ملخص
يعني ذلك خروج وزراء بقوا في مناصبهم فترات طويلة وانتقلوا من حكومة إلى أخرى، مثل وزير الخارجية رياض المالكي الذي يحتفظ بمنصبه منذ 14 عاماً، ووزير المالية شكري بشارة منذ عام 2013.
صادق الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم على تشكيلة الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة الاقتصادي محمد مصطفى بعد أسبوعين من تكليفه، على أن تؤدي اليمين الدستورية مطلع الأسبوع المقبل.
وقال مصطفى على الإثر إن "الأولوية الوطنية الأولى هي وقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة". وأضاف "سنعمل على وضع التصورات لإعادة توحيد المؤسسات بما يشمل تولي المسؤولية في غزة".
وجاء تشكيل الحكومة الجديدة التي ستكون غير فصائلية وتضم الخبراء فقط نتيجة ضغوط أميركية، بهدف "تنشيط وإصلاح السلطة الفلسطينية استعداداً لعودتها لقطاع غزة".
اليوم التالي للحرب
لكن ذلك يصطدم برفض إسرائيلي حتى الآن وإصرار أميركي على عودة السلطة الفلسطينية لغزة ضمن اليوم التالي للحرب، ووفق مصادر "اندبندنت عربية" فإن وزراء حكومة محمد مصطفى سيكونون جدداً ولم يتولوا مهمات وزارية من قبل، ولن يتبقى من حكومة محمد أشتية سوى وزير الداخلية الحالي زياد هب الريح، مما يعني خروج وزراء بقوا في مناصبهم لفترات طويلة وانتقلوا من حكومة إلى أخرى، مثل وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الذي يحتفظ بمنصبه منذ 14 عاماً، إذ تولى منصبه عام 2009، ووزير المالية شكري بشارة الذي يحتفظ بمنصبه منذ عام 2013.
ومن المقرر أن يتولى رئيس الوزراء المكلف محمد مصطفى وزارة الخارجية، فيما سيعين فارسين جورج أغابكيان شاهين بمنصب وزيرة دولة للشؤون الخارجية.
وسيحل عمر البيطار مكان شكري بشارة في وزارة المالية في ظل أزمة مالية هي الأصعب والأقسى، والتي أجبرت الحكومة على دفع جزء من رواتب موظفيها منذ أكثر من عامين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع أن مصطفى أجرى مشاورات مع عدد من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية إلا أنها لم تتضمن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والمبادرة الوطنية الفلسطينية اللتين عارضتا تكليفه، كما لم تشمل المشاورات حركتي "حماس" و"الجهاد" اللتين عارضتا تكليفه لأنه جاء "من دون توافق وطني ويعمق الانقسام". لكن محمد مصطفى شدد على أن حكومته "ستعمل على مبدأ الشراكة والحوار مع أطياف المجتمع كافة، وستقوم بمأسسة ذلك بما يضمن التعاون والتعاضد لتمكينها من القيام بالمهمات التي أوكلت إليها".
وأوضح مصطفى أن حكومته ستواجه "تحديات كبيرة وخطرة، سواء على صعيد الحرب المتواصلة في قطاع غزة أو حرب استباق الزمن للاستيلاء على الأرض في الضفة الغربية والحصار المالي والاقتصادي، وسياسات الخنق والتقييد التي تمارسها إسرائيل".
وأبلغت مصادر مقربة من مصطفى "اندبندنت عربية" أن الحكومة الـ19 ستعمل في "ظروف غير مسبوقة وصعبة للغاية، وستتصدى لملفات إعادة إعمار قطاع غزة والإصلاح المؤسسي للسلطة الفلسطينية وسبل إنهاء الحصار المالي".
وبحسب تلك المصادر فإن تشكيلة الحكومة سضم عدداً كبيراً من قطاع غزة بسبب حجم الدمار في القطاع الذي أوجدته الحرب الإسرائيلية، مما يحتاج إلى عمل دؤوب ومن قرب، ولذلك فإن مصطفى يعتزم إنشاء وكالة مستقلة متخصصة تعمل بشفافية وكفاءة لقيادة جهود التعافي وإعادة إعمار غزة، وصندوق ائتماني يدار دولياً لجمع وإدارة الأموال المطلوبة لهذه المهمات الكبرى.
وأشار مصطفى إلى ضروة إعادة توحيد قطاع غزة والضفة الغربية، وتوحيد المؤسسات والقوانين في ظل نظام حوكمة صلب ومتماسك ورشيد وشفاف، وتفعيل التكامل الاقتصادي بين شقي الوطن وضمان حرية التنقل بينهما.
وفي استجابة للمطالب الدولية لإصلاح السلطة الفلسطينية، كشف مصطفى عن أن حكومته "عازمة على مواصلة وتعزيز مسيرة الإصلاح المؤسسي كمتطلب وضرورة وطنية للنجاح في المهمات الكبرى الموضوعة أمامها، ولكسب ثقة أبناء شعبنا".
ولتحقيق ذلك فإن الحكومة الفلسطينية ستشرع فور تشكيلها، بحسب مصطفى، في وضع وتنفيذ برنامج إصلاح شامل يتضمن تحسين الضوابط المالية والشفافية وترشيد البيروقراطية وتعزيز سيادة القانون وحماية استقلال القضاء ومكافحة الفساد ودعم حقوق الإنسان.
وشدد مصطفى على أن حكومته "سننتهج سياسة عدم التسامح مطلقاً تجاه الفساد مع الالتزام الكامل بالشفافية، وبسبب الشكوك تجاه برامج الإصلاح نظراً لعدد من العوامل والتجارب السابقة فإن رئيس الوزراء المكلف سيشكل مجلس وزراء يتمتع بالصدقية والمهنية، ومكتباً تنفيذياً للإصلاح المؤسسي ضمن ديوان رئيس الوزراء لإنفاذ الإصلاحات المؤسسية".
وسيتولى ذلك المكتب وضع الخطط الإصلاحية المطلوبة وضمان تنفيذها بالتعاون مع مؤسسات الدولة ذات العلاقة ومؤسسات المجتمع المدني الوطنية والمنظمات الدولية التي تملك الخبرات اللازمة وذات الصلة.
غياب التوافق الوطني
من جانبه استبعد المحاضر في جامعة القدس عبدالمجيد سويلم أن تشكل الحكومة الجديدة أية إضافة نوعية أو أن تحدث فروقاً جوهرية عن الحكومة السابقة بسبب غياب التوافق الوطني الكامل عليها.
وأشار سويلم إلى أن "الرئيس عباس لجأ إلى تشكيل حكومة جديدة في محاولة لإبداء المرونة المطلوبة تجاه الغرب حتى لا يستكمل الهجوم الإسرائيلي على السلطة الفلسطينية في ظل المواقف العدائية تجاهها من اليمين الإسرائيلي الحاكم"، موضحاً أن "هذه الحكومة الجديدة تأتي لدرء المخاوف وليس لتحسين الأوضاع العامة".
وعن رفع الحصار المالي الإسرائيلي على السلطة الفلسطينية في ظل الحكومة الجديدة، فقد قلل سويلم من إمكان حصول ذلك، "على رغم أنه أحد مراهنات الرئيس عباس من تشكيل الحكومة".
ورجح سويلم حصول بعض الانفتاح الاقتصادي والضخ المالي من الدول العربية والغربية للسلطة الفلسطينية، لكنه شدد على أن ذلك "لن يحل الأزمة المالية للسلطة التي تتسبب بها إسرائيل".
ووفق المحلل السياسي مهند عبدالحميد فإن "نجاح الحكومة أو فشلها يرتبط بالدعم العربي والدولي في ظل وضع داخلي مأسوي"، لكنه شدد على أن حكومة رئيس الوراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هي "الطرف الأكثر تأثيراً في الفلسطينيين في ظل رفضها مناقشة اليوم التالي للحرب واستئناف ضخ أموال المقاصة الفلسطينية كاملة".
وأوضح عبدالحميد أن الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية ستتواصل على رغم وجود حكومة جديدة، مرجحاً استمرار ذلك حتى انتهاء الحرب ومعرفة مآلاتها.
وبحسب عبدالحميد فإن موضوع الحكومة الفلسطينية يبقى مجرد تفاصيل في ظل إشراف "السداسي العربي" مع واشنطن على وضع تصورات المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أن قطر تسعى إلى توفير الغطاء لحركة "حماس" لأنها تعرف وضعها وإمكاناتها في المسقبل، ورغبة تل أبيب وواشنطن في شطبها.
أما المحلل السياسي جهاد حرب فيرى ضرورة "وجود حكومة ووزراء متخصصين وغير حزبيين وعلى دراية بالعمل العام واتساق مع الواقع المعاش وأقوياء"، وأشار إلى أن "المرحلة الحالية ليست سهلة وتحتاج إلى مقاتلين وليس فقط خبراء وأكاديميين".
وبحسب حرب فإن الحكومة الجديدة لن تستطيع العمل في قطاع غزة من دون التوافق مع حركة "حماس"، لأن الأخيرة لا تزال على الأرض في قطاع غزة حتى وإن ضعفت عسكرياً.
ومع أن حرب أشار إلى أن "حماس" تؤيد من حيث المبدأ وجود حكومة خبراء إلا أنها تريد أيضاً حصتها، ليس في الوزراء ولكن في استيعاب جهازها الإداري والأمني الذي أوجدته بعد سيطرتها على قطاع غزة قبل 18 عاماً.