Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

آلاف اللبنانيين يعيشون داخل "قنابل موقوتة"

يقول مراقبون إن القانون وضع المسؤولية على كاهل المالك وسط تراجع الليرة وانهيار المصارف

ملخص

عددها 5 آلاف... خطر داهم يهدد سكان المباني المعرضة للانهيار في لبنان

يواجه لبنان تحديات جمة تهدد سلامة وأمان مواطنيه، من بينها خطر المباني المهددة بالانهيار الذي يلقي بظلاله الثقيلة على عشرات آلاف الأفراد في مختلف المناطق اللبنانية.

ويعود هذا الخطر لمجموعة متنوعة من الأسباب، منها سوء الإنشاء والإهمال، إضافة إلى عوامل أمنية وأخرى متعلقة بالبنية التحتية والظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البلد، ويشكل هذا الوضع تحدياً كبيراً للسلطات المحلية والدولية على حد سواء في سعيها إلى ضمان سلامة السكان والحفاظ على البنية التحتية الحيوية. فهل لا تزال لدى لبنان القدرة على الترميم؟

تحديات وأخطار ومصاعب

عن دور نقابة المهندسين في بيروت، أوضح رئيسها عارف ياسين لـ"اندبندنت عربية" أن "النقابة لا تستطيع ولا يجب عليها أن تحل محل البلديات أو السلطات المحلية في شأن مسؤولية صيانة ومتابعة العقارات والمباني"، مشيراً إلى "مشاريع محددة قامت بها النقابة مثل مسح الأضرار بعد انفجار الرابع من أغسطس (آب)".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتطرق ياسين إلى مشكلة تجميد أموال النقابة في المصارف، مؤكداً أن "هذا الوضع يحد من قدرتها على المساهمة في مشاريع الدعم والتدعيم"، منوهاً بأن "المسؤولية الأساسية في صيانة المباني تقع على عاتق المالكين، وفقاً للقانون الذي ينص على وجوب إصلاح الخلل الإنشائي من قبلهم" ومعتبراً أن "البناء العشوائي يمثل تحدياً كبيراً أمام البلديات نظراً إلى صعوبة مراقبته ومتابعته".

أما في ما يتعلق بإجراء مسح شامل لمعرفة المباني المهددة بالانهيار، فذكر ياسين أن "إمكاناتنا محدودة لإجرائه، فهذا الأمر يقع على عاتق الدولة"، لافتاً إلى أن "المشكلة كانت وما زالت في قضية البناء العشوائي بحيث إن المباني التي تحصل على التراخيص يفترض أن تكون آمنة نظراً إلى الدراسات الهندسية والمعمارية المفصلة المطلوبة للترخيص".

وتابع أن "هذه مشكلة خطرة، إذ يفتقر البناء العشوائي إلى التراخيص والإشراف الهندسي مما يشكل تهديداً متزايداً، بخاصة في ظل العوامل الطبيعية مثل الزلازل".

ولفت ياسين إلى أن "غياب الإحصاءات الدقيقة حول عدد المباني المعرضة للخطر يعقد مهمة تقييم السلامة العامة"، مؤكداً أن "الحل يبدأ بتعاون الدولة والبلديات لإجراء مسح شامل لتصنيف المباني وتحديد تلك المحتاجة إلى الدعم والتدعيم".

مبانٍ مهددة بالانهيار

إلى جانب التحديات القائمة، تبرز مشكلة أخرى هي المباني المهددة بالانهيار، فيشير النائب في البرلمان اللبناني سجيع عطية إلى أن "الهيئة العليا للإغاثة زودت لجنة الأشغال النيابية بأرقام تقدمت بها فقط نسبة 40 في المئة من البلديات إلى وزارة الداخلية، وتبين أن هناك نحو 5 آلاف مبنى مهدد بالانهيار في لبنان، منها 1200 في الشمال، وفي حال حصلت أية هزة أو ساءت حال الطقس ستنهار كل الأبنية. في المقابل، هناك 60 في المئة من البلديات لم تعطِنا أي جواب".

وأكد عطية "أهمية الإسراع بتنفيذ قانون يلزم وزير الداخلية بإجراء فحص فوري والمصادقة على سلامة المباني في جميع أنحاء لبنان مع التركيز على تلك المعرضة للانهيار، وتحديد الأبنية التي تحتاج إلى دعم أو تلك التي تتطلب تقييماً جديداً للبنية التحتية"، محذراً من أن "الفشل في اتخاذ هذه الخطوات سيؤدي إلى أزمة معقدة لا يمكن حلها حتى بالموارد المالية".

وأضاف أنه "تقع على عاتق البلديات مسؤولية إجراء مسوحات للأبنية المتضررة وأن تكون على نفقة المالك"، موضحاً أنه "على رغم وجود قانون فإنه يفتقر إلى الرقابة والسلطة اللازمة لتنفيذه، إذ يجب وضع مراسيم تنفيذية فضلاً عن المتابعة الدقيقة".

من جهته، أشار رئيس نقابة المالكين باتريك رزق الله إلى تحديات أخرى تواجههم في صيانة المباني المؤجرة وترميمها، بخاصة تلك التي تم تأجيرها لمستأجرين قدامى، لافتاً إلى أن "القانون الجديد للإيجارات الذي أصبح نافذاً في الـ28 من ديسمبر (كانون الأول) 2014، لم يسهل على المالكين إجراء الصيانة الضرورية للمباني القديمة التي يعود تاريخ بنائها للخمسينيات والستينيات، نظراً إلى انهيار العملة اللبنانية منذ عام 1983، فأصبحت الإيجارات التي يتقاضاها المالكون غير كافية لتحصيل معيشتهم".

وكشف رزق الله عن أن "نحو 64 ألف مستأجر قديم يعيشون في مبانٍ معرضة للخطر في مناطق مثل بيروت وصيدا وطرابلس. كما أنه بسبب انهيار القطاع المصرفي أصبح من الصعب على المالكين الحصول على قروض لترميم هذه المباني، مما أدى إلى تعقيد الوضع".

صعوبات مالية وقضائية

علاوة على ذلك، شرح رزق الله أن "الإجراءات القضائية المعقدة وقانون الإيجارات غير السكنية يمثلان عوائق إضافية تحول دون قدرة المالكين على إعادة الأعمار"، لافتاً إلى أنه "في ضوء هذه التحديات، قام وفد من نقابة المالكين بزيارة محافظ مدينة بيروت ويخطط لزيارة محافظين آخرين لطلب إرسال إنذارات إلى المستأجرين القدامى، مستشهدين بقانون الإيجارات لعام 2014 الذي يلزم المستأجرين بتحمل 80 في المئة من كلف الصيانة والترميم".

وأكد أن "نقابة المالكين تعمل على تعزيز تطبيق قانون الإيجارات غير السكني لتمكين المالكين من الترميم والصيانة بصورة أفضل"، مشيراً إلى أن "هناك أكثر من 15000 مبنى قديم معرض للانهيار" ومشدداً على "ضرورة تطبيق قانون الإيجارات الجديد وتوفير تسهيلات قضائية لحماية أرواح المواطنين".

أما المستشارة القانونية للجنة الأهلية للمستأجرين المحامية مايا جعارة، فاعتبرت أن "قانون البناء واضح في شأن تحميل المسؤولية القانونية للمالك الملزم بصيانة عقاره وترميم مبانيه حفاظاً على سلامة الشاغلين والجوار"، لافتة في الوقت عينه إلى أن "الواقع يختلف كثيراً، إذ لا يلزم المالكون بأعمال الصيانة إلا إذا اختاروا القيام بذلك بأنفسهم" ومشيرة إلى "الضغوط التي يتعرض لها المستأجرون القدامى خصوصاً، نتيجة لأعوام من الإهمال والبناء العشوائي وعدم التزام المقاولين بالمعايير السليمة للبناء".

ورأت جعارة أنه "يتم استغلال قضية المباني المتدهورة كذريعة لإخلاء السكان وتهجيرهم"، موضحة أن "المفاجأة كانت في إدراج مواد في القانون الجديد للإيجارات المعدل، الصادر عام 2017، يحمّل المستأجر مسؤولية 80 في المئة من كلف الإصلاحات، مما يثير الاستغراب بالنظر إلى أن البدل المحدد لهذه الفئة من المستأجرين يفوق أحياناً سعر السوق".

أما في ما يتعلق بمطالب المستأجرين القدامى، فشرحت جعارة أنهم "يسعون إلى حماية حقوقهم الأساسية، بخاصة حق السكن، مطالبين بإيجاد حلول لضمان سلامتهم وكرامتهم الإنسانية في ظل الأزمة الحالية"، مؤكدة "ضرورة إصدار تشريعات وتعديلات تضمن تطبيق شروط السلامة العامة على جميع الأبنية، بما في ذلك تلك القائمة قبل تاريخ صدور المراسيم والقوانين ذات الصلة".

تحديات الإخلاء والسلامة

بالنسبة إلى الإخلاء، ذكرت جعارة أن "هناك حالات موثقة لمستأجرين تم إجبارهم على مغادرة منازلهم بسبب أخطار الانهيار، وحصل ذلك أخيراً في طرابلس (شمال لبنان)، لكن غالباً ما يتم التعامل مع هذه الحالات من دون تأمين بديل سكني مناسب، ونلاحظ أن قاطني البناء لا يتركون المبنى على رغم الأخطار في شأن سلامتهم".

ورأت أن "من الضروري أن تلزم البلدية المالك بالترميم، وإن لم يرمم على نفقته (المادة 18 من قانون البناء) يحتسب المبلغ كدين على المالك، وتوضع إشارة بذلك على الصحيفة العقارية"، مؤكدة أن "البلدية يجب أن تقوم بدورها لتأمين التدعيم اللازم".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي