ملخص
اتجاه لاستئناف السعودية والولايات المتحدة محادثات ترقية العلاقات الدفاعية بين البلدين
بعد أشهر من التحسن الملحوظ الذي شهدته العلاقات السعودية – الأميركية كشفت مصادر مطلعة لـ"بلومبيرغ" عن استئناف البلدين المحادثات لترقية العلاقات الدفاعية، بعد تعليقها في أعقاب الحرب بين إسرائيل و"حماس" في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وكشفت المصادر عن أن لقاءات المسؤولين الأميركيين مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مخيمه الشتوي بالعلا في شمال البلاد ناقشت إبرام اتفاق دفاعي بين واشنطن والرياض، إضافة إلى مطالب أخرى منها قيام دولة فلسطينية مستقلة، ضمن مسار شامل لإقامة علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل.
وبدأت "لقاءات العلا" التي أحيت المفاوضات بين واشنطن والرياض، وفق "بلومبيرغ"، بزيارة وفد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي في السادس من يناير (كانون الثاني) تكون من رئيس لجنة الاستخبارات السيناتور مارك وارنر وخمسة أعضاء في اللجنة. وفي اليومين التاليين التقى الأمير محمد بن سلمان السيناتور ليندسي غراهام ووزير الخارجية أنتوني بلينكن.
وأفادت مصادر "بلومبيرغ" بأن الأمير محمد بن سلمان يركز أولاً، وقبل كل شيء، على إصلاح وتعزيز العلاقة الدفاعية مع واشنطن، لإنجاح خطط البلاد في تنويع مصادر الدخل بعيداً من النفط، وهو ما يتطلب تعزيز جاذبية البلاد للشركات الكبرى والمستثمرين والسياح حتى في وجود الصراعات الإقليمية المحيطة بالسعودية.
العقبة الإسرائيلية
وبحسب التقارير، أدت حرب إسرائيل و"حماس" إلى تعليق المحادثات بين السعودية والولايات المتحدة حول مطالب أمنية ودفاعية وسياسية اشترطتها الرياض مقابل إقامة علاقات مع تل أبيب، وعلى رأس هذه المطالب تقديم ضمانات للفلسطينيين بقيام دولتهم، وترقية الشراكة العسكرية بين الرياض وواشنطن، إضافة إلى دعم الأخيرة البرنامج النووي السعودي المخصص للحاجات المدنية.
وعلى رغم أن فرص توقيع اتفاق عسكري بين البلدين، قبل سنوات قليلة، كانت شبه مستحيلة بسبب التصادم الأولي بين إدارة الرئيس جو بايدن والرياض، فإن انفراجة العلاقات بين البلدين، في سبتمبر (أيلول) الماضي، عززت الآمال في تقارب وجهات النظر والتوصل إلى اتفاق تاريخي، وتحديداً بعد المصافحة الثلاثية بين الأمير محمد بن سلمان والرئيس جو بايدن ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي في أعقاب إعلان الممر الاقتصادي الذي يربط الشرق الأوسط بالهند وأوروبا.
ومع ذلك، ظل الرفض الإسرائيلي لحل الدولتين حجر عثرة أمام المحادثات السعودية – الأميركية، إذ تعارض حكومة بنيامين نتنياهو ذلك بشدة. ولم يتغير كثير في الموقف الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب مع "حماس"، بل إن حكومة نتنياهو أصبحت أكثر وضوحاً حيال معارضتها لقيام دولة فلسطينية مستقلة، وفق "بلومبيرغ". في المقابل، أوضح المسؤولون السعوديون رداً عن التساؤلات حول فرص السلام مع إسرائيل في ضوء الحرب أن أولويتها وقف إطلاق النار.
الاتفاق الأميركي - السعودي
وتشير التقارير إلى أن واشنطن والرياض تبحثان في دمج اتفاقين دفاعيين وآخر نووي في صفقة واحدة من شأنها تسهيل موافقة الكونغرس ومساعدة بايدن على تحقيق مكاسب على الصعيد الدولي، بينما تواجه سياسته الخارجية سيلاً هائلاً من الانتقادات، التي يخشى مناصروه من تأثيرها السلبي عليه مع قرب الانتخابات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويمكن قراءة تسارع الجهود الأميركية للتوصل إلى اتفاق شامل بأنه رغبة في استغلال فترة الرئيس بايدن الذي من دون ضغطه سينأى الديمقراطيون عن دعم المعاهدة الدفاعية مع السعودية. ويعول المفاوضون أيضاً على السيناتور غراهام في حض زملائه الجمهوريين على التصويت للمعاهدة، وصولاً إلى الـ67 صوتاً اللازمة للمصادقة عليها في مجلس الشيوخ.
ويعد غراهام أحد أبرز الداعمين للاتفاقات المحتملة بين الرياض وواشنطن، إذ زار السعودية ثلاث مرات خلال الأشهر الـ12 الماضية. وقبل أيام من زيارته العلا، سافر السيناتور الجمهوري إلى إسرائيل لمناقشة جوانب الاتفاق مع القادة الإسرائيليين، وعقد اجتماعاً مغلقاً مع نتنياهو في الرابع من يناير.
وأوضح غراهام للصحافيين في إسرائيل بعد الاجتماع أن التزامه تحقيق الاستقرار في بلدهم والمنطقة زاد لأنه يعتقد أن "هدف إيران هو تدمير جهودكم للتصالح مع العالم العربي"، مضيفاً أن "ذلك لازم لتعزيز استقرار الشرق الأوسط، وتأمين إسرائيل، وتحقيق الازدهار للشعب الفلسطيني".
وبعد اجتماع الخيمة في العلا، غرد غراهام بأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفي ظل الظروف المناسبة، لا يزال مهتماً بإقامة علاقات مع إسرائيل.
ويرى مراقبون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي اتخذ حتى الآن موقفاً متشدداً في ما يتعلق بالحرب، فحتى بعد لقائه غراهام، كرر أهداف الحرب الإسرائيلية المتمثلة في تدمير "حماس"، وتحرير الرهائن، وضمان "ألا تصبح غزة تهديداً مرة أخرى". وتجنب نتنياهو مناقشة الوضع السياسي لغزة بعد الحرب.
حاجة متبادلة
من جانبه، أفاد رئيس برنامج الدفاع والأمن بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن بلال صعب بأن من الأولويات العاجلة لدى السعودية إقناع بايدن بتخفيف أو رفع التجميد على بيع الأسلحة الهجومية المفروض عليها منذ ثلاث سنوات، لتجديد مخزونات الصواريخ والقنابل والذخائر الموجهة بدقة، لافتاً في حديث لـ"بلومبيرغ" إلى دور واشنطن كأكبر موردي الأسلحة إلى السعودية.
وقال الرئيس التنفيذي لـ"مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" مارك دوبويتز إنه على رغم علاقات السعودية المتنامية مع الصين، فإنها تعتقد بقوة أنه لا توجد بدائل قابلة للتطبيق لعلاقاتها الدفاعية والأمنية مع واشنطن.
وأشار دوبويتز المقرب من مسؤولين مشاركين في المحادثات إلى أنه بالنظر إلى الحاجة إلى حكومة إسرائيلية منفتحة على حل الدولتين مع الفلسطينيين، فإن تعزيز العلاقة الدفاعية الأميركية - السعودية قد يكون الحل الوحيد القابل للتنفيذ على المدى القصير، مضيفاً أن الرسالة السعودية الآن إلى جميع المسؤولين الأميركيين هي أننا "نحتاج إلى أميركا وأميركا تحتاج إلينا".