Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب الرقائق قد تشل حركة العالم

الصراع بين الغرب والشرق مستمر ومنافسو "إن فيديا" يضخون أموالاً ضخمة لتطوير برامج تكسر الهيمنة الأميركية على الصناعة

 تستحوذ "تي أس أم سي" التايوانية على النصيب الأكبر من إنتاج الرقائق الإلكترونية في العالم (أ ف ب)

ملخص

أبلغت "إي أس أم إل" المسؤولين الهولنديين، بعد أن نقلوا إليها قلق الأميركيين، أن بإمكانها وقف عمل معدات صناعة الرقائق عن بعد

يحتمل أن توقف أكبر شركتين في العالم، في مجال صناعة أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية، عمل الرقائق عن بعد في حال تطور أي صراع جيوسياسي، فعلى سبيل المثال قد تتحول التهديدات الصينية إلى خطر على تايوان، معقل صناعة الرقائق الإلكترونية في العالم، خصوصاً بعد أن دخلت تلك الصناعة في كثير من مستلزمات الحياة العادية، فضلاً عن التطبيقات التكنولوجية العسكرية.

وتملك الشركتان المتخصصتان في صناعة أشباه الموصلات "إي أس أم إل" الهولندية و"تي أس أم سي" التايوانية الوسائل اللازمة لتعطيل معدات صناعة الرقائق عن بعد حينما تحتاج إلى ذلك، وفقاً لما كشفه تقرير حديث لوكالة "بلومبيرغ".

وأشار التقرير إلى أن مسؤولين في الحكومة الأميركية عبروا في لقاءات سرية مع نظرائهم في هولندا وتايلاند عن مخاوفهم في شأن اضطراب إمدادات العالم من أشباه الموصلات المتقدمة في حال غزو الصين شبه جزيرة تايوان.

وتستحوذ "تي أس أم سي" التايوانية على النصيب الأكبر من إنتاج أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية في العالم، إذ تورد إلى شركات التكنولوجيا معظم الأجهزة التي يستخدمها البشر يومياً حول العالم.

في الأثناء أبلغت "إي أس أم إل" المسؤولين الهولنديين، بعد أن نقلوا إليها قلق الأميركيين، أن بإمكانها وقف عمل معدات صناعة الرقائق عن بعد، وللتأكيد على ذلك أجرت السلطات الهولندية تجربة محاكاة لذلك في حال غزو صيني لتايوان، تمكنها من مواجهة الأخطار على صناعة أشباه الموصلات.

تعطيل عن بعد

والمستهدف بعملية التعطيل عن بعد هو أهم آلة في صناعة الرقائق الإلكترونية الدقيقة المتقدمة، بخاصة تلك المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، إذ تنتج الشركة الهولندية تلك الآلة بصورة حصرية، وعميلها الرئيس هي الشركة التايوانية العملاقة لأشباه الموصلات.

ويبلغ سعر تلك الآلة المعروفة رمزاً بـ"إي يو في" أكثر من 200 مليون يورو (217 مليون دولار) للماكينة الواحدة، إذ تستخدم الأشعة فوق البنفسجية عالية التردد لطباعة أصغر شبكات الموصلات الدقيقة على الإطلاق لصناعة أقوى الرقائق الإلكترونية، والأهم من ذلك أن هذا النوع من الآلات يحتاج  إلى عمليات صيانة وتحديث أنظمة التشغيل، تنفذها الشركة المصنعة أيضاً، وتستطيع الشركة الهولندية أثناء عمليات الصيانة الدورية وبمفتاح تشغيل واحد تعطيل الآلة من مقر الشركة في فيلدهوفن بهولندا، سواء كانت تلك الآلة  في تايوان أو لدى شركة "إنتل" أو غيرها من الشركات في الولايات المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولخطورة هذا النوع من الآلات فقد منعت الحكومة الهولندية شركة "إيه أس أم إل" من تصدير تلك الآلة إلى الصين

 استجابة لضغوط واشنطن هذا العام، حتى تمنع بكين من استخدامها في صناعة الرقائق الإلكترونية المتقدمة، وذلك جزء من حرب الرقائق الإلكترونية ضمن الصراع الأميركي - الصيني، إذ تسد الولايات المتحدة أي طريق يحرز من خلاله التنين الصيني أي تقدم تكنولوجي، خصوصاً في مجال الذكاء الاصطناعي أو الاستخدامات العسكرية للمنتجات التكنولوجية المتقدمة.

ولا تقتصر رقعة حرب الرقائق الإلكترونية على طرفي الصراع الولايات المتحدة والصين وحسب، بل إن أوروبا دُفعت إلى الحرب تحت الضغط الأميركي لخنق التقدم الصيني في صناعة الرقائق وغيرها من المنتجات المتقدمة، إذ تقدم الولايات المتحدة دعماً حكومياً بالمليارات لشركات إنتاج الرقائق كي توطن صناعتها فيها.

في المقابل تعتبر دول أوروبية أن ذلك الدعم يضر بقدرة الشركات الأوروبية على المنافسة الحرة لمصلحة الشركات الأميركية أو التي تنقل أعمالها إلى أميركا.

تعاون وتنافس

والأمر الذي يدعو إلى الاستغراب هو العلاقة الأميركية الأوروبية، فعلى رغم التنافس بينها ولو بصورة مستترة إلا أن كسر الهيمنة الصينية لن يحدث إلا بالتعاون، أو بالأحرى استجابة بعض الدول الأوروبية للضغوط الأميركية، فيما يتعلق بحصار التقدم الصيني، مثل حال هولندا ومنع تصدير آلات "إي يو في" إلى بكين، على رغم أن هناك محاولات للتعاون بين الشركات الأوروبية والشركات الأميركية لمنافسة التطور الصيني في مجال أشباه الموصلات.

وفي ظل قيادة البرمجيات المتقدمة مثل برامج الذكاء الاصطناعي للقطاع التكنولوجي حالياً، لم تعد حرب الرقائق فقط بين الغرب والشرق وإنما أيضاً بين شركات التكنولوجيا الغربية العملاقة ذاتها، إذ كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" الأسبوع  الجاري عن جهود شركات تكنولوجية كبرى لكسر احتكار شركة "إن فيديا" الأميركية لإنتاج الرقائق الإلكترونية والمعالجات عالية السرعة لسوق الرقائق المستخدمة في برامج الذكاء الاصطناعي.

ويرى المتخصصون في الصناعة أن سر تفوق "إن فيديا" ليس إنتاجها للرقائق المتقدمة والمعالجات عالية السرعة وحسب، وإنما أيضاً لبرنامجها المشغل للرقائق والمعالجات "كودا"، إذ يجعل الرقائق المصممة أساساً لتشغيل الغرافيكس وتستخدم في تسريع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ولذلك تسعى الشركات التي تشتري الرقائق من "إن فيديا" إلى الاستثمار في برنامج بديل طُور بالذكاء الاصطناعي عام 2021  أطلق عليه "ترايتون".

 وبحسب الصحيفة فإن شركات "ميتا" المالكة لـ "فيسبوك" و"مايكروسوفت" و"غوغل" وغيرها يستثمرون لتطوير برنامج "ترايتون" لتقليل الاعتماد على منتجات "إن فيديا".

ومن الواضح أن حرب الرقائق ستطغى على قطاعات أخرى كثيرة مدنية وعسكرية تستخدم منتجات أشباه الموصلات وليس فقط على قطاع التكنولوجيا العالمي خلال الفترة المقبلة، وقد لا تقتصر الحرب على طرفي الصراع في سواء بكين في أقصى الشرق أو واشنطن في أقصى الغرب، بل إن دولاً وشركات أخرى ستدخل أتون المعركة.

ويأمل بعض من في السوق من أن مثل هذا الصراع والتنافس قد تكون له تداعيات إيجابية تسهم في خفض أسعار الرقائق المرتفعة جداً وزيادة حجم المعروض منها، لكن على رغم أهمية ذلك إلا أن هناك أخطاراً قد  تؤدي إلى احتكارات وسياسات حمائية عدائية تفوق  عملية "تعطيش" للسوق إلى ضغط الحكومات على الشركات لتعطيل الإنتاج، مثلما حدث مع الشركة الهولندية.

اقرأ المزيد