Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تحولت أزمة ترمب مع النساء إلى كابوس انتخابي للجمهوريين؟

قضى الرئيس السابق، من خلال تعييناته في المحكمة العليا، على الحق الدستوري للأميركيات في الإجهاض

كاري ليك، مرشحة إلى مجلس الشيوخ في أريزونا إلى جانب دونالد ترمب (أ ب)

ملخص

سعى الجمهوريون بكل جوارحهم لحظر الإجهاض في الولايات المتحدة ومتى تحقق لهم ذلك بدأوا يبحثون عن طريقة لإنقاذ أنفسهم انتخابياً

عندما يلقي دونالد ترمب كلمته، يصغي الجمهوريون بانتباه. ولكن، هذا الانتباه سرعان ما يتشتت عندما يتحول حديث الرئيس السابق إلى خليط من العبارات المتشابكة، مما يضع مشغل شاشة القراءة [جهاز يقرأ منه الشخص وهو ينظر إلى الكاميرا] في موقف محرج وهو يحاول تحديد مكان الفاصلة المناسب.

ومع ذلك، ففي هذا الأسبوع، تحدث ترمب بجدية، ونظراً لأهمية القضية والجدل المحيط بها، التزم بالنص المكتوب أمامه على الشاشة حرفياً.

كان يتحدث عن الإجهاض ويناقش الخطوات المستقبلية لهذه القضية بعد مرور نحو عامين على قرار إلغاء الحكم في قضية "رو" ضد "وايد" التاريخية [وهي القضية التي أصدرت فيها المحكمة العليا قراراً تاريخياً في 1973 يقر بوجود حق دستوري للمرأة في الإجهاض].

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن هذا الانتصار الهاااااااائل (هكذا لفظ ترمب الكلمة) الذي أنهى الحق الدستوري الذي دام 50 عاماً للمرأة الأميركية في إجراء عملية الإجهاض، حصل بفضل ترمب والأشخاص الثلاثة الذين تمكن من تعيينهم في المحكمة العليا.

إنه يتباهى بالأمر في كل مكان. لكن منذ ذلك الحين، تحولت انتصاراته إلى مسيرة طويلة من العار. وتكمن المشكلة في أنه، في كل مرة تُطرح فيها مسألة حق الإجهاض في اقتراع شعبي على مستوى الولاية، يعبر الناخبون عن رغبتهم في أن تحتفظ النساء بسيطرتهن على حقوقهن الإنجابية. وقد أُجريت عمليات التصويت هذه في ولايات عدة محسوبة على الجمهوريين من أوهايو التي تميل بشكل خفيف للجمهوريين إلى كانساس التي تغلب عليها النزعة الجمهورية بشكل كبير.

وكانت هناك أيضاً سلسلة من السباقات الانتخابية الأخرى التي حاول مرشحون توظيف قضية الإجهاض فيها لمصلحتهم لكن، ومجدداً، كلف هذا الجمهوريين غالياً. بالمحصلة، هناك مشكلة يواجهها دونالد ترمب. وخلال هذا الأسبوع، سعى إلى تقديم حل.

وفي تصريح له عبر فيديو نشر على منصته الإعلامية "تروث سوشيال"، أوضح ترمب موقفه قائلاً: "موقفي هو أن لدينا الآن صيغة [قانون] الإجهاض تعبّر عن تطلعات الجميع. من الناحية القانونية الولايات هي التي ستحدد مسار هذه القضية، سواء عبر التصويت أو التشريع، أو ربما كليهما. ويجب أن يكون قرار الولايات هو القانون المعمول به، ويصبح في هذه الحالة ملزماً على مستوى الولاية".

إن ترمب، مثل رونالد ريغان، يدعم حق المرأة في الإجهاض في الحالات التي تشمل الاغتصاب أو زنا المحارم أو الخطر المحدق بحياة الأم.

وأضاف ترمب "ستكون هناك اختلافات بين الولايات، فبعضها سيعتمد عدداً معيناً من الأسابيع المسموح خلالها بإجراء الإجهاض، والبعض الآخر سيكون لديه قوانين أكثر تحفظاً من غيره، وهذا هو جوهر القرار. في النهاية، يعود الأمر كله إلى إرادة الشعب".

وفي خطوة مفاجئة، أعرب دونالد ترمب عن معارضته الشديدة للحظر على الإجهاض على مستوى البلاد، والذي طالبت به الجماعات المحافظة والإنجيلية والكاثوليكية المناهضة للإجهاض. ومن وجهة نظر هذه الجماعات، لا يزال العمل غير مكتمل، وحان الوقت لإنهائه، ولكن ترمب يرى أن هذا المسار يعرض حملته الانتخابية للخطر، ويدعو بدلاً من ذلك، إلى ترك القرار بيد كل ولاية على حدة.

وخلال 24 ساعة فقط، قامت إحدى الولايات بإعلان قرارها. وهذه الولاية ليست ولاية عادية، إنها أريزونا، التي من المرجح أن تكون من بين الولايات الست التي ستؤدي دوراً محورياً في تحديد نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة. كما قد تكون لها اليد العليا في تحديد أي الأحزاب سيهيمن على مجلسي النواب والشيوخ، فأريزونا، بوصفها ولاية "أرجوانية" تقليدية، أي أنها خليط متقلب من الديمقراطيين الزرق والجمهوريين الحمر.

 

إن القرار الذي اتخذته المحكمة العليا في أريزونا الثلاثاء الماضي بإعادة تفعيل قانون يعود تاريخه إلى عام 1864 (نعم إنها 8 وليس 9)، يشكل عملياً حظراً شاملاً على الإجهاض. وهذا القانون كان قائما قبل أن تصبح أريزونا ولاية رسمية، وقبل انتهاء الحرب الأهلية الأميركية، وأيضاً قبل أن تحصل النساء على حق التصويت. وفي وقت كان يمكن أن يواجه مقدمو خدمات الإجهاض عقوبة بالسجن تصل إلى خمس سنوات. هذه الخطوة تعد من بين الأكثر صرامة التي اتخذتها أي ولاية منذ إلغاء قرار "رو" ضد "وايد".

والحساسية المفرطة التي يشهدها الحزب الجمهوري حيال قضية الإجهاض تعود جزئياً إلى كونها من بين القضايا الرئيسة التي ستؤثر في التصويت في الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني). ففي هذه الانتخابات، التي تضم بعض أطول أوراق الاقتراع عالمياً، إذ يُطلب من الناخبين اتخاذ قرارات تتضمن اختيار رئيس الدولة، وأعضاء مجلس الشيوخ والنواب، وصولاً إلى مناصب متدنية مثل الموظف البلدي المسؤول عن التقاط الكلاب المشردة.

وقد يتاح للناخبين فرصة التصويت قريباً بشأن قضية الإجهاض، وقد لاحظنا في ولايات مثل أوهايو، وكانساس، وكنتاكي، إضافة إلى السباقات الانتخابية لعضوية مجلس النواب في نيويورك، أن هذه القضية تعزز مشاركة الناخبين بشكل كبير، إذ يبدو أن هذه القضية تمثل بطاقة رابحة للديمقراطيين الذين يضعون دعم حقوق المرأة في الاختيار في صميم حملاتهم الانتخابية.

وتتجلى المخاوف التي تثيرها قضية الإجهاض بين الجمهوريين في شخصية كاري ليك، وهي مؤيدة بارزة لترمب ضمن حركة "ماغا" (اجعلوا أميركا عظيمة من جديد)، والمرشحة الجمهورية لمجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية أريزونا في انتخابات نوفمبر. التقيت بكاري ليك في يونيو (حزيران) الماضي بميامي، حيث كانت قد حضرت جلسة محاكمة ترمب في قضية الحيازة غير القانونية لوثائق سرية، وخلال وجودها هناك، استغلت ليك وسائل الإعلام الأميركية لتعزيز صورة ترمب كشخصية نزيهة ومستقيمة.

وكانت ليك صريحة للغاية حول قضية الحقوق الإنجابية حيث أفادت في مقابلة قبل عامين بأن الإجهاض ينبغي حظره، والحياة تبدأ من لحظة الحمل، ويجب تجريم حبوب الإجهاض، والقانون يجب أن يعود إلى ما كان عليه عام 1864.

لكن هل احتفلت المذيعة السابقة بالفرح عندما أصدرت المحكمة العليا في أريزونا القرار الذي كانت تأمله؟ لا، بل كانت أبعد ما يكون من الفرح. وبدلاً من ذلك، أصدرت بياناً يُدين قرار المحكمة ويدعو الحاكم الديمقراطي (يا لسخرية القدر) إلى إيجاد "حل عاجل وعملي يحظى بدعم أهالي أريزونا". وكأنها تقول له بعبارة أخرى: أرجوك أنقذ مسيرتي السياسية باتخاذ أي إجراء لمنع حدوث ذلك لأنه سيقوض من فرص منافستي على المنصب.

ولأكثر من خمسة عقود، راودت الأحلام الجماعات المحافظة والحزب الجمهوري بإبطال القوانين الفيدرالية التي تنظم الإجهاض. والآن، وبعد أن حققوا ما يصبون إليه، وجدوا أنفسهم في ورطة حقيقية، مرتبكين وغير متأكدين من كيفية التعامل مع التداعيات المترتبة على قرارهم، كالشخص الذي يحقق هدفاً ولا يعرف ما هي الخطوة التالية لأن ليست لديه خطة عمل. تُعبّر هذه الحالة عن المثل القديم القائل "احذر مما تتمنى، فقد يتحقق".

*جون سوبيل هو المحرر السابق للشؤون الأميركية في هيئة الإذاعة البريطانية، وحالياً هو مقدم البودكاست "ذي نيوز إيجنت" على منصة "غلوبال"

© The Independent

المزيد من آراء