ملخص
هل ستنجح مفاوضات الأسرى في باريس بعدما فشلت في القاهرة؟
في أول لقاء له مع المسؤولين الإسرائيليين، استمع مستشار الرئيس الأميركي بريت ماكغورك إلى معادلة التهديد التي تضعها تل أبيب للمشاركة في مفاوضات صفقة الأسرى، وخلال لقائه يوآف غالانت، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إن بلاده تسعى إلى توسيع التفويض الممنوح للوفد المفاوض مقابل الدفع بتوسيع العملية البرية في قطاع غزة.
وبحث ماكغورك وغالانت التطورات الأخيرة في مفاوضات صفقة الأسرى التي ستتيح إمكان الاجتماع اليوم الجمعة في باريس والجهود الجارية للتوصل إلى بنود أخرى تسمح بإعادة الأسرى إلى إسرائيل".
وبحسب بيان وزعته وزارة الدفاع أوضح غالانت للضيف الأميركي أن "إسرائيل ستوسع التفويض للجهات المفاوضة، وفي الوقت نفسه ستزيد الضغط العسكري على حركة ’حماس‘ حتى تطرح الشروط الممكنة لإعادة الرهائن".
وناقش المسؤولان الموضوع الأهم الذي يأتي في صلب أهداف زيارة ماكغورك وهو اجتياح رفح، الموضوع الذي ربطته إسرائيل بسير المفاوضات المتوقعة اليوم في باريس، إذ سبق وهدد متخذو القرار في الكابينت الحربي بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت وبيني غانتس بأن عدم التوصل إلى اتفاق حول صفقة أسرى سيدفع إسرائيل إلى تنفيذ عمليتها في رفح.
وفي لقائهما بحث غالانت وماكغورك "الظروف التي ستمكن الجيش الإسرائيلي من تفكيك كتائب ’حماس‘ في جنوب قطاع غزة"، وادعى غالانت أن إسرائيل "مستعدة لمنع إلحاق الأذى بالمدنيين والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية لمنع الجوع والمرض"، وفق بيان وزارته.
وبحسب ما ورد في إسرائيل فإن زيارة ماكغورك ستكون جزءاً من تحقيق مقترح اتفاق وقف نار خلال شهر رمضان، بل أكثر من ذلك، في إطاره يتحرر أسرى".
مرونة "حماس" وتراجع نتنياهو عن تعنته
في اجتماع الكابينت الحربي الذي استمر لساعات طويلة وناقش بالأساس إذا ما توافق إسرائيل على إرسال وفدها إلى مفاوضات الأسرى في باريس، اطلع المجتمعون على ملخص الاجتماعات التي عقدت في القاهرة من دون مشاركة الوفد الإسرائيلي، وبعثت به مصر وفي مركزه أن "حماس" أبدت ليونة في بنود أساسية أبرزها البندان اللذان سبق ووصفهما نتنياهو بـ"الوهمية" وهما وقف تام لإطلاق النار أي إنهاء الحرب وتفريغ السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين.
وتراجع نتنياهو عن تعنته بعدم إرسال وفد إلى مفاوضات الصفقة في أعقاب مؤشرات إيجابية، خصوصاً تليين موقف "حماس".
لكن في الوقت نفسه يخشى نتنياهو عرقلة صفقة الأسرى لأسباب عدة، من بينها التخوف من اندلاع انتفاضة ثالثة إزاء التقارير الاستخباراتية والأمنية التي تحذر من ذلك وبعد عودة العمليات الانتحارية، خصوصاً في منطقة القدس، وكذلك حاجة الجيش لهدنة واستراحة للجنود بعد رفض أعداد منهم تنفيذ أوامر القتال في غزة لإرهاقهم الجسدي والنفسي.
أما العنصر الذي بات يشكل قلقاً حقيقياً، فهو الخطر المتزايد على حياة الأسرى في غزة بعد تقارير أكدت فشل جهود إنقاذهم بعمليات عسكرية.
أمام كل هذا اضطلعت الضغوط الأميركية بدور مهم، فأوضح المسؤولون الأميركيون أنه من دون صفقة أسرى لن يكون بالإمكان التقدم نحو الصفقة الإقليمية الكبرى، أما اجتياح إسرائيل لرفح من دون التوصل إلى صفقة، فيعني القضاء على أي احتمال لصفقة مستقبلية وهو ما لا تريده تل أبيب خشية على أسراها.
عدد الأسرى ومدى الهدنة
على رغم ليونة موقف "حماس" والمؤشرات التي تعتبرها إسرائيل إيجابية حيال الصفقة، إلا أن مطلعين على سير المفاوضات في تل أبيب يعتبرون نسبة نجاح التوصل إلى صفقة لا تتجاوز 50 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في باريس سيتركز البحث حول عدد الأسرى من الطرفين وتحديد فترة وقف إطلاق النار، فيما تحدث الإسرائيليون أن في مضمون مفاوضات القاهرة الأخيرة هدنة تستمر لأسابيع عدة يتم خلالها تغيير انتشار قوات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، كما اتُفق على أن تشمل الصفقة زيادة رزمة المساعدات الإنسانية لغزة وعدم تنفيذ اجتياح لرفح قبل نهاية شهر رمضان في حال التوصل إلى صفقة.
الضغط الأميركي والصفقة الإقليمية
ونقل عن مسؤول إسرائيلي مطلع على سير المفاوضات أن الولايات المتحدة شددت ضغطها على قطر وإسرائيل على حد سواء، وبحسبه فإن الأميركيين مقتنعون بأنه من دون صفقة أسرى الآن لن يتمكنوا من الوصول إلى الصفقة الإقليمية الكبرى، أما المصريون فيخشون من أن يؤدي استمرار القتال خلال رمضان إلى انفجارات عند الحدود مع قطاع غزة.
وبحسب مصادر إسرائيلية فإن النافذة الزمنية التي يسعى الأطراف إلى التوصل لتفاهمات خلالها تقتصر على ثلاثة أسابيع، أي قبل بدء رمضان، ووفق المصادر ذاتها، فإن مصالح الأطراف كافة تلتقي عند دخول شهر رمضان وقد تم التوصل إلى صفقة.
وذكرت هذه المصادر أن حركة "حماس" تسعى إلى منع اجتياح رفح أو إرجاء الاجتياح المتوقع للجيش، في حين تسعى إسرائيل إلى إطلاق سراح أسراها في غزة ومنع تصعيد متوقع في رمضان، احتجاجاً على اجتياح رفح، بما في ذلك في الضفة الغربية والقدس والبلدات العربية في مناطق الـ48، أو حتى اندلاع احتجاجات داخلية غاضبة في الدول العربية بالمنطقة.
نتنياهو في جبل الشيخ
وفي حين بحث غالانت وماكغورك التطورات في غزة وصفقة الأسرى، توجه بنيامين نتنياهو إلى جبل الشيخ في منطقة الشمال، والتقى الفرقة العسكرية 210 وقائد اللواء 188، وهو اللواء الذي انتقل من قطاع غزة إلى جبل الشيخ الأسبوع الماضي، واستمع إلى تقارير حول العمليات العسكرية في هذه المنطقة الحدودية.
وخلال لقائه الجنود أطلق نتنياهو تحذيراته إلى الجهة الثانية من الحدود، قائلاً "لدينا غاية بسيطة في الشمال وهي إعادة السكان، ومن أجل إعادتهم يتوجب علينا أن نعيد الشعور بالأمن، ولا مجال أمامنا إلا بإعادة الأمن وسنحقق ذلك وعلى ’حزب الله‘ أن يكون استوعب الرسالة".
وشدد نتنياهو على أن تحقيق الأمن سيتم عبر طريقتين وهما، العسكرية إذا اضطر الأمر إسرائيل إلى خوض حرب مع لبنان، والثانية وهي الدبلوماسية إذا ما أتيحت ستضمن لإسرائيل إعادة الأمن من خلال تسوية تبذل جهود أميركية وفرنسية للتوصل إليها بين "حزب الله" وتل أبيب.
وتطرق نتنياهو إلى جبهة غزة، قائلاً "لدينا غاية واحدة بسيطة في الجنوب وهي الانتصار الساحق، إننا في الطريق للقضاء على ’حماس‘ وتحرير مخطوفينا أيضاً"، مضيفاً أننا "نخوض معركة من غزة ورفح وحتى جبل الشيخ، وفي الوسط نحارب الإرهاب أيضاً في أنحاء البلاد".