Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تنظر الولايات المتحدة إلى الائتلاف الحاكم في إسرائيل؟

زيارة غانتس لواشنطن تؤشر إلى رغبة أميركية بتعجيل انتخابات برلمانية جديدة لتجنب الضغط الدولي حول استمرار الحرب

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلتقي وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بيني غانتس (أ ف ب)

ملخص

ستواجه التحركات الأميركية في الداخل الإسرائيلي كثيراً من العقبات والإشكاليات المتعلقة بإدارة المشهد السياسي المشترك، مع قرب إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية، ورهانات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو على عودة الرئيس السابق ترمب

في مؤشر إلى تصاعد حدة الخلافات داخل ائتلاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن حرب غزة، جاءت زيارة الوزير بيني غانتس، عضو مجلس الحرب الإسرائيلي، واشنطن للقاء عدد من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، بينهم نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن.

وبصرف النظر عما يجري من تجاذبات داخل الحكومة الإسرائيلية الراهنة فإن الإدارة الأميركية باتت لاعباً قوياً ومركزياً في الداخل الإسرائيلي، بخاصة أن الإدارة تريد بالفعل تغيير قواعد اللعبة، بصرف النظر عما يحدث من ارتباط الموقف الإسرائيلي من الاستمرار في خيار التهدئة على الأقل تكتيكياً، وفي إطار من الضغوط الدولية، لا الأميركية فقط، لدفع إسرائيل للتهدئة.

كما يمكن تفسير الدعوة الأميركية لغانتس، باعتبارها ورقة ضغط على نتنياهو، وبأن إدارة بايدن تفضّل التعاون مع غانتس، وفي الوقت نفسه، قد تُفهم بأنها تبعث برسالة أخرى نحو التفكير بتعجيل انتخابات برلمانية جديدة، لتجنب الضغط الدولي وحتى الداخلي حول استمرار الحرب.

أهداف محددة

تعمل الإدارة الأميركية على عدة خيارات، أولها تغيير مركبات الائتلاف الراهن، بخاصة أن التطورات الجارية في إسرائيل تشجّع الإدارة الأميركية على المضي قدماً في اتجاه التعامل مع حالة عدم الاستقرار في المشهد السياسي والحزبي، بخاصة أن كل الظروف تسمح بذلك في الوقت الراهن، حيث الصراع داخل الحكومة وداخل "ليكود" وبين وزراء مجلس الحرب والكابينت المصغر، إضافة إلى الحكومة الإسرائيلية، ما يؤكد أن الإدارة الأميركية تستثمر في إدارة المشهد الراهن اعتماداً على بعض الوجوه من أمثال يائير لبيد وبيني غانتس وآخرين.

وهذه الوجوه ترى الإدارة الأميركية أنهم يمكن أن يدخلوا في المواجهة، ويمكن أن يجري التعامل معهم. وفي نهاية المسار السياسي أو الحزبي يمكن تشكيل حكومة وحدة وطنية لما بعد وقف إطلاق النار، وبهدف تهيئة الأوضاع، لمواجهة كل التطورات في إسرائيل، بخاصة أن الأمر يمضي في سياق من الأولويات، ومع حالة التصعيد داخل الحكومة الإسرائيلية، ومنها رفض اليهود المتطرفين التجنيد. وأكد رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني ليبرمان أن الحكومة الإسرائيلية وصلت إلى نهايتها، وأن التخلص من رئيس الوزراء نتنياهو يمثل مكافأة للإسرائيليين.

ثانيها، تقييم الإدارة الأميركية المشهد السياسي والحزبي انطلاقاً من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو غير قادر على السيطرة على استمرارية الموقف الراهن، على رغم تعنته واستكباره، ومسعاه للتعامل مع المشهد بأنه ملك لإسرائيل، وهو ما يثير علامات استفهام متعلقة بالمشهد التالي، وعدم الرغبة من داخل "ليكود" لاستمراره، واحتمال صعود منافسه الأكبر.

ومن ثمّ، فإن المعركة قد تبدأ من داخل تكتل ليكود لا من خارجه، بخاصة أن المعارضة برموزها التي تناور في مساحات من السياسات المكررة التي قد لا تكون مفيدة في ظل حيل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو. ولهذا، اتجهت الإدارة الأميركية إلى الدفع بمدير الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز، وفريق قدير من الخارجية والاستخبارات للتدخل في إدارة المشهد، وتحريك الأمر ليس لإتمام صفقة المرحلة الثانية، وإبرام اتفاق التهدئة، بل للعمل في مواجهة ما يجري إسرائيلياً.

توجهات جادة

كان القرار الأميركي المباشر بإنزال المساعدات والتدخل علانية بإجراء اتصالات ولقاءات مع كبار المسؤولين السياسيين والحزبيين، والهدف هو الضغط على رئيس الوزراء نتنياهو للقبول بالتصورات الأميركية، وعدم التعامل فقط مع خطوات التهدئة، بخاصة أن الإدارة الأميركية باتت تعاني بالفعل تداعيات سلبية، لتبني مواقف رئيسة تجاه الحكومة الإسرائيلية، التي أقحمت الإدارة الأميركية في تفاصيل أضرت بالمصالح الأميركية، على رغم الدعم الأميركي الكبير عسكرياً واستراتيجياً لإسرائيل، بما في ذلك صفقة السلاح، التي جرى منحها تحت بند الفيدرالية والطوارئ العاجلة.

من الواضح أن الإدارة تتخوّف من رد فعل ما هو آتٍ من انخفاض شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن بصورة لافتة، إضافة أيضاً إلى عودة ترمب في الجولة التمهيدية للانتخابات الرئاسية، ما قد يدفع إلى مواجهة في الداخل الأميركي، ويتطلب مراجعة عاجلة للسياسة الأميركية، ومحاولة الضغط في اتجاه تصويب مسار قد يكون طُرح في وقت غير مناسب، بخاصة مع تعنت رئيس الوزراء نتنياهو في تقبل الأفكار الأميركية، أو التعامل معها في ظل ما يجري من تطورات تمسّ الداخل الإسرائيلي، حيث صراع الأقطاب من المستوطنين والحريدم من أعلى في ظل ترتيبات محكمة وموجهة.

كما تتخوف الإدارة من تزايد مدّ الحراك الجماهيري، وثورة الاحتجاجات الدورية، وضغوط أسر وعائلات المحتجزين، وغيرها من التطورات المهمة التي تتحرّك في إطارها إسرائيل كحكومة قد تؤدي إلى مزيد من الانعكاسات على السلوك الأميركي الراهن، ورغبة الإدارة الأميركية في تحريك المسار السياسي والاستراتيجي، بخاصة مع بدء التركيز على حماية مصالحها الكبرى في الإقليم، وعدم المساس بمصالحها الاستراتيجية، التي يمكن أن تتأثر جراء ما يجري، وفي محاولة لبناء توافقات وشراكات أميركية عربية إقليمية متماسكة في مواجهة ما يجري من تحديات متصاعدة، ومخاوف من استهداف المصالح الأميركية.

مرجعيات منضبطة

لكل ما سبق يأتي التحرك الأميركي المخطط، وكتصوّر عاجل وملح يمكن العمل من خلاله في أقرب وقت مع التركيز على مساحات التعاون والانخراط في الداخل الإسرائيلي، بخاصة أن الإدارة الأميركية حاولت في مراحل ما قبل تشكيل الحكومة التدخل، واستبعاد بعض الأسماء التي جاءت للحكم، ودخلت الحكومة مثل سموتريتش وبن غفير، وكلاهما طلب أعضاء السفارة الأميركية في القدس عدم دخولهما الوزارة أصلاً، والالتحاق بمكونات الائتلاف، وهو ما رفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، ومضى في تشكيل حكومته وقتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهو الأمر الذي يتغير في الوقت الراهن، ويدفع بالإدارة الأميركية إلى محاولات فك الائتلاف، وبناء ائتلاف جديد على أسس مختلفة، سواء بقي نتنياهو أو جرت إطاحته من داخل "ليكود"، وهي أمور واردة للغاية على رغم تأكيد قوة وتماسك نتنياهو، وقدرته على مواجهة كل الأزمات، والانحناء إلى العاصفة والمرور منها، وهو ما سيدفع إلى مواجهة ما قد يُطرح من سياسات على رغم ما يتردد من أنه إذا زادت الخلافات السياسية، وانسحب غانتس من الحكومة، فسوف تفتح الأبواب على مصراعيها أمام احتجاجات أوسع من قبل المواطنين غير الراضين بالفعل عن أداء الحكومة، الذين يحمّلون نتنياهو نفسه مسؤولية هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الثاني)، الذي يحاول إعادة تدوير حساباته من خلال ما قام بعرضه، وعُرف بوثيقة مبادئ تتعلق بسياسة "اليوم التالي" للحرب في قطاع غزة، التي تتضمن احتفاظ إسرائيل بحرية العمل في كامل قطاع غزة من دون حد زمني، وتتضمن كذلك إقامة منطقة أمنية في قطاع غزة متاخمة للبلدات الإسرائيلية، وإبقاء إسرائيل على الإغلاق الجنوبي على الحدود بين غزة ومصر، كما تشتمل على بند إغلاق وكالة الأونروا واستبدالها بوكالات إغاثة دولية أخرى.

وفي هذا الإطار، فإن التطورات الجارية سترتبط بالفعل بقدرة الجانب الأميركي على التحرك، والعمل في مواجهة ما قد يحدث من تطورات، بخاصة أن عديداً من جنرالات مجلس الحرب قد يذهبون، ويلتحقون ببني غانتس بصفته العسكرية لا السياسية أو الحزبية، التي يجري التعامل معها على أرضية حقيقية مختلفة، ويمكن الإشارة بالفعل إلى نتائجها الحقيقية في حال أي تغيير حقيقي في الفترة المقبلة.

والحديث عن التغيير المقبل في إسرائيل مرتبط بالفعل بتوسيع نطاق الائتلاف الراهن، أو الاتجاه إلى ضم القوى المعارضة، أي الاتجاه إلى حكومة وحدة وطنية في مواجهة كل الخيارات، واحتمال تمدد الحرب على الشمال في الفترة التي ستلي دخول التهدئة مرحلتها الأولى، وانتظار الأسابيع المحددة للعمل في اتجاهات "حزب الله"، حيث الخطر الأكبر، وفي ظل تطوير، وتنمية الدور العسكري، وتوظيفه في مواجهة "حزب الله" كخطر كبير وحقيقي يمكن التعامل معه في إطار أرضية عسكرية واستراتيجية مختلفة.

وهو ما تضع الولايات المتحدة وفرنسا في دائرة من المسارات التي يمكن للإدارة الأميركية العمل فيها من غزة إلى جبهة الشمال مروراً بجبهة الضفة الغربية، حيث التوقع بحدوث صدامات دامية طوال شهر رمضان، والتحذير من تصاعد مد المستوطنين تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية، وتحريض بعض الوزراء في الحكومة الإسرائيلية، ما يتطلب بالفعل سرعة حركة من الولايات المتحدة للجم هذا الأمر، والتعامل معه في ظل واقع سياسي مختلف، ربما وفي كل الأحوال تحت ضغوط محددة ومنضبطة.

الخلاصات الأخيرة

ستواجه التحركات الأميركية في الداخل الإسرائيلي كثيراً من العقبات والإشكاليات المتعلقة بإدارة المشهد السياسي المشترك، ومع قرب إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية، ورهانات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو على عودة الرئيس السابق ترمب سيكون الأمر مرتبطاً بمحاولة التعامل من أعلى، واستثمار وجود فرص متاحة، واللعب على كل الخيارات والسيناريوهات، لمحاولة تطويع الجانب الإسرائيلي، وتخوفاً من ارتدادات ما يجري على الداخل الأميركي، وبما قد ينعكس على أداء الإدارة الأميركية في التعامل.

ومن ثمّ، لن تتوقف المحاولات الأميركية لإجراء تغيير حقيقي في مكونات الحكومة الإسرائيلية الراهنة، وبما قد يخدم الداخل الإسرائيلي في المقام الأول، وهي محاولة ربما تكون قد جاءت متأخرة لتصويب مسار الشرائح الأميركية، ومنها الجاليات العربية والإسلامية وبعض اللوبيات الملونة، لتغيير موقفها تجاه الإدارة الأميركية الحالية وشخصها ممثلاً في الرئيس جو بايدن وتوجهاته المنحازة، التي أضرت بالمصالح الأميركية، لا سيما أن الضغوط التي تحاصر إدارة بايدن ستتزايد خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعد دور واشنطن المساند والداعم لإسرائيل.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل