Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التلوث في المدن والسيارات الكهربائية

يقتضي التحول الأخضر تبني هيكلة كاملة للمواصلات تتطلب تغييراً في سلوك الناس

يرى مراقبون أن النمو الكبير الذي وصل إلى بيع 40 مليون سيارة كهربائية عالمياً دعمته الإعانات الضخمة التي تقدمها الحكومات للمنتجين والمشترين (أ ف ب)

ملخص

يحتاج العالم إلى كل مصادر الطاقة بما في ذلك الطاقة الشمسية والهوائية، ويحتاج إلى كل أنواع التقنية التي تسهم في تحسين كفاءة استخدام الطاقة، ويحتاج إلى تقنيات السيارات المختلفة بما في ذلك السيارات الكهربائية والغازية والهيدروجينية.

وصلت مبيعات السيارات الكهربائية بكل أنواعها إلى نحو 13.6 مليون سيارة في العام الماضي، منها 9.5 مليون كهربائية بالكامل، وكانت أغلب المبيعات في الصين. في الولايات المتحدة كانت المبيعات 1.2 مليون سيارة. ويوجد حالياً نحو 40 مليون سيارة كهربائية على الطرق في العالم.
أول حقيقة أثبتتها استطلاعات الرأي هي أن هناك أعداداً كبيرة من الناس الذين لم يشتروا هذه السيارات لأسباب تتعلق بالتغير المناخي أو لأنهم مهتمون بذلك، بخاصة مشتري سيارة "تيسلا"، وإنما لأسباب أخرى.

الحقيقة الثانية هي أنه بفرض عدم وجود السيارات الكهربائية وشراء الأفراد لسيارات تعمل بالبنزين بدلاً منها، فإنها خفضت الطلب على النفط بنحو مليون برميل يومياً عما سيكون عليه لو لم تكن السيارات الكهربائية موجودة. ولكن حتى هذا الرقم مبالغ فيه لأن هناك أدلة من دول عدة على أن السيارة الكهربائية هي السيارة الثانية، ومن ثم فإن الأثر في استهلاك الوقود أقل من المليون برميل يومياً المذكور آنفاً.
أما الحقيقة الثالثة فهي أن هذه المليون برميل يومياً هي الأثر في استهلاك الوقود ولكن الأثر الصافي في الطلب على النفط أقل من ذلك بكثير لأن كميات كبيرة من النفط استُخدمت في استخراج المعادن ومعالجتها لصناعة البطاريات، ولأن جسم السيارة وأشياء كثيرة فيها مصنوعة من البتروكيماويات التي تستخدم السوائل النفطية. وهذا يعني أن أثر وجود 40 مليون سيارة كهربائية على الطرق حول العالم، في الطلب على النفط أقل من مليون برميل يومياً بكثير، ويدل على ذلك الارتفاع الكبير في الطلب العالمي على النفط في السنوات الثلاث الأخيرة والتوقعات باستمرار النمو في السنوات المقبلة.
الحقيقة الرابعة مفادها أن النمو الكبير الذي وصل إلى 40 مليون سيارة عالمياً دعمته الإعانات الضخمة التي تقدمها الحكومات للمنتجين والمشترين من جهة، ولشواحن السيارات من جهة أخرى، إضافة إلى الفوائد الأخرى مثل استخدام الطرق السريعة المحجوزة أصلاً للحافلات، والمواقف المجانية.
الحقيقة الخامسة، أن المبيعات الحالية أقل من المتوقع بكثير، والنمو أقل بكثير، على رغم الانخفاض الكبير في الأسعار. ومن الواضح أن أنصار السيارات الكهربائية وقعوا في فخ النمو الكبير في البداية، فظنوا أن هذا الإقبال سيستمر، وشبهوا الوضع بفترة التحول من الحصان والعربة إلى السيارة وانتشار الهواتف والتلفزيونات ثم انتشار الهواتف الذكية. ولم يدركوا أربعة أمور، أولها أن المشترين في الفترة الأولى كانوا من فئة معينة ذات معتقدات معينة وارتباط سياسي معين، وذوي دخل عالٍ نسبياً. لهذا اشتروا هذه السيارات بناءً على المعتقدات والعواطف، وليس بناءً على معطيات اقتصادية. هذه الفئة عددها محدود، ووصلت إلى حد الإشباع. أي زيادات بعد ذلك ترتبط ببقية المجتمع الذي يركز على الأسعار والتكاليف وأمور أخرى تتعلق بالتأمين ومدى جودة هذه السيارات وخدمات العملاء على المدى الطويل. لهذا نجد التباطؤ الكبير في مبيعات هذه السيارات.
الأمر الثاني أن انتشار السيارات الكهربائية في بعض الدول، مثل النرويج، أدى إلى انخفاض عدد الناس المستخدمين للمواصلات العامة، وزاد الزحمة في الطرق، الأمر الذي جعل الحكومات المحلية تطالب أصحاب السيارات الكهربائية بعدم قيادتها واستخدام المواصلات العامة.
الأمر الثالث هو أنه عند حدوث أي أزمة في الإمدادات الكهربائية، تتم مطالبة أصحاب السيارات الكهربائية بعدم شحنها!

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الأمر الرابع، المهم حالياً، هو الارتفاع الصاروخي في تكاليف التأمين، لأن تكاليف إصلاح هذه السيارات بعد الحوادث باهظة جداً، ما أجبر أحد أكبر شركات تأجير السيارات في العالم، "هرتز"، والتي كانت أكبر داعم للسيارت الكهربائية، على وقف استخدامها وبيع كل السيارات الكهربائية. وتكبدت الشركة خسائر كبيرة بسبب ذلك أجبرت رئيس الشركة على الاستقالة.
الحقيقة السادسة هي أن الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية تعيش معاناة كبيرة، حتى قبل انخفاض الأسعار الأخير. وعانت هذه الشركات من انخفاض مريع في أسهمها. ويتوقع الخبراء أن بعضها سيفلس، وسيتم شراء أخرى، ودمج البعض الآخر. وقد نجد حكومات بعض الدول تتدخل لإنقاذ بعض هذه الشركات من الإفلاس.

التلوث في المدن والسيارات الكهربائية

كما ذكرت سابقاً مرات عدة، يحتاج العالم إلى كل مصادر الطاقة بما في ذلك الطاقة الشمسية والهوائية، ويحتاج إلى كل أنواع التقنية التي تسهم في تحسين كفاءة استخدام الطاقة، ويحتاج إلى تقنيات السيارات المختلفة بما في ذلك السيارات الكهربائية والغازية والهيدروجينية. وأصبح التلوث في المدن لا يطاق، وتكاليفه الصحية والبيئية هائلة. والغازات الصادرة من عوادم السيارات أحد أهم أسباب هذا التلوث. بعبارة أخرى، حتى لو لم يؤمن الشخص بالتغير المناخي، فإن المدن بحاجة إلى الحلول المقدمة لمشكلة التغير المناخي لتخفيف التلوث في المدن. الحل الأمثل هو إعادة تخطيط المدن، بخاصة مراكزها بالكامل، بحيث يتم الاستغناء عن السيارات بالكامل، وربما توفير بعض وسائل المواصلات العامة الصديقة للبيئة، ولكن هذا أمر أشبه بالمستحيل في كثير من المدن، لهذا فإن هناك سياسات عدة يمكن تبنيها للتخفيف من التلوث، منها استخدام السيارات الكهربائية في مراكز المدن. 

باختصار، التحول الأخضر، حتى لو تجاهلنا التغير المناخي، مطلوب، وهذا يتطلب وجود السيارات الكهربائية، والمشكلات التي تعاني منها هذه الصناعة الآن يمكن حل بعضها عن طريق إعادة النظر في السياسات العامة لها، والتركيز على التلوث في المدن. وهذا التحول الأخضر يقتضي تبني هيكلة كاملة للمواصلات في المدن، بحيث يتم خفض عدد السيارات ذات الراكب الواحد، السائق. وإعادة هيكلة المواصلات أقل تكلفة وأكثر جدوى من المشاريع الأخرى. هذه الهيكلة تتطلب تغييراً في سلوك الناس، ولكن لا بد منه.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء