Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما هي الإجراءات التي اعتمدتها الحكومة الانتقالية الجديدة لإنعاش الاقتصاد السوداني؟

خبراء متفائلون بإمكانية أن تصل الصادرات خلال ثلاث سنوات إلى 100 مليار دولار

سودانيون يتظاهرون قرب القصر الرئاسي في الخرطوم (أ. ف. ب.)

على الرغم من حالة التدهور المريع الذي يشهده الاقتصاد السوداني، إلا أن خبراء اقتصاد سودانيين تحدثوا لـ "اندبندنت عربية"، عن الوضع المالي وأبدوا تفاؤلاً كبيراً "بإمكانية إصلاح ما آل إليه الوضع الاقتصادي من تدنٍ، خصوصاً إذا وجد رئيس وزراء السودان الدكتور عبدالله حمدوك الدعم اللازم من دول العالم، لا سيما دول الاتحاد الأوروبي وأميركا"، مؤكدين أن "هناك إرادة وعزيمة قويتين لاتباع الحكومة الانتقالية الجديدة إجراءات وسياسات اقتصادية من شأنها أن تحدث نقلة نوعية للاقتصاد السوداني وتسهم في رفع الإنتاجية والتنافسية".

رفع التنافسية

ويشير أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة النيلين بروفيسور حسن بشير محمد نور إلى أن "البرنامج الإسعافي لإنعاش الاقتصاد السوداني الذي سيُنفذ خلال الفترة الانتقالية، يتضمن حزمة من الإجراءات في الجوانب المالية والنقدية وبعض الجوانب ذات الطبيعة القطاعية"، لافتاً إلى أن "السياسات المالية تحتاج إلى تحديد نقاط تركيز تحظى بالأولوية، لأنه وضح تماماً أن هناك عدم انضباط في المؤشرات المالية والنقدية، ما يتطلب رفع كفاءة السياسة الكلية المالية والنقدية نظراً لما أصابها من تدن كبير في كفاءتها". وبيّن أنه "في ما يتعلق بالجانب المالي فلا بد من تنفيذ الفترة المتبقية من هذا العام بالموارد المتاحة، على أن تتضمن الموازنة الجديدة إجراءات عدة أهمها رفع التنافسية ورفع الدعم سواء في مجال الزراعة والصناعة والخدمات، لكن هناك قضايا عاجلة الآن تتمثل في توفير السلع الضرورية، خصوصاً الدقيق والقمح والوقود والأدوية ومدخلات الإنتاج للحصاد وللعروة الشتوية، فيما سيكون جانب الدعم السلعي موجود حتى تجري مراجعته وإيجاد طريقة مثلى للتعامل معه".

حزمة الرسوم

ونوّه إلى "أهمية مراجعة حزمة الرسوم التي فُرضت قبل تشكيل الحكومة الانتقالية الحالية، لأنها أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم ورفع الأسعار بصورة مخيفة، كذلك لا بد من رفع كفاءة الجمارك، خصوصاً أنها تدعم خزينة الدولة بحوالى 30 في المئة من إجمالي الإيرادات، في الوقت الذي يشهد هذا المرفق الحيوي جوانب سلبية، تتمثل في حالات تهرب ضريبي وتهريب لكميات كبيرة من السلع". وأشار في الوقت عينه إلى "حزمة لها علاقة بالصادرات سواء من ناحية خفض بعض الضرائب أو الإحصاءات الضريبية أو تمويل الصادرات أو تقديم إعانات لسلع الصادرات لتوفير النقد الأجنبي". كما أنه من المهم توسيع المظلة الضريبية، علماً أن إيرادات الضرائب في الموازنة العامة للدولة تشكل حوالى 70 في المئة، على الرغم من التهرب الواسع وخروج أنشطة تجارية عدة عن دائرة التحصيل من بينها شركات كبرى، لافتاً إلى "أهمية نظام التحصيل الإلكتروني لأنه يعمل على توسعة المظلة الضريبية أفقياً، فضلاً عن كونه يقلل من حالات التهريب والفساد وتجنيب الإيرادات".

كذلك شدد محمد نور على ضرورة ضبط نصيب الحكومة من الذهب لأن هذا القطاع أنهكته عمليات التهريب، على الرغم من أنه أصبح المورد الرئيس للإيرادات العامة والنقد الأجنبي للبلاد بعد فقدان السودان ثلاثة أرباع موارده النفطية عام 2011، عقب انفصال دولة جنوب السودان والتي كانت تسهم بنسبة 50 في المئة من إيرادات خزينة الدولة.

المنتجات السودانية

ودعا نور إلى ضبط عملية الكشف على المواصفات نظراً لوجود كثير من السلع المستوردة غير مستوفية الشروط، مشيراً إلى أنه "من المهم وصول المنتجات السودانية للأسواق الأوروبية وهذا يتطلب توفر مدخلات الإنتاج ورفع الإنتاجية واستقطاب تمويل محلي وخارجي لتأسيس بنية تحتية ذات جودة عالية، إضافة إلى التوسع بأسواق المنتجين حتى يصل المنتج للمستهلك الحقيقي". وتحدث عما وصفه بـ "الإرهاصات بأن السودان سيشهد مساعدات من دول عدة، خصوصاً دول الاتحاد الأوروبي وأميركا، وأنه في حال استقطاب هذا الدعم وتوظيفه بشكل جيد يمكن أن يحدث نقلة نوعية للاقتصاد السوداني ويسهم في رفع الإنتاجية والتنافسية"، في حين أكد "أهمية العمل بقواعد مؤسسية في التعامل مع مسألة الدعم السلعي، لأن الدعم المفتوح من دون ترشيد يؤدي إلى الهدر، لكن معالجة ذلك يحتاج إلى برامج وآليات".

تنفيذ المشاريع

وفي سياق متصل، أكد الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور عبد العظيم المهل، أن "الاقتصاد السوداني يحتاج بصورة عاجلة إلى دعم خزينة الدولة بعملات أجنبية لتغطية العجز في ميزان المدفوعات، وهو ما يضمن استقرار سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني، وكذلك استقرار التضخم، بالتالي تستطيع الدولة تنفيذ المشاريع الحقيقية والأساسية"، مؤكداً أنه في حال حصل ذلك يمكن أن تصل الصادرات السودانية خلال ثلاث سنوات إلى 100 مليار دولار عبر التركيز على القطاع الزراعي.

واعتبر أن "إصلاح الاقتصاد السوداني ليست مسألة صعبة المنال، لكن مع تنفيذ تلك الإجراءات والسياسات المحكمة لا بد من تحقيق السلام ومحاربة الفساد، والمصالحة مع المجتمع الإقليمي والدولي، وبذلك يستطيع السودان أن يعبر إلى بر الأمان، كما فعلت دول مثل رواندا وإثيوبيا على الرغم من إمكاناتها ومواردها الشحيحة"، عازياً ما حدث من تردٍ وتراجع اقتصادي خلال الفترة الماضية إلى "انتشار الحروب في عدد من مناطق البلاد، والوضع العدائي مع المجتمع الإقليمي والدولي، واتباع سياسة الإقصاء والتمكين، وانعدام المنهجية الواضحة في اتخاذ القرار، وإهمال القطاعات المنتجة، خصوصاً الزراعة والصناعة، وتوجيه 80 في المئة من ميزانية الدولة إلى الإنفاق على القطاع الأمني والسيادي، بينما خصص للقطاعات الخدماتية كالتعليم والصحة والزراعة وغيرها 20 في المئة من الميزانية فقط". وأكد أنه "باستطاعة السودان أن يخرج من دائرة الفقر إذا ما نفذت الأفكار بشكل جيد، لأنه من الواضح تماماً وجود إشكاليات في التنفيذ والإدارة والمتابعة، لذلك فإن معظم المشاريع التي حققت نجاحات داخل البلاد كانت إدارتها أوروبية ورأسمالها عربي وعمالتها سودانية".

مساعدات خارجية

وكان رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، أعلن في أول مقابلة تلفزيونية له بعد أدائه اليمين الدستورية رئيساً لوزراء الحكومة الانتقالية الجديدة في السودان، أن بلاده دخلت في حوار مع واشنطن من أجل رفع السودان من قائمة الدول الحاضنة للإرهاب، وكذلك مع صندوق النقد الدولي لمناقشة إعادة هيكلة الديون، لافتاً إلى أن بلاده بحاجة لمساعدات خارجية بمقدار ثمانية مليارات دولار خلال العامين المقبلين، لتغطية فاتورة الواردات واستعادة الثقة في العملة. وأضاف أن السودان يحتاج إلى ملياري دولار ودائع بالعملة الأجنبية في الأشهر الثلاثة المقبلة، لوقف تراجع العملة المحلية.

المزيد من العالم العربي