Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أدوية مجهولة المصدر تغزو صيدليات مصر

السلطات تشن حملات تفتيش واسعة ومراقبون يطالبون بتغليظ العقوبات على المخالفين

مواطن مصري ينتظر دوائه في صيدلية بوسط القاهرة (أرشيفية - رويترز)

ملخص

في أكثر من مناسبة أعلنت هيئة الدواء المصرية عن ضبط أماكن غير مصرح لها بتداول الدواء وبداخلها أصناف دوائية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر.

تعالت الأصوات أخيراً من مخاوف تعدد المنافذ غير الشرعية التي توزع المنتجات والأصناف الدوائية في مصر، بعيداً من قنواتها الرسمية المتمثلة في الصيدليات المعتمدة، بعد إعلان هيئة الدواء المصرية أخيراً ضبط أماكن غير مرخصة بداخلها كميات من الأدوية مجهولة المصدر.

وشنت السلطات المصرية حملات تفتيش واسعة النطاق كشفت عن مخالفات متكررة لتداول الأدوية عبر منافذ تدار خارج الإطار الرسمي في مناطق متفرقة بمحافظات مصر من دون الحصول على التراخيص اللازمة، في مخالفة لقانون مزاولة مهنة الصيدلة.

ولعل أبرز المخالفات صيدلية كان يمتلكها شخص واستخدمها في بيع وتداول الأصناف الدوائية داخل مدينة مشتول السوق في محافظة الشرقية، إذ عثرت حملة مشتركة تفتيشية ورقابية على أدوية خاصة بالتأمين الصحي ومستشفيات حكومية غير مصرح بتداولها في خارج تلك الجهات، علاوة على مستحضرات تجميل منتهية الصلاحية بكلفة 250 ألف جنيه (8 آلاف دولار).

مخالفات جسيمة

والواقعة السابقة واحدة ضمن حالات عدة تكشف عدم التزام بعض الدخلاء على مهنة الصيدلة بالإجراءات والقوانين التي تحدد المسارات القانونية لتداول الدواء في مصر، كما تتعارض مع المادة (79) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم (177) لسنة 1955 التي تنص على أنه "لا يجوز فتح أي مؤسسة من دون ترخيص، ومعاقبة كل شخص غير مرخص له في مزاولة المهنة يعلن عن نفسه بأي وسيلة من وسائل النشر".

وفي منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2023 شهدت المحافظة ذاتها واقعة مشابهة انتهت بضبط وغلق صيدلية غير مرخصة كان داخلها 198 صنفاً دوائياً من دون فواتير، سبقها بأقل من شهر التحفظ على مضبوطات داخل صيدلية غير مرخصة بإحدى قرى محافظة كفر الشيخ، وبداخلها 439 صنفاً دوائياً معظمها مجهول المصدر وغير مصرح بتداولها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت هيئة الدواء المصرية كشفت أيضاً في أغسطس (آب) 2023 عن ضبط 55 موقعاً غير مرخص، من بينها موقع تصنيع أدوية مجهولة المصدر غير مسجلة ومواد خام مجهولة المصدر، من دون فواتير وماكينات ومواد تعبئة وتغليف، و17 مخزن أدوية غير مرخص داخل نطاق محافظة القاهرة.

وفي أكثر من مناسبة أعلنت الهيئة المصرية ضبط أماكن غير مصرح لها بتداول الدواء، وبداخلها أصناف دوائية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر.

حيل متعددة

وقال رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة صيادلة القاهرة محفوظ رمزي في حديث إلى "اندبندنت عربية"، إن سوق الدواء تشهد مخالفات جسيمة من بعض الدخلاء على المهنة عبر استخدامهم عدداً من الحيل ومنها بيع الأدوية في أماكن غير مرخصة أو مطابقة لشروط التخزين الجيد، مثل تخصيص شقق سكنية في مناطق نائية لممارسة هذه الأنشطة، واستغلال أزمة نقص الأدوية من طريق الترويج لها عبر تطبيقات ومنصات التواصل.

ووفق رمزي فإن هذه المنافذ تعتمد بشكل كبير على أدوية مجهولة المصدر وغير مطابقة لمواصفات التخزين، مرجعاً ذلك لاهتمامها الذي ينصب في المقام الأول على تحقيق الربح، والاعتماد في جذب زبائنها على العروض والخصومات.

وحول كيفية وصول الأدوية إلى هذه المنافذ أكد أن "مصر تضم أكثر من 2000 مخزن للدواء، منها ست شركات توزيع رسمية تطبق إجراءات صارمة، مثل الاطلاع على السجل التجاري والبطاقة الضريبية للصيدليات التي تتعامل معها، وتطلب منها تحديث البيانات بشكل دوري، أما معظم المخازن الأخرى فإنها تتساهل في هذه الإجراءات وتوفر لها الأصناف المطلوبة لتحقيق الربح".

 

 

وعدد محفوظ الأماكن غير المصرح لها بتداول الدواء وهي مع ذلك تمارس هذه الأنشطة، في مخالفة لقانون مزاولة مهنة الصيدلة، ضارباً أمثلة ومن بينها مراكز الخصوبة والتخسيس وعيادات الأمراض الجلدية.

وشدد على أن العقوبات المخصصة لمواجهة هذه الممارسات رادعة لكن البلاد في حاجة إلى تطبقيها وتنفيذها على المخالفين.

ووفق التعديلات الأخيرة التي أجريت على قانون مزاولة مهنة الصيدلة فإنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن عامين وغرامة لا تقل عن مليون جنيه (32.5 ألف دولار)، ولا تجاوز مليوني جنيه (65 ألف دولار)، كل من فتح أو أنشأ أو أدار مؤسسة صيدلية من دون ترخيص".

إجراءات الترخيص

ويشرح الصيدلي المصري علي القادري الإجراءات التي سلكها وأقرانه للحصول على التراخيص قائلاً إنه "لا بد من أن يمر على تاريخ التخرج عام كامل، مع تسجيل أكثر من 400 ساعة عمل وتقديم طلب فتح صيدلية مقدم للهيئة العليا للدواء".

وبحسب قانون مزاولة مهنة الصيدلة في مادته الأولى فإنه "لا يجوز لأحد أن يزاول مهنة الصيدلة بأية صفة إلا إذا كان مصرياً، أو من بلد تجيز قوانينه للمصريين مزاولة مهنة الصيدلة به، وكان اسمه مقيداً بسجل الصيادلة بوزارة الصحة العمومية وفي جدول نقابة الصيادلة".

وأشار القادري إلى أنه بعد النظر في الطلب المقدم تجري معاينة أولى للمكان المقترح لتأسيس الصيدلية، والذي يجب ألا تقل مساحتها عن 25 متراً، وكذلك التأكد من أن المبنى غير مخالف، مضيفاً "نحصل على مدة تقترب من ستة أشهر لإنهاء الأوراق النهائية للترخيص، وبعدها ترسل الهيئة جواباً سرياً لمجلس المدينة والأجهزة المعنية في شأن الموقف من المكان المراد ترخيصه عبر البريد، آخذة في الاعتبار ضرورة أن لا تقل المسافة بينها وبين أقرب صيدلية عن 100 متر".

وبحسب شهادة الصيدلي المصري فإن الصيدليات غير المرخصة موجودة بصورة أكبر في القرى والمناطق النائية، وتنتشر الأدوية أيضاً على الأرصفة في مخالفة للقوانين، مسلطاً الضوء على أن بعض الصيادلة يلجأون إلى فتح أماكن غير مرخصة للتأكد من أنها رائجة قبل أن يسير في إجراءات الاعتماد.

ومن ضمن المشاهد التي تكشف عن الحاجة إلى مزيد من الرقابة، وفق القادري، مرور سيارة من دون أرقام على الصيدليات بقريته لتوزيع الدواء، مشيراً إلى أنه اكتفى بعدم التعامل مع أصحابها وتحذيرهم من عدم المرور عليه.

 

 

وأشار إلى أن بعضهم يلجأ إلى تحويل الشقق إلى مخازن أدوية، نظراً إلى أن ترخيص المخزن يتطلب تجهيز مساحة لا تقل عن 500 متر، مما يفتح الباب أمام المخالفات التي يرتكبها بعضهم.

شهادة أخرى يسوقها الصيدلي المصري طارق فؤاد الذي أبدى استغرابه من واقعة تحويل أحد الأشخاص محلاً قربه إلى صيدلية، مشيراً إلى اكتشاف أمره بصورة سريعة، ومع ذلك يشير إلى صعوبة فتح صيدليات علناً نظراً إلى سهولة ضبط هذه المخالفات، وأنه يمكن أن تحدث مخالفات عبر مخازن الأدوية.

حلول مقترحة

وبحسب مدير المركز المصري للحق في الدواء محمود فؤاد فإن التسلل إلى سوق الدواء تعددت أشكاله في ظل الأزمات التي يشهدها أخيراً، مرجعاً أسباب انتشار الأماكن غير المرخصة إلى عدم وجود بيئة تشريعية لتغليظ العقوبات أو محاسبة هؤلاء الدخلاء.

وأوضح فؤاد أنه "كان لا يمكن بيع أدوية إلا عبر الصيدليات، نظراً إلى أنها المكان المخصص لهذا النشاط، ومع الوقت زادت طرق تداول الدواء بصورة غير مشروعة".

وأضاف مدير المركز المصري أن مصادر بيع الدواء باتت متعددة في ظل عدم السيطرة على جميع المحافظات، واللجوء إلى وسائل لمراقبة السوق مثل التتبع الدوائي، وإجبار مصانع الدواء على وضع أكواد على العبوات الدوائية لإحكام السيطرة على سوق الدواء، والحد من عمليات الغش.

ووفق فؤاد فإن معدل الإعلانات المتعلقة بالأصناف الدوائية عبر القنوات الفضائية وصفحات مواقع التواصل والتطبيقات يشير إلى أن معدل انتشار هذه الأماكن غير المرخصة مرتفع وينذر بخطر.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير