Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أمركة الأمير هاري أصبحت شبه مكتملة

قدم دوق ودوقة ساسكس أقوى مؤشر حتى الآن في شأن قرارهما استبدال الشواطئ البريطانية الممطرة بإقامة دائمة عبر المحيط الأطلسي، لكن كم من الوقت قد يمر قبل أن يقوم الأمير باستبدال جواز سفره البريطاني بآخر أميركي؟

يمكن تشبيه حياة هاري وميغان في جوانب عدة بالتجارب التي عاشها - أو تحملها - الملك البريطاني السابق إدوارد الثامن وزوجته الأميركية واليس وورفيلد سيمبسون (أ ب)

ملخص

لو كان بوسع هاري وميغان التعامل بطريقة أو بأخرى مع التطفلات الإعلامية، ومعالجة ما تبقى من آثار الصدمة التي تسببت فيها وفاة الأميرة ديانا، ربما كان من الممكن أن يصبح دوق ودوقة ساسكس من الشخصيات الوطنية القيمة والمحبوبة في المملكة المتحدة. لكن هذا السيناريو للأسف لم يتحقق

يبدو أن الوقت قد حان للملكة المتحدة أخيراً لأجل تقديم وداع حار (ليس بالكامل) لدوق ساسكس الأمير هاري. فعلى رغم الافتراضات السابقة للبعض منا في شأن إقامته الدائمة في الولايات المتحدة، تكشف "أخبار" صدرت أخيراً عن أن إقامته الرسمية في الولايات المتحدة بدأت في تاريخ سابق يتزامن مع المرحلة التي أرغمه فيها والده على ترك "فروغمور كوتيج" Frogmore Cottage في عقار وندسور، وهو ملكية كبيرة كانت في الأساس مسكناً ثانوياً نادراً ما يتم استخدامه.

من هنا، فإن تصرفه يمثل ما نصفه في وسائل الإعلام بأنه "ازدراء" آخر لوالده ولزوجته الملكة كاميلا، وشقيقه الأمير ويليام ولي العهد وزوجته كيت. ويشكل في الواقع مؤشراً إضافياً إلى اختياره ولاية كاليفورنيا الأميركية مقراً دائماً ونهائياً لإقامته. ومن المحتمل بالتالي أن يكتسب قريباً لهجة الساحل الغربي للولايات المتحدة، تماشياً مع أسلوب حياته المريح والساحر، ويصبح أكثر بعداً عن عائلته ووطنه.

هل يعد هذا التغيير إيجاباً أم سلبياً بالنسبة إليه، أو بالنسبة إلى أولئك الذين تركهم خلفه في مناخ بريطانيا الممطر بصورة دائمة؟ من المؤكد أنه لا يقدم ما يمكن تسميتها "الصورة الإيجابية" لشخص كان ذات يوم جزءاً من عائلة ترمز إلى هوية المملكة المتحدة، وها هو يدير ظهره لها ويغادرها بهذه الطريقة.

غالباً ما تحيط بالأشخاص المنفيين - ولا سيما منهم الذين ينتمون إلى خلفيات ملكية - مشاعر الكآبة. ففي وطنهم، ربما كانت لهم بعض الأدوار ذات الأهمية الدستورية أو الاحتفالية، سواء كانت إيجابية أم سلبية. إلا أنه بمجرد مغادرتهم إلى الخارج، يجدون أنفسهم في معظم الأحيان بلا جذور أو هدف. وكما كثير من الملوك السابقين (والمتحدرين منهم) من بلدان مثل اليونان وإيطاليا وبلغاريا ورومانيا وإيران وكمبوديا وألبانيا، ومختلف المطالبين باستعادة تاج عائلة رومانوف في روسيا، يظهر هؤلاء الأفراد أحياناً في أعمدة الثرثرة في الصحف، أو يحضرون كمتفرجين أحداث تتويج أقاربهم الأكثر حظاً منهم، ليصبحوا مجرد أفراد يبعثون على الفضول، ولا يعودون ذوي أهمية بالنسبة إلى رعاياهم السابقين. ويبدو أن مستقبل الأمير هاري يتجه أيضاً نحو وضع مماثل.

يمكن القول إن حياة هاري وميغان تشبه في جوانب عدة، التجارب التي عاشها - أو تحملها - الملك البريطاني السابق إدوارد الثامن وزوجته الأميركية واليس وورفيلد سيمبسون. وكما هو معروف، فقد تنازل إدوارد عن العرش من أجل البقاء مع زوجته، على رغم أن المؤرخين يشيرون إلى أنه لم يكن أساساً يميل إلى تولي مسؤوليات النظام الملكي في أي حال. وبصفتهما دوق ودوقة وندسور، فقد أمضيا إلى حد كبير بقية أيامهما في باريس، أو سافرا عبر أميركا كفردين من المشاهير المتجولين. وشملت أنشطتهما حضور حفلات استقبال، والظهور التلفزيوني من حين إلى آخر، وتقديم نصائح حول الموضة، واستضافة لقاءات لدائرة متقلصة من أصدقائهما، إلى حين تقدمهما في السن وتدهورت صحتهما.

وعلى النقيض من هاري وميغان، فقد عاش إدوارد وواليس حياة من البذخ في قصرهما الفاخر في "غابة بولونيا" Bois de Boulogne غرب باريس، وكانا محاطين بخدم يرتدون الزي الرسمي، وبتحف وتذكارات رائعة من الفترة التي كان فيها إدوارد أميراً لويلز وملكاً إمبراطورياً، لكن باستثناء الأعوام القليلة التي أمضاها إدوارد خلال الحرب عندما عين حاكماً لجزر الباهاما (لإبقائه مشغولاً وبعيداً من المشكلات)، فلم يكن لدى الثنائي إدوارد والسيدة سيمبسون كثير من المسؤوليات.

وعندما تنازل إدوارد عن العرش في عام 1936، شعر جزء كبير من الجمهور البريطاني بأن صديقته الأميركية قد أثرت فيه و"سرقت أميرنا"، كما قيل. وفيما قد تكون هذه المشاعر صحيحة، إلا أن واليس لم يكن لديها تصور لمرحلة ما بعد تخلي إدوارد عن العرش، ولطريقة التعامل لاحقاً مع النتائج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، من غير الواضح تماماً ما الذي تنوي ميغان ماركل القيام به أيضاً مع هاري. فالحفاظ على الواجبات الملكية وهما يعيشان في قارة أخرى - ناهيك بدولة أخرى - لم يكن خياراً ممكناً بالنسبة إلى الزوجين. ونتيجة لذلك، تخلى الثنائي تقريباً عن جميع وظائفهما والتزاماتهما الخيرية الأخرى، ولم يتبق لهما منها سوى "ألعاب إنفيكتوس" Invictus Games (وهو حدث دولي متعدد الرياضات أطلقه الأمير هاري، يتنافس فيه جنود ونساء جرحى ومصابون ومرضى، سواء كانوا في الخدمة أو من المحاربين القدامى)، ومؤسسة أرتيشويل" Archewell Foundation الخاصة بهما. كما أن قدرتهما على "الاستفادة أكثر" من خبراتهما الشخصية لتصوير أفلام وثائقية لخدمة "نتفليكس" وتنفيذ مشاريع مماثلة، باتت محدودة. وفي واقع مواز، لو كان بوسع هاري وميغان التعامل بطريقة أو بأخرى مع التطفلات الإعلامية، ومعالجة ما تبقى من آثار الصدمة التي تسببت فيها وفاة الأميرة ديانا، ربما كان من الممكن أن يصبح دوق ودوقة ساسكس من الشخصيات الوطنية القيمة والمحبوبة في المملكة المتحدة. لكن هذا السيناريو للأسف لم يتحقق.

بالتالي، فإن هذا القطع الإضافي لروابط هاري مع بريطانيا أمر محزن للغاية ومخيب للآمال، خصوصاً أن مفهوم النظام الملكي "المخفف" في عهد تشارلز الثالث [وجود عدد أقل من أفراد العائلة المالكة الذين يشاركون بنشاط في الواجبات والارتباطات الرسمية]، أدى - في غياب شخصيات رئيسة كملك البلاد وأميرة ويلز (بداعي المرض) - إلى ترك المؤسسة تعاني نقصاً في الموظفين، وتسبب بإرهاقها.

قد يكون أمراً مؤلماً بعض الشيء التفكير في تلك النيات الحسنة الكبيرة التي علقت على مستقبل هاري وميغان خلال حفل زفافهما الذي يصادف ذكراه السنوية السادسة الشهر المقبل. وبغض النظر عن الجهة التي تتحمل المسؤولية عن انهيار علاقتهما مع بريطانيا منذ ذلك الحين، فإن رحيل الثنائي إلى أميركا الشمالية يشكل خسارة للمملكة المتحدة، ويفقدها حضوراً مميزاً للغاية.

هذا ولا يبدو أن عملية التحول نجو أميركا قد انتهت بالكامل، فمنذ وقت ليس ببعيد، قام الأمير هاري بتغيير لقبه رسمياً إلى جانب لقب أسرته، من "ماونتباتن وندسور" Mountbatten-Windsor إلى "ساسكس" فقط. وقد تكون الخطوة التالية المتوقعة للزوجين، هي تبني لقبي السيد والسيدة ساسكس. بعد ذلك قد يطرح السؤال: كم من الوقت سيستغرق الأمر قبل أن يسعى دوق ساسكس إلى الحصول على الجنسية الأميركية، وحمل جواز سفر الولايات المتحدة؟

إن مساعي الزوجين إلى "العثور على الحرية" ما زالت مستمرة. وبمقدار ما يشكل هذا الواقع خسارة لهما، فإنه يمثل أيضاً خسارة لنا.

© The Independent

المزيد من تقارير