Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصراع على القيادة في إيران... تبدل الثنائيات الحاكمة (1)

تولي خامنئي موقع ولي الفقيه كان قائماً على معادلات مختلفة عن تلك التي شهدتها مرحلة التأسيس

المرشد الإيراني الحالي وصل إلى ولاية الفقية بمعادلات جديدة (أ ف ب)

ملخص

وصول المرشد الحالي إلى موقع ولاية الفقيه وقيادة النظام استند في البداية إلى ثنائية وشراكة سياسية والتقاء مصالح بينه وبين شريكه وصديقه رفسنجاني.

لم تكن الإشارة التي صدرت عن رئيس الجمهورية الإيرانية الأسبق هاشمي رفسنجاني في جلسة انتخاب المرشد الحالي علي خامنئي خلفاً للمؤسس، بأنه يميل إلى تشكل مجلس قيادة لإدارة البلاد، على الأقل في مرحلة انتقالية، لم تكن هذه الإشارة مجرد موقف عابر أو محاولة للتوصل إلى تسوية لأزمة الخلافة، بل كانت مؤشراً إلى وجود إمكانية لحصول تحول في موقفه من موقع القيادة وآليات إدارة البلاد.

وعلى رغم الاتهام الذي واجهه رفسنجاني بالضلوع في تسوية سمحت بوصول خامنئي إلى موقع القيادة وولاية الفقيه، وأنه أسهم في تسهيل انتخابه، في إطار تفاهم بينهما على تقاسم السلطة. فإن إمكانية الانتقال إلى إدارة موقع القيادة عبر مجلس قيادة، مع إمكانية توسيعه ليشمل أشخاصاً من خارج ما نص عليه الدستور في مادته 111 التي تحصر مجلس القيادة برئيسي الجمهورية والسلطة القضائية وأحد أعضاء مجلس صيانة الدستور ينتخب من قبل مجلس تشخيص مصلحة النظام. تحولت إلى الضرورة لدى رفسنجاني، خصوصاً بعد أن تولى رئاسة مجلس خبراء القيادة عام 2007 واستمر فيه حتى عام 2011.

وقد عمق هذه الضرورة، الافتراق الذي حصل بين رفسنجاني والمرشد خامنئي، عندما حاول الأخير توجيه ضربة قاسمة للحياة السياسية لرفسنجاني، من خلال إلحاق الهزيمة به في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2005 وأدت إلى هزيمته أمام محمود أحمدي نجاد، ثم تعمقت الهوة بين الطرفين أو الشخصين نتيجة الأحداث السياسية والشعبية التي حصلت عام 2009 والحراك الشعبي الذي انفجر في إيران نتيجة الاعتراض على نتائج الانتخابات الرئاسية التي أعادت محمود أحمدي نجاد إلى رئاسة الجمهورية لدورة ثانية على حساب المرشح مير حسين موسوي. بخاصة عندما رفض رفسنجاني رواية المرشد وسردية النظام حول الانتخابات ونتائجها، إضافة إلى اعتراضه الواضح لما آلت إليه الأمور في إدارة النظام والدولة والمسار الذي بدأ يتضح حول مستقبل موقع القيادة وولي الفقيه.

العودة أو استعادة خلفيات التوتر وأسبابه في العلاقة بين المرشد ورفسنجاني، يفرضه المسار الذي اتخذته الانتخابات الأخيرة لمجلس خبراء القيادة الأخيرة التي جرت بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية مطلع مارس (آذار) الماضي، إضافة إلى ما يدور من جدل حول خلافة ولي الفقيه أو الشخصية التي من الممكن أن تكون المرشد أو القائد الثالث للنظام والدولة والثورة بعد المرشد الحالي.

وإذا ما كان المؤسس السيد الخميني قد استطاع أن ينتزع اعترافاً بموقعه القيادي للثورة من جميع القوى والأحزاب المعارضة للنظام الملكي، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. مستخدماً بذلك ما تمتع به من كاريزما، إلى جانب اعتماده على تأييد قاعدة شعبية واسعة ذات خلفيات دينية وعقائدية بعيداً من التعقيدات السياسية والمصلحية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فإن وصول خامنئي إلى موقع القيادة عام 1989، أي بعد عقد من انتصار الثورة، وتوليه موقع ولي الفقيه، لم يأت أو يقوم بناء على المشروعية التي تمتع بها المؤسس، بل كانت قائمة على معادلات مختلفة عن معادلات مرحلة التأسيس وما رافقها من جهود وسياسات ومواقف استطاع النظام الجديد من خلال استبعاد كل القوى السياسية والتوجهات الفكرية والاجتماعية عن دائرة القرار وإخراجها من المشاركة في الشراكة وإدارة المشروع الذي أسهمت في إنتاجه وإنجاحه.

المعادلات الجديدة التي شكلت الأرضية المساعدة لوصول المرشد الحالي إلى موقع ولاية الفقيه وقيادة النظام، قامت في البداية على ثنائية وشراكة سياسية والتقاء مصالح بينه وبين شريكه وصديقه رفسنجاني الذي وإن كان قد لمح إلى إمكانية إدارة النظام والبلاد من خلال مجلس قيادة موسع، إلا أنه استخدم هذه الإشارة لإخافة الآخرين مما يمكن أن يحصل من صراع على تشكيل هذا المجلس أو آليات قيادته وإدارته، الأمر الذي سهل عملية الانتقال لتمرير ترشح رئيس الجمهورية آنذاك ليكون خليفة للمؤسس وقائداً جديداً للثورة والنظام.

هذه الثنائية سرعان ما تراجعت وحلت مكانها ثنائية جديدة، قامت على شراكة بين المرشد الثاني والمؤسسة العسكرية، وتحديداً هنا مؤسسة حرس الثورة الإسلامية، حيث عمل المرشد مستخدماً ما يملكه من صلاحيات واسعة وبصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، على إعادة ترتيب مراكز القوى داخل هذه المؤسسة من خلال التخلص أو استبعاد أو الإحالة إلى التقاعد للأفراد والقيادات التي تدور حول ولائها وتبعيتها شكوك، ومن أجل ذلك تم ضرب كل مواقع النفوذ التي امتلكها رفسنجاني داخل مؤسسة الحرس، ثم استبعد أكثر من 40 من كبار ضباط الحرس باعتبار تأييدهم لوصول محمد خاتمي إلى رئاسة الجمهورية.

هذه الثنائية بين المرشد والحرس، التي تبلورت خلال العقدين الأخيرين من عمر النظام، كان لا بد أن تتجه أو تميل لصالح طرف من الطرفين، وباعتبار حاجة المرشد لركن قوي يستند إليه في تنفيذ سياساته ومشروعاته، فإن الحرس في المقابل، استطاع توسيع نفوذه في مختلف المجالات، المالية والاقتصادية والاستثمارية والإدارية، وصولاً إلى السياسية، بخاصة الانتخابية في مخالفة واضحة وصريحة لتوجيهات المؤسس الذي أوصى وأمر بعدم تدخل الحرس والمؤسسة العسكرية في الشأن السياسي.

وتحولت حاجة المرشد للحرس من أجل تكريس مشروعيته وقيادته، إلى مدخل لتغول الحرس في شؤون النظام والدولة، سواء في السياسات الداخلية أو السياسات الخارجية، فأصبح موقع القيادة في دائرة المتأثر المباشر بما تقرره أو تحدده هذه المؤسسة وما تراه مناسباً لمصلحة النظام والدولة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل