Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العدو المتخفي وراء ستارة إسرائيل

في العالم العربي المأساة الجديدة تحجب المأساة التي سبقتها

سودانيون نزحوا من ولايتي الخرطوم والجزيرة ينتظرون للحصول على مساعدات في القضارف (أ ف ب)

ملخص

في الدول العربية، "العدو الداخلي" يفوق بأضعاف خطر إسرائيل، وهذا العدو ليست دولة أو منظمة، إنما الجهل والاستبداد والتخلف

ما الفرق أن يقتلك أخ في العروبة أم جندي إسرائيلي؟ تعددت الأسباب والموت واحد. المشكلة أن "الاقتتال الأهلي" حصد الملايين من الأرواح، فيما عدد ضحايا الصراع مع إسرائيل يبدو متواضعاً مقارنة بعنف "الإخوة الأعداء". احتساب الأرقام لا يدعو إلى تغيير الموقف من إسرائيل ومنحها أسباباً تخفيفية جراء طبيعتها العدوانية، ولكن المطلوب هزة ضمير على الضفة العربية، لوقف هذه الضراوة بالاقتتال. العديد من الأحزاب العربية والقوى والأنظمة التي تمتلك فائض القوة على شعوبها أجبن من الوقوف أمام مرآة واقعها المزري. وأجبن من الاعتراف بأن خطر "العدو الداخلي" يفوق بأضعاف خطر إسرائيل. وهذا العدو ليست دولة أو منظمة، إنما الجهل والاستبداد والتخلف. لا يمكن لمواطن مسحوق في حريته ومحروم من حقوقه أن يغلب إسرائيل.

تنقل شاشات القنوات صور عرب يقاتلون عرباً وهم حفاة وبثياب رثة. لا شيء يدل في السودان وليبيا وسوريا واليمن مثلاً أن هذه الدول غادرت القرن التاسع عشر. فقراء يقاتلون فقراء في مجتمعات محرومة من أبسط حقوقها بالتعليم والكهرباء والماء والطبابة وحق العيش بكرامة. كم من الجرائم ترتكب وراء ستارة "العدو الصهيوني". ففي معيار خطر الأعداء، قد تأتي إسرائيل في أسفل اللائحة. قبل أيام، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن عدد النازحين بسبب الصراع الدائر في السودان وصل إلى 10 ملايين و700 ألف. إيمي بوب، المديرة العامة للمنظمة، قالت إن هناك سودانياً واحداً ضمن كل ثمانية نازحين داخليين في العالم. إحصائياً، يفوق عدد النازحين السودانيين كل الفلسطينيين في دول الشتات. هل "نكبة السودان" تستأهل هذا الدم والتشريد والدمار والمآسي الإنسانية؟ هل يوجد مواطن عربي يعرف، ولو لماماً، "القضية الكبرى" التي بسببها يشتعل السودان اليوم؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في سوريا، بحسب منظمة الهجرة ذاتها، نحو سبعة ملايين نازح داخل البلاد، وما يعادل هذا الرقم خارج سوريا. 70 في المئة من السوريين يعيشون على المساعدات الإنسانية، ولا تزال المدن والبلدات التي دارت فيها المعارك ممسوحة بالأرض. وعلى رغم هذه الأرقام المخيفة، لا يشعر النظام السوري بأي حرج. "مسار أستانا" الذي يبحث في الحل الشامل للمعضلة السورية عقد في يناير (كانون الثاني) المنصرم اجتماعاً في كازاخستان، هل من يتذكر ما انتهى إليه هذا الاجتماع؟

في العالم العربي المأساة الجديدة تحجب المأساة التي سبقتها. في لبنان، يجزم "حزب الله" أن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت، ولا يعرف اللبنانيون لماذا يصبر الحزب على إسرائيل وهي على هذا الوهن. ما يعرفه اللبنانيون أن دولتهم تحولت إلى مخيم كبير بعدما سادت سلطة "الممانعة" فيها. أكثر من 80 ألف نازح لبناني من الجنوب أضيفوا إلى نحو مليون نازح سوري ونصف مليون لاجئ فلسطيني. وما يعرفه المواطن العادي أن "مصرف لبنان" المركزي أصدر قراراً بموجبه سيحتاج هذا المواطن إلى 27 سنة ليسترد وديعته من المصرف إذا كانت 50 ألف دولار أميركي، وذلك بمعدل سحب 150 دولاراً فقط كل شهر.

بحسب مركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية (يونوسات)، أظهرت الصور الجوية أن ما يعادل نحو 30 في المئة من إجمالي المباني في قطاع غزة، في حال دمار كلي أو متوسط. 27 ألفاً فقدوا حياتهم، والباقون الأحياء تنعدم مقومات الحياة لهم، ولكن في حسابات حركة "حماس"، صمود غزة السفلى، أي الأنفاق، هو التحدي الذي سيقهر إسرائيل. ابتدعت "حماس" نظرية غير معقولة في علم الحروب، فالانتصار على العدو يكمن ببقاء عناصرها أحياء تحت الأرض.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل