أصدر مدير جهاز الأمن والاستخبارات السوداني صالح عبد الله محمد صالح الثلاثاء قراراً مفاجئاً قضى بإطلاق سراح كل معتقلي التظاهرات الأخيرة المناهضة للحكومة التي تهز البلاد منذ أكثر من شهر، بسبب قرار زيادة سعر الخبز 3 أضعاف. هذا القرار تلا جرعة دعم منحتها المملكة العربية السعودية للحكومة السودانية عبر تأكيدها على رفض المساس بـ"أمن واستقرار" السودان.
وذكر ناشطون على وسائل للتواصل الاجتماعي إن مدير جهاز الأمن والاستخبارات السوداني قال خلال زيارته سجناً في الخرطوم إنه سيتم إطلاق سراح المحتجين المعتقلين. كذلك ذكرت وزارة الإعلام السودانية أن "مدير جهاز الأمن والاستخبارات أصدر قراراً بإطلاق سراح كل المعتقلين في الأحداث الأخيرة".
من جهة ثانية، نقلت وكالة الانباء السودانية (سونا) عن الفريق أول عصام الدين مبارك نائب رئيس أركان القوات المشتركة تشديده الثلاثاء على "التزام القوات المسلحة بالدفاع عن البلاد وحماية مكتسبات الوطن"، مشيرًا إلى "وعيها وادراكها الكامل لدسائس الأعداء والاخطار التي تهدد السودان" مؤكداً التفافها حول قيادته "من أجل الأمن والاستقرار". وأضاف الفريق مبارك "لا بد من التأكيد على جاهزية القوات المسلحة للتصدي لكل أشكال الاعتداء وبقائها حارساً اميناً وصمام أمان للوطن". وتقول جماعات حقوقية إن أكثر من ألف متظاهر وقيادي في المعارضة وناشطين وصحافيين، احتُجزوا منذ أن بدء جهاز الأمن والاستخبارات بقمع الاحتجاجات التي اندلعت في مختلف أنحاء البلاد في 19 ديسمبر (كانون الأول).
جرعة دعم سعودية
من جهتها، أكدت الرياض الثلاثاء دعمها لسلطات السودان، مؤكدة رفضها المس بـ"أمن واستقرار" هذا البلد. وشدد مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية برئاسة العاهل السعودي الملك سلمان عبد العزيز على "التضامن مع السودان في مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة"، مضيفاً في بيان رسمي أن "أمن السودان، أمنٌ للمملكة واستقرارها استقرارٌ لها".
في غضون ذلك، لم تهدأ حركة الاحتجاج على الأرض، إذ أطلقت الشرطة السودانية الثلاثاء قنابل غاز مسيل للدموع على متظاهرين معارضين للبشير في العاصمة الخرطوم ومدينة أم درمان. ونزل المحتجون الثلاثاء إلى الشوارع في ثلاث نقاط تجمّع في الخرطوم وثلاث نقاط أخرى في أم درمان المحاذية لنهر النيل، وصرخوا "حرية، سلام، عدالة" و"لسنا خائفين" لكن سرعان ما أُطلق عليهم غاز مسيل للدموع. وكان "تجمّع المهنيين السودانيين" الذي يقود التظاهرات، دعا الاثنين إلى تظاهرات في مدن وبلدات عدة من بينها 3 مناطق تشهد نزاعاً مسلحاً بين القوات الحكومية وميليشيات محلية، هي دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، لكن لم تجرِ تظاهرات في تلك المناطق.
قبيلة البجا تتظاهر لقتلاها
وكان سودانيون من قبيلة البجا نفّذوا في وقت مبكر الثلاثاء، في مدينة بورتسودان الواقعة على البحر الأحمر اعتصاماً ضدّ الرئيس عمر البشير، وذلك إحياءً لذكرى 21 شخصاً من مدينتهم قُتلوا قبل 14 سنة إثر مواجهات وقعت مع الشرطة في 29 يناير (كانون الثاني) 2005، أثناء مطالبتهم بتخصيص موارد إضافية لمنطقة شرق السودان التي تنحدر منها القبيلة. ويحيي أبناء القبيلة منذ ذلك التاريخ، كل عام ذكرى الضحايا باعتصام في بورتسودان. وتحوّل اعتصام الثلاثاء إلى تظاهرة ضدّ حكم البشير المستمر منذ ثلاثة عقود، وفق ما أكد شهود.