفة، لدرجة أن معظم سكان غزة باتوا يعجزون عن شراء السلع التي يستوردها التجار"، ويوضح أن المطلوب هو مزيج من المساعدات الإنسانية والسوق التجارية في غزة، لافتاً إلى أن خفض تدفق المساعدات دفع "الأونروا" إلى الإعلان عن تعليق توزيع المواد الغذائية بسبب نفاد مخزون الأمم المتحدة من البضائع والمعونات.

أما في ما خص وجهة نظر إسرائيل، فيقول منسق أنشطة الحكومة غسان عليان "لقد أسهمنا في تشغيل القطاع التجاري لأن (حماس) قد انتهت من وجهة نظرنا، هذا يعزز استقرار المجتمع الغزي، نحن نحاول مساعدة الغزيين ولا نحارب المدنيين. هدفنا قتال (حماس) وتفكيك قدراتها".

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط