Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حسابات التهجير والديموغرافيا تغلق أبواب الأردن أمام الغزيين

التشديد طاول جرحى الحرب في القطاع وعشرات القصص عن منع الدخول لأسباب مختلفة

مخيم غزة في مدينة جرش الأردنية (اندبندنت عربية- صلاح ملكاوي)

ملخص

تشير مصادر لسعي الأردن إلى الحفاظ على استقراره وأمنه الوطني ومصالحه في ظل التهديدات الإسرائيلية والمخاوف من محاولات تهجير الفلسطينيين.

بحسرة وألم يراقب نحو 35 ألف لاجئ فلسطيني يقطنون في مخيم غزة شمال الأردن ما يواجهه أهلهم وأقاربهم في قطاع غزة بعد نحو خمسة أشهر من الحرب الدامية، مستعيدين ذكريات تهجيرهم من القطاع إلى الأردن عام 1968، حيث يعيشون منذ نحو ستة عقود معاناة مزدوجة ما بين ظروف حياتية صعبة وشعور بالأسى لما أصاب مسقط رأسهم من ويلات.

ومنذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 شددت السلطات الأردنية إجراءاتها على المعابر والمطارات ومنعت دخول معظم الغزيين إلى المملكة حتى لحالات العلاج، استناداً إلى مخاوف ديموغرافية وسياسية.

حساسية ومخاوف أردنية

وينظر الأردن بحساسية بالغة إلى موضوع تهجير الفلسطينيين من القطاع والضفة الغربية، وترجمت هذه المخاوف إلى قرار غير معلن برفض استقبال جرحى غزيين للعلاج داخل المملكة على رغم وجود مخصصات مالية لعلاجهم، خشية عدم السماح بعودتهم مع الاكتفاء بوجود مستشفيات ميدانية أردنية في القطاع قادرة على علاجهم من دون الحاجة إلى دخولهم للأردن.

وتقول مصادر رسمية أردنية لـ "اندبندنت عربية" إن "الموقف الأردني متوازن ومساند للشعب الفلسطيني في مواجهة إسرائيل التي تهدف إلى تهجيره وتفريغه من أرضه"، مضيفة "أبدينا موقفنا بوضوح واستخدمنا كل الأوراق للضغط على المجتمع الدولي لوقف الحرب وفتح ممرات إغاثية للمحاصرين في غزة، كما أرسلنا مساعدات طبية وغذائية لأهل غزة، فضلاً عن الإنزالات العسكرية من الطائرات، ولدينا مستشفيات ميدانية عدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير المصادر إلى حسابات الأردن الداخلية التي تتعلق بالحفاظ على استقراره وأمنه الوطني ومصالحه في ظل التهديدات الإسرائيلية والمخاوف من محاولات تهجير الفلسطينيين، كما أن ثمة مخاوف من استمرار الحرب في القطاع وتصعيد العنف في الضفة الغربية والقدس، وتدهور الأوضاع الإنسانية والصحية والاقتصادية للفلسطينيين.

بدوره قال وزير الداخلية مازن الفراية في تصريحات إن "25 في المئة من المساعدات التي دخلت إلى قطاع غزة كانت من الأردن ومن طريقه"، ولا نزال نستقبل المصابين والجرحى وذويهم للعلاج في المستشفيات الأردنية، شعوراً بالمسؤولية تجاه الفلسطينيين في القطاع وفي الضفة الغربية المحتلة".

عدم ممانعة

ومنذ افتتاح السفارة الأردنية مقراً لها في غزة بدأ تداول مصطلح "عدم ممانعة" الذي يسهل دخول الغزيين إلى الأردن عبر تقديم طلب للجهات الأمنية الأردنية، وعلى رغم فرض قيود على بعض الطلبات إلا أن الأمور أصبحت أكثر تشدداً خلال الأشهر الأخيرة.

يذكر أنه خلال أزمة فيروس كورونا جمّد الأردن استصدار ورقة عدم الممانعة لسكان قطاع غزة لدخول أراضيها، لكن ثمة عشرات القصص المتعلقة برفض دخول غزيين إلى الأردن ولأسباب مختلفة في الآونة الأخيرة، ومن بينها قصة مواطنة أردنية متزوجة من غزي واستطاعت الخروج من القطاع قبل نحو شهر، لكن السلطات الأردنية رفضت دخول ابنتها الوحيدة الباقية لها بعد مقتل طفليها الآخرين بحجة أنهم يحلمون الجنسية الفلسطينية.

وبينما يقول أحدهم ويقطن في الأردن إن زوجة أخيه حاولت الحصول على عدم ممانعة لدخول المملكة بهدف عمل مقابلة في السفارة الأميركية في عمّان، لكن طلبها رفض.

ويضيف آخر، "ثمة معاناة للمواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة إذا ما أرادوا دخول الأردن للعلاج أو زيارة أقاربهم، إذ يصطدمون بإجراءات معقدة وغالباً ما يرفض طلبهم وبخاصة في الآونة الأخيرة".

ووجد آخرون غادروا الأردن إلى غزة قبل السابع من أكتوبر 2023 أنفسهم أمام مصير مجهول بعد رفض عودتهم للأراضي الأردنية.

ويسرد مستثمر فلسطيني من غزة ما حدث معه حينما حاول قبل أسابيع دخول الأردن بهدف إجراء جراحة علاجية، فضلاً عن الاستثمار في المملكة، لكنه فوجئ برفض دخوله إلى البلاد في المطار من قبل موظف الجوازات بسبب أنه من غزة.

ويضيف المستثمر أنه كان ينوي افتتاح ثلاثة مراكز طبية في الأردن وبحجم استثمار لا يقل عن 7 ملايين دولار لكل مشروع، وتشغيل عمالة أردنية تتراوح بين 60 و 70 شخصاً، لكنه منع من الدخول على رغم حصوله على إقامة في الإمارات وتأشيرة "شنجن" الأوروبية وجواز سفر فلسطيني.

قيود وتشديد

ويقول مراقبون إن الأردن يفرض قيوداً على دخول أهالي غزة أراضيه لأسباب سياسية وديموغرافية وأمنية حتى لو كانوا مقيمين في دول عربية أو أجنبية، ومن بين هذه القيود الحصول على تصريح مسبق من الجهات الأمنية الأردنية يسمى "عدم ممانعة"، فضلاً عن الحد من عدد الفئات المستثناة من الحصول على الإذن المسبق مثل الأردنيين المتزوجين من غزيين أو الحالات الإنسانية الطارئة أو الطلاب الجامعيين أو الحاصلين على تأشيرات دول ثالثة.

ويعتقد المراقبون أن ثمة توسعاً في الرفض المتكرر لطلبات "عدم الممانعة" من دون أسباب واضحة، فضلاً عن رفض استقبال جرحى غزة للعلاج في المستشفيات الأردنية باستثناء عشرات الحالات، خشية عدم السماح بعودتهم.

وسبق لملك الأردن عبدالله الثاني أن حذر مراراً من محاولة تهجير الفلسطينيين إلى مصر أو الأردن، وأكد في تصريحات أنه "لا يمكن استقبال اللاجئين في الأردن ولا في مصر جراء الحرب على غزة، وهذا خط أحمر".

وقال، "يمكنني أن أتحدث بقوة ليس فقط باسم الأردن ولكن أيضاً عن الأشقاء في مصر".

ووفقاً للأمم المتحدة يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في الأردن نحو 2.2 مليون لاجئ، كما يشكل الأردنيون من أصل فلسطيني نحو نصف عدد سكان المملكة.

المزيد من العالم العربي