Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خلاف بين "المركزي" وحكومة الدبيبة يهوي بالاقتصاد الليبي

المصرف يرفض صرف موازنة الحكومة بعد توسع الإنفاق والدينار يهبط إلى مستوى 7.7 مقابل الدولار لأول مرة منذ سنوات

يريد محافظ المصرف المركزي تقليص الإنفاق الحكومي لكي يحافظ على سعر الصرف الحالي (أ ف ب)

ملخص

تتواتر الأخبار عن وصول الأزمة بينهما إلى طريق مسدود... اقتصاد ليبيا إلى أين؟

ترك الخلاف بين رئيس حكومة الوحدة الليبية عبدالحميد الدبيبة ومحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير آثاراً سلبية فاقت كل ما كان متوقعاً على الاقتصاد الليبي الهش وعملته المتأرجحة بين صعود مفاجئ وهبوط حاد وصادم على مدار الأشهر الماضية التي لم يعد فيها مرتبطاً بتقلبات السوق، بل بتقلب العلاقات بين الرؤوس الكبيرة في قمة المشهد السياسي والاقتصادي وصراعاتهم المحتدمة.

مع تواتر الأخبار عن وصول الأزمة بين الرجلين إلى طريق مسدود، بحسب كل المصادر المقربة منهما، على خلفية انقلاب الكبير على الدبيبة ورفضه تمويل موازنة حكومته للعام الجديد، باستثناء بنود محددة على رأسها بند المرتبات العامة، هبطت قيمة العملة المحلية إلى مستويات قياسية، إذ تجاوز سعر الدولار مقابل الدينار الليبي حاجز 7.7 دينار للدولار الواحد، لأول مرة منذ سنوات عدة.

أزمة في وقت عصيب

هذا التراجع القياسي لقيمة الدينار الليبي جاء في وقت حرج جداً للبلاد، والمواطنون على أبواب شهر رمضان، الذي اعتاد الليبيون على ارتفاع الأسعار فيه أصلاً لكل السلع كما جرى في السنوات الماضية، وهو ما يرجح أن يكون مضاعفاً في هذا العام مع ارتفاع قيمة العملة الصعبة التي تستورد بها السلع الأساسية من الخارج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أغلقت السوق الموازية أو "السوداء" تداولاتها مساء اليوم السبت على سعر 7.70 دينار للدولار الواحد، بينما تجاوز سعر صرف اليورو 8 دنانير ليصل إلى مستوى 8.05 دينار.

واستقر متوسط سعر الصرف الرسمي للدولار عند حدود 4.85 دينار، وفقاً لجدول أسعار الصرف المعلنة من مصرف ليبيا المركزي، وكان مجلس إدارة المصرف أقر في أغسطس (آب) 2020 توحيد سعر صرف الدينار الليبي ليصبح سعره مقابل حقوق السحب الخاصة 0.1555، أي ما يعادل 4.48 دينار مقابل الدولار، لكن هذا ظل مرتبطاً بسعر الدولار في الأسواق الدولية، فتأرجح منذ ذلك الحين بين سعره المحدد من المركزي وحاجز الـ5 دنانير. كما تعد هذه المرة الأولى التي يتخطى فيها الدولار حاجز 7.7 دينار منذ إقرار حكومة الوفاق السابقة إجراءات الإصلاح الاقتصادي عام 2018، ومنذ ذلك التاريخ وحتى سبتمبر (أيلول) 2023 ظل سعر الدولار مستقراً، كما خفت أزمة السيولة النقدية والطوابير الطويلة على شبابيك المصارف بصورة جزئية، قبل ظهور الأنباء عن خلاف الدبيبة والصديق الكبير، المتحكمين في المشهد الاقتصاد والمالي في السنوات الأخيرة.

توسع الإنفاق

المحلل السياسي أحمد بوعرقوب رأى من جهته أن حكومة الدبيبة هي المتسببة في تدهور قيمة العملة بسبب تمدد مستويات إنفاقها المالي في السنتين الأخيرتين، مما اضطر معه المصرف المركزي إلى التدخل من أجل وقف هذا النزف النقدي، خصوصاً بعد زيادة العجز في الموازنة.

وقال بوعرقوب إن "خلاف رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة مع محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، اندلع بسبب التوسع بالإنفاق الحكومي لحكومة الوحدة"، مضيفاً أن "من المعروف في حال الاقتصاد الليبي أن التوسع في الإنفاق الحكومي إلى حد التسبب في زيادة العجز في الموازنة يؤدي إلى الزيادة في الطلب على العملة الأجنبية، من ثم التضخم في العملة المحلية. وهذا ما يفسر بعض الإشاعات حول أن مصرف ليبيا المركزي يتوجه إلى رفع سعر صرف الدولار إلى 6.5 دينار ليبي بدلاً من 4.8 في التداولات الرسمية". كما كشف بوعرقوب عن أن "من صرح بهذا الخبر هو عضو مجلس النواب عبدالمنعم بالكور"، مبيناً أن الصديق الكبير هو من أخبرهم بهذا الاحتمال، من ثم فإن مصرف ليبيا المركزي حتى وإن أصدر بياناً ينفي هذه المعلومات، يبقى أن من سرب هذه المعلومات عضو في البرلمان ويحمل صفة رسمية في الدولة ومصدر أساس للأخبار في ليبيا".

لهذه الأسباب المذكورة آنفاً يرى بوعرقوب أن "محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير يريد تقليص الإنفاق الحكومي لكي يحافظ على سعر الصرف الموجود في الوقت الحالي، بحيث لا يلحق ضرر مسألة الإنفاق بباقي الأبواب الأخرى من موازنة الدولة الليبية، وخصوصاً بند المرتبات والمتفرقات".

إجراءات "المركزي"

في المقابل، يحمل الأستاذ بجامعة مصراتة محمد السنوسي، المصرف المركزي ومحافظه، الصديق الكبير، مسؤولية تهاوي قيمة الدينار الليبي أمام العملات الدولية، مؤكداً أن "هناك أسباباً كثيرة لتراجع العملة الليبية، أولها إغلاق المصرف المركزي لمنظومة بيع العملة الأجنبية للمواطنين أكثر من شهر ونصف الشهر، وعند استئناف بيع العملة الأجنبية خفض المعروض منها من خلال وضع مزيد من التعقيدات على بيع العملة الأجنبية، سواء للاعتمادات أو للأغراض الشخصية، مع خفض حصة الأخيرة من 10 إلى 4 آلاف دولار فقط في السنة، إضافة إلى صعوبات كبيرة جداً واجهها المواطنون للحصول على هذه القيمة بسبب مشكلات المنظومة التي لا نعلم هل هي متعمدة أم لا". وأضاف، "بالنسبة إلى الاعتمادات للتجار يستمر المصرف المركزي في رفض عديد منها لأسباب واهية، كما أن منظومة الاعتمادات فتحت أربعة أيام فقط في الأسبوع لمدة ساعتين فقط كل يوم".

مخاوف أمنية جديدة

السنوسي اعتبر أيضاً أن من ضمن الأسباب التي تسببت في أزمة سعر الصرف المخاوف الأمنية التي تعيشها البلاد حالياً، "التحشيد العسكري الكبير الذي يتم حالياً في سرت أشعل مخاوف من اندلاع حرب جديدة، مع إشاعات جديدة عن إغلاقات محتملة للنفط، مما يجعل السوق الآن يتوقع تكرار ما حدث في 2015 و2016 و2017، لكن بصورة أسوأ، لأن السعر الرسمي في ذلك الوقت كان 1.5 دينار للدولار، ووصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء وقتها إلى 10 دنانير نقداً و14 ديناراً بالصك، والآن السعر الرسمي 4.80 دينار للدولار، وأترك لكم تخمين كم سيصل الدولار في السوق السوداء". وتابع أنه "يجب ألا ننسى مشكلة الزيادة الكبيرة في الإنفاق العام، والذي سيشكل طلباً أكبر على العملة الصعبة، وزيادة عرض النقود بحسب ما ورد في آخر نشرة اقتصادية نشرها المصرف المركزي، كما أنني أتوقع أن المصرف المركزي سيتخذ إما الطريق نفسه الذي اتبعه في السنوات الماضية ويصبح الدولار في السوق الموازية بـ15 ديناراً لأن السعر الرسمي لا يحصل عليه إلا قلة قليلة من التجار، أو أن يتخذ الطريق الآخر، وهو تعديل سعر الصرف الرسمي إلى سعر أعلى ربما يكون 6.5 دينار، أو أن تجبر الحكومة على رفع الدعم، وهذا إن حصل فسيعني حدوث ثورة جديدة في ليبيا لا يعلم أحد نتائجها".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير