Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رمضان يحل صعبا على التونسيين بقدرة شرائية منهكة

تعاني البلاد ارتفاعاً في معدلات التضخم بنسبة 10 في المئة وسط تراجع أوضاع الطبقات العاملة الوسطى

 دخلت البلاد في ركود اقتصادي بنهاية 2023 وعاودت البطالة الارتفاع إلى 16.4 في المئة نهاية عام 2023 (أ ف ب)

ملخص

 بلغت نسبة النمو الاقتصادي خلال العام 2023 نحو 0.4 في المئة متأثرة بأزمة جفاف متواصلة منذ 5 أعوام أهلكت المحاصيل الزراعية.

تفصح متقاعدة في أحد أسواق العاصمة التونسية أن "هذه هي المرة الأولى في حياتي التي أشتري فيها الفواكه والخضراوات بالقطعة"، في بلد يواجه سكانه المنهكون أصلاً ارتفاعاً متواصلاً لكلفة المعيشة مع اقتراب شهر رمضان الذي يزداد فيه الاستهلاك العائلي.

ويستعد التونسيون عادة للشهر من خلال تخزين كميات كبيرة من المواد الغذائية الأساس، ولكن في هذا العام يؤثر ارتفاع الأسعار وسط الركود الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير في قدرتهم الشرائية.

وتقول فايقة (65 سنة) المتقاعدة لوكالة "فرانس برس" في سوق "باب الفلة" الشعبي في تونس العاصمة "لست فقيرة ولكن لم أعد قادرة، فمعاشي التقاعدي لم يعد يسمح لي بتغطية حاجاتي".

وتحرم نفسها حتى من اللحوم الحمراء المفرومة التي يتجاوز سعر الكيلوغرام منها 40 ديناراً (12.93 دولار) في مقابل راتب شهري متوسط قدره 1000 دينار (323.21 دولار)، وتقول بأسف "اليوم لا أستطيع شراء سوى المواد المتدنية الجودة وبالقطعة".

وتتابع، "لم يكن الوضع صعباً وخانقاً إلى هذا الحد من قبل، وأضطر إلى الوقوف في طوابير للحصول على بعض المنتجات التي تدعمها الدولة، ودفع فواتير الكهرباء والمياه وأحياناً بشكل متأخر".

أما بائع الخضار محمد الدرعي ( 69 سنة) فلم يعد يعرض أسعاره في لافتات للعموم خشية نفور زبائنه، ويبين مشيراً إلى الشارع الضيق حيث حركة المارة تبدو ضعيفة أنه "في هذا الوقت في السابق لم يكن من الممكن أن تطأ قدمك السوق لأنه كان مزدحماً للغاية، وتغير الوضع اليوم".

تراجع أوضاع الطبقة الوسطى

وعانت تونس التي تضم 12 مليون نسمة ارتفاع معدلات التضخم لمدة عامين (10 في المئة في المتوسط سنوياً) مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في بعض الأحيان ثلاثة أضعاف، مما أدى إلى تراجع أوضاع الطبقات العاملة والطبقة الوسطى، وبلغت نسبة النمو الاقتصادي خلال العام 2023 نحو 0.4 في المئة، متأثرة بأزمة جفاف متواصلة منذ خمسة أعوام أهلكت المحاصيل الزراعية.

ودخلت البلاد في ركود اقتصادي نهاية 2023، وعاودت البطالة الارتفاع (16.4 في المئة نهاية عام 2023 مقارنة بـ 15.2 في المئة في عام 2022)، فيما يعيش 4 ملايين تونسي تحت خط الفقر.

وتعيش البلاد تحت وقع أزمة سياسية متواصلة منذ أن قرر الرئيس قيس سعيد المنتخب عام 2019 احتكار السلطات الكاملة في يوليو (تموز) 2021.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وداخل محل لبيع اللحوم تطلب خمسينية على استحياء 150 غراماً من لحم البقر، وتهمس للبائع "لقد توفي زوجي ولا أستطيع شراء المزيد".

ويوضح القصاب مصطفى بن سلمان (52 سنة) أن "كثيراً من الناس يطلبون دينارين من اللحم المفروم (أقل من 100 غرام) أو 1.5 دينار (0.48 دولار) من النقانق، ولا أستطيع أن أقول لهم لا لأن الناس منهكون"، مضيفاً أنه سئم الوضع.

ويتابع، "يعاني معظم الناس صعوبات مالية، فقد صرفت الرواتب قبل شهر رمضان، ولن تصل الرواتب التالية إلا قبل وقت قصير من العيد المرتقب في الـ 10 من أبريل (نيسان) المقبل، لذلك يجد معظم الناس أنفسهم بلا دخل"، بينما يكثر خلال شهر رمضان المصروف والاستهلاك.

انخفاض الدخل الحقيقي

ويقول المتخصص الاقتصادي رضا الشكندالي إنه "من الناحية الاقتصادية فنحن نشهد فترة من الركود التضخمي، أي انخفاضاً في النمو وارتفاعاً في التضخم، وهو ما له تأثير مزدوج في القدرة الشرائية للتونسيين، مما يؤدي إلى انخفاض الدخل الحقيقي".

ويشير المتخصص الاقتصادي إلى أنه من أسباب الوصول إلى هذا الوضع "الاختيار المتعمد للسلطات لتفضيل سداد الديون، بخاصة الديون الخارجية، على حساب تزويد السوق بالمواد الغذائية الأساس والمواد الزراعية مثل الأسمدة والأعلاف".

وتحتكر الحكومة التونسية مركزية شراء المنتجات المدعومة، كما أن نقص الأموال في الخزينة العامة المثقلة أيضاً برواتب أكثر من 650 ألف موظف حكومي، يتسببان بانتظام في نقص بعض المواد مثل الدقيق أو الرز أو السكر.

وفضلاً عن ذلك يتزايد الطلب على البنوك التونسية لتمويل ديون البلاد (80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، مما يقوض قدرتها على إقراض القطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة.

وينجم نقص الموارد أيضاً عن "خيار تعليق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي"، بحسب تقديرات الشكندالي، إذ رفض الرئيس سعيد العام الفائت اتفاقاً مبدئياً أبرم مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بقيمة ملياري دولار، معتبراً أن الإصلاحات التي يوصي بها الصندوق من إعادة هيكلة الشركات الحكومية والرفع التدريجي للدعم على بعض المنتجات الأساس إملاءات.

اقرأ المزيد